الأربعاء ١٩ أبريل ٢٠١٧
على مر التاريخ الإسلامي، كان الإقصاء هو المنهج الحاكم للمجتمعات العربية والإسلامية، وكانت السياسة المستمرة لكل طائفة حاكمة هي إقصاء وتهميش الطوائف الأخرى، وكان الخطاب الديني والمذهبي خطاباً إقصائياً للفرق الدينية الأخرى. تاريخ الخلافة الإسلامية، ومنذ أول خلفاء بني أمية، وحتى آخر سلاطين بني عثمان وسقوط خلافتهم عام 1924، كان تاريخاً من القمع والقهر والإقصاء والتمييز والتهميش ضد الطوائف والأقليات والمستضعفين. كان الخلفاء يتظاهرون برعاية أمر الدين، ويضعون على وجوههم أقنعته ويستخدمون شعاراته لإخضاع البلاد والعباد تحت مقولات: وجوب طاعة الخليفة، ويهدمون في كل يوم تعاليم الدين ومقاصده في تحقيق العدل والحرية والشورى والمساواة والتكافل واستقلال بيت مال المسلمين عن مال السلطان. هناك فترات تحقق فيها العدل، خاصة خلال العهد الراشدي وفي عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز، وبعض الخلفاء الآخرين، لكنها كانت ومضاءات مضيئة في سماء مظلمة، وقد شكلت استثناءً من القاعدة العامة. لقد منّ الله سبحانه على عباده بأن منحهم حرية الاختيار، وحق الاختلاف، فخلقهم مختلفين أجناساً وألواناً وأدياناً ولغات وطباعاً وعقولاً، مصداقاً لقوله تعالى (ولذلك خلقهم)، أي من أجل الاختلاف الخلاق الذي يتم به إثراء الحياة وإعمار الأرض وتحقيق التقدم والارتقاء، وكان من نعم الله تعالى أن رزق الأمة الإسلامية ديناً، لا يعرف كهنوتاً ولا «بابا» يتحكم بضمائرهم ويفرض وصايته عليهم، فلا حرج في الاختلاف المذهبي أو…
الخميس ٢٣ مارس ٢٠١٧
احتفل العالم بيوم السعادة العالمي، والذي صادف يوم 20 من هذا الشهر، وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة متقدمة في التقرير العالمي الصادر من الأمم المتحدة، إذ حققت الإمارات قفزة كبيرة بتصدرها المركز الأول عربياً، للعام الثالث على التوالي، وفي هذه المناسبة السعيدة، قالت معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة: إن ما حققته دولة الإمارات من تقدم ملحوظ في تقرير السعادة العالمي لعام 2017، يعد إنجازاً نفتخر به، ويشكل نتاجاً للرؤية السديدة لدولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله تعالى، ولتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي يؤكد: أن إسعاد الناس سيظل غاية وهدفاً وبرامج عمل حتى يترسخ واقعاً دائماً ومستمراً، وللمتابعة المستمرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأضافت «عندما يكون إسعاد الناس وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، هو الشغل الشاغل للقيادة، فإن النتائج تأتي منسجمة مع هذه التوجهات». وقد حصدت دولة الإمارات واحداً من المراكز العشرة الأولى عالمياً في 21 مؤشراً من المؤشرات التي يرصدها مسح «غالوب» العالمي، حيث حلّت في المركز الأول عالمياً في 3 مؤشرات، هي: 1- مدى الرضا عن جهد الحكومة لحماية…
الجمعة ١٠ مارس ٢٠١٧
الديمقراطية قيمة سامية، تمثل نزوع الإنسان الفطري إلى الحرية، وهي كنظام سياسي، تعد أفضل صيغة لإدارة الشأن العام ولتداول السلطة سلمياً. وقد شهدت الأرض العربية تجارب حديثة في الديمقراطية، عقب الاحتكاك الحضاري بالغرب طوال قرن من الزمان، وهي تجارب تعرضت لإخفاقات وعثرات، مما دفع المفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري للتساؤل متحسراً: لماذا سقطت أقدم وأكبر ديمقراطية في العالم العربي، متمثلة في النظام الملكي الدستوري المصري (دستور 1923)، والذي كان رغم سوءاته، مظلة النهضة الوطنية المصرية، التعليمية والفكرية والسياسية والاقتصادية والتنموية والفنية؟! وجاءت انتفاضات «الربيع العربي» منادية بأهدافها: الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، وكانت النتائج كارثية زلزلت الدولة العربية وقوضت أركانها، وأثارت الفوضى والاضطرابات في أرجاء بلادها، وصارت طاردة لشبابها. ويعلل الأنصاري إخفاق الثورة المصرية في تحقيق الديمقراطية، في كتابه النقدي القيم «الناصرية بمنظور نقدي: أي دروس للمستقبل؟ تجربة فكر عبر نصف قرن»، وينتهي إلى 3 دروس مهمة: 1- التحرر الذي نادت به الناصرية، كان ينبغي أن يكون تحريراً للمواطن والمجتمع من أجهزة السلطة وفسادها في المقام الأول، وألا يقتصر على التحرر من الاستعمار الخارجي، واستبدال تسلط داخلي بتسلط خارجي بآخر داخلي. 2- إن النظامين الملكي والثوري تعاملا مع مسألة الديمقراطية تعاملاً جعل للتسلط الأولوية على المشورة وتبادل الرأي، وإن كان النظام الملكي أقرب إلى طبيعة الديمقراطية بحكم تركيبته التعددية…
الخميس ٠٩ مارس ٢٠١٧
لا أَجِد أي مبرر ديني أو أخلاقي أو إنساني أو حتى عقلاني لتمجيد مؤسس "الجماعة الإسلامية" بمصر، والزعيم الروحي لها الدكتور عمر عبدالرحمن، الذي توفي منذ أسبوع داخل محبسه بالولايات المتحدة، إثر تدهور حالته الصحية، وكان قد اعتقل في الولايات المتحدة، وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة التآمر، في قضية تفجيرات نيويورك سنة 1993، وشملت التخطيط لسلسلة من الهجمات، منها: قنابل مزروعة في أنفاق وجسور تربط نيويورك بولاية نيوجرسي المجاورة، لم يتمكن من تنفيذها، لكنه نجح في عملية إحداث تفجيرات في المرآب الموجود أسفل مركز التجارة العالمي، باستخدام شاحنة مفخخة بـ600 كغم، بهدف تدمير أساسات المبنى وانهياره. وتسبب الانفجار المروع في إحداث حفرة ضخمة بلغ عمقها نحو 30 مترا من خلال تدمير أربعة مستويات من الخرسانة، لكن المبنى صمد، ولم ينهر، وتسبب في قتل 7 أميركيين، وإصابة ألف شخص بجروح متفاوتة، وخسائر بلغت ملايين الدولارات، وعُدّ هذا الهجوم بأنه "أول هجوم إرهابي إسلامي على مركز تجاري عالمي"، وذلك ظهر يوم الجمعة 26 فبراير 1993، وتم القبض على الجناة الذين اعترفوا، وبعد محاكمة امتدت 9 أشهر، فأدين الشيخ الضرير، كما كان يسميه الإعلام الأميركي، في 48 تهمة من أصل 50 تهمة، وحكم عليه بالسجن المؤبد 1995. ماذا عن نشاطه الدعوي في نيويورك قبل دخوله السجن؟ كان في فترة إقامته في حي بروكلين…
الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٧
في القمة العالمية للحكومات (12-14 فبراير الجاري) بدبي، بحضور أكثر من 4000 شخصية إقليمية وعالمية من 138 دولة، وبمشاركة الهيئات العالمية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، والمنظمة العالمية للأغذية والزراعة (الفاو)، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير.. إلخ، تم طرح أهم أسئلة القرن الـ21 المتعلقة بالتحديات المقبلة: العولمة والصحة والتعليم والتنمية والتغير المناخي والأمن الغذائي وتحصين المجتمعات من وباء التطرف وقضايا الشباب والتسامح والتعايش المشترك.. وكانت الرؤية المستقبلية هي المهيمنة على الطروحات المقدمة كافة، اتساقاً مع العنوان الاستشرافي: أسئلة الغد نجيب عليها اليوم. وكان المنظمون موفقين حين استبقوا هذا الحدث العالمي، بتنظيمهم مؤتمر «الحوار العالمي للسعادة» كحدث فريد شارك فيه أكثر من 300 خبير دولي.. فما دلالة ذلك؟ لقد تطور مفهوم السعادة من مفهوم شخصي، خاص بسعي الفرد، إلى مفهوم جماعي يتعلق بوظيفة أساسية للدولة الحريصة على تحقيق السعادة لشعبها. وكانت أدبيات التنمية، في الماضي، معنية بإنجاح مشروعات التنمية وجودة الخدمات ومشاريع البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية والرياضية وحقوق الإنسان... إلخ، أما اليوم فقد تغير هذا المفهوم ليصبح «تحقيق السعادة» واجباً على الحكومات، أي السعي لتوفير بيئة داعمة وحاضنة ملائمة لبناء مجتمع سعيد، طبقاً لعهود خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي…
الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٧
غادر أوباما البيت الأبيض، حزيناً قلقاً على مصير إنجازاته الداخلية والخارجية، من القادم الجديد الذي توعد بإلغاء كل ما عمله وجهد فيه. حاول في خطابه الوداعي المؤثر، تذكير الشعب الأميركي بها، مؤكداً أن أميركا اليوم أقوى وأفضل اقتصادياً. وقدم نصائحه لخلفه الرئيس الجديد ترامب، وأشك أن يأخذ بها، لكن ما لم يذكره أوباما في خطابه هو أن الدور القيادي لأميركا، في عهده، تراجع وانحسر كثيراً، لحساب قوى أخرى دولية وإقليمية، استغلت الغياب الأميركي الفاعل، لصالحها، وفرضت أجندتها وحضورها، وشكلت واقعاً جديداً على الأرض. يقول ريتشارد كوهين: منذ الحرب العالمية الثانية، لعبت القيادة الأميركية دوراً محورياً في الحفاظ على السلام العالمي، ومثلما تحولت حلب إلى كومة أطلال، كذلك شهدت موت النفوذ الأميركي، ونجح الروس في القضاء تماماً على هذا النفوذ، وكان لهذا الانحسار والتراجع الأميركي الخارجي، مفاعيل سياسية سلبية داخلية. أميركا العظيمة أصبحت بلا فاعلية ولا مكانة ولا هيبة دولية، لا أحد يهاب أميركا، بل تعرضت لإذلال لم تتعرض له في تاريخها، لدرجة أن إيران أصبحت تتجرأ عليها وتهددها، وزوارقها الحربية في الخليج تتحرش بسفنها دون أي رد يردع الاستفزازات الإيرانية. ولم تتورع طهران عن كيل الإهانات لأميركا، ولا عن إظهار شيء من المراعاة لأوباما في أيامه الأخيرة، وهو الذي منحهم اتفاقية سخية لم يكونوا ليحلموا بها، وتحمل في سبيلها انتقادات…
الأربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
من عاصمة التسامح والسعادة والسلام (أبوظبي) انطلقت دعوة السلام والمحبة والإخاء والحوار والتعايش، التي هي دعوة الإسلام الحقيقية، طبقاً لكلمة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، نيابة عن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في افتتاح «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، تحت شعار «دروب السلام من أبوظبي تبدأ»، وبمشاركة 400 من كبار علماء الدين الإسلامي، ونخب سياسية وفكرية وثقافية في العالمين العربي والإسلامي، وإعلاميين ومؤسسات حوار بين الأديان ومنظمات دولية، في الفترة بين 18 و19 ديسمبر 2016. في هذا المؤتمر التاريخي المشهود بكبار علماء الدين الإسلامي وقادة الفكر والثقافة الدوليين، أعلن فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس المنتدى، أن دولة الخلافة هي «صيغة غير ملزمة للمسلمين»، وأضاف: «نحن نعالج اليوم موضوعاً مهماً متفجراً، موضوع الدولة الوطنية»، ثم أردف: «نريد أن نقول لأولئك الذين يقتلون أنفسهم من أجل خلافة أو تصور أو تخيل لا وجود له أصلاً في التاريخ، إنه في الممارسات التاريخية بعد القرن الأول، لم يجتمع المسلمون في دولة واحدة، وما عاب أحد ذلك». هذه الكلمات القوية، والمؤصلة علمياً وشرعياً، وفي هذا الجمع الكبير، لها دلالات مهمة في تصحيح كثير من المفاهيم الدينية المحرفة، التي أودت بالآلاف من شباب الأمة في ميادين الهلاك، باسم الجهاد لاستعادة الخلافة! وأبرز…
الثلاثاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦
معهد البحرين للتنمية السياسية، يضطلع بأداء رسالة سامية تتمثل في إذكاء ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر وتعزيز ثقافة الحوار على مستوى المجتمع الخليجي، وقد كرس نشاطه لتعميق مناخات الحرية وحقوق الإنسان، وروح المسؤولية الوطنية للإعلاميين ورفع مستوى الوعي السياسي والتنموي. نظم معهد البحرين للتنمية السياسية المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي، بعنوان "الإعلام والهوية الخليحية" ضم نخبة من المثقفين والفنانين والإعلاميين وجمعاً غفيراً من الجمهور البحريني، كما شهد تكريم ثلاثة فائزين بجائزة الصحافة في موضوع "ثقافة السلم الأهلي". يأتي هذا الحدث الخليجي الاستثنائي، في الاحتفاء بدعاة ورموز التسامح وثقافة قبول الآخر ونبذ التطرف والكراهية في المجتمع الخليجي، ليواكب اليوم العالمي للتسامح، الموافق 16 نوفمبر، والمعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1996، ليكون يوماً عالمياً تحتفل به دول العالم، تأكيداً أن التسامح وحده، هو الذي يضمن بقاء الإنسانية، كما يأتي هذا التكريم لهذه القيم العليا، في بلد عُرِف تاريخياً بعراقة قيم التسامح الإنساني، وترسخ جذورها في البنية المجتمعية. معهد البحرين للتنمية السياسية، يضطلع بأداء رسالة سامية تتمثل في إذكاء ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر وتعزيز ثقافة الحوار على مستوى المجتمع الخليجي، وقد كرس نشاطه لتعميق مناخات الحرية وحقوق الإنسان، وروح المسؤولية الوطنية للإعلاميين ورفع مستوى الوعي السياسي والتنموي، إضافة إلى مهامه الأخرى في توفير برامج التدريب والدراسات والبحوث الدستورية والقانونية وإعداد مؤهلين للعمل…
الأحد ٢٠ نوفمبر ٢٠١٦
دراسة التاريخ عبر مراحل التعليم العام للناشئة، لها الأثر الكبير في صياغة عقولهم وتشكيل وجدانهم وتوجيه سلوكهم وتنمية وعيهم بتاريخ أمتهم واستخلاص الدروس والعبر منها، وبالتالي تصورهم للحاضر والمستقبل، كما أن لها الإسهام الأكبر في تشكيل نظرة شبابنا إلى الشعوب الأخرى، وفي ترسيخ التسامح وقبول الآخر في البنية المجتمعية، ودراسة التاريخ من جهة أخرى، له دور بارز في تقوية الانتماء الوطني للطلاب تجاه مجتمعهم ودولتهم ونظامها السياسي، ومن هنا كانت أهمية بناء مناهج تاريخية تقوم على رؤى متوازنة وموضوعية للأحداث والشخصيات التاريخية، بإبراز الجوانب الإيجابية والسلبية معًا للأعمال والإنجازات، بهدف تكوين عقلية نقدية لدى الطالب وإكسابه مهارة الفكر النقدي الحر منذ المرحلة الإعدادية المبكرة، هذه المهارة النقدية هي التحصين المعرفي ضد أمراض التطرف والغلو والكراهية والاستعلاء والغرور الكاذب. التساؤل المطروح هنا: هل ندرس تاريخنا الإسلامي لناشئتنا وفق المنظور الموضوعي النقدي؟ في تصوري، وأرجو أن أكون مخطئًا، فإن معظم المناهج الدراسية للتاريخ الإسلامي، في تعليمنا العربي، تدرس للناشئة طبقًا لمنهجين: الأول: التركيز على التاريخ السياسي: أي تاريخ الخلفاء والحكام والقادة الأبطال وحروبهم وغزواتهم وفتوحاتهم وانتصاراتهم وأمجادهم ومآثرهم، مع تغييب وإهمال دور الشعوب في صنع هذه الإنجازات، فأصبح تاريخنا تاريخ سيرالملوك والأبطال، لا تاريخ الناس الذين عاشوا في هذه المجتمعات وساهموا في أحداثها وواجهوا تحدياتها وتغلبوا عليها، أي ان التاريخ الاجتماعي للمجتمعات…
الإثنين ٠٧ نوفمبر ٢٠١٦
قال تعالى في محكم كتابه: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها، أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، صدق المولى عزوجل، فمن أظلم من ميليشيات الحوثي، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، باستهدافها بيت الله تعالى الحرام بصاروخين باليستيين، كان آخرهما ليلة الجمعة الماضية، حيث البيت الحرام، عامر بحشود المعتمرين؟! ولأن المولى تعالى تكفل بحماية بيته الكريم، تمكن الدفاع الجوي السعودي من اعتراضه وتدميره على بعد 65 كم من العاصمة المقدسة، وسقطت شظاياه على قرية سبلة، التابعة لمنطقة مكة، غرب السعودية، دون أي أضرار. التساؤلات المطروحة: ماذا جرى لهؤلاء القوم، حتى يستهدفوا بيت الله تعالى الحرام؟! ولماذا استهدفوه في وقت مكتظ بزواره، وبخاصة الخليجيين؟! وما ذنبهم حتى يستهدفهم الحوثي ومن دعمه بهذا الصاروخ البعيد المدى؟! وما أهداف ودلالات هذه الجريمة النكراء، التي لو نجحت، لا سمح الله تعالى، لسقط آلاف القتلى والجرحى؟ ماذا يريد الحوثي بهذا الإجرام الذي لا سابق له في التاريخ؟! وكيف تم وصول مثل هذا النوع من الصواريخ المطورة، إلى يد الحوثيين؟! وما دور الخبراء الإيرانيين في هذه الجريمة النكراء؟! وكيف تم توظيف الهدنة لتهريب هذه الصواريخ؟! وما الذي ينبغي عمله، على المستويين الخليجي والعربي، وعلى مستوى العالم الإسلامي والدولي في التصدي…
الخميس ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرتين لتعزيز التسامح والتعايش والتعارف في العالم العربي، ولترسيخ هذه القيم السامية في نفوس الناشئة والشباب وبين الأجيال، الأولى: مبادرة عالمية للتسامح، تشمل تكريم كل إبداع فكري أو أدبي أو جمالي أو مشروع شبابي، يدعو إلى قيم التسامح والانفتاح بين الشعوب، باسم «جائزة محمد بن راشد للتسامح»، تعمل على التواصل مع الشباب، وتشجيع إنتاجهم الفني والثقافي، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. أما المبادرة الثانية، فهي إنشاء «المعهد الدولي للتسامح»، كأول معهد للتسامح في العالم العربي، يعنى بتقديم المشورة والخبرات اللازمة لترسيخ قيم التسامح، ويعمل على تطوير الدراسات المعنية بتفكيك جذور ظواهر التعصب والتطرف والكراهية، والتعاون مع المؤسسات الثقافية العربية المعنية بنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة. هاتان المبادرتان المتميزتان، وغير المسبوقتين، تأتيان -بعد إنشاء وزارة للتسامح- كإفراز بنيوي متقدم لمجتمع متطور ومتسامح، ينعم أفراده بمناخ اجتماعي متقبِّل للآخر، بل جاذب له. لقد نجحت دولة الإمارات في ما لم تنجح فيه دول كثيرة، وها هي تستقطب الكفاءات العربية المهاجرة التي وجدت على أرضها أجواء اجتماعية ملائمة لاستثمار طاقاتها، في إطار من الشفافية والعدالة وحكم القانون وجودة الحياة. التسامح قيمة أخلاقية وإنسانية ودينية عليا، وديننا دين التسامح، ينبذ التعصب والغلو…
الأربعاء ٠٥ أكتوبر ٢٠١٦
الطرح المحوري الدعائي لتنظيمات الإسلام الحركي كافة، أن مجتمعاتنا غير محكومة بالإسلام، وأن أحكام الشريعة غابت عن دنيا المسلمين من بعد سقوط الخلافة العثمانية، رمز الوحدة الإسلامية، وإلغاء منصب الخلافة، المنوط بها كثير من أحكام دين الله تعالى، وحلول الشرائع والنظم والقوانين الوضعية المستوردة من الغرب مكانها، وذلك عام 1924، فأصبحت مجتمعاتنا لا تحتكم إلى الشريعة، وارتدّت إلى مجتمعات جاهلية ما قبل الإسلام، تتحاكم إلى الطاغوت، وتسوِّغ انتشار المنكرات والمعاصي، وتعطل إقامة الحدود الشرعية، وتوالي الكفار، لتقوم مملكة البشر على أنقاض مملكة الله في الأرض، وينقطع وجود الأمة المسلمة، طبقاً لمُنظر أيديولوجية (الحاكمية) الشهير: سيد قطب في كتابيه: (معالم في الطريق) و(في ظلال القرآن)، والذي دعا أتباعه من الشباب الطليعي - في بيان ناري، أشبه بالمنشورات النازية - إلى المفاصلة وقطع علاقاتهم كافة بالمجتمع الجاهلي، تمهيداً لـ(إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعاً وإقامة مملكة الله تعالى في الأرض).. دعونا نناقش هنا مسألتين: الأولى: من صاحب نظرية (الحاكمية)؟ يتفق الباحثون على أن الداعية الباكستاني أبو الأعلى المودودي، هو الذي صاغ نظرية أو أيديولوجية (الحاكمية) حلاً للوضع السياسي والاجتماعي للأقلية المسلمة في الهند، ورفضاً للدولة القومية الديموقراطية العلمانية التي تبناها (حزب المؤتمر الهندي)، أي أنها أيديولوجية محكومة بسياق سياسي اجتماعي زماني معين، أقلية مسلمة وسط أغلبية غير مسلمة تخشى ذوبانها، لكن «قطب»…