كاتب إماراتي
أثناء مشاهدتي لفيلم رعب، منذ أيام قليلة، كانت هناك فتاة على مقعد مجاور تغطي وجهها ببطانية. مهما اختلفنا في تقييم ردة فعلها فهي حقيقية وواقعية. وهذه ردة فعل الجمهور التاريخية في كل أفلام الرعب. نعم هي خائفة وليس هناك خطأ أو عيب في ذلك.
ولا عيب أيضاً لو ضحكنا بشكل مقبول وخافت من دون إزعاج الآخرين من حولنا. حقيقةً، أحرص على مشاهدة أي فيلم في الصالة الفخمة في أي سينما أذهب إليها، وأدفع ثلاثة أضعاف قيمة تذكرة الصالة العادية كي أضمن الابتعاد عن الأفراد المزعجين الذين يدخلون الفيلم بهدف إفساد تجربة المشاهدة على غيرهم.
وأعرف أشخاصاً يحرصون على دخول العروض الصباحية أو في أول فترة الظهيرة للسبب نفسه، وهناك أشخاص تركوا الصالات حتى لا يتعرضوا لهذه الظاهرة. دعونا نتساءل لماذا لا توجد أي ضوابط للسلوك العام في صالات العرض المحلية؟ لائحة السلوكيات الخاطئة التي تظهر على الشاشة لا تكفي ولا تردع المنفلتين.
في الولايات المتحدة هناك قانون يلزم السينما بإعادة الأموال إلى الشخص الذي يشكو من عدم ارتياحه، بشرط أن يعبر عن ذلك خلال العشرين دقيقة الأولى من العرض. لماذا لا يكون لدينا قانون كهذا في الصالات المحلية، خصوصاً في عروض أفلام الرعب، كونها أكثر العروض التي تشهد فوضى وتعليقات تافهة وسخيفة من مراهقين وغيرهم يريدون إثبات رجولتهم.
لماذا عندما أذهب لمشاهدة فيلم في الصالة العادية أتعرض لموقف كهذا؟ ألا يعتبر إفساد تجربة مشاهدة أي شخص لأي فيلم بمثابة سرقة أمواله في مكان عام؟ نعم يعتبر كذلك، فأنا دفعت للاستمتاع وهؤلاء جاؤوا للاستهزاء بعمل فني فسرقوا أموالي وأموال غيري!
تخيلوا أنكم مع عائلاتكم في حديقة عامة، وبالقرب منكم مجموعة مراهقين يتلفظون بكلمات نابية! ألن يدفعكم ذلك لتقديم شكوى؟ خصوصاً أنكم دفعتم رسوم الدخول وتتوقعون الاستمتاع بوقتكم. تخيلوا أنكم في مطعمكم المفضل مع عائلاتكم وتتعرضون للموقف نفسه، ألن تصابوا بالغضب أو الإحراج؟
الأمر نفسه ينطبق على صالات العرض، فأنا دفعت أموالاً مقابل منتج لكن تم إفساد تجربتي فيه ويحق لي المطالبة باستعادة أموالي. أتفهم تماماً أن لفئة المراهقين في مجتمعنا خصوصية، وأعلم أن هذا جزء من سلوكهم، وهو التعبير عن القوة، وفرض حضورهم في المكان، وتحدي الآخرين، وإثبات رجولتهم أمام أقرانهم.
لكن لماذا يتم ذلك على حسابي وحساب غيري؟ لماذا لا يحدث ذلك في الدول الأوروبية وأميركا؟ لماذا لا تتمتع السينما والمؤسسات الثقافية والفنية لدينا بالاحترام الذي تستحقه؟ لماذا لا يغرس المجتمع ذلك في سلوكيات المراهقين؟ ماذا لو دخلت مجموعة سياح غربيين وشاهدت هذه الفوضى؟ ما الصورة التي سيكوّنونها عن سلوكيات شريحة المراهقين في بلادنا واستهزائهم بكيان يعتبر عند هؤلاء جزءاً من الثقافة.
ختاماً: حضرت أفلاماً كثيرة في أوروبا بصالات مكتظة بالجمهور ورغم ضيق المساحة حتى لتحريك القدمين إلا أني لم أشعر بأي ضيق، نظراً إلى التزامهم الشديد بقواعد الذوق والأدب، أما في بلادنا فراودتني فكرة أن أدفع للمراهقين ثمن تذاكرهم في الصالة العادية كي يغادروا ويأخذوا تهريجهم إلى مكان آخر.
المصدر: الإمارات اليوم