انتخابات العالم بين ترمب وبايدن

الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠

انتخابات العالم هي انتخابات الولايات المتحدة، حيث الإمبراطورية الأعظم في التاريخ البشري كله، وفي جميع المجالات، وهي تمرّ بلحظة استثنائية من تاريخها، إذ يسيطر عليها انقسام حادّ وغير مسبوقٍ بين حزبيها الرئيسيين؛ حزب الجمهوريين الحاكم وحزب الديمقراطيين المعارض. الأول بقيادة الرئيس دونالد ترمب، والثاني بقيادة المرشح جو بايدن. أقل من عشرة أيام تفصل أميركا والعالم عن معرفة الرئيس الجديد لأربع سنواتٍ مقبلةٍ، وأحد الفوارق المهمة بين الرجلين هو أن الرئيس ترمب يقود حزبه ويقود أميركا بحسب الخطط التي رسمها والقرارات التي اتخذها والنجاحات التي حققها، بينما بايدن يقوده الحزب الديمقراطي، وهو أسير لرؤية باراك أوباما والانحراف الذي خلقه في السياسة الأميركية على مدى السنوات الثماني من حكمه. في حال انتصار الرئيس ترمب بولاية ثانية فسوف يكمل رؤيته ونجاحاته التي تحققت في السنوات الأربع الماضية وبالذات في القضايا الكبرى التي تهم منطقة الشرق الأوسط، حيث نجح الرئيس في وضع النظام الإيراني المارق تحت عقوبات قاسية وغير مسبوقة خففت من مدى الشرور التي كان ينشرها من قبل، وأرغمته، بتحالف دول المنطقة مع أميركا، على العودة للاهتمام بشؤونه الداخلية، وإن لم ينتهِ بعدُ، ولم يتم القضاء المبرم على كل فروعه وذيوله في الدول العربية التي توسع فيها. في حال فاز الرئيس ترمب فسيواصل العلاقات التاريخية مع حلفاء أميركا في المنطقة من المملكة العربية…

تركيا واحتراف الفوضى

الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠٢٠

احتراف نشر الفوضى مهمة كبرى تتبناها تركيا إردوغان، للتغطية على كل الخسائر والفشل السياسي والاقتصادي العريض الذي تمر به، في واحدة من أسوأ مراحل تاريخها الحديث، وآيديولوجيا الإسلام السياسي، ووهم بسط النفوذ على الدول العربية. والشعارات القومية الرنانة لا تغطي عجز الاقتصاد ولا فشل السياسة. الرئيس الأرمني أرمين سركيسيان صرح بكل وضوح بأنه «إذا لم يتم إخراج تركيا من السياق العام، فسيكون من الصعب للغاية التوصل إلى تسوية سلمية من خلال المفاوضات». وأضاف: «إذا لم يتم إيقاف تركيا، فسيؤدي ذلك إلى وضع غير مستقر للغاية في القوقاز، وستسيطر أنقرة على خطوط الأنابيب الدولية»؛ بينما يرى غيره أن الحل سيكون عسكرياً وسياسياً ضد أرمينيا. انحيازاً للفوضى، أعلنت تركيا مجدداً إعادة التنقيب في شرق المتوسط الذي توقفت عنه قبل فترة وجيزة، في تحدٍّ جديد للعالم وللاتحاد الأوروبي، وهذا البحث التركي اليائس والمستميت خلف النفط والغاز وطرق الأنابيب الدولية، هو ما يفسر كل التهور السياسي ودعم الفوضى في كل المنطقة، من أذربيجان إلى ليبيا، مروراً بشرق المتوسط وسوريا التي كانت تركيا تستفيد من نفطها ونفط العراق، عبر التعاون الوثيق مع تنظيم «داعش» الإرهابي قبل سنوات قليلة من الزمن. في القوقاز، سعت تركيا وتسعى لخلق «سوريا جديدة»، كما تحدث الرئيس الأرمني، وذلك لنشر الفوضى في كل منطقة القوقاز، والمخاطرة بإعادة إحياء صراعات التاريخ وثاراته…

تركيا والأرمن… من «الإبادة الجماعية» إلى «الحرب»

الأحد ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٠

منطقة الشرق الأوسط واحدةٌ من أكثر مناطق العالم صراعاتٍ ونزاعاتٍ سياسية ودينية ومذهبية وعرقية، وهو مؤشر على حجم التخلف الحضاري السائد، وبينما تسعى الدول العربية إلى النهوض الحضاري والتخطيط للمستقبل والبناء والتنمية والمنافسة الدولية، فإن بعض دول المنطقة تمتلك مشاريع كبرى للتخلف الحضاري ونشر الفوضى ودعم الإرهاب، وعلى رأسها المشروع الطائفي الإيراني والمشروع الأصولي التركي. قبل ما يقارب الأسبوع اندلع مجدداً أحد الصراعات الكامنة في المنطقة بين دولة أذربيجان ودولة أرمينيا، هذا النزاع الذي لم ينتهِ بعدُ منذ ثلاثة عقود، وإن كان أعمق تاريخياً، ومن دون الدخول في تفاصيل هذا النزاع طويلة الذيل وواسعة التشعب، فإن أخبار هذا النزاع باتت تتصدر عناوين الأخبار حول العالم، ويترقب الجميع ما ستؤول إليه الأمور هناك. والخشية هي من امتداد الصراع بين دولتين إلى حربٍ إقليمية مشتعلة تزيد المشهد المعقد تعقيداً. إحدى الحقائق الظاهرة في هذا النزاع المسلح الخشن بين الدولتين هو الدعم التركي غير المحدود لأذربيجان، وبالطرق التركية التي باتت معروفة؛ دعم إحدى الدولتين ضد الأخرى بالأسلحة والتقنيات الحديثة، وربما التدخل العسكري المباشر لاحقاً، وكذلك إرسال «المرتزقة» من سوريا إلى أذربيجان بعدما حوّلت هؤلاء السوريين المغلوبين على أمرهم إلى ميليشيات مرتزقة ترسلهم تارةً إلى ليبيا وأخرى إلى أذربيجان في لعبةٍ غير نظيفة، يبدو أنها راقت لصانع القرار في أنقرة، ليثبت أنه «الخليفة» العثماني…

العيد الوطني السعودي… تسعون ربيعاً

الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠

تسعون ربيعاً مرت على قيام المملكة العربية السعودية، على قيام واحدة من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بعد ملاحم التوحيد التي خاضها المؤسس مع رجالاته المخلصين في عرض الجزيرة العربية وطولها، حتى حانت لحظة إعلان الدولة كياناً مستقلاً مظفراً، والذي تحين ذكراه يوم الأربعاء القادم 23 سبتمبر (أيلول). أعياد الأوطان هي مواسم تذكير سنوية بضخامة المنجز، واستقرار الدولة، واستحضار الماضي المجيد، للفرح بالحاضر، وبناء المستقبل، في حراكٍ تاريخي لم يتوقف بتحدياته وإنجازاته، ولن يفعل في المستقبل؛ لأن بناء الأمجاد لا ينتظر، وصناعة التاريخ لا تتوقف. تمر هذه الذكرى العطرة والسعودية قد تحولت إلى ورشة إصلاحٍ وبناء ضخمة لا تتوقف ولا تتباطأ؛ بل هو العمل الجاد المقرون بالأمل المضيء، في ظل «رؤية السعودية 2030» التي بناها ويقودها عرَّابها الكبير، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لتعريف غير المختص، فهذا هو يوم الاحتفال بالعيد الوطني للدولة السعودية الثالثة، الدولة الحديثة، دولة عبد العزيز وأبنائه ورجاله، هذا صحيحٌ تماماً، ولكنها أيضاً تمتد لقرونٍ ثلاثة في التاريخ، منذ أنشأها محمد بن سعود وأبناؤه وأحفاده، حتى سقطت الدولة تحت معاول المحتل التركي الباطش، ولم تلبث أن قامت مجدداً وسادت على أرضها وفرضت هيبتها، ثم سقطت ثانية، حتى قامت مجدداً على يد المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله. قيام الدول وسقوطها ليس صدفة؛ بل…

شرق المتوسط: «استقرار الفوضى» و«المرتزقة»

الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٠

وصف دقيق لحالة منطقة الشرق الأوسط تختصره فكرة «استقرار الفوضى»، لقد تحولت الأحوال في هذه المنطقة المهمة والاستراتيجية في العالم من وضع «استقرار الدولة» إلى وضع «استقرار الفوضى» عبر عقودٍ متوالية، ولكنه أمرٌ رسخ في المنطقة قبل عقدٍ من الزمان إبان ما كان يعرف بـ«الربيع العربي». اجتمعت في نشر «استقرار الفوضى» رؤية أوبامية خطيرة للمنطقة مع نظامٍ ثيوقراطي إيراني يعتقد أنه يحكم باسم الله والدين والمذهب، ونظامٍ تركي أصولي يقوده شخصٌ لا يخلو من جنون العظمة، ودولة قطر الصغيرة والباحثة عن دورٍ في التاريخ حتى ولو كان مخزياً، واصطفت مع هذا كله، جماعات أصولية كجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات إرهابية كتنظيم «القاعدة» و«داعش»، وميليشيات مذهبية، وهذه التنظيمات والميليشيات أخذت في التوالد والتكاثر بأسماء جديدة وأعدادٍ غفيرة وهي برسم الاستغلال وخدمة كل خصوم الأوطان وأعداء الدول. الفكرة الجامعة التي احتشد خلفها خلق حالة «استقرار الفوضى» هي الكفر بـ«الدولة الوطنية الحديثة» لأسبابٍ متعددة، فالنظام الإيراني لا تكفيه «دولة إيران» بل هو مقتنعٌ تماماً بآيديولوجية الإسلام السياسي التي خلقها تحت اسم «الثورة الإسلامية»، وهو يسعى جهده لبسط النفوذ والتوسع وفرض الهيمنة خارج حدوده عبر مبدأ «تصدير الثورة» الذي جاء به الخميني أو «تصدير الميليشيات» الذي اعتمده خامنئي. النظام التركي هو الآخر تسيطر عليه الآيديولوجية الأصولية والحلم الإردوغاني بالتخلي عن «الدولة التركية الحديثة»، واستعادة «الخلافة…

سباق الانتخابات ومستقبل الإمبراطورية الأميركية

الأحد ٣٠ أغسطس ٢٠٢٠

تاريخ صعود الولايات المتحدة لتصبح أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ البشري، هو تاريخ مهم ومشوقٌ وملهمٌ. فأميركا الحضارة المعاصرة هي نموذج للأفكار الليبرالية، والمبادئ الإنسانية، والاقتصاد الناجح، والثقافة المنفتحة، وتطوير التعليم، والاكتشافات والتقدم العلمي المذهل، والقوة العسكرية الضاربة، وصولاً للحظة التتويج العالمية بعد الظفر بالنصر في الحرب العالمية الثانية 1945، ثم وصولاً لإسقاط الاتحاد السوفياتي 1991. في مؤتمر «الحزب الجمهوري» قبل أيام، كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب مليئاً بالفخر وهو يعدد إنجازاته في أربع سنواتٍ مضت، صنع فيها الكثير لبلاده وللعالم، وبخاصة قدرته على إعادة التوازن للعالم بعد التوجهات اليسارية والمختلفة والانعزالية لسلفه باراك أوباما، الذي يعتبر المرشح الديمقراطي جو بايدن امتداداً له ومحاولة لاستعادة رؤيته للعالم. التغيير الكبير الذي حصل في أميركا لم يخلقه الرئيس ترمب؛ بل أوباما. وترمب يمثل ردة فعلٍ لكل الضعف والهوان والتنازلات التي اعتمدها أوباما للتخلي عن قيادة العالم، وجعل أميركا دولة عادية تتخلى عن حلفائها، وتعزز مكانة خصومها في تراجيديا تاريخية غير مفهومة بشكل واضحٍ بعد. كل ما يجري في أميركا يهم العالم، ويشد أنظاره؛ لأن كل قرارٍ تتخذه كأقوى إمبراطورية في التاريخ والواقع يبلغ أثره أطراف العالم. القرارات الداخلية التي تهم الأميركيين، وهي صراعٌ مستمرٌ بين الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» تهم المواطنين الأميركيين أكثر من غيرهم، ولكن القرارات السياسية والرؤى الاستراتيجية تؤثر على العالم بأسره،…

الخرافات لا تقي من الوباء

الأحد ١٢ أبريل ٢٠٢٠

الخرافة قديمة قدم الإنسان نفسه، وُجدت في كل الأزمنة، وهي تتفشى مع الجهل وتنتشر مع الأزمات الخانقة، وتصبح ملاذاً للخائفين وملجأ للمرعوبين، وهي تساهم في تهدئة بعض النفوس وخوف الإنسان الدائم من المجهول. مع فيروس «كورونا» المستجد، انتشرت الخرافات انتشار النار في الهشيم، ولكل دينٍ أو فلسفة أو ثقافة خرافاتها الخاصة بها، وإن كانت بعض الخرافات عابرة لكل هذه الاختلافات، ولكن يتم تحويرها وتعديلها حتى تتواءم مع كل ثقافة، بحسب طبيعتها وخطابها. وقوة تفشي الخرافة دليلٌ على حاجة نفسية لدى الإنسان لا علاقة لها بعلمه أو عقله. الخرافات الحالية متنوعة ومختلفة في أشكالها وطبيعتها، بحسب عديد من المتغيرات، فثمة خرافات دينية وخرافات صحية وأخرى سياسية وغيرها اقتصادية، وهلمَّ جرّاً. والخرافة خطيرة على عقل الإنسان؛ لأنها تمنحه شعوراً زائفاً بالأمان، وتعيقه عن فعل ما يجب فعله حقاً. من الخرافات الدينية ما يصنعه بعض من يسمون الدعاة، أو الدعاة الجدد، في كل العالم من شرقه إلى غربه، باختلاف الصيغ والتعبيرات. ففي أميركا يقف القس الشهير كينيث كوبلاند مهدداً فيروس «كورونا» وآمراً له بالفناء والذهاب عن أميركا، فيزيد انتشاره في أميركا حتى تصبح في المرتبة الأولى عالمياً. وفي إيران يقف وعاظ النظام ورموزه ويدَّعون أن اللجوء إلى المرقد الفلاني يشفي الناس من دون الحاجة إلى العلم أو الدواء، فتصبح إيران بؤرة عالمية لنشر…

«كورونا» والفتاوى العاقلة

الأحد ١٥ مارس ٢٠٢٠

فيروس كورونا لم يزل يتصدر اهتمامات العالم أجمع، من كل الطبقات والفئات، من القمة إلى القاعدة، لا صوت يعلو فوق صوته، وقد ألغى كل الأولويات ليظلّ وحده على رأس القائمة، وهو أمرٌ طبيعي فلا شأن يعلو على حياة الإنسان وصحته. هذه الأوبئة والجوائح مثل فيروس كورونا المستجد الحالي مخيفة - وحقّ لها - وذلك لسرعة انتشارها وشدة فتكها بالناس، والجهل المطبق بها فضلاً عن علاجها أو اختراع لقاحٍ لمقاومتها، وقد مرّت البشرية بأمثالها كثيراً، وهي أبدا لا تخلّف إلا المرارة والألم لدى كل الناجين منها بما تأخذه من أحبة وأقارب. كم كان مثيراً ورائعاً التغيّر الذي طرأ على الفتاوى الصادرة من عددٍ من البلدان العربية ومن الجهات الرسمية فيها في مواجهة هذا الفيروس الخطير وهو خطابٌ لم يكن معهوداً من قبل لأسبابٍ متعددة؛ ذلك أن المؤسسات الدينية الرسمية كانت تخضع من قبل لسلطة خطاب جماعات الإسلام السياسي ورموزها بشكلٍ أو بآخر باستثناء الأحداث الكبرى التي لا تستطيع المؤسسات الدينية مخالفة مصالح الدولة والشعوب. كتب كاتب هذه السطور الأسبوع الماضي في هذه المساحة ما نصه «فحفظ النفس أحد أهم مقاصد الشريعة ودلائله في المصادر الأصلية في الإسلام لا تحصى، وبالتالي فكل ما يحفظ أنفس الناس وصحتهم وعافيتهم فهو مقدمٌ على كل ما سواه، وهو مع غيره من قواعد الفقه وأصول الدين…

خالد بن سلمان… السعودية وإيران

الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٠

مقابلة مهمةٌ بثتها قناة «العربية» نهاية الأسبوع الماضي لنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع موقع «vice» الأميركي والتي شرح فيها بإيجازٍ محكمٍ سياسات السعودية في المنطقة وطبيعة العلاقات الدولية فيها والمستقبل الذي تسعى السعودية لصنعه في ظل صراعٍ محتدمٍ بين إيران من جهةٍ والسعودية وأميركا ودول المنطقة وشعوبها من جهة أخرى. هناك العديد من المفاهيم المغلوطة عن المنطقة في الدول الأوروبية ولدى العديد من التيارات السياسية في أميركا، وثمة حاجة ملحةٌ لتوضيحها هناك، وإطلاع كل باحثٍ مستقلٍ وكل كاتب متخصص وكل مواطن يبحث عن الحقيقة عليها. إنها مهمة جلّى ستغير كثيراً في تعاطي الدول الكبرى الحليفة للسعودية مع مشكلات المنطقة. خلل التوصيف يؤدي لخلل في الفهم، وخلل الفهم يؤدي لخلل في السياسات، ومن تلك الأخطاء الشائعة في الغرب تلك الشعارات التي يطلقها بعض الدارسين الغربيين مثل القول بأن السنّة يمثلون الأكثرية الديكتاتورية في الإسلام بينما الشيعة هم الأقلية الديمقراطية ولا شيء أبعد عن الصحة من هذا التوصيف الطائفي البغيض. هذه الفكرة صيغت بتأثرٍ واضحٍ بشعارات النظام الإيراني ورؤيته الطائفية البغيضة لصراعات المنطقة ودولها، ومع التأكيد بأن النظام الإيراني يستخدم الطائفية كسلاح سياسي للتوسع وبسط النفوذ، وأن النظام الإيراني نظام سياسي مؤدلجٌ يستغل الدين والمذهب والشعارات لخدمة أهدافه التوسعية، كما هو شأن كل حركات الإسلام السياسي ورموزه في…

إيران وأميركا.. الصراع الصفري

الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٠

خطب المرشد الأعلى للنظام الإيراني مرةً أخرى باللغة العربية، وهو يفعل ذلك كلما اعتقد أنه انتصر أو انهزم في استهدافه للدول العربية، فعل ذلك إبان ما كان يعرف بالربيع العربي منتشياً بما ظنه نصراً، وهو يخطب اليوم لتثبيت قلوب ذيول إيران وعملائها في العالم العربي بعد مقتل أكبر إرهابي بالعالم في العصر الحديث. المؤدلجون يكذبون على أتباعهم ويصدقون كذبهم، فهو زعم أنه لا يخاف ولا يتراجع أمام قوة الولايات المتحدة، وهو بالفعل يخشاها ويخافها ويسعى جهده لعدم الاصطدام بها بشكل مباشر، وهو يقول لأتباعه إنه بصواريخه التي سقطت في الصحراء العراقية قد أرعب أميركا وكسر هيبتها، وهو يعلم جيداً أن هذا كذب محض حتى وإن تجلّت الحقائق بإصابة أحد عشر جندياً أميركياً. ظلت أميركا في توازن طويل بين حزبيها الكبيرين الديمقراطي والجمهوري وحدث اختلالٌ كبيرٌ في هذا التوازن حين اختار الرئيس السابق أوباما أن ينحاز لتيار الانعزالية وأن ينسحب من العالم وأن يخضع لخصم أميركا الألد في هذا الوقت وهو نظام الولي الفقيه في إيران الداعم الأكبر للإرهاب في المنطقة والعالم عبر «الاتفاق النووي» وأن يتحالف مع منبع الإرهاب الحديث في العالم جماعة «الإخوان» لإسقاط الأنظمة العربية ونشر الفوضى في الدول العربية. كان واضحاً أن الشعب الأميركي الذي تمثل دولته أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ البشري سيغضب من حجم الذلّ والمهانة…

عيد الوطن وهجمات أرامكو

الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٩

تحتفل السعودية بعيدها الوطني في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) من كل عامٍ، هذا التأسيس الذي أقام الدولة السعودية الحديثة واعتمد الملك المؤسس تسميتها بالمملكة العربية السعودية، المؤسس الذي قاد معارك التأسيس لما يقارب الثلاثين عاماً حتى استوت الدولة على الأمن والاستقرار فأعلنها دولة حديثة مستقرة وذات سيادة. الدولة السعودية بدولها الثلاث تمتد في التاريخ لما يقارب الثلاثمائة عامٍ، والعائلة الكريمة الحاكمة يمتد حكمها لبعض نواحي البلاد لما يقارب مائتي عامٍ قبل توحيد البلاد في الدولة السعودية الأولى، وبنو حنيفة يحكمون نجد منذ زمن الجاهلية قبل ظهور الإسلام. هذا الاستعراض السريع الذي أرجو ألا يكون مخلاً إنما هو للتذكير بالعمق التاريخي لهذه الدولة السعودية الحديثة، فالسعودية ومكانتها اليوم هي في جزء منها تثبيت لهذا التاريخ وترسيخ له وتوسع فيه والعيد الوطني هو لحظة للتذكير بأمجاد التاريخ ومفاخر الحاضر وطموحات المستقبل. تأسيس الدرعية كان لمانع بن ربيعة، وقد سعى أحد أهم أحفاده مقرن إلى تأسيس دولة كانت تعرف بدولة آل مقرن قبل تأسيس أحد أهم أحفاده محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى، وقادته فكرة التأسيس إلى استقطاب التجار والسعي للتوسع والوعي بأهمية قيام الدولة، واستدعى رجال الدين أيضاً وكان من أهمهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وشيوخ القبائل وكان من أهمهم ابن قرملة وغيره، يقوده في ذلك كله المصلحة السياسية…

لماذا اختارت الإماراتُ السعوديةَ حليفاً؟

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٩

الغارقون في الأحداث الآنية، والمترعون بالشعارات الشعبوية، أو الممتلئون بالمصالح الشخصية لا يفرقون كثيراً بين خيارات الماضي وقرارات الحاضر ومآلات المستقبل، فأولوياتهم مختلفة وأهدافهم كذلك، فكل ميسر لما خلق له. ولكن يجب أن نستحضر هنا لحظات تاريخية مهمة، قديماً وحديثاً ومعاصراً، فما مضى يمنح قدرةً أكبر على اكتشاف المستقبل الذي يجب ألا تنفصم عراه ولا تفترق سبله، وسيرى كثير من المستعجلين اليوم أنهم يوغلون في صغائر ليست ذات أثر مهم في المستقبل. العلاقات بين الإمارات والسعودية قامت تاريخياً قبل نشوء الدول الحديثة بتسمياتها وحدودها، وكانت تتراوح بين الولاء وأنماط أخرى من العلاقات بحسب قوانين ذلك الزمان، ولكنها اتسمت مع الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبد العزيز بولاء وتواصلٍ مستمرين، وبدعم قدمه الملك عبد العزيز لبعض قيادات الإمارات والذي نوّهت له بعض المصادر التاريخية بما يشير إلى ودٍ قديم وصداقة، وبالنجاحات الإماراتية في ضرب بعض الخصوم في المنطقة ودخل زايد الكبير لبعض العواصم المارقة اليوم، وموقفها المستقل في الصراعات التي دارت حينذاك بين القوى الكبرى في الجزيرة العربية والعلاقات مع الدول العظمى حينذاك. مرّت المراحل، وسعى التاريخ في دربه، وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة، وحكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فكان نعم الحليف الموثوق ونعم الشريك المهم، في تأسيس مجلس التعاون الخليجي وفي الجامعة العربية، وفي التأكيد الدائم على أن…