كاتب إماراتي
الوسواس هو أن تشك في كل شيء. هذا تعريفي المبسط. أمّا علمياً فهو فكرة أو سلسلة أفكار تلازم الشخص وتجعله يشعر بقلق بعض الوقت أو كله. هل توضأت قبل الصلاة؟ هل صليت ثلاث ركعات أم أربعاً؟
نتخبط جميعنا في انعدام اليقين بشكل لا يمكننا تخيله يومياً، وانعدام اليقين هو الشعور الذي يقودنا إلى دوامة الوسواس، وهو مختلف عن الوضع الذي لا يمكننا فيه اتخاذ قرار بسبب عدم توافر الحقائق بشكل كافٍ.
مثلاً، تعاملت مع شركة في مشروع فخيبت آمالك، قررت التعامل مع شركة أخرى فوجدت أداءها أفضل، في المشروع التالي لو أتتك مجموعة عروض فأنت حتماً ستتجاهل الشركة التي خيبت آمالك بسبب توافر الحقائق أو المعلومات ولن تدخل دوامة الوسواس.
الوسواس هو السيناريو التالي: أنت في السيارة تهم بالخروج من البيت، تسأل نفسك هل أطفأت الموقد؟ لا تتذكر. تنزل من السيارة وتذهب إلى المطبخ لتتأكد، تجده مطفأ. تعود للسيارة ثم تسأل نفسك هل أطفأت أنوار البيت وأقفلت الباب؟ غير متأكد، تعود إلى الصالة للتأكد وتعيد التأكد، وأنت في هذه الحالة ترى صورة تبرز من خيالك للسيناريو المناقض: موقد وإنارة في حالة تشغيل وباب غير مقفل.
يتصارع السيناريوهان في عقلك، الحقيقة والخيال مع طغيان صورة سلبية (منزل يحترق) لما سيحدث لو تركت الموقد يعمل والإنارة غير مطفأة والباب مفتوح. عندما يحدث ذلك، فاعلم أنك بالضبط تقف على الخط الفاصل بين العقل والجنون.
هنا تيقن أنك حتى لو ظللت تتأكد مليون مرة أن كل شيء مطفأ فلن يغير ذلك شيئاً لأن خيالك يعمل بصورة مناقضة للواقع ويكذب أحاسيسك.
لن تتخلص من الوسواس في يوم وليلة، وهناك درجات للمرض، أقصاها أن ترى طبيباً نفسياً وتتناول أدوية أو تبدأ بتدريب نفسك وعقلك على التخلص منها.
مثلاً، بمجرد أن تطفئ الموقد وتتأكد من ذلك، غادر المكان ولا تعود إليه، أطفئ الأنوار وغادر المكان ولا تنظر للخلف، أقفل الباب وبمجرد سماع صوت القفل، فأنت متأكد من قفله، فاذهب وفكر في أي شيء آخر يحفز نفسك وعقلك بعيداً عن هواجس إعادة التأكد. توكل على الله واقرأ المعوذات، وتذكر قاعدة اليقين لا يزول بالشك، وستتولد لديك الثقة بالنفس تدريجياً وسيختفي الوسواس مع الوقت.
مواقف:
شخص كلما دخل الحمام أمضى ساعة لاعتقاده بضرورة إخراج كل ما في جسمه من جراثيم حتى لو لم تكن هناك ضرورة. فأصيب بمرض في جسده من تلك العادة الضارة التي تسببت فيها وساوسه.
وفي أزمة «كوفيد» عرفت أشخاصاً قطعوا أيديهم من كثرة استخدام المعقم خوفاً من الجراثيم، ورغم ذلك أصيبوا بالمرض أو بمرض الوسواس من الإصابة، وعرفت أشخاصاً أخذوا احتياطاتهم وتوكلوا على الله ورموا الوساوس خلف ظهورهم، فلم يصابوا بشيء رغم إصابة أقرب الناس إليهم في البيت. فصدق جل جلاله عندما قال: «من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس».
• نتخبط جميعنا في انعدام اليقين بشكل لا يمكننا تخيله يومياً.
المصدر: الامارات اليوم