مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
معظمنا كان يرى في الممثل البريطاني الشهير أنتوني هوبكنز ممثلاً رفيع المستوى، لا يضاهيه ممثل في كل هوليوود وضواحيها، أفلامه وأدواره في معظمها تشكل علامات بارزة في تاريخ السينما العالمية، قدم أدوار الخير والشر الخالص والرعب والأدوار المركبة والمعقدة وذات الطبقات المتراكمة من التعقيدات النفسية، ولكنه أخيراً وفي حفل جائزة جوي أووردز، ظهر الجانب الموسيقي الفذ في شخصية هوبكنز (وجوي أووردز حفل يحتفي بصناع الترفيه في العالم العربي في مجال الفن والسينما والدراما والموسيقى والرياضة، ويقام الحفل في العاصمة السعودية الرياض ضمن فعاليات موسم الرياض).
لماذا يعد أنتوني هوبكنز مبدعاً عظيماً؟ نظرة واحدة على أفلامه الأخيرة وقد تجاوز الثمانين من عمره، تجيب عن ذلك: فيلم (الأب) كمثال والموسيقى التي تفرد بعزفها وكانت من تأليفه، وكلمة الختام شديدة العمق والفلسفة التي قدمها في حفل الختام.. كل ذلك يقول إنه ممثل لا يمكن أن يتكرر.
في كلمته الجميلة اقتبس نصاً من أقوال القاص الأمريكي الأشهر إدغار آلان بو، قال فيه: «لقد كنت أؤمن دائماً بأن كل ما نراه أو نعتقده ليس سوى حلم داخل حلم» ثم تحدث عن سيرته كفنان فقال: لطالما تساءلت طوال حياتي كيف لطفل من جنوب ويلز، وابن لخبازٍ بسيط، أن يصل إلى هذه اللحظة المميزة، واصفاً حياته باعتبارها «لغزاً عميقاً»، وبكل تواضع قال «من المستحيل أن أفهم أو أن أنسب الفضل لنفسي في أيِّ من النِّعم التي أعيشها». وعن والديه قال: والدتي هي الداعمة الرائعة التي آمنت بي، أما والدي فكان أكبر من الحياة نفسها، وعمل بجد طوال حياته. ثم أنهى هذا كله، بفلسفة وحكمة منحتها السنون لرجل بلغ الـ87 من عمره فقال:
الموت أمر لا مفر منه، أما الحياة فعبارة عن وداع طويل لكل ما نحب؛ وداع ممتد، ولكنه مملوء في نهايته بالغفران والدهشة.
وحينما نفكر في هذه الحكمة الأخيرة نكتشف مدى العمق والحكمة التي لم تخطر ببالنا يوماً، فنحن طوال حياتنا ونحن نمضي قدماً في هذه الحياة لا نواجه أمراً يؤثر فينا ويترك بصمته في داخلنا أكثر من الفقد، كل يوم وعلى طول الطريق ونحن نضع أيدينا على قلوبنا خشية الفقد، أن نفقد أحبتنا، أصدقاءنا، وظائفنا، أحلامنا، حماستنا وشغفنا، أيامنا وسنوات أعمارنا، إنها سنة الحياة، لذلك نقول: إن الحياة ليست سوى وداع طويل لكل ما نحب!
المصدر: البيان