من غازي إلى ابن حاضر

آراء

كتبت أمس عن غازي القصيبي، ذلك النجم الذي ما نزال نذكره في كل حديث حول الإدارة و الأدب و الشعر أو جدالات المجتمع. واليوم أكتب عن نجم آخر غادرنا قبل عام على غرة. وكم هو حزين عيدنا في دبي الذي يمر من دون محمد خليفة بن حاضر. كان لنا هذا الشاعر والوطني الأصيل بمثابة روح المدينة و وهجها. دخل التجارة بالخطأ. و مارس العمل الدبلوماسي بالصدفة. و نجح في التجربتين. لكن عشقه الأصيل كان للأدب.

شاعر من خارج زمانه. و كيف لا وهو تلميذ نجيب لأستاذه العملاق أبي الطيب المتنبي. في ركن خاص بمنتجعه السياحي الجميل على شاطئ الجميرا، كنت أزوره بصورة شبه يومية. وهناك عرفت كثيرا من نجوم المدينة و رموزها. و حينما فاجأنا غيابه الأليم قبل عام و أشهر، سكن الحزن مدينتنا الجميلة مثلما سكن قلوب محبي شاعرها و نجمها. وأنا من أكثر المفجوعين بغيابه.

كيف لا و قد كان لنا «أبو خالد» الأخ و الصديق و النديم و صاحب «الفزعات» عند كل ضيق. اليتم للمثقف و المنشغل بقضايا الفكر و السياسة ألا يجد رفقة يتبادل معها الرأي والفكر و الجدل. و قليلون هم من اجتمعت فيهم صفات محمد بن حاضر في كرمه و ثقافته و أصالته و هوسه بقضايا أمته.

جلسته الرمضانية كانت أشبه بصالون أدبي ثقافي ممتع. و رواد مجلسه، من مثقفين و سياسيين و رجال أعمال، من الإمارات و خارجها، اجتمعوا على محبة محمد بن حاضر و احترامه مهما اشتد الخلاف – أحياناً – حول قضايا المنطقة و مشكلاتها.

و كان «أبو خالد» يفرح بولادة صوت إعلامي جديد، من بلاده أو من الخليج. كم من مرة هاتفني طالباً العون للاتصال باسم خليجي جديد لأكتشف أنه يريد الاتصال للدعم و التشجيع. و من يقوى على سرد مآثر أبو خالد و مواقفه النبيلة؟

غاب بن حاضر و جاء العيد. فبأية حال عدت يا عيد؟

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٦٠) صفحة (٢٣) بتاريخ (٢٠-٠٨-٢٠١٢)