الإثنين ٢٢ أغسطس ٢٠١٦
امتاز الإسلام بإعلاء عمل العقل وتشجيع البحث وحرية الفكر، وحرص على النهي عن التقليد والاتباع والانسياق وراء عقلية القطيع، وعرف المسلمون في أزمان المد الحضاري الإسلامي بسعة الصدر والسماحة وإعذار بعضهم بعضا إذا اختلفوا في الرأي، وحينما خاطب الله تعالى رسوله الكريم محمداً عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" كان ذلك إيذاناً بإقرار الإسلام حق الاختلاف، وتعزيزاً للتعددية الدينية، وضماناً قوياً أمام البشر في خياراتهم الاعتقادية والعبادية. فإذا كان الرسول الكريم مأموراً بالامتناع عن إكراه الآخرين على الدين، إذ لا طريق أمامه إلا للدعوة بالحسنى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" فمن باب أولى ألا يملك أحد حق فرض رأيه على الآخرين، ومن ناحية أخرى إذا كان الإكراه ممنوعا فيما يتعلق بالأمور الدينية فمن باب أولى أن يمنع في الأمور الفكرية والسياسية والاجتماعية. هناك العديد من الآيات المحكمات التي تشرع لحق الاختلاف، باعتباره مشيئة إلهية سابقة ومرتبطة بعلية خلق الجنس البشري، وأنه هو الغاية من وجودهم، ولذلك علينا إدراك أن اختلافات البشر الدينية والسياسية والفكرية، ستبقى بقاء البشر إلى يوم الفصل "ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ". إن أقوى مبرر يؤسس لشرعية الاختلاف هو القرآن الكريم في الآية السابقة، وفي العديد من نصوصه المحكمة، منها قوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ…
الأربعاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٥
بعد سنوات طويلة من المراوغة، وقعت طهران «الاتفاق النووي» مع مجموعة الدول الكبرى وقبلت بتحجيم برنامجها النووي وفتح منشآتها العسكرية للتفتيش الدولي، في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها وإنهاء حالة الحصار المفروضة عليها، وكل ذلك تمهيداً لعودة إيران إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية وعامل استقرار في المنطقة، لا عامل اضطراب وقلق. وقد رحب الخليجيون بالاتفاق، وتمنوا للشعب الإيراني كل ازدهار، وأملوا في مفاعيل تطبيق الاتفاق أن ترتد إيجاباً على الشعب الإيراني وجيرانه الخليجيين، سواء في إعادة البناء الداخلي وإصلاح البنية التحتية وتحسين الوضع المعيشي في الداخل الإيراني أو في فتح آفاق جديدة للتعاون البناء بين إيران ودول المنطقة. فالخليجيون -بطبيعتهم المتسامحة- توّاقون إلى رؤية إيران جديدة، إيران المستقبل، قوة داعمة للخير والسلام والأمن والاستقرار، ولذلك استبشروا خيراً بجولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي دعا إلى فتح صفحة جديدة مع جميع دول المنطقة، والتي بدأها من بغداد، مروراً بالكويت، وقطر ووصفها بجولة «إعلان نوايا»، كما أن المجتمع الدولي -بعد الاتفاق- سعى عملياً عبر زيارات قام بها وزراء خارجية دول أوروبية إلى طهران لتشجيعها على «تغيير» سياساتها الإقليمية بالمنطقة مؤخراً، تباهى نائب وزير الخارجية الإيراني بأن وزراء أوروبيين اصطفوا في الدور لزيارة طهران. العالم كله مهتم بإيران، يريدها وينتظر منها أن تتحول إلى عامل استقرار وسلام في الشرق الأوسط، ولذلك…
الأربعاء ٢٢ يوليو ٢٠١٥
أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة تشريعاً بشأن مكافحة التمييز والكراهية، يقضي بتجريم الإساءة إلى الأديان ومقدساتها والتمييز على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني، وكذلك التحريض على كراهية الآخر وتكفيره. وقد رتب (المرسوم بقانون 2015/2) عقوبات مغلظة ورادعة للمخالف، جماعات أو أفراداً. ويأتي هذا القانون المتكامل متناسقاً ومكملاً لسلسلة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها دولة الإمارات ضمن استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تحصين المجتمع وتقوية مناعته وترسيخ التسامح والوحدة الوطنية، وحماية شبابه -وهم أعظم الثروات غير الناضبة، من الوباء السرطاني الخبيث للتطرف والكراهية والتعصب، هذا الوباء الذي انتشر وأصاب وفتك ببعض الشباب العرب وقادهم إلى الهلاك والخراب وخسران الدنيا والآخرة، مما يتطلب علاجات متنوعة ومتكاملة -خليجياً وعربياً ودولياً- ضمن استراتيجيات مشتركة ومتناسقة. تكاد دولة الإمارات تنفرد خليجياً وعربياً ودولياً باستراتيجية ناجحة، واضحة المعالم، لمناهضة فكر التطرف والكراهية والغلو الديني، ومن أبرز معالم هذه الاستراتيجية: 1- دعم الإعلام الإيجابي لقيم الاعتدال والتسامح وقبول الآخر وترشيد السياسة الإعلامية بما يعزز ويعمق المشترك الإنساني والأخلاقي والديني والمذهبي. 2- حظر الترويج لأفكار التطرف والكراهية والإساءة للأديان والمعتقدات عبر أي وسيلة إعلامية، مسموعة أو مقروءة أو مكتوبة. 3- منع دعاة الكراهية ورموز التحريض والفتنة من دخول البلاد. 4- إبعاد رموز ودعاة الكراهية عن قطاع التعليم والتوجيه والتثقيف والمنابر الدينية…
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
في يوم الجمعة المباركة، وفي شهر رمضان المعظم، وفي بيت من بيوت الله تعالى، وفي أثناء صلاة الجمعة والإمام يتلو آيات الله تعالى وقبل الركعة الأخيرة، دخل شيطان داعشي المسجدَ واخترق الصفوف صارخاً: «أريد اللحاق بالإفطار مع الرسول.. الله أكبر». وفجّر نفسه في المصلين الصائمين لتهتز أركان المسجد ويسقط جزء كبير من السقف على المصلين ويودي بحياة 27 شخصاً ذهبوا شهداء، ويسقط 227 جريحاً من غير ذنب! شياطين الجن مصفدون بالأغلال في رمضان، لكن شياطين «داعش» يعيثون في الأرض فساداً ويستهدفون بيوت الله تعالى ويسفكون دماء المسلمين في نهار رمضان، من دون أي اعتبار لحرمة الشهر أو حرمة المسجد أو حرمة النفس المعصومة. لقد بلغ بهم الغلو في الإجرام والوحشية أنهم استقبلوا الشهر الفضيل بعملية إعدام جماعية في الموصل، وركزوا على استهداف المساجد ومساجد الشيعة بالتحديد بدءاً بمسجد الإمام علي في القديح بالقطيف في 22 مايو الماضي، حيث سقط 21 شهيداً و81 جريحاً، ثم مسجد الإمام الحسين بحي العنود بالدمام في 29 مايو الماضي، حيث سقط 4 شهداء و4 جرحى. وفي 17 يونيو الماضي تبنّى التنظيم سلسلة من التفجيرات ضد مساجد للشيعة في صنعاء أسفرت عن قتل 31 وإصابة العشرات، ومؤخراً تسلل شيطانهم إلى مسجد الإمام الصادق بالكويت والناس في صلاتهم، ففجر ودمر. هؤلاء طبع الله على قلوبهم وقال فيهم:…
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥
الوباء الإرهابي كالمرض السرطاني، في خبثه ومقاومته للعلاج، وفي ضرورة مواجهته بكافة أنواع العلاجات الأمنية والثقافية والدينية، بهدف قطع دابره واجتثاث جذوره، هكذا حال الإرهاب الخبيث في مراوغته واستعصائه على العلاج، ومن ثم تسلله لاصطياد ضحاياه من الشباب الغر، فبعد أن أحكم المجتمع الدولي الخناق على الإرهاب وتنظيماته ودعاته، عبر الملاحقة الأمنية -دولياً- وإصدار دول عديدة تشريعات تجرِّم دعاة الإرهاب والمحرضين وتبعدهم عن منابر التوجيه والتثقيف والتعليم والإعلام بهدف حماية الشباب من أفكارهم الضالة، استثمروا الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة «تويتر»، لنشر أفكارهم المسمومة، لتجنيد الشباب ممن يستهويهم هذا النوع من الفكر المريض، بسبب «القابلية» النفسية والعقلية لديهم، وبسبب ضعف تحصينهم دينياً وثقافياً. لذلك بدأ المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة التحرك لسد هذه الثغرة الإلكترونية الخطيرة في جبهة مكافحة الإرهاب عبر العديد من الإجراءات. ومن ذلك دعوة «اليونسكو» لعقد مؤتمر يوميْ 16 و17 من هذا الشهر، في باريس، لدراسة السبل الكفيلة بمكافحة التطرف والتشدد لدى الشباب في المجال الإلكتروني، وجاء في بيانها الإعلامي: أن الإنترنت باتت تشكل جزءاً أساسياً من حياة الشباب اليوم، من التنشئة الاجتماعية والترفيه، إلى أداء الواجبات المنزلية، وهي تتيح فرصاً جديدة واسعة النطاق للاتصال والتعليم، وفي الوقت نفسه توفر الشبكة الإلكترونية للمتطرفين والمتشددين أدوات فعالة لنشر الكراهية والعنف واصطياد المجندين المحتملين، وإعدادهم للتحرك، مما يؤدي…
الأربعاء ٠٣ يونيو ٢٠١٥
أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله تعالى، بالإفراج عن المواطنين القطريين اللذين صدر بحقهما حكم من محكمة أمن الدولة، وذلك تأكيداً لحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على توطيد العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين، دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر. وقد لقى هذا القرار السامي ردود أفعال مجتمعية إيجابية، أشادت بقيادة الدولة الحكيمة، الحريصة على تعزيز علاقاتها بأشقائها من الخليجيين والعرب والساعية دوماً لما يحفظ ويصون المصالح العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولما فيه سعادة شعبها والشعوب الخليجية عامة. وإني كمواطن قطري، إذ أُقدِّر وأشيد، امتناناً وعرفاناً، بصدور هذا العفو السامي من لدن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، فإني أرى أنه ليس بالأمر الغريب على الدولة وقيادتها الحكيمة، والتي عرفت بالعفو والتسامح منهجاً راسخاً في سياستها الداخلية وعلاقاتها الخارجية. إن العفو والتسامح سجية أخلاقية سامية ومتوازنة لدى هذه القيادة، فهي تتعالى على الصغائر وتعفو عند المقدرة وتتناسى الإساءة وتتجاوز عن العثرات وتصفح الصفح الجميل، انطلاقاً من تعاليم ديننا السامية وامتثالا لقول الله تعالى: «فاصفح الصفح الجميل»، ولقوله عز وجل، موجهاً رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: «فاعف عنهم واصفح، إن الله يحب المحسنين». إنه تراث الشيخ زايد -رحمه الله تعالى- حكيم العرب وأحد عظماء قادة العالم، وقد…
الأربعاء ٠٨ أبريل ٢٠١٥
نظم «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» مؤتمره السنوي العشرين بعنوان «الشرق الأوسط وتحولات الأدوار والمصالح والتحالفات»، حضره خبراء وباحثون ومسؤولون، عبَّرت الأوراق المقدمة والتعليقات والمداخلات عن الحالة الحيوية التي يعيشها الخليجيون والعرب، اليوم، بعد «عاصفة الحزم» والقمة العربية الاستثنائية، اللتين عززتا ثقة العرب بقدراتهم على استعادة التوازن الإقليمي، وعلى تجسيد مفهوم الأمن المشترك وتفعيل التعاون العربي لمواجهة التحديات، وأيضاً إرسال رسالة إلى إيران وحلفائها بأن العرب قد ضاقوا بالتدخلات المستمرة في شؤونهم. نعم، «عاصفة الحزم» رسالة بليغة موجهة إلى إيران التي تتباهى بسيطرته على 4 عواصم عربية وبتحكمها في طرق الملاحة العالمية، رسالة قوية توقظ إيران من أحلامها الإمبراطورية، وهي تعكس التحول العربي والخليجي من حالة الإحباط والعجز إلى حالة اليقظة والقدرة على مواجهة التحديات، ليقول الخليجيون والعرب كلمتهم، وليضعوا حداً للعربدة الإيرانية في ديارهم، وليوقفوا مسلسل خطف الشرعية على يد الميليشيات المدعومة خارجياً. لقد آن لدول الاعتدال العربي أن تبرز مخالبها، دفاعاً عن الشرعية وحماية لمصالحها وصوناً لأمنها، فلا يفل الحديد إلا الحديد، وسياسة «الأدب الجم» التي تميز بها الخليجيون في علاقتهم بإيران يجب أن تتوقف، خاصة بعد الاتفاق النووي الذي يطلق أيادي إيران ووكلائها في المنطقة. لقد كانت آمال الحاضرين وتطلعاتهم أن يستثمر الخليجيون، باعتبارهم مركز الثقل العربي، نجاح تحالف العرب في عملية «عاصفة الحزم» واتفاقهم خلال القمة،…
الأربعاء ٢٨ يناير ٢٠١٥
كنت وما زلت من المؤمنين بحرية التعبير، المدافعين عنها بقوة، ولكنني في الوقت نفسه أؤمن بأن لحرية التعبير حدوداً ينبغي عدم تجاوزها للإساءة أو الإضرار بالآخرين، ولذلك لا أجد أي مبرر لفعلة الصحيفة الأسبوعية الفرنسية الساخرة في إعادة نشر الرسم المسيء لمقام رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، والمستفز لأمة المليار ونصف المليار مسلم. لا أجد أي مبرر، لا منطقياً ولا مصلحياً ولا فلسفياً ولا حقوقياً، إلا تعمد الإساءة والإصرار على الخطأ وعدم احترام معتقدات الآخر. إنني إذ أدين الهجوم الإرهابي الغادر على هيئة تحرير الصحيفة، أدين -أيضاً- فعلتها المسيئة لأمة الإسلام، ولا يمكنني كما لا يمكن لأي عاقل أو ذي ضمير أن يقبل الإساءة أو يبررها. لقد دافع الرئيس الفرنسي عن الصحيفة -بطريق غير مباشر- بعد احتجاجات العالم الإسلامي على إعادة نشر الرسوم، مبرراً بأن «حرية التعبير» من «قيم فرنسا» وهو دفاع يضر بمصالح فرنسا في المنطقة، فضلاً عن أنه يناقض تصريحاته السابقة بأن حربه على الإرهاب لا على أي ديانة، كما يناهض سياسته في تعزيز «الوحدة الوطنية» بين مكونات المجتمع الفرنسي، إذ كيف تتحقق الوحدة والاندماج وهناك من يسخر من معتقدات (6) ملايين مسلم، يشكلون أحد مكونات المجتمع الفرنسي؟! ودافعت الصحيفة عن فعلتها على لسان أحد رساميها بأن الصحافة ينبغي ألا ترضخ للعنف، وأنه لا توجد قيود أو شروط…
الخميس ١٥ يناير ٢٠١٥
برّر «أحمد كوليبالي» وهو أحد الإرهابيين الثلاثة الذين قاموا بمجزرة باريس، وتسببوا في قتل (17) شخصاً بريئاً و(20) جريحاً، فعلته بقوله (ما نفعله أمر شرعي تماماً، نظراً لما يقومون به، إنه انتقام يستحقونه منذ زمن، لا يمكن الهجوم على الخلافة والدولة الإسلامية «داعش» من دون توقع رد)، وأضاف - بحسب ما جاء على مواقع التواصل الاجتماعي لحسابات الإرهابيين - توقعون ضحايا أنتم وتحالفكم «ضد داعش» تقصفون هناك (سوريا والعراق) بانتظام، تقتلون مدنيين ومقاتلين، لماذا؟ لأننا نطبق الشريعة، لن نترككم تفعلون ذلك «ثم أضاف تبريراً ثانياً لفعلته موجهاً خطابه للمسلمين «ماذا تفعلون يا إخوتي؟ ماذا تفعلون عندما يقاتل (دين) التوحيد مباشرة؟ عندما يُشتم الدين الإسلامي تكراراً؟ إذن هو قام بهذا العمل، كرد فعل لأمرين: انتقاماً وثأراً لـ«داعش» ودولته من «التحالف» الذي يقصف «داعش»، وانتقاماً وثأراً للنبي عليه الصلاة والسلام من المستهزئين. من أين لهذا الفرنسي من أصول أفريقية هذا التبرير الخادع المخاتل؟! إنه من عندنا، من الشرق، من خطبائنا ودعاتنا، من خطابنا الديني العام والرائج عبر عقود عدة، يقف خطيبنا على المنبر صارخاً، في المسلمين بالثأر لكرامة الأمة ضد الغرب العدواني الصليبي الحاقد، مثل هذا الخطاب التحريضي المضلل يبث كل أسبوع عبر المنابر والمواقع والفضائيات على امتداد الساحة الإسلامية، يزرع «الكراهية» في عقول ونفوس، غضة، تجاه «الغرب» الموصوف في الخطاب الديني،…
الأربعاء ٠٣ ديسمبر ٢٠١٤
ازدانت دولة الإمارات العربية المتحدة، بالمظاهر الاحتفالية البهيجة، والفعاليات المشوّقة وأجواء الفرح والسرور التي شملت جميع أرجاء ومناطق الدولة والميادين والشوارع والأبراج والمباني الحكومية والخاصة والسكنية، استعداداً للاحتفال باليوم الوطني الـ(43) لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر. إنه يوم مجيد، يحمل ذكرى عزيزة، حية وخالدة، في نفوس الشعب الإماراتي، إذ هو اليوم الذي تمّ فيه إعلان مولد دولة الاتحاد وعلى يد مؤسسها الكبير ومرسي دعائمها وباني نهضتها الحديثة القائد الحكيم، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذا يوم يشكل انعطافة تاريخية كبرى في تاريخ دولة الإمارات وشعبها، هو يوم يستحضر فيه الشعب الإماراتي جميعاً - مواطنون ومقيمون - ذكرى ومآثر وتعاليم المؤسس الحكيم «زايد الخير» الذي غرس شجرة المحبة والتسامح والعدل والبذل والعطاء وقبول الآخر واحترام الأديان والمعتقدات، والتعايش البنّاء، ونبذ التطرف والكراهية والعنف في المجتمع الإماراتي، لقد رسّخ -رحمه الله تعالى - هذه القيم الإنسانية النبيلة في نفوس الشعب الإماراتي - قيادة وجماهير - بأعماله الخيّرة ومسلكياته النبيلة وإسهاماته الإنسانية المشهودة. نعم إنها شجرة مباركة، شجرة (حب الخير) للآخرين، ثقافة إنسانية سامية، غرسها وقام برعايتها، المؤسس الحكيم رحمه المولى تعالى رحمة واسعة، فأثمرت وأعطت وكانت خيراً وبركة على الشعب الإماراتي، والشعوب جميعاً، وها نحن نشهد ثمارها الطيبة في (حب الشعوب) لدولة…
الخميس ٢٠ نوفمبر ٢٠١٤
ظهرت الدعوات للحوار بشكل أكثر كثافة بعد اعتداءات 9/11، وشكلت المعلم الأبرز في المشهد العربي العام، من منطلق أن «ثقافة الحوار» هي المخرج من أمراض التطرف والعنف، وكون غيابها هو الذي أتاح لثقافة الكراهية أن تزدهر. وازدحمت الساحة بالمؤتمرات الحوارية على امتداد السنوات الماضية، فهل تحققت «ثقافة الحوار»؟ إننا نقصد بثقافة الحوار شيئاً آخر غير الدعوات للحوار، فهناك حوارات كثيرة بين الشرق والغرب، بين العرب وأميركا، بين الإسلام والأديان الأخرى.. ولا يخلو بلد عربي من لقاء حواري.. ومع كل ذلك أتصور أنه لا وجود الآن لثقافة الحوار! المقصود بثقافة الحوار هو «قبول الآخر» بما هو عليه من اختلاف، واحترام التعددية، الدينية والمذهبية والسياسية، وتفعيل قيم التسامح ونقد الذات، والاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه. لكن ثقافة مجتمعاتنا السائدة تميل إلى ذم الاختلاف، ووصم المختلفين بتُهم شتى.. وكل ذلك سوء فهم، فالقرآن الكريم مع مشروعية الاختلاف، بل وضرورته: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم». يقول المفسرون: خلقهم ليختلفوا ويتنافسوا إعماراً للأرض، وإثراءً للحياة. فالقرآن جعل الاختلاف حقيقة كونية وإنسانية، والله يقول: «إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون». ثقافة الحوار تؤسس لحرية الاختلاف كشرط وجودي، وهي تعصمنا من الاختلاف المذموم وتجعله محموداً، وتعلمنا كيف ندير الاختلاف بما يجعله مثرياً ومبهجاً وأداةً للتفاعل…
الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠١٤
عشر سنوات مضيئة، مرت على تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، مقاليد حكم دولة الإمارات العربية المتحدة، هي في عمر الشعوب والدول، لحظة عابرة، لكنها في عيون الشعب الإماراتي، سنوات مباركة حافلة بإنجازات عظمى ونجاحات كبرى، حققتها القيادة الحكيمة. حكيم العرب وأحد عظماء قادة العالم، الشيخ زايد، رحمه الله تعالى، أسس دولة الاتحاد على دعائم قوية من (روح الاتحاد) والتعاون والتكامل، ورسخ قيم المحبة والتسامح وحب الخير وقبول الآخر والتعايش البناء ونبذ التطرف والكراهية في المجتمع الإماراتي، ووضع الأسس المتينة للتنمية المستدامة، أساسها النهوض بالإنسان الإماراتي وتأهيله للبذل والعطاء وخدمة الوطن، وحقق، رحمه الله تعالى، منجزات عظمى باقية محل فخر الإماراتيين، وجعل من دولة الإمارات مقصداً ونموذجاً للمجتمعات والشعوب، ليأتي صاحب السمو الشيخ خليفة من بعده، فيحمل الأمانة ويتولى المسؤولية ويستكمل المسيرة على هدي وبصيرة وليكون (خير خلف لخير سلف). قاد، حفظه الله تعالى، الدولة بحكمة واقتدار وتفانٍ في الإخلاص من أجل رفعة وتقدم دولة الاتحاد، وضمان أرقى مستويات المعيشة الكريمة لشعبها من المواطنين والمقيمين، لينعموا بأجواء آمنة، مستقرة، تسودها مشاعر المحبة والتسامح والسعادة والرضا – كما أظهرتها استطلاع الاتحاد مؤخراً - لا حاجة للحديث عن الإنجازات التي تحققت خلال هذه السنوات، إذ لا يسعها المقال، لكن (ثمار) هذه الجهود المباركة، هي التي تتحدث عن…