الأحد ١٣ سبتمبر ٢٠١٥
مع الكلفة المتزايدة لتحولات الواقع العربي، والتي ربما تبقى على المدى المنظور في واقع مشابه أو أسوأ من مرحلة الاستقرار العربية الطويلة التي تعفنت فيها بعض الأنظمة دون أن تشعر، ومع كل محطة تاريخية منذ دخولنا الأزمنة الحديثة قبل أكثر من قرن، ما زالت كثير من الأحلام المتواضعة للتدرج بسلك الحضارة عصية، على الرغم من أن مقوماتها الأولية ليست بحاجة إلى إعادة اختراع!هذا العجز المتكرر يضغط على وعي المثقف في هذه اللحظة، ويربك رؤيته وخياراته، ومع صعوبة مواجهة هذا الواقع الذي يزداد تعقيدا، وتساقط الكثير من رفاقه في مسار نفعية ضيقة جدا على حساب مصالح مجتمعه. قد لا يشعر المثقف بقيمة احتفاظه بقدراته في تقديم خطاب فكري حقيقي وواقعي لعلل التأخر، وإحساسه بمسؤولية الكلمة، وأن طرحه ليس للمزايدة الشعاراتية أو السلطوية.. وكيف يقدر أن صموده مع آخرين في مقاومة الإحباط يسهم في رعاية الرؤى الحضارية وشروطها بدون تزييف. لست مؤيدا للرؤى المتفائلة غير الواقعية، وإنما من أنصار قيام المثقف بدوره، وأن لا يتنازل عنه تحت أي إحباط وظروف قاهرة، وكل فشل يجب أن يزيد من إصراره.منذ بدايات الوعي الخاص ظلت أفكار نص لجمال الدين الأفغاني (ت 1897م) عالقة في ذهني، كنت أتعجب كيف قال هذه الأفكار في نهايات القرن التاسع عشر، وهي تنطبق على مجتمعاتنا قبل عقود وما زالت. قالها…
السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢
«الشريعة.. الشريعة يا عم خلاص عرفنا.. يا عم طبأ الشريعة بكرا الصبح، وهي متطبأة.. أنت عايز تطبأ الحدود ما تطبأها وِحَدْ مانع الرئيس محمد مرسي إنه يطبأ الشريعة..؟»، «همّا طالعين الجمعة دي.. ضد الأعداء اللي بيرفضوا تطبيء الشريعة، وأنت مالك أساسا باللي يرفضوا أو يوافقوا.. أنت ليك اللي بيطبأها.. مين بيده يطبقها الرئيس محمد مرسي ما تروح تطالب الرئيس..» هكذا قال إبراهيم عيسى بقدر من المكر الصحفي والفن المسرحي يسخر من خصومه الإسلاميين في برنامجه الفضائي. يصور هذا الكلام شيئاً من مشهد النكايات المتبادلة هذه الأيام بين مختلف القوى في المشهد المصري. أفضل ما في الربيع العربي أنه عطل فعالية كثير من الأفكار والمقولات السجالية القديمة، وبدأت تفرض لغة جديدة، بما فيها منطق صناعة العدو في الداخل ورؤية الغرب، لأن السيناريو الذي انهارت فيه الأوضاع مختلف عن كل التركيبات الذهنية التي تتصور حدوث التغيير فيه، ومع ذلك فبعضهم لازال يرغب العودة لمنطق الماضي. كانت الفكرة الأولية التقليدية لبعض خصوم الإسلاميين أن ما يتظاهرون فيه من اعتدال هو مجرد خداع فعندما يصلوا للسلطة سيظهر الجانب المتشدد جداً منهم فوراً.. لكن المشكلة أن الذين ظهر منهم التشدد هم فقط المتشددون في السابق وهم أقلية، والمعتدلون حافظوا على اعتدالهم المطلوب من خصومهم. ولهذا أصبح خصمهم يزايد على تأخرهم في التشدد.. هذا الخصم المتذاكي…