
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
في أحد الفصول المدرسية، سألت المعلمة أحد تلاميذها عن الطرق والأساليب التي يمكن بواسطتها تطوير مستوى التعليم والتغلب على حالة تخلف المدارس والجامعات والمستوى التعليمي في العالم العربي؟ وبكل ثقة وقف الطالب ليجيب عن سؤال معلمته فقال: نبني مصانع تصنع وتوفر لنا العباقرة الذين يمكن أن يعملوا على تطوير التعليم!
دفعت إجابته البعض للضحك والسخرية، متخيلين مصنعاً ينتج بشراً عباقرة، لقد بدت إجابة التلميذ أميل إلى السذاجة والتهكم أكثر منها إجابة حقيقية ورصينة على السؤال، لكن التلميذ بقي على موقفه، مقتنعاً بأن العباقرة يصنعون في مصانع خاصة وليس في الجامعات! هل سمع ذلك من مكان أو أحد ما ولم يوفق في صياغة التعبير الدقيق؟ هل كان ذكياً بما لم تتوقعه المعلمة التي لم تحاول تحليل إجابة تلميذها.
هذه الإجابة التي لخصها أحد أشهر علماء النفس الذي آمن بفكرة أن العبقرية تربى (أو تصنع) بتوافر محفزات وعوامل بيئية وتربويّة، وليس شرطاً كما هو متداول أنها مسألة وراثية، هذا الرجل لازلو بولغار عالم النفس المجري، مؤلف كتاب شهير حول كيفية تربية العباقرة، والذي اتفق مع زوجته أنه سيربي أبناءه وفق القواعد التي وضعها في كتابه، هذا ما فعله بالضبط، فكانت النتيجة مجموعة من الأطفال العباقرة في مجال الشطرنج أشهرهم (جوديت بولغار) أقوى لاعبة شطرنج أنثى في التاريخ!
إذن العبقرية صناعة، والتلميذ ربما خانه التعبير في تفسير المكان الذي تتم فيه تربية العبقرية، فتخيل مصنعاً ينتج عباقرة، والحقيقة أنه لم يذهب بعيداً، بل أصاب الحقيقة بذكاء لافت!
لم يسأل عالم النفس أن ينتج أبناء جنسه الأطفال الذين يملؤون الشوارع والمدارس، بل أرادهم كائنات أرقى وأعظم منه، تماماً كما قال الفيلسوف الألماني نيتشه صاحب نظرية (الإنسان السوبرمان)..
يقول نيتشه يجب أن تلد شيئاً أرقى منك وإلا ما فائدة أن تنتج معاناة متكررة!!
المصدر: البيان