عندك واسطة؟

آراء

أفهم أن يبحث الإنسان عمن يساعده لإنجاز مسالة معقدة في دائرة حكومية من دون الإضرار بمصالح الآخرين. لكن ما يزعجني أن أسمع الناس تسأل “عندك واسطة” من أجل تجديد جواز السفر أو رخصة القيادة أو دفتر العائلة.هذه إجراءات أساسية في حياتنا ما من مواطن – في الغالب – إلا و يمر بها.

إذن لماذا يبحث بعضنا عن “واسطة” تساعده في إنجاز تلك المعاملات الضرورية؟ هل هي “عادة” أن نبحث عمن ينجز معاملاتنا نيابة عنا حتى وإن كانت المسألة لا تستغرق ساعات قصيرة؟ أم لأن الزحام – فعلاً – كثيف لا نملك معه إلا البحث عمن يسهل المسألة علينا فننجز معاملات “التجديد” بسرعة لن تتحقق من غير “واسطة”؟

ولكن السؤال المهم هنا: أين الخلل؟ هل هو في الناس التي لا تلتزم بالطوابير، أو في تلك التي تبحث عن “الواسطة” في كل صغيرة وكبيرة؟ أم هو في أداء الأجهزة الخدمية التي يحتاجها المواطن باستمرار؟

في ظني أن كثيرا من مشكلاتنا ناجمة عن قصور في أداء بعض مؤسساتنا خاصة الخدمية منها. فما الذي يمنع من توظيف أعداد أكبر من شبابنا في تلك الأجهزة حتى نخفف على الناس وطأة الزحام والانتظار الطويل؟ وأين مقاييس إنتاجية الأفراد في تلك الأجهزة؟ وكم “كاونتر” مغلق أوقات الذروة؟

في العالم العربي – عموماً – يشعر المواطن كما لو أنه داخل معركة وهو يسعى لإنجاز معاملة عادية كتجديد جواز السفر أو تسديد فاتورة الكهرباء. من هنا، تعمقت ثقافة “عندك واسطة” في أكثر من بلد عربي كما لو أن حياة هذا المواطن المسكين متوقفة على “الواسطة” التي تساعده، بالحق أو الباطل، على إنجاز معاملات ما كان لها أن تستغرق ساعات قليلة لو تحققت الأمانة والمتابعة والمحاسبة في أداء المؤسسات الخدمية.

وفي ظني لو أن المسؤول الأول في أي من تلك المؤسسات المعنية بمراجعات الناس يمر نفسه بما يمر به المواطن “العادي” وهو يجدد وثائقه لأدرك لماذا تغضب الناس وتحبط من شدة طول الانتظار على حساب أوقاتها وأعصابها!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٦٢) صفحة (٢٤) بتاريخ (٢٢-٠٨-٢٠١٢)