شهداؤنا، تنظر في عيون آبائهم، فترى الكبرياء مثل جبال شم مكسوة بعشب الانتماء. تنظر في عيون أبنائهم، فترى الوطن يتألق شعاعاً مثل أهداب الشمس، تنظر في عيون أحبتهم فترى الحب زاهياً يرفل بأثواب الاعتزاز والتقدير، بذلوا النفس رخيصة في سبيل كرامة الإنسان وعزته وحريته، ومن أجل إعادة الأمل لشعب عانى من ويلات الغبن والحقد والطائفية.
شهداؤنا هؤلاء هم الذين رووا بدمائهم أرض اليمن، لأجل أن تنبت أشجار الحياة، وأن تترعرع أعشاب الأمل في قلوب أطفال تشردوا ونساء ثكلى، ولأجل أن يستعيد اليمن عافية النهوض، وتشرق الشمس على صنعاء؛ لتغسل أدران من عاثوا بالقيم فساداً، وسادوا بباطل وتسيّدوا برذيلة.
شهداؤنا بدمائهم الناصعة أضاؤوا طريق من أطفئت في دروبهم أنوار الحلم، ومن ناخت بهم إبل الفجيعة عندما وجدوا أنفسهم بين أفكاك شريعة لا تعرف ذمة، ولا تنتخي لأخوة، ولا تعنى بوطن.
شهداؤنا في اليمن سجلوا أروع ملاحم البطولة، وأنصع الصور القتالية في مواجهة وغد تجبر، وحاقد تكبر، وناقم تبختر، ووحش تضور، وكاهل انحدر في أسفل السافلين، وحوّل اليمن إلى مستنقع تعيث فيه الضواري، وتعبث فيه مخالب الشيطان، وتستغل شططه قوى الدعاية العبثية.
شهداؤنا هناك رسل محبة وسلام لمن يريد لليمن الخير، ورصاصة الرحمة لمن يعاني أمراض الكراهية الخبيثة.
شهداؤنا هناك هم من مثّلوا وجدان الإنسان الإماراتي، وهم من أتقنوا صيانة الأمنيات، في تحقيق عالم نقي من شوائب العدوانية، والعدمية والقتل على الهوية، والتمييز الطائفي، ويذهب الشهداء لملاقاة ربهم والجباه صفحات بيضاء، كتب عليها هذا الشهيد من نسل النجباء، ويأتي من بعده إخوة له في الدم؛ ليكملوا مسيرة الشرف، والرؤوس مرفوعة، والهامات شامخة، لأنهم ذهبوا إلى اليمن، والرسالة واضحة، والنهج جلي، لابد من صنعاء، ولن تبقى بأيدي من لا أمان له ولا ذمة ولا شيمة، لابد من الحق أن يعود لأصحابه، وأن تتخلص صنعاء من الكائدين والمغرضين، والذين يحيكون الحبال، ويلوونها على عنق الإنسان اليمني، كي يبقى هذا البلد رهينة مذهبية وفريسة الضعف، والهوان، والإذلال، وهذه شيم أصحاب الأجندات، والمنتمين إلى مخالب خارجية، كي تهشم أضلاع الفريسة ليتم هضمها وقصمها.
رجالنا البواسل في اليمن قدوتهم مبادئ الدين الحنيف الذي دعا إلى إغاثة الملهوف، ونجدة المكلوف، ودرء الخطر، عن الضعيف، وصد الأذى عن المغلوب. هذه قيم الناس هنا، وهذه سجية كل إماراتي، ترعرع على شهامة النبلاء.
المصدر: الاتحاد