كاتب إماراتي
وردنا اتصال من رقم 1971، وكانت مكالمة مسجلة بصوت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يهنئ الشعب باليوم الوطني المجيد لدولتنا الإمارات العربية المتحدة الحبيبة حماها الله.
لم يكن حدثاً اعتيادياً أبداً، وهذه أول مرة نتلقى فيها اتصالاً من حاكم يهنئنا بهذه المناسبة. هذا المقال تحليل لهذه المبادرة، وتقديم قراءة سلوكية، لأنها استوقفتني، وأصبحت حديث الشعب خلال إجازة اليوم الوطني.
نص المكالمة: «السلام عليكم.. معاكم محمد بن راشد.. حبيت أهنيكم بشكل شخصي بالعيد الوطني، وأتمنى لكم أيام سعيدة.. وأتمنى للوطن أيام مجيدة.. ونحن مستمرين في العمل من أجلكم ومن أجل الوطن.. وربي يحفظكم ويحفظ أهلكم ويحفظ دولة الإمارات..» انتهى.
فكرة المكالمة الهاتفية جديدة كلياً، ومن خارج الصندوق كما يقال، سموه لم يرسل بريداً إلكترونياً ولا رسالة نصية، بل هي مكالمة وذلك يعكس حرصاً منه شخصياً على التواصل الشخصي بأسلوب حي من رقم يمثلنا جميعاً، رقم 1971 هو رمز البيت المتوحد، رقم نعشقه جميعاً، ونفتخر به، لأنه يذكرنا بقيام هذه الدولة المجيدة.
الاتصال كان بصوته وكلماته. يبدأ سموه بالسلام والتعريف عن نفسه دون استخدام لقبه، وهذا يعني أنه يحدثنا كمواطن إماراتي بعيداً عن البروتوكول دون أي تصنع. قال «معاكم محمد بن راشد»، وهو أسلوب الشخصية العربية تاريخياً، وحتى اليوم في شبه جزيرة العرب في تقديم نفسها (أنا فلان بن فلان)، بغض النظر عن كونه حاكماً. الشيء الثاني أن من عرف محمد بن راشد عن قرب، سيخبركم بأن خصاله متطابقة مع أسلوب حديثه في المكالمة.
«حبيت أهنيكم بشكل شخصي»، وذلك لأن التواصل بشكل شخصي هو أقرب الطرق إلى القلب، وسموه ليس بحاجة إلى ذلك، لأن إنجازاته تشير إليه محلياً وعالمياً، منذ قيام الاتحاد إلى اليوم لكنه اختار قولها لإيمانه بأهمية التقارب بين القيادة والشعب، ولأن إزالة الحواجز من أهم القيم التي يتمتع بها القائد.
أشار سموه إلى استمراره في العمل من أجلنا، ومن أجل الوطن. وهذه الفكرة التي لم يفهمها الكثيرون من الحكام عبر التاريخ، الحاكم هو من يعمل من أجل الشعب، الحاكم يغرس قيم حب الوطن في نفوس أفراد شعبه، وهو ما يخبرنا محمد بن راشد بالضبط هنا أنه حريص على فعله.
«مستمرين» يعني أن سموه في جعبته المزيد من الأفكار والمبادرات لتطوير الدولة فكراً وثقافة وتنفيذاً، ويختتم بدعائه الله عزَّ وجلَّ بحفظنا وحفظ أهلنا والوطن. وهذا مثل دعاء الوالدين يعني أن سموه ينظر إلى الشعب نظرة أبوة، وهذه تعكس أن القيادة تنظر إلى الشعب كعائلة واحدة كبيرة.
صوت محمد بن راشد في المكالمة متنوع النبرة، أي كأن سموه يتحدث بشكل حي مباشر، لكن ليس كمن يقرأ خطاباً جاهزاً. تنوع النبرة يعكس مودة ودعوة لنا للاقتراب، أو إشارة منه بقربه من الجميع.
اقرؤوا في علم القيادة، وستفهمون أكثر فكر وفلسفة محمد بن راشد!
المصدر: الإمارات اليوم