كاتب إماراتي
تعود جذور سينما الويسترن أو الكاوبوي إلى الحقبة الصامتة، قبل ذلك كانت قصص رعاة البقر وفتوحاتهم لمناطق غرب نهر المسيسيبي تعد قصصاً بطولية في كل أرجاء الولايات المتحدة.
إلا أن شخصيات الكاوبوي ليست أبطالاً، بل هم أساساً خارجون عن القانون، وأبرزهم بيلي ذا كيد، بوتش كاسيدي وبوفالو بيل (الثلاثة جسدهم بول نيومان)، ولا ننسى جيسي جيمس وروبرت فورد.
يشاهد بعض الناس الويسترن لأنها أفلام مؤدلجة، خصوصاً أفلام جون فورد وجون وين، قبل المرحلة التصحيحية وسط الخمسينات، وهي أفلام مفضلة لدى الطبقة المحافظة، أما البعض الآخر فلا يفضل مشاهدتها لأنها تشهر قيم المحافظين.
أفلام الويسترن تاريخياً اتسمت بالعنصرية ضد سكان أميركا الأصليين والمكسيكيين، وصوّرتهم كأشرار، وعندما لا يكونون أشراراً فهم شخصيات نمطية، نفس الشيء بالنسبة للمرأة فهي غالباً مهمشة في أفلام الويسترن القديمة، لكن في المرحلة التصحيحية أصبحت هي البطلة رغم قلة هذه الأفلام.
تذوق الويسترن ليس مقتصراً على قصص عابر سبيل يمرّ ببلدة ينخرها الفساد، فيطلب أهلها منه مساعدتهم في القضاء على العصابة المهيمنة، وليس مقتصراً على مطاردة المارشال الأميركي للمجرمين عبر الحدود.
كما أنه ليس مقتصراً على رئيس الشرطة المؤمن بقيم الشرف والأمانة، الذي يتخلى عنه سكان البلدة عند تعرضها لغزو عصابة، الويسترن أعمق من ذلك ويناقش الأزمات الاقتصادية الناشئة عن سيطرة الأغنياء الجشعين على المجتمع، أو يناقش كيف يحول الجشع الحلم الأميركي إلى وهم.
الويسترن هو الصنف السينمائي الأميركي الوحيد، أما بقية الأصناف فلا تعد أميركية، كالرعب مثلاً، فجذوره تعود إلى ألمانيا. عكس الويسترن الشخصية الأميركية بامتياز، فبين الحربين العالميتين ركزت أفلام الويسترن على أبطال يحاربون الهمج ويدافعون عن مستوطنات للبيض.
في فترة الكساد العظيم عندما كانت الرأسمالية الأميركية محل تساؤل، ظهرت أفلام الكاوبوي المتهم ظلماً الذي يسعى لإثبات براءته، وفي الخمسينات والستينات والسبعينات، عندما هيمنت الولايات المتحدة على نصف الكوكب، و دخلت حروباً عبثية وتورطت في اغتيالات وانقلابات، رأينا جانباً مظلماً من شخصية الكاوبوي.
خلال حرب فيتنام تحول الكاوبوي إلى بطل يرتكب جرائم يحاول تبريرها، بوصول الرئيس الراحل، رونالد ريغان، إلى سدة الحكم انفجرت قنبلة ويسترن اسمها «هيفنز غيت»، في شباك التذاكر الأميركي، وابتعد المنتجون عن الويسترن رغم أن الرئيس محافظ حتى النخاع، وهو نفسه كان ممثل ويسترن في الأربعينات والخمسينات.
بعد انتصار واشنطن في الحرب الباردة، انتصر كيفن كوستنر للويسترن بـ«الرقص مع الذئاب»، وحاز الأوسكار، ليلحق به كلينت إيستوود بتحفته Unforgiven، وفاز بأوسكار ثانية، وأنعش الصنف بعد إخفاق «هيفنز غيت» العظيم.
في حقبة بوش الابن اتجه الصنف نحو الفن والرموز الفلسفية، وعندما خلفه أوباما رأينا الويسترن ينتصر للسود.
موقف:
كان المعيار المعتمد في هوليوود في النصف الأول من القرن الـ20 أن على المخرج الذي يريد إثبات نفسه، صنع فيلم أو أفلام ويسترن، وعندما وفد إليها صناع الأفلام الأوروبيون الهاربون من جحيم هتلر، خاضوا الاختبار ونجحوا بجدارة.
المصدر: الامارات اليوم