الأحد ٢٢ فبراير ٢٠١٥
إجراء تحريري منع إجازة مقالي الأحد الماضي، لعدم مناسبة ما طرحته في الوقت الحالي، ـ وبكل صدق ـ لم يغظني ذلك لأسباب كثيرة، منها أن إدارة التحرير أدرى بمصلحة المؤسسة الصحفية، ولا أشك أبدا في حرصهم على مصلحة جميع كتابهم، ولذلك وطنت نفسي على عدم نشر ما يحجب، لا في موقعي، ولا في أي موقع إلكتروني آخر، ولا أنكر أني أحيانا أفكر في ذلك، ولكن أحمد ربي أني سرعان ما أعتذر لمن يطلب أن أنشر ما يمنع، لأنه لن ينفعني هذا أولا، وثانيا لاحترامي لنظرة الزملاء في التحرير، التي لا يمكن أن أرمي بها عرض الحائط، والأهم أن (المضاربة) مع أقدار الله منبوذة؛ وهذه ـ الأخيرة ـ هي مقدمة باقي مقالي الذي أرجو أن يكون صالحا للتعود على الرضا، والعيش بعيدا عن المنغصات.. من أدعية الصادق المصدوق المأثورة ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اللهم رضني بقضائك، وبارك لي فيما قدر لي؛ حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت" ـ بعض العلماء حكم بضعف الحديث، لا بوضعه ـ، وهي دعوات دالة على التسليم لله تعالى، إذ هو سبحانه لا يفعل لعبده إلا ما يعود عليه بالنفع، ولو تمكنا أن نطلع على النتائج السلبية من تحقق المطلوب، لتمنينا بلا شك عدم تحقق الأمر.. عندما قدم مجاب الدعوة سيدنا…
الأحد ٠٨ فبراير ٢٠١٥
لن أتحدث كثيرا في مقالي هذا عما قامت وتقوم به الجماعات الإرهابية بشكل عام، وتنظيم داعش بشكل خاص من أعمال احترافية ـ هوليودية ـ للعمليات الشنيعة التي تحترفها ـ قتل الشهيد الأردني معاذ الكساسبة رحمه الله بالحرق أنموذج جديد ـ بغية تحقيق أهداف كثيرة، في مقدمتها التأثير النفسي على الأطفال والمراهقين، والتأثير السلبي على الروح المعنوية للجنود والمرابطين، وبث الرعب والانهزام في نفوس سكان مناطق النزاع وغير ذلك، وكل هذه الأهداف الرخيصة لا شك أن معالجتها غير غائبة عن ذهن أصحاب القرار وأصحاب الاختصاص. هنا أتحدث عن ديننا الإسلامي الحنيف الذي سنحتاج إلى وقت غير قصير، وسنوات طويلة لتغيير الصورة السلبية عنه؛ فصورة الإسلام صارت مشوهة جداً في أذهان المسلمين، فضلا عن غير المسلمين. الإحراق الذي حصل تم تسجيله ـ زورا ـ باسم الإسلام، وهناك النحر والإتلاف والهدم وغير ذلك من أمور وحشية وقاسية ومتخلفة، والمؤلم الأكبر أن هنا وهناك من يظلم الدين و"يفلسف" الأمور بطريقة لم تفلح إلا في زيادة السوء سوءًا، و"سرَّعت" من تأخر الدين والارتداد عن مبادئه، والأمر الآخر المنتظر زيادة معاناة المسلمين، والمغتربين منهم بالخصوص. ظلم الإسلام له أسبابه؛ ولعل أبرزها ـ مع الأفعال المتقدم ذكرها ـ القراءات التقليدية للنصوص، والتشبث بالظاهر، وترك الجوهر، وضيق الأفق، وتجاهل الواقع، وكلها أمور أنتجت الممارسات القميئة، والتطرف والتشدد والتحجر،…
الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
انطوت صفحة من أجمل الصفحات الجميلة في حياة بلادنا المباركة، وغاب عنا وجه محبوب طالما تعودنا على رؤية محياه، وأحببنا طلعته البهية، وعاشت بلادنا الأيام الماضية ومن كل طرف فيها حزنا فريدا من نوعه على رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ الذي ودعنا مع فراقه شيئا كبيرا من النبل والصدق والرجولة والوقار والهيبة والشجاعة والعفوية.. على المستوى الداخلي لا يمكن للمنصف أن ينكر زعامة الراحل الكبير، وريادته في التغييرات الإصلاحية الكبيرة التي لمسها كل مواطن ومقيم وزائر لهذه البلاد، وعلى المستوى الخارجي يعرف الكل كم كان المرحوم النبيل قويا في الوقوف مع الطيبين والخيرين والصادقين، والوقوف القوي كذلك ضد المرجفين والمخربين، وسيكتب التاريخ كثيرا عن الراحل الكبير، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن مساعيه كل خير ومثوبة. بسلاسة تعودنا عليها ـ بحمد الله تعالى ـ انتقلت مقاليد السلطة إلى يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله تعالى، وبايعه أهل الحل والعقد في البلاد، كما بايعوا ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وفقه الله، وبايعوا ولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى. هذه السلاسة المتناهية فيها ما فيها من الطمأنينة البالغة التي شعر بها المواطنون، لا…
الأحد ١٨ يناير ٢٠١٥
يعد الشاعر أبو الحسن التهامي أحد كبار شعراء العرب، حتى إن المتخصصين في فنه نعتوه بشاعر وقته.. نشأ شاعرنا في الفترة المضطربة للدولة العباسية، وتنقل من (جازان) إلى (مصر) ثم (الشام) ثم (العراق)، وتعرض في حياته لمصاعب كثيرة جدا، وأشعاره مشهود له فيها بالبراعة، وجودة المعاني، له قصيدة مشهورة مطلعها: "حكمُ المنيَّةِ في البريَّةِ جار.."، يقول فيها عن (الحياة) بيتين رائعين: طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ ومكلِّفُ الأيَّامِ ضدَّ طباعها متطلِّبٌ في الماءِ جَذوةَ نارِ الحياة فيها الحزن، والهم، والغم، والكدر، والكرب، والكآبة وفيها غير ذلك، وعكس كل ذلك، ولكن ليس فيها أنها ـ أي الحياة ـ ستتوقف أو ستغير من طريقتها جبرا لخاطر فلان، أو من أجل عيون علان، بل هذا نوع من المستحيلات التي لا يمكن تصور حدوثها.. حياة الإنسان تهمه وحده، وأحيانا أو غالبا تهم المحيطين به، وقيمة الإنسان متوقفة على الدور الذي يمكن له أن يكون قد أحدثه، أو الذي سيحدثه فيها، وهنا لا بد أن يجتهد كل فرد منا في أن يطبق حديث سيد من بعث الآمال في نفوس البشر ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن قامتِ الساعةُ ـ القيامة ـ وفي يد أحدِكم فسيلة ـ نخلة صغيرة ـ، فإن استطاعَ ألا تقوم حتى يغرسَها فليغرسْها".. هذه الدعوة النبوية للإيجابية…
الأحد ٠٤ يناير ٢٠١٥
طيلة أربع سنوات مضت وأنا أكتب في مثل هذا الشهر الكريم عن مناسبة المولد النبوي الشريف؛ عام 1431، كتبت مقالا عنوانه: "ولد الهدى"، وفي العام التالي عنونت بحديث: "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيه"، وفي عام 1433 كتبت بعنوان: "ربيعٌ في ربيعٍ في ربيعِ"، وفي العام الماضي كتبت: "ربيع الأول مناسبة جاذبة لا طاردة"، وكنت أظن أني أديت واجبي فيما يتعلق بالاحتفاء بذكرى ميلاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ إلا أن الجدل السنوي ما زال مستمرا، فهذا صحفي يسأل، وذاك برنامج يستضيف، وكأن الخلاف في المسألة سيتوقف يوما ما.. سأحاول عدم تكرار فكرة مقالاتي السابقة، ولولا الحاجة ـ مع كل أسف ـ لما عدت لذلك. لقد جاء الوقت لأكرر أن من ينكر الاحتفاء بالمولد النبوي، أو من يدعو إلى الاهتمام به كلاهما يعتمد على جملة من الشواهد القرآنية والحديثية، ومجموعة من أقوال الممانعين والمبيحين، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنهما زاهدان في الاهتمام بالذكريات والمناسبات النبوية بالخصوص، والدينية والدنيوية بالعموم. شهر ربيع الأول أعتبره ـ والكل كذلك ـ مدخلا مناسبا لنتعلم ونعلم ماذا يجب علينا (فيه وفي غيره) من أمور المناسبات، كيف نفهمها فهما دينيا صحيحا، وكيف نعمقها في أذهان الناشئة ليزدادوا تمسكا بدينهم، وشريعة خالقهم ـ سبحانه وتعالى ـ، وقيم نبيهم ـ صلوات الله عليه ـ.. الناس اليوم شغلتهم…
الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤
كثيرة هي المواضيع التي يمكن أن أكتب عنها، وكلما فكرت في أحدها أجد نفسي عاجزا عن البدء.. شعرت حقا أنني مصاب بـ(أجرافيا) Agraphia، أو ما سماه الفرنسي الشهير، وأحد أبرز مؤسسي علم الأعصاب، جان مرتان شاركو، أستاذ الطبيب النمساوي فرويد: "حبسة اليد". فقدت قدرتي على الكتابة، مع أن اليدين -بفضل ربي- سليمتان. تبصرت في مشكلتي، فوجدت أن العقل المشغول لا يمكن أن يعطي بارتياح، وأحمد ربي أن المانع هو انشغالي بتاج رأسي. أواخر الأسبوع الماضي، وأنا في المكتب اتصلت علي سيدتي الوالدة، وقالت: "إذا خلصت شغلك أحتاجك".. صوت أمي لا أخطئه، لكن النبرة هذه المرة مختلفة، أقفلت الملفات، وذهبت لغرفتها الجميلة، المزينة بصورة سيدي الوالد، وأخي -رحمهما الله- وصورة زواجي، وصور لأحفادها، وفي ركنها سجادتها، ومصحفها، ومسبحتها، ومبخرتها، وقهوتها.. ناديتها كما تحب: يا أمي يا "سلمى"، خيرا إن شاء الله يا ستي"؟ فقالت: "لا تقلق.. آلام مفاجئة، وأحب أن تأخذ لي موعدا في المستشفى". حالة انحباس اليد، أضيف إليها انحباس الفكر، أحاول جادا من هنا، وهناك، ولكني لا أجد أمامي غير أمي وحالتها المسيطرة على كل حياتي، وكلي أمل في أن ربي سيمكنني وغاليتي من تجاوز هذه الأزمة. لا أحب أن أرى أمي مريضة، ولا أطيق أن أراها ضعيفة، مرضها وضعفها ينغصان عليّ كل شيء، حتى الماء والهواء.. أحب أن…
الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤
يعد الإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب ومعاصر الإمام أبي حنيفة، وناشر مذهبه، أول من أفرد مؤلفات خاصة للعلاقات الدولية في الإسلام، وله في هذا الموضوع كتابان مشهوران هما: (السير الصغير) ثم (السير الكبير)، وضع فيهما أسس العلاقات الدولية في حال السلم والحرب، وحدَّد علاقة أهل الذمة بالمسلمين، وما يخصهم من أحكام، ونظَّم حالة السلم، وفصَّل الكلام عن سياسة الحرب في الإسلام، وأحكام المعاهدات، والصلح وغير ذلك مما يبحثه علماء القانون الدولي اليوم. شروحات كثيرة ورصينة ظهرت للكتابين، أكدت صحة تلقيب الإمام الشيباني برائد القانون الدولي، وأكدت أيضا قيمة الجمعيات الكثيرة التي أنشئت في الغرب من أجل إظهار آراء الإمام، ونشر مؤلفاته المتعلقة بأحكام القانون الدولي الإسلامي.. في الرياض، وبدعوة كريمة من سمو رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية الأمير تركي الفيصل، سعدت قبل أيام بحضور حلقة نقاش مركزة بعنوان (تقاليد الحرب في ضوء الشريعة الإسلامية، وتطبيقاتها في الصراعات المعاصرة)، للتحضير لعقد مؤتمر قريب عن (الإسلام ومعايير النزاع) دعت إليه (جامعة سيراكيوز) بنيويورك.. الحلقة أسهمت فيها مجموعة من المؤسسات العلمية الرائدة -المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية، ومعهد الولايات المتحدة للسلام، ومعهد الأمن القومي ومكافحة الإرهاب-، وحضرها مجموعة من هيئة كبار العلماء في المملكة، ومجموعة من المفتين في الدول العربية، ونخبة من الباحثين. افتتاح الحلقة وضح…
الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠١٤
استبشر الناس - كل الناس - بالأوامر الملكية الأخيرة التي أمر بها قائدنا التاريخي، وزعيمنا الفذ، ورائدنا في الإصلاح والتطوير، خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - والمتعلقة بتعيين جملة من الوزراء (الأكفياء) - من الكفاءة - (والأكْفاء) - بسكون الكاف، وليس بكسرها: جمع كفء -. المهتمون باللغة يقولون إن كلمة (وزير) مشتقة من (الوزر) - الحمل الثقيل -، وبعضهم يقول إنها مشتقة من (الإزر) - الظهر -، وبعضهم يقول إن معناها (الملجأ) للجوء كل من الحاكم والمحكوم إلى الوزير في تدبير الأمور.. يقول المؤرخ الموصلي: محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقي، من أعيان القرن السابع الهجري، في كتابه الشهير (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) - ج 1، ص: 56 -: "الوزارة لم تتمهد قواعدها وتتقرر قوانينها إلا في دولة بني العباس، فأما قبل ذلك فلم تكن مقننة القواعد، ولا مقررة القوانين، بل كان لكل واحد من الملوك أتباع وحاشية فإذا حدث أمر استشار بذوي الحجا والآراء الصائبة، فكل منهم يجري مجرى وزير، فلما ملك بنو العباس تقررت قوانين الوزارة وسمي الوزير وزيراً، وكان قبل ذلك يسمى كاتبًا، أو مشيراً".. غالب أو كل وزير ينصب في مكانه يقول لمن حوله: "المنصب ليس كما يتصوره من يسيل عليه لعابه، وهو تكليف قبل أن يكون تشريفا"، وغير ذلك…
الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠١٤
التقدير والمحبة والفرحة العربية بالعموم، والخليجية بالخصوص، والسعودية بشكل أكثر خصوصية باليوم الوطني المجيد لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة كانت كبيرة للغاية، والحقيقة أنها كانت مستحقة، والسبب من لسان سمو الشيخ عبدالله بن زايد يعود إلى أمرين؛ الأول: حب أهل الإمارات الواضح للجميع، والثاني: ما قام به المواطن والمقيم في الإمارات ـ وكما قال سموه برحمة من رب العالمين ـ من تحقيقه من إنجازات في أقل من 43 عاما.. الأسباب الموجبة للفرحة الكبيرة التي عاشتها الإمارات الأسبوع الماضي، وعاشها جيرانها معها كثيرة، ويمكن لكل كاتب أن يتناولها من منظوره الخاص به، وشخصيا أرجعها بالدرجة الأولى إلى الطريقة الإماراتية المتميزة في التدين.. عن قرب؛ يلمس المراقب للشأن الديني الإماراتي التنوع والتعدد بكل وضوح، وكيف أن الحريات الدينية مكفولة للجميع.. قيم التسامح الديني في الإمارات، وسعة الصدر، وحسن استيعاب الديانات الأخرى واضحة للعيان ـ نسبة المسلمين من مجموع سكان الإمارات تبلغ 76%، ويشكل المسيحيون 9%، والديانات الأخرى تشكل 15% ـ .. الدستور الإماراتي ينص على حرية الأديان، وفقا للعادات المتبعة، وتحترم الحكومة بشكل عام هذا الحق في الممارسة، وتتبع الحكومة سياسة التسامح تجاه الأديان غير المسلمة، وتتدخل بشكل ضئيل جدا في النشاطات الدينية لغير المسلمين، وفي هذا السبيل لا تمانع الحكومة من إصدار تراخيص لاستعمال الأرض من أجل بناء وتشغيل الكنائس، بل…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
بعد جلسة مطولة مع متخصصين في مرض اضطراب الهوية الجنسية، الذي أفردت عنه مقالا كاملا قبل ثلاثة أشهر، وعنوانه "المضطربون جنسيا ليسوا شواذا"، وصل الحضور من شرعيين وأطباء إلى أن مفتاح مصير المرضى بهذا المرض عند الأطباء النفسيين، فهم من يقرر بداية أن دعاوى المضطربين صادقة، أو غير ذلك، ثم انتهى الشرعيون إلى سؤال في غاية الأهمية وهو: هل يعتد بالأمور النفسية في الأحكام الشرعية؟.. الحقيقة أنه راق لي جدا السؤال المُنتهى إليه في الجلسة، وبشكل استباقي أخذت أخطط للكتابة عنه، ليستعان به مستقبلا، وزادت قناعتي في أهمية أن يتناول الفقهاء المعاصرون هذا الأمر بصورة أكثر توسعا، لا سيما أن الفقهاء المتقدمين لم يذكروا المرض النفسي في مؤلفاتهم القديمة، إنما عرضوا للمجنون، والمعتوه، والصغير غير المميز، والسكران، والغضبان، والمكره، وكلها وإن كانت أمورا نفسية، لكنها ليست من الأمراض النفسية.. لا شك أن الكل متفق على أن الإنسان متكون من أعضاء ومشاعر، وهذه الأخيرة كما تقدم معنا مفتاحها عند الأطباء في الدرجة الأولى، فهم وحدهم من يستطيع أن يفرق بين الرغبة الكاذبة، والحقيقة اللازمة.. الهوية الجنسية ـ يا فقهاء الدين ـ غير ثابتة بمجرد الولادة، بل إنها عرضة للتغير بسبب المؤثرات الخارجية من تربية وبيئة اجتماعية وثقافية وغيرها، فالتلقي والتطبع والتأثر بعوامل التربية والبيئة الاجتماعية تؤثر فيها، وعوامل التربية والبيئة متداخلة…
الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤
الأسئلة الدينية التي ترد من السيدات بالغة الحساسية والدقة، والمؤسف أن بعضنا قد يجيب عنها بإجابات خالية من العلم والفهم.. سأقتصر على مسألتين يظن النساء أن الحديث الشريف ضدهن بسببيهما؛ وأسهم في هذا الظن صنف ذكوري، وصنف أنثوي. المسألة الأولى؛ حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية".. العلماء الذين بحثوا في فقه النص قالوا إن اللام في كلمة "ليجدوا" للتعليل لا للعاقبة، وقالوا إن المعنية بالنص هي المرأة المتعطرة (لأجل) أن يجد الرجال ريحها، ويدخل في المحظور (نية) لبس المرأة لعباءتها؛ وإن لم تتعطر، ودليلهم ما روته السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ : "أنهن كن يضمخن جباههن بالمسك ثم يحرمن ثم يعرقن فيسيل على وجوههن فيرى ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا ينكره".. وخلاصة الفهم الصحيح للنصين هو أن على المرأة إن خرجت لمجامع الناس، وغلب على ظنها المرور بالرجال عدم التعطر بما ينفذ ريحه إلى الأنوف، بدليل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا"، أما عكس ذلك فقد أجاب عنه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز بقوله لسائلة من الدار البيضاء: "يجوز لها ـ المرأة ـ الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي لا…
الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤
الأيام الماضية كانت حافلة بكثير من التصريحات والآراء عن الإعلان عن الخطوة الموفقة، والطفرة النوعية لوزارة العدل في إسنادها الوكالات وتوثيق المبايعات والعقود لمن تتوافر فيهم شروط "الإسناد"؛ وذلك بحسب المواد الخمس عشرة التي تضمنتها اللائحة التي دشن معالي وزير العدل العمل بها.. المأمول من هذه الخطوة المنتظرة منذ فترة هو الرقي بخدمات التوثيق العدلية في المملكة، وتمكين الجميع من الاستفادة منها في كل زمان ومكان، بالإضافة إلى الإفادة من (550) كاتب عدل للالتحاق بالعمل في السلك القضائي. هنا سأكتب عما لم أراه؛ لعل المهتم بهذا الحدث المهم أن يحسن المواكبة له.. الموثق ـ كما يعرفه المهتمون ـ هو من يمارس القضاء الاختياري؛ التعاقدي: التوافقي أو الوقائي، وهو ضابط رسمي مفوض لإضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقيات والعقود ـ في اللائحة: يعهد إلى الموثق توثيق: بيع العقارات. قسمة المال المنقول. الوكالات وفسخها. تأجير العقارات والمنقولات. عقود الشركات، وملاحق التعديل، وقرارات ذوي الصلاحية فيها. التصرفات الواقعة على العلامات التجارية، وبراءات الاختراع، وحقوق المؤلف. العقود الواقعة على المال المنقول. إقرار الكفالة الحضورية والغُرمية. الإقرار بالمبالغ المالية، وتسلمها، والتنازل عنها". مهنة التوثيق لا ترتبط ـ كثيرا ـ بمهنة المحاماة، وإن كان المحامي أبرز المرشحين؛ وذلك لأن التداخل بين المهنتين معلوم؛ فالموثق كما ذكرت قاض اختياري للمحافظة وقائيا على الحقوق والأملاك، وهو يعمل على إحكام…