عبدالله العوضي
عبدالله العوضي
حاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع الجنائي - جامعة مانشستر عام 1996. خلال عامي 1997 و 1998عمل رئيساً لقسم المحليات في مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر. شغل منصب رئيس قسم البحوث والتخطيط بمؤسسة " البيان " للصحافة خلال الفترة من 1999الى 2002. من مؤلفاته: "في رحاب الإمام الشافعي" و "في رحاب الإمام أحمد" و"الخليج رؤى مستقبلية".

مصر.. النموذج

الجمعة ١٣ يونيو ٢٠١٤

بعد انتخاب السيسي يبدأ العمل الذي يؤسس لمرحلة مختلفة عن كل ما جرى في الماضي القريب والبعيد، نريد لمصر النهضة الحقيقية التي توفر لها استحقاقات المستقبل ومتطلبات الحاضر. نهضة مصر من نهضة العرب بهذا جاء السيسي إلى سدة الحكم وفق إرادة الشعب الحرة في اختياره الاستقرار بدل الفوضى غير الخلاقة، والأمن بدل التطرف وعنفه وإرهابه. مصر اليوم حسمت أمرها في العودة إلى قلب كل عربي وبصر كل غيور على حصانته ضد الاختطاف مرة أخرى، مصر اليوم لابد أن تصبح غير الأمس الذي عانت فيه ويلات التجاذب بين أطراف الصراع الذي كاد يودي بمصر الحضارة والدولة في آن واحد. يقول أحدهم إننا شعرنا يوم التنصيب بعودة الحس القومي إلى مشاعرنا التي كادت تتبلد بفعل موجات اليأس والقنوط من عودة مصر إلى أحضان مستحقيها. على رغم تراكم حجم المشكلات في العالم العربي وخاصة في البلدان التي لا زالت تدفع ثمناً باهظاً لنتاج «ربيع عربي» بمقاييس بالية لم تكن مخرجاته ولا تغذيته الراجعة بقدر المأمول، إلا أن حجم التركيز على مصر قلب الأمة العربية النابض طغى على كل تلك المآسي التي خرجت من حصار ذلك «الربيع» الخادع. مصر اليوم في موقع «النموذج» الذي من خلاله تتطلع الأمة إلى مستقبل مختلف عما كان يُكاد لها في الخفاء والعلن، فقد تحررت من أثقال الحمولات الدينية…

العالم.. خريطة جديدة!

الجمعة ٢٨ مارس ٢٠١٤

لقد مرت أزمة أوكرانيا وأحداثها سراعاً نحو انفصال القرم عنها واسترجاع هدية خروشوف في استفتاء مستعجل إلى روسيا دون أن نسمع ضجيجاً أو أزيزاً لطائرة حربية تقف في حيرة من أمرها لتعرف ما تفعل على وجه الدقة. وهذه الصورة المصغرة للأزمة الأوكرانية في الغرب تعطي انطباعاً لدى المعنيين بالقضايا الاستراتيجية والجيوسياسية على وجه الخصوص، بأن بوادر مثل هذه الأزمات يمكن أن تقع في أي بقعة من العالم. فخريطة الدول في العالم معرضة اليوم للتقسيم وإعادة التقسيم تحت مبررات وضع اليد لأن هناك أقلية أو عرقاً ما في تلك الدول أو غيرها بحاجة للعودة إلى الأصل التاريخي حسب موقعه الجغرافي، ولو حدث ذلك في كل دولة على حدة لما بقي عرق في مكانه ولتحول العالم إلى قطع من أحجار الشطرنج يتداولها الأقوياء ممن يفرضون أمراً واقعاً ويطوّعون قوانين الماضي والحاضر لصالحهم. وما يحدث اليوم في أوكرانيا دليل واضح على أن أوروبا وأميركا لم تعودا متفقتين على المصلحة المشتركة من تطورات الأوضاع في دول خرجت منذ عقود من تحت مظلة الاتحاد السوفييتي المنهار في ظل محاولة روسيا إعادة تلك الأمجاد بطريقة لي الذراع وفرض واقع جديد في القارة الأوروبية لتقبل بعودة روسيا قطباً مرة أخرى. إن أميركا اليوم لا تريد التدخل عسكرياً في أي نزاع قائم أو يمكن أن يقوم في المستقبل…

الخليج.. إلا الأمن

الجمعة ٢١ مارس ٢٠١٤

إن منطقة الخليج تواجه اليوم أكبر تحدٍّ للحفاظ على منظومتها الأمنية، التي ظلت متماسكة طوال فترة الأزمات التي مرت على المنطقة بدءاً بالحرب العراقية- الإيرانية، مروراً بالغزو العراقي للكويت، ووصولاً إلى زمن «الربيع العربي» الذي حوّل البلدان التي تغيرت إلى حالة أخرى انفلت الأمن والاستقرار من خلالها. منذ عقود ينظر البعض إلى هذه المنطقة نظرة فيها الكثير من الحقد والحسد على نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي تسود فيها رغم وجود الأزمات من حولها وإن لم تكن لها يد فيها إلا أنها تشكل ضغطاً عليها بصورة أو بأخرى. فعندما بدأ شرر «الربيع العربي» في حرق كل مكتسبات الدول التي اشتعل فيها، كانت بعض الأدبيات تومئ إلى أن منطقة الخليج هي التالية، والذي تبنى هذا الطرح التيارات المتطرفة التي رأت في «الربيع العربي» منقذاً لكل ما تعاني من أزمات في كافة الاتجاهات، فتوهمت بأن أوان امتطاء موجة الديمقراطية والعدالة وغيرها من الشعارات البراقة قد حل بهذا «الربيع» الذي لم نر له اخضراراً ولا تنمية ولا أماناً. في بداية هذا «الربيع» قام بعض أصحاب الفكر الليبرالي بدعمه ظاناً بأن في ذلك خيراً للأمة التي تنتظر التغيير إلى الأفضل منذ عقود الانفراد بالسلطة والإخفاق في التنمية من قبل بعض الأنظمة ولكن بعد برهة من الزمن اكتشفوا أن الذي ركب ظهر هذا «الربيع» تيارات إسلامية…

الجهاد… المُلْتَبِس

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

كيف يمكننا اليوم تفسير ما يحدث من اقتتال في بعض الدول العربية والإسلامية على أنه جهاد، يقع صاحبه شهيداً ويضمن موقعه في الجنّة. إنَّ مفهوم الجهاد الشرعي قد أصابه الكثير من الخلل، لأن أصل الخروج إلى القتال يخضع لأمر الحاكم أو ولي الأمر، لأنه قضية سيادية غير خاضعة لاجتهاد الأفراد. إنَّ ما يحصل حالياً، عندما يخرج (يهرب) الفرد من بلده إلى البلد الذي من وجهة نظره الخاصة الاقتتال فيه جهاد واجب، أي بمعنى فرض عين عليه، وفق ما تمت تغذية عقله به، فإنه بذلك يخترق كل الأنظمة والقوانين التي تحافظ على منظومة السلم بين الدول والمجتمعات. إنَّ ما نراه من صور الاقتتال في أفغانستان، وفي سوريا، والعراق، ولبنان، والصومال، وفي أفريقيا الوسطى، وفي البقع الساخنة الأخرى لا علاقة له بصورة الجهاد الذي كان سائداً في القرون السالفة. فالجهاد تحوَّل إلى نمط من الإرهاب يقتل من خلاله المسلم أخاه المسلم تحت أي ذريعة كانت مرة يوصم بأنه من رجال السلطة، وأخرى خارج عن الملَّة، وثالثة هو ليس على رأي مخالفيه. إنَّ منطق الجهاد ومفهومه غدا جزءاً من الفوضى غير الخلاقة التي تسود أكثر من ساحة مشتعلة وملطخة بدماء الأبرياء الذين ذهبوا ضحايا هذا النوع من الجهاد الذي تروج له الحركات الأصولية والمتطرفة باسم الدين وإعادة الخلافة الضائعة! فإذا كانت هذه حصيلة…