كاتب إماراتي
أتساءل من أين خرج علينا هذا المؤثر؟ الحقيقة أنه موجود منذ عقود لكن باختراع «السوشيال ميديا » تطور وأصبح يطل علينا بنفسه وقتما شاء من حساباته في فيديوهات يصورها شخصياً أو يستأجر من يصورها له. ولم يعد مضطراً لانتظار أن يختاره أحد من شركات الإعلانات والتسويق بل هو من يفرض نفسه فرضاً عليها.
المؤثر هو ذلك الكاوبوي على الأغلفة الخلفية لمجلات الرجال يروج لشركة سجائر أو هو مايكل جي فوكس في ذروة شهرته في الثمانينات بدعاية دايت بيبسي الشهيرة وخلفته سيندي كراوفورد مع الشركة نفسها في بداية التسعينات. أو شخصيات كيلوجز كورن فليكس الكرتونية الشهيرة.
وقد يكون طفلاً في دعاية إحدى شركات الحليب وشاباً راقصاً في دعاية صابون شهيرة بثت في كل أرجاء العالم العربي. هؤلاء كلهم مؤثرون.
ولديك مؤثرون ومؤثرات يرتدون أفضل ماركات
الملابس ويرقصون في شوارع العواصم العالمية، العرب منهم لا يستطيعون حتى نطق اسم الشركة التي تدفع لهم بشكل صحيح.
سُموا مؤثرين لأنهم يستطيعون التأثير في قرارات الجمهور الشرائية. أما كيف يستطيعون ذلك فلا تسألني! أفتح «إنستغرام
» لتظهر لي فتاة ترقص بحقيبة نسائية معروفة في وسط مهرجان كان السينمائي أو تشرح طريقة وضع المساحيق والكريمات التجميلية وتغدق هذه الشركات عليها أموالاً طائلة.
السؤال المحير: ماذا فعلت هذه المؤثرة أو هذا المؤثر في حياته ليكسب كل هذه الأموال؟ لا أرى أمامي ممثلاً ولا مغنياً ولا مغنية – هؤلاء لايزالون يظهرون في إعلانات الشركات الضخمة في الميادين التجارية العالمية مثل دبي مول أو بيكاديلي سيركس في لندن أو تايمز سكوير في نيويورك.
على الأقل فإن المغني أو الممثلة قد فعلوا شيئاً مهماً إبداعياً في حياتهم ليستحقوا إعجاب الجماهير، لكن ماذا فعل مؤثر أو مؤثرة من مواليد التسعينات ليست لهم حتى صفحات ويكيبيديا وصفحاتهم الوحيدة تعود لحسابات «إنستغرام » أو تيك توك.
سبب ازدهار هؤلاء المؤثرين والمؤثرات تصاعد دور «السوشيال ميديا » في حياتنا. إن إمكانية تأسيس حسابات من الأجهزة الذكية فتح الباب على مصراعيه لدخول رجل أو امرأة الشارع العادية إلى عالم الشهرة. تستطيع فتاة تتمتع بالثقة في نفسها أن تصنع فيديو يجذب لها آلاف المتابعين وعندها تنتبه الشركات التجارية لها فتعطيها أموالاً وبضاعة للترويج.
وهنا يراها الناس ممثلة أو سفيرة ترمز للاستراتيجية التسويقية للشركة أو الاسم التجاري. بالطبع كيم كاردشيان لاتزال موجودة لكن المؤثرة أو المؤثر لم يعد أقل منها.
بالطبع هناك المؤثر المزيف الذي يشتري متابعيه ولا يستطيع بيع شيء مما يروج له، وهناك المؤثر الأيديولوجي الذي يروج لمنتج يتمتع بمبيعات عالية في المجتمعات المحافظة ولكن إذا كانت أيديولوجية المؤثر متعارضة مع المجتمع فإن المنتج يتعرض للمقاطعة.
يستطيع رأي المؤثر أو المؤثرة صنع تيار فكري أيديولوجي يعتنقه متابعوه، أضيف إلى ذلك طبيعة الوسط التي تسمح بالتحاور مع المؤثر أو المؤثرة وهو ما لم يكن متاحاً قبل عصر «السوشيال ميديا ».
المصدر: الامارات اليوم