الإثنين ١٩ يناير ٢٠١٥
لا أستحسن الخوض في المسائل المعروضة على القضاء ولا على الأحكام الصادرة عنه خاصة إذا كانت في المراحل الأولى من التقاضي، ولكن تنفيذ حكم الجلد الصادر بحق أحد المواطنين أثار في خاطري عدداً من التساؤلات التي أطمح في أن أجد لها جواباً وتفسيراً. أول هذه التساؤلات هو ما هو موقف قضاتنا الأفاضل من الحديث الوارد في صحيح البخاري الذي نصه "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله"؟ هل ينكرونه؟ وإذا لم يكونوا ينكرونه وإذا كانوا يؤمنون بالحديث الذي رواه عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ونصه: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" أفلا يكفي هذا الحديث مع سابقه لندرأ عن أبنائنا الذين أسرفوا على أنفسهم عقوبة الجلد بأكثر من عشر جلدات؟ التساؤل الثاني هو عن الهدف من عقوبة الجلد، خاصة وأنها قد جاءت في الحالة الأخيرة مواكبة لعقوبات السجن والغرامة المالية، هل الهدف هو إيقاع الضرر والألم الجسدي؟ إن كان الأمر كذلك فلعل الحدود الشرعية التي تطبق في عقوبات الكبائر أولى بأن يحدد عددها بالمئات أو الآلاف، وفي تقديري أن الإجابة على هذا التساؤل تأتي ضمن الحديث الشريف الذي حدد الحد الأقصى للعقوبة التعزيرية بعشر جلدات وهي عقوبة رمزية تهدف إلى إيصال رسالة إلى الجاني دون إيقاع التعذيب…