عنصرية بعض المسؤولين!

آراء

من مساوئ بقاء المرء طويلاً في مركزه الوظيفي أنه -مع الوقت- يصدق أن وظيفته حق لا ينازعه فيه أي أحد وأن المؤسسة التي يعمل بها ملك خاص لا يجادله فيه أي قريب أو بعيد. ولهذا يتعامل هذا النوع من المسؤولين مع أي نقد يوجه للمؤسسة التي يعملون بها كما لو كان نقداً للشخص لا لعمله أو أداء مؤسسته.

لدينا مسؤولون يطيلون البقاء في مناصبهم فيتحولون مع الزمن إلى «كومة من الغرور» «فيشخصنون» أي نقد يوجه لأدائهم. وفي العالم العربي «موظفون» يمارسون «استبداداً» لا يقل خطورة عن استبداد الأنظمة الديكتاتورية. هل تتخيل -مثلاً- وكيل وزارة خدمية ينزعج من كلمة نقد عابرة في مقال أو مقابلة فيتحول هذا الانزعاج إلى موقف «شخصي» يقود إلى الانتقام من صاحب النقد بأي طريقة؟

أعرف مسؤولاً ظل يبحث عن أي معاملة لمن تجرأ وانتقد وزارته لعله يصفي حساباته مع صاحب النقد. ولما لم يجد أي معاملة لصاحب النقد ظل يبحث عن أي «معاملة» لقريب أو صديق لمن كتب ينتقد أداء وزارته! هل عقلية كهذه جديرة بتحمل أي مسؤولية؟ أليست هذه العقلية هي من تضاعف الغضب الشعبي تجاه أداء المؤسسات التنفيذية في العالم العربي؟ وأعرف -مثلما تعرفون- مسؤولين لا يستحون وهم يقحمون عنصريتهم البغيضة في عملهم فلا يخافون ربهم ولا يراعون ثقة من عينهم وهم يعقدون معاملات الناس لأنهم من غير منطقتهم أو من خارج قبيلتهم.

هذه النوعية من «المسؤولين» غير جديرة بالثقة لأنها عملياً تسهم في إضعاف اللحمة الوطنية. إن قراءة متأنية فيما حدث في بلدان ما يطلق عليه اليوم «الربيع العربي» ستكشف أن هذه النوعية من النافذين الذين استغلوا سلطتهم لخلق مزيد من العداوات بين الأنظمة والناس هم من العلامات الفارقة في تراكم الغضب الشعبي. واللبيب من اتعظ بتجارب من حوله!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٠١-٠٧-٢٠١٢)