قوة اقتصاد الإمارات تنعكس قريباً على أسواق المال

أخبار

اكد روبرت براون رئيس البحوث العالمية للاستثمار في بنك باركليز في بريطانيا والشرق الأوسط وآسيا: إن الأداء الجيد لاقتصاد الإمارات الذي عبر عنه استقرار نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الأخيرة سينعكس إيجاباً على أسواق الأسهم في الدولة على المدى من ثلاث إلى خمس سنوات خصوصاً بعد أن تصبح الأسواق المحلية أكثر نضجاً وتظهر بوادر انفراج الأزمة في أوروبا، مشيراً أن توقعات البنك حول أداء الاقتصاد الإماراتي على المدى من ثلاث إلى خمس سنوات هي إيجابية خصوصاً مع توقع استمرار ارتفاع أسعار النفط والنمو القوي للاقتصاد غير النفطي في الدولة.

وأشار براون في لقاء مع البيان الاقتصادي إلى أن العقار لايزال من أكثر القطاعات جاذبية لمستثمري المنطقة الذين اعتبرهم ذوي اطلاع واسع وتوجه عالمي. كما توقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات نمواً بنسبة 4.2 % لنهاية العام و4.0 % في 2013 مشيراً إلى أن هذا الرقم يعكس ضرورة التحفظ وصعوبة التوقع على المدى القصير في ظل حالة عدم الاستقرار المستمرة في الأسواق.

 وأضاف أن باركليز الذي يدير أصولاً تبلغ 180 مليار جنيه استرليني يراهن على الاستثمار في أسهم الأسواق المتقدمة ويراقب عن كثب تأثير “التيسير الكمي” على نمو الاقتصاد الأميركي، متوقعاً نشاط أسهم الأسواق المتقدمة والناشئة خلال الشهور الستة القادمة، وأن تبقى الملكية الخاصة في الأسواق الأميركية الأفضل من حيث العوائد خلال تلك الفترة.

وفيما يلي نص الحوار:

ما هو حجم محفظتكم الاستثمارية حالياً؟

نقوم حالياً بإدارة حوالي 180 مليار جنيه استرليني من الاستثمارات حول العالم أو ما يقرب من ربع تريليون دولار أميركي، مع نمو ثابت في حجم الأصول المدارة خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

واستطعنا تحقيق عوائد استثمارية بنسبة تراوحت من 4-6 % العام الماضي، وهي نسبة تعد من أعلى 25 % بالمقارنة مع باقي المنافسين. خصوصاً في فئة أدوات الدخل الثابت. وتمكن 80 % من مديري أصولنا من تخطي أهدافهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية ولدينا حوالي 7,900 موظف في قسم إدارة الثروات والاستثمار الذي يعد جزءا من باركليز الذي يضم أكثر من 145,000 موظف حول العالم.

ما هي توقعاتكم لأداء الاقتصاد على الصعيدين الإقليمي والعالمي لبقية العام؟

هناك تعافٍ بطيء على الصعيد العالمي والمؤشرات تظهر أن الولايات المتحدة في وضع أفضل من أوروبا حيث تبقى معدلات النمو منخفضة جداً والنمو ضعيف كذلك، فمثلاً هناك انكماش بسيط في بريطانيا حالياً وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، وما يميز هذه الدورة الاقتصادية الحالية هي أنها ستكون طويلة الأمد، وأعتقد أن البنوك المركزية والحكومات الغربية تعي في هذه المرحلة ضرورة التحرك وعمل ما يلزم لدعم عجلة النمو.

ولكن لا يوجد هناك تناغم بين تلك الجهود وردود فعل الأسواق التي لاتزال مشتتة في هذه الآونة. وأما في المنطقة فنتوقع أداء إيجابياً خلال مرحلة التعافي الاقتصادي التي تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات، وهذا لأن هذه المنطقة ليست في معزل عن ما يحدث في الأسواق العالمية، على الرغم من أنه يمكن القول إن منطقة الشرق الأوسط قد دخلت مرحلة التعافي من الأزمة المالية العالمية.

ما هي الأهمية التي تكتسبها البحوث الاستثمارية خصوصاً في ظل انتشار التكهنات والترقب وضعف الثقة في الأسواق بشكل عام؟

القيام بالبحوث هو أمر هام للغاية ليتمكن المستثمرون من وضع أموالهم في فئات الاستثمار بشكل استراتيجي ونحن لدينا تسع فئات تمكن المستثمر من تحديد والاستفادة من فرص النمو المتاحة والتحوط ضد المخاطر في الأسواق العالمية.

ما هي الفئة الاستثمارية المفضلة لديكم حالياً؟

في الوقت الحالي هي الأسهم المدرجة في الأسواق المتقدمة، وهذا لاعتقادنا أنه سيكون بالفعل نمو في الاقتصاد العالمي، خصوصاً وأن أداء الأسهم خلال السنوات الماضية كان دون المستوى، ونعتقد أن الاقتصاد الأميركي سوف يتعافى وأن أداء أسهم الأسواق الأميركية على سبيل المثال سيكون مستقراً مع مرور الوقت وهو الأفضل من حيث العوائد وهذا السوق يشكل جزء كبير جداً من السوق العالمي، وهذا واضح من بيانات التوظيف الأخيرة على سبيل المثال.

والجدير بالذكر أن أسهم الشركات قد شهدت أداء أفضل من أداء السندات الحكومية وأود أن أذكر هنا أن مديري الاستثمار في باركليز يتبعون إجراءات صارمة ويتخذون العناية الواجبة للوقوف على أفضل الاستثمارات لعملائنا.

ماهي تفضيلات عملائكم من المستثمرين خصوصاً من أصحاب الثروات والمداخيل المرتفعة وصناديق الاستثمار؟

التركيز دائماً هو على العوائد. وهذا ينطبق على المستثمرين من جميع الأصقاع. وهؤلاء يعلمون أهمية التنويع بالتطبع ولكنهم لن يتوانوا عن قنص أي فرصة تسنح على المدى القصير تكون ذات عوائد جيدة. لذلك تجدهم يبتعدون عن الاستثمار في السندات الحكومية في هذه الفترة التي يعتبر هامشها الربحي منخفضا في هذه الآونة.

ولذلك نتحدث مع عملائنا عن الفرص المتاحة في الاستثمار في ما يعرف بسوق العوائد المرتفعة فلدينا مثلاً “صندوق الوصول العالمي” الذي يجمع بين مديري أصول يعتبرون من الأفضل عالمياً، ويهتم هذا الصندوق بتحديد أسهم لشركات مدرجة في أسواق معينة توفر عوائد مستقرة.

هذا إضافة إلى الاستثمار في الأسهم ذات نسب المخاطر المعدلة. والأمر سيان بالنسبة للمستثمرين من الشرق الأوسط إلا أن الاستثمار في الأسواق العقارية لايزال أكثر جاذبية بالنسبة لهم ليس فقط في أسواق الشرق الأوسط بل في مدن عالمية كذلك.

ما هي المواضيع الملحة في دورة الاقتصاد الراهنة على مشهد الاقتصاد العالمي؟

من المواضيع الملحة حالياً التوقعات المقلقة وعدم الثقة المرتبطان بأداء الاقتصاد الأوروبي، فالعديد من الدول الأوروبية في أطراف القارة تعاني كثيراً منذ الأزمة، ولكن كما ذكرت فإن البنوك المركزية تفعل ما بوسعها لتحفيز النمو.

كذلك تبقى الأسواق الآسيوية فهي هامة جداً في هذه الآونة للمستثمرين الراغبين في تنويع محافظهم الاستثمارية، حتى مع التباطؤ في اقتصاد الصين التي تعتبر شريكا هاما جداً للاقتصاد الغربي. وأؤكد هنا أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية.

تبدو المواضيع التي ذكرتها مشابهة لمواضيع العام الماضي. ما السبب في ذلك برأيك؟

هذا صحيح لأنه لم يحدث تغير كبير على الساحة الاقتصادية خلال العاميين الماضيين. وأعتقد أن التعافي كان أبطأ مما توقعنا، ففي الولايات المتحدة لم يكن تحسن بيانات النمو بنفس الصورة التي توقعناها، وكنا كذلك نتوقع حلاً أسرع للأزمة الأوروبية.

وأعتقد أن ذلك هو السبب في تطبيق الاحتياطي الفيدرالي المرحلة الثالثة من إجراءات التيسير الكمي لأنهم غير مرتاحين للوتيرة التي يتعافى بها الاقتصاد. وفي أوروبا هناك رغبة لضمان تماسك الاتحاد الأوروبي ودعم النمو ولكن هذا في اعتقادي سيكون صعباً للغاية وعلى المدى الطويل.

بالنظر إلى الدورة الاقتصادية الراهنة، كيف يمكن الاستفادة من إجراءات التيسير الكمي التي ذكرتها وتأثيراتها في انخفاض أسعار الفائدة في تخصيص الاستثمارات؟

من المهم على المستثمرين كما ذكرنا تنويع استثماراتهم عالمياً والتفكير بشكل استراتيجي لأنه من الصعب جداً توقع توجهات الأسواق على المدى القصير. ونحن لاحظنا أن الأسواق تفاعلت بشكل جيد مع تلك الاجراءات ولكن يبقى ننتظر تأثير ذلك على نمو الاقتصاد الأميركي.

وأما عن أوروبا فقد أعلن ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي، مراراً وتكراراً أن البنك المركزي الأوروبي لن يتوانى عن القيام بكل ما هو ضروري لإنقاذ اليورو، ولكن ذلك في رأيي سيكون مهمة شاقة وطويلة الأمد وهذا ينطبق على الاستثمارات المقيمة باليورو. المرحلة تتطلب تنويع الاستثمار. وأعتقد أن تلك الاجراءات والتصريحات ستنعكس إيجاباً على أداء أسهم الشركات في الأسواق خلال الفترة من ثلاثة إلى ستة أشهر.

ماهي الدعائم التي يراهن عليها الاقتصاد الغربي حالياً لتجاوز الأزمة؟ أهي العولمة والتكنولوجيا أم الاحتياطيات الكبيرة للدول المصدرة؟ وما مدى فاعليتها في تجاوز بعض الديون التي تثقل كاهل تلك الاقتصادات؟

هذا سؤال هام، وتلك الدعائم هامة ولكنها لم تكن بالقوة المطلوبة لتخفيف تأثير الأزمة الأوروبية، وأرى أن للاستهلاك في السوق الأميركي دورا كبيرا في تحريك عجلة النمو، ومن ضمنها استهلاك المنتجات الالكترونية، فشركة آبل اليوم تقود هذا القطاع خصوصاً من حيث ابتكار منتجات تقنية مطلوبة في الأسواق. كما أن أداء شركات التواصل الاجتماعي جيد حالياً على الرغم من أنه من الصعب تقييم أو انتقاء أسهم تلك الشركات. وأعتقد أن التخلص من الديون سيأخذ وقتا طويلا.

ما هي توقعاتك بخصوص أسواق الأسهم والدين في الإمارات؟

لا يمكنني التعليق على أداء أسواق الأسهم المحلية على المدى القصير ولكن توقعاتنا حول أداء الاقتصاد الإماراتي على المدى الطويل – وأعني من ثلاث إلى خمس سنوات – هي إيجابية وأعتقد أن الأداء الجيد للاقتصاد الاماراتي سينعكس إيجاباً على أسواق الأسهم في الدولة بالنتيجة. خصوصاً بعد أن تصبح الأسواق أكثر نضجاً وتظهر بوادر انفراج الأزمة في أوروبا.

ما هي أوجه الشبه والخلاف بين المستثمرين في المنطقة مقارنة مع باقي دول العالم؟

المستثمرون في الإمارات والمنطقة عموماً هم على مستوى رفيع من الملاءة، كما أنهم واسعوا الاطلاع على مجريات ومستجدات الاقتصاد في العالم وحساسون جداً لأداء الأسواق. والواقع أن العلاقة أصبحت أكثر تفاعلية بين الشرق والغرب عموماً خصوصاً مع وجود النفط في هذا الجانب من العالم.

ونحن كما تعلم نقوم بدراسة للشخصية المالية للمستثمر فعالم الاستثمار لا يشمل فقط توفير فرص استثمارية ولكنه يشمل كذلك العمل مع عملائنا لتقييم توجهاتهم الاستثمارية بشكل شامل وتوضيح مراكز القوى أو الضعف في أسلوبهم الاستثماري ما يجعلهم أكثر وعياً للفرص وتحوطاً ضد المخاطر.

رحلة الاستثمار

ما أهي أهم ملامح الشخصية الاستثمارية التي تلاحظونها في مستثمري المنطقة؟

إدارة الثروات هي أكثر من مجرد توفير فرص استثمارية أو تجارية للعميل، ويمكن اختصار نظرتنا للعلاقة مع العميل على أنها “رحلة” تبدأ بتقييم شخصيتهم الاستثمارية، حيث إنه من المهم لنا للعمل مع العميل بنجاح هو فهم تلك الشخصية على عدة مستويات مثل مدى “رباطة الجأش”، في إطار حجم ثروة العميل بالطبع لتقديم أفضل الحلول لهم.

فمثلاً نلاحظ أن جميع العملاء يشتركون طبعاً في حبهم للعوائد طبعاً. والاختلاف يكون عادة في مدى استعدادهم لتقبل المخاطر أو “رباطة جأشهم” في وجه الهزات الاقتصادية.

فبعضهم متحفظ للغاية ويريدون الحفاظ على ثرواتهم بشكل رئيسي وآخرون أكثر جرأة وليديهم رغبة في المغامرة في الأسواق. وآخرون لديهم قدرة محدودة على أخذ المخاطرة. ولدى قيامهم بالتقييم يكتشفون أن هناك جوانب في شخصيتهم الاستثمارية لم يكونوا على دراية بوجودها أو أن التقييم قد لا يتطابق تماماً مع توقعاتهم حول شخصيتهم الاستثمارية.

هل توافق على أن الاستثمارات العربية في أوروبا بدأت في النزوح بشكل تدريجي نحو الأسواق الآسيوية؟

أعتقد أن تركيز المستثمرين في هذه المنطقة هو أكثر عالمية وهناك جانب من الصحة فيما ذكرت. وأعتقد أن أوروبا كانت تاريخياً جاذبة لمستثمري المنطقة ولكننا تحدثنا لعملاء من المنطقة مهتمون إلى حد كبير بالاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة ويمكن القول إن قاعدة المستثمرين في المنطقة ذات توجه عالمي فيما يتعلق بالاستثمار. ماذا عن استثماراتكم في المنطقة؟ وهل تنوون خفض عدد موظفيكم في ظل ظروف المرحلة التي تمر بها الدورة الاقتصادية الراهنة؟

نحن ننمو بشكل مستمر في الشرق الأوسط، ونحن ضاعفنا من عدد موظفي إدارة الثروات في باركليز في المنطقة خلال العامين الماضيين. ويمكن القول إننا ننمو في الأسواق العالمية الأخرى أيضا وهذا يساعدنا على نشر استثماراتنا في الأسواق العالمية. ولدينا الآن مثلاً عدد من مستشاري الاستثمار في دبي يتواصلون مع مختلف مستشاري الاستثمار في سنغافورة وجنيف ولندن لاستكشاف فرص الاستثمار هناك.

الانفاق على البنى التحتية يدعم التوجه إلى الاستثمار في الصكوك

قال روبرت براون إن حجم الإنفاق على البنية التحتية الذي تعهدت به الحكومة الصينية في خطتها الخمسية الراهنة من عام 2011 الى عام 2015 يصل إلى 3.14 تريليونات دولار وهو ما يدعم التوجه للاستثمار في السندات والصكوك بدلاً من الأسهم خصوصاً بالنسبة للمستثمرين المتمركزين في أسواق شرق آسيا الناشئة القادرين على تحمل المخاطرة. وبالنظر لطبيعة النمو السريع للشركات الجاذبة في تلك الأسواق يرجح أن تكون أسعار الأسهم عالية التقلب والتأثر ببيئة الأسواق والقوانين.

ومع ذلك، ونظراً لقدرة شركات البنى التحتية على الحصول على تدفق نقدي مستمر للوفاء بجداول التسديد المحددة فإن سوق السندات يعتبر منطلق تمويل هاما لمشاريع البنية التحتية في آسيا اليوم حيث يقبل المستثمرون على اصدارات السندات هذه. ونحن ننصح بامتلاك سلة من السندات لتفادي مخاطرة التركيز، حيث من الممكن تكوين سلة بعملة الدولار لتقدم عائداً متوسطاً يصل إلى حوالي 6 %.

توقعات النفط

 توقع روبرت براون أن يتراوح سعر برميل نفط برنت بين 105 و120 دولار خلال الربع الرابع من العام.

معبراً عن اعتقاده بأن هناك ما يكفي من الأساسيات التي تدفعنا للقول بأن أسعار النفط ستبقى ثابتة على المدى الطويل، ولكن من الصعب التنبؤ بتلك الأسعار على المدى القصير لأن هناك عوامل ترتبط بذلك كالمخاطر الجيوسياسية واستمرار الطلب على المدى القصير، مشيراً إلى أن أسعار النفط ستساهم بشكل إيجابي في نمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ولكن توازياً مع تعافي الاقتصاد العالمي خصوصاً الاقتصادات الاسيوية الناشئة التي ستتولى تحريك مسار النمو العالمي في ظل توقعات نمو متابطئ في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال: إن مشاريع البنى التحتية في آسيا ستدعم أسعار النفط لضرورتها في زيادة التأثير الجغرافي واجتذاب الطبقة المتوسطة الآسيوية الصاعدة، مشيراً إلى أن الاستهلاك المحلي سيكون رديفا قويا للنشاط التجاري الضخم، وأن على المستثمرين الاستفادة من هذا الواقع في تحقيق مكاسب على المدى الطويل.