من أنت؟
بين فترة وأخرى وسط معترك الحياة وفي خضم أحداثها المتسارعة أجد نفسي محتاجاً للتوقف برهة .. أرجع خطوة إلى الوراء، وآخذ نفساً عميقاً أستجمع شتات نفسي، لأراجع ما مضى وما أنا مقبل عليه. أراجعها وفق مقاييسي التي أؤمن بها، ومنطلقاتي التي جعلتني أمضي في هذه الطريق أو تلك. ومن أبسط تلك المقاييس والمنطلقات وأكثرها تشاركاً مع الآخرين كوني إنساناً .. إنساناً فحسب، دون ديباجة ولا هالات خادعة. ولكي نسترجع هذا المقياس من منابعه، علينا الاستماع لما قاله الفلاسفة الأوائل، حيث عرفوا الإنسان بأنه ذاتٌ عاقلة تمتلك الإرادة والوعي والحرية، وتعيش بموجب الحق والقانون، وتلتزم بالقيم الأخلاقية، وتسعى باستمرار إلى السعادة وتحقيق الأفضل. وهو بشكل فريد بارع في استخدام نظم التواصل للتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والتنظيم. ويتميز بحسه الجمالي وتقديره وتذوقه للجمال وهو ما يبعث في الإنسان الحاجة للتعبير عن الذات والإبداع. كما أن أصل كلمة إنسان في كلام العرب يرجع إلى معنى الظهور عكس الجن. فهو ظاهر في مبادئه وقيمه وأخلاقه ودينه الذي يؤمن به، فلا يستخفي ولا يتوارى كما يتوارى الجن. فمجرد أن نتذكر إنسانيتنا نستحضر كل معاني النبل والتسامح والتواصل في سبيل تحقيق الأفضل للمجتمع الإنساني وصولاً إلى السعادة التي ينشدها الأسوياء من البشر، والتي أضحت مقياساً عالمياً تقاس به رفاهية الشعوب ومستوى جودة الخدمات المقدمة للإنسان.…