الأحد ٢٤ يوليو ٢٠١٦
ألقى دونالد ترامب أطول خطاب لمرشح رئاسي في تاريخ مؤتمرات الحزب الجمهوري، مع هذا لم يساعدنا كثيرًا على أن نفهم سياسته الخارجية لو فاز. كل ما قاله فيه ترديد لما سبق أن تحدث به، أنه سيلغي الاتفاق النووي مع إيران لأنه يعتبر أن الولايات المتحدة الطرف الخاسر فيها، وأنه لن يقدم الحماية لحلفائه مثل السعودية إلا مقابل الأجرة. هاتان الركيزتان، لو افترضنا أنهما فعلاً في برنامجه عند الفوز، ليستا سيئتين. ولمست من كثيرين أنهم سعداء بموقف ترامب، خاصة وعيده بإلغاء الاتفاق مع إيران. من وجهة نظرهم أنه حتى لو لم يستطع إلغاءه على الأقل لن يكون متحمسًا لتطبيقه، ولا التقارب مع النظام في طهران. هل حقًا لدى ترامب توجه سياسي يختلف عن الرئيس الحالي باراك أوباما حيال إيران وبقية قضايا منطقة الشرق الأوسط؟ الحقيقة لا ندري عن توجهاته ونواياه واهتماماته والمحيطين به. ولا أدري إن كان أحد يدري عنها. ترامب قطع شوطًا طويلاً ومرهقًا في السباق الانتخابي داخل الحزب، وفاز بترشيح الحزب الجمهوري له بالرئاسة، ولم يبق سوى أقل من أربعة أشهر لتحسم المعركة بينه وبين منافسته، مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. كلينتون نعرف الكثير عنها، توجهاتها وآراءها والعاملين معها، وهناك سجل طويل من الممارسة السياسية والمشاركات والتصريحات تساعدنا على رسم صورة لما ستكون عليه الأربع سنوات المقبلة. لا نتوقع…
السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦
الذين استعجلوا إطلاق الأحكام، واختيار المواقف في الانقلاب التركي أمامهم فرصة ثانية لتأمل الوضع من جديد. فالذي حاول الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب الطيب رجب إردوغان لم يكن الجيش كمؤسسة، ولا المعارضة العلمانية، بل جماعة فتح الله غولن الإسلامية: «الكيان الموازي»، كما يسميها الرئيس إردوغان، ويتهمها بالسعي للاستيلاء على الحكم. والجماعة أقرب شكلاً، ورسالة، وتنظيمًا إلى جماعة الإخوان المسلمين وإن لم يكن لها علاقة بها. في تركيا الآن مئات المحققين والأمنيين يقومون بمطاردة واسعة للتنظيم، الذي يعتبر أكبر جماعة إسلامية منظمة في تركيا وآسيا الوسطى. وزعيمها الشيخ فتح الله غولن هو المتهم الأول بتدبير محاولة الاستيلاء على الحكم عبر الانقلاب، وتطلب حكومة إردوغان من الحكومة الأميركية تسليمه. وبعد مفاجآت وقائع الأيام الماضية، وتفاصيلها الجديدة المهمة، أرى أن على الإخوة المنتسبين، والمتعاطفين من جماعات الإسلام السياسي، أن يفهموا الحدث التركي. فالذي خان إردوغان وحاول إسقاط الشرعية هو جماعة إسلامية مسيسة استخدمت بعض أعضائها المنتسبين لها سرًا ويعملون ضباطًا وموظفي حكومة، وحتى في مكتب رئيس الوزراء، واعتمدت على تنظيم سري ينتمي له طابور من القضاة والمدرسين. المحققون الأمنيون في محاولة الانقلاب لا يبحثون عن الأسلحة في مكاتب المتهمين وبيوتهم، بل يفتشون عن كتب ومنشورات دينية لزعيم الجماعة تثبت ارتباطهم بالجماعة الإسلامية. كما أن أسئلة المحققين مع المتهمين تتمحور حول علاقتهم بها. وتقول…
الأربعاء ٢٠ يوليو ٢٠١٦
لا يتجاوز عدد السياح العرب الخليجيين إلى تركيا أكثر من مائتي ألف في العام، في حين كان عدد السياح الروس أربعة ملايين، والإيرانيين مليونا ونصف المليون كل عام. هذه الأرقام يمكن أن تساعدنا على فهم العلاقات بين الدول، ما الذي يؤثر فيها، حقًا. والرئيس التركي الطيب رجب إردوغان قال أخيرًا إنه يعتزم إصلاح علاقات حكومته مع دول الجوار التي تضررت بسبب الخلافات حول سوريا، ولا بد أن الاقتصاد سبب مهم لذلك. فالسياحة في تركيا مصدر مهم للاقتصاد، تجلب نحو ثلاثين مليار دولار سنويا، وكان أول قرار اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين بعد إسقاط المقاتلة الروسية، التي اخترقت الأجواء التركية، هو وقف سفر مواطنيه إلى هناك وفورا حلت بالقطاع السياحي أزمة كبيرة. ومن دون اقتصاد مزدهر لا يستطيع إردوغان تعزيز حكمه، ولا استمرار حزبه في تحقيق الأغلبية في انتخابات البرلمان والبلدية. وهذا يعني أن عليه أن يراعي كذلك علاقات بلاده مع أوروبا التي تعتبر الشريك الاقتصادي الأول لبلاده، والحقيقة أن الاتفاقية التجارية التي وقعت في منتصف التسعينات مع الاتحاد الأوروبي هي التي غيرت وجه تركيا وضاعفت قوة اقتصادها أربع مرات. تركيا اليوم تأتي في المرتبة الـ17 في مجموعة الدول العشرين، ذات الاقتصادات الكبرى، السعودية في المرتبة الـ14. ويستطيع الرئيس إردوغان بعد فشل الانقلاب أن يفعل ما يريد داخل بلاده، لكنه لا يستطيع…
الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١٦
في فرنسا وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية يعتبر الترويج لفكر النازية جريمة يعاقب عليها القانون، والسبب ليس لأن الفكر المعارض محرم فيها إنما لأن هذا الفكر تحديدًا يهدد السلم الاجتماعي ويثير النعرات. وهناك من يرى أن الترويج للفكر الإسلامي المتطرف، مثل «داعش» و«القاعدة»، لا يقل خطرًا عن النازية، ولا بد من تصنيفه في خانة الأفكار المحرم تسويقها، فلا تباع كتبه، ولا تدرس مناهجه، ولا يسمح له بأي نشاطات مجتمعية أو دينية. لكن بين المفكرين والسياسيين هناك من يخشى من الخلط بين الفكر الإسلامي المتطرف والإسلام كديانة، ولا ننسى أن المسلمين هم أنفسهم الضحية الأولى في حرب التطرف والمتطرفين. السؤال كيف يمكن التفريق بين الفكر المتطرف الذي يؤدي بصاحبه إلى ركوب سيارة ودهس الناس لأنه يعتبرهم كفارًا، والإسلام، دين المليار إنسان في العالم؟ من الناحية النظرية الفارق واضح، ويمكن اعتبار كل من يدرس العقائد المكفرة الداعية لإيذاء من لا يؤمن بها، أو لا يطبقها، متطرفًا تجب معاقبته. أما عمليًا فليس معقولاً اعتبار من لم يرتكب جريمة بعد مجرمًا تجوز معاقبته. وفي كل مرة ترتكب جريمة بشعة تزداد الضغوط على السياسيين والمشرعين بوضع قوانين تجيز ملاحقة المتطرفين من المسلمين، والحد من بناء المدارس والمساجد. وكما حدث في المرة الماضية، أيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قرار إسقاط الجنسية أو منعها عن المتورطين في…
الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦
في الستة عقود الماضية جرت 457 محاولة انقلاب في العالم٬ فشل منها 230 انقلاًبا٬ معظمها جرى في دول العالم الثالث٬ ودول أنظمة شمولية مثل روسيا التي واجهتها مرة واحدة على الأقل. استقرار النظام السياسي هو الفارق بين الدول المتقدمة والدول الأخرى٬ وهو الهاجس الأول عند كل الشعوب. أثارت محاولة الانقلاب٬ التي قام بها فصيل عسكري في تركيا٬ قلًقا كبيًرا. كانت مفاجأة٬ لأن نظامها السياسي قطع مسافة طويلة نحو تثبيت أركانه. وقد ينظر إلى محاولة الانقلاب هذه كمشكلة في بنية النظام وسلامة الدولة. كانت هناك احتمالات ثلاثة مساء أول من أمس؛ الأول أن ينجح الانقلابيون وتعود تركيا إلى زمن حكم العسكر الكامل٬ أو تقع مواجهات وفوضى تدخل هذه الدولة الكبيرة إقليمًيا على خط الزلازل٬ وتنضم إلى العراق وسوريا وغيرها٬ وتتسع المخاطر على كل دول المنطقة٬ والاحتمال الثالث٬ فشل الانقلاب٬ وهو ما صار. ومع أن كثيرين أرجعوا الفضل لإجهاض الانقلاب إلى تحرك الشارع التركي المعارض له٬ وهذا جزئًيا صحيح٬ لكن العامل الرئيسي في رأيي يعود للجيش نفسه. معظمه لم ينَسق وراء الضباط المتمردين٬ لهذا أخفقت المحاولة سريًعا. فالجيش التركي من الضخامة والحضور بما يمكنه من الاستيلاء على الحكم. وجود احتمال أن يقود ضابط دبابة في أي بلد في العالم ويهدد نظام الحكم واستقرار الدولة وسلامة الشعب٬ هو أمر خطير. ولا يمكن بناء…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
بخروج جماعة الإخوان المسلمين المصرية من تركيا تكون الحركة قد انتهت كقوة وحزب سياسي. الآن تعيش زمًنا يماثل زمنها في عهد جمال عبد الناصر كفكر وحركة محظورين. فقد أفرج عن قيادات جماعة الإخوان وسمح لهم بالعمل في عهد الرئيس أنور السادات٬ منهًيا حظر سلفه الرئيس جمال عبد الناصر الذي دام عشرين عاًما٬ منذ عام 1954 حتى وفاته. المفارقة أن الجماعة الإسلامية هي التي أردت السادات قتيلاً. جاء حسني مبارك رئيًسا ومنح الإخوان مساحة لا بأس بها من الحركة٬ فسمح لهم بالعمل السياسي٬ والنشاطات الاجتماعية والنقابية والاقتصادية٬ وهم في المقابل رضوا بالعمل في إطار سياسي متفق عليه٬ وبلغت مكاسبهم 88 مقعًدا في البرلمان. عند اندلاع ثورة الربيع المصري في 2011 لم يشاركوا في بداياتها٬ لكنهم دخلوا بعد أن تأكدوا أنها نهاية مبارك. وكان الربيع ربيعهم٬ فازوا في الانتخابات لكنهم فرطوا في الحكم بسبب تعجلهم السيطرة على مؤسسات الدولة٬ خاصة القضاء والإعلام وحاولوا كتابة الدستور وفق رؤيتهم. وخلال عام واحد في الحكم٬ خسروا حلفاءهم٬ بمن فيهم الناصريون واليسار٬ وأخافت شهيتهم لتوسيع صلاحياتهم الجيش الذي بادر إلى إسقاطهم مستفيًدا من المناخ الشعبي الغاضب من سوء الخدمات وغياب الأمن. من هذه المراجعة أهدف لتوضيح احتمالات مآل الجماعة بعد الانتكاسة الخطيرة نتيجة الموقف الحكومي التركي بالتخلي عنهم. من المستبعد تماًما أن يسمح لـ«الإخوان» بالعودة للعمل…
الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦
في تسعين عاما٬ هي عمر تنظيم الإخوان المسلمين٬ لم يبلغ من مكانة ونفوذ وخطورة مثلما بلغه بعد «الربيع المصري» في عام ٬2011 لكنه الآن يخسر ما تبقى له من جولات٬ وها هي آخر قلاعه تسقط. تركيا بدأت فعليا التخلص منهم في طريقها للتصالح مع الحكومة المصرية٬ التي اشترطت على حكومة أنقرة أن تنهي دعمها وعلاقتها مع التنظيم الذي وضع إسقاط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي هدًفا صريحا له. بوقف أنقرة دعمها للإخوان المسلمين المصريين٬ عملًيا انتهى مشروعهم للحكم٬ وقد لا يصلون إليه ربما إلى تسعين سنة أخرى٬ إلا في ظروف زمنية استثنائية. في لحظة نادرة تاريخيا جلس الإخوان على كرسي حكم أكبر دولة عربية من يونيو (حزيران) ٬2012 ودام حكمهم مصر عاًما كاملاً٬ لكنهم أساءوا التعامل مع الوضع الحساس والملتهب داخل مصر وفي المنطقة. وبدلاً من التعاون مع الفرقاء الذين شاركوا في الثورة٬ وبدلاً من طمأنة القوى المؤثرة٬ مثل الجيش وكذلك حكومات المنطقة التي تتوجس منهم٬ دخلوا في خصومات مع الأصدقاء قبل الأعداء الذين تكالبوا عليهم٬ فضيعوا فرصتهم الوحيدة في تاريخهم الطويل المليء بالمحاولات الفاشلة. كيف حكمنا على نهاية مشروع الإخوان المسلمين المصريين للحكم٬ رغم أنهم يعتبرون أنفسهم أصحاب شرعية مسلوبة٬ ويدعون أن لهم شعبية كبيرة؟ الواقع هو الذي يقول: إنهم انتهوا كمشروع سياسي منذ اليوم الذي جرى فيه اعتقال…
الثلاثاء ١٢ يوليو ٢٠١٦
الاقتصاد أهم مؤثر على وجود نظام طهران٬ وهو الدافع الرئيسي خلف توقيع اتفاقها مع الغرب٬ وحتى الآن لم تحقق ما تتمناه٬ ولم تحصل على ما وعدت به. ورغم خيبات أمل طهران من نتائج الاتفاق النووي ٬JCPOA الذي وقعته مع الغرب مطلع هذا العام٬ إلا أن أعظمها ما فعلته لجنة فرعية في الكونغرس. فقد أفلحت في تعطيل صفقة بيع طائرات بوينغ الضخمة الأكبر في تاريخ إيران٬ والأبرز على قائمة المشتريات الإيرانية من السوق الأميركية. ولم يقف الضرر من قرار اللجنة في الكونغرس عند حدود مصانع بوينغ٬ وصفقة المائة طائرة الأميركية٬ بل تعداها إلى مصانع إيرباص الأوروبية٬ التي سيحظر عليها كذلك بيع إيران 118 طائرة مدنية لأنها تحتوي على قطع مصنعة أميركيا. ومن قراءة القرار لم يترك المشرعون في الكونغرس فرصة للسياسيين والتجار الالتفاف عليهم٬ بقرار صارم يحرم على الخزانة منح الأذونات٬ ويمنعها من تخويل المؤسسات المالية الأميركية٬ وكذلك يحظر على بنك الصادرات والواردات من تمويل الصفقة. وشهد أمام لجنة الكونغرس عدة جهات أكدت على أن إيران تستخدم طائرات أسطولها المدني التابع للخطوط الجوية الإيرانية بنقل المسلحين والسلاح والأموال إلى سوريا ولبنان واليمن. وأنذرت اللجنة شركة بوينغ أنها ستكون متواطئة ومسؤولة في حال إتمام الصفقة وفي حال استخدمت إيران طائراتها٬ التي اعترفت بوينغ أنه لن يكون لها سلطة على المؤسسة الإيرانية في…
الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦
يستطيع المرء أن ينتقي ما يشاء من تقرير حجمه أكثر من مليون ونصف المليون كلمة، أصدرته لجنة التحقيق البريطانية التي يرأسها السير شيلكوت، واستغرق زهاء سبع سنوات. لكن لم يرد في التقرير الضخم إدانة تجريم واحدة ضد رئيس الوزراء حينها توني بلير. ولم يعتبر قراره بشن الحرب على العراق غير قانوني. ولم يطالب بمحاسبته ولا بالتحقيق معه. بل أكثر من ذلك، برأ بلير لأول مرة من التهمة الرئيسية بأنه كذب على البرلمان. ذكر التقرير أن رئيس الوزراء الأسبق بالفعل نقل ما ورده من الاستخبارات عن أسلحة صدام الكيماوية. وبلير نفسه لم يعتذر عن الحرب ولم يتراجع. اعتذر عن الأخطاء المتصلة بالحرب، مثل حلّ جيش وحكومة صدام. وبالمناسبة بلير كان ضد قرار واشنطن هذا، في وقتها. بكل أسف ما ينشر عربيًا مترجما ينمّ عن خليط من الدجل والجهل. ومع احترامي لجريدتي «الشرق الأوسط»، المعروفة عادة بدقتها ومهنيتها، اعتمدت تصريح حزب هامشي هو «الاسكتلندي الوطني» عنوانا، مع أنه لا قيمة لرأيه: «تجب محاسبة بلير»! وفي الحقيقة، كنت أتوقع أن يظهر تقرير التحقيق قاسيا، لأن نتائج الحرب جاءت فاشلة بخلاف ما تعهدت به الحكومة. فالتقرير لام بلير على أنه لم يستنفد السبل السلمية قبل شن الحرب، وهذا يعني أن اللجنة لم تخطئ قراره بشن الحرب، بل لأنه لم يصبر بما فيه الكفاية على…
الثلاثاء ٠٥ يوليو ٢٠١٦
بنغلاديش دولة كبيرة سكانياً، تصنف السابعة عالمياً بـ160 مليون نسمة، والثالثة بين الدول الإسلامية، بعد أندونيسيا وباكستان. وللإسلاميين فيها حرية كاملة في العمل السياسي، وهنا عندما نقول «الإسلاميين» نعني المنخرطين في العمل السياسي، للتفريق بينهم وبين عامة المسلمين. توجد في بنغلاديش أربعة أحزاب أكبرها «الجماعة الإسلامية» المنافس دائماً على الحكم، وتحظى الأحزاب الإسلامية بكل ما تتطلع له من نشاطات سياسية واجتماعية. إنما أحداث العنف المتكررة تؤكد أن التطرّف الديني تطور من فكر إلى مرحلة تكوين التنظيمات الإرهابية، وصار في بنغلاديش تحول خطير تقوده جماعات دينية مماثلة للتي قامت بتأسيس التنظميات الإرهابية في أفغانستان وباكستان ومنطقة الشرق الأوسط. وأحداث الأيام الماضية، التي تبنى فيها تنظيم «داعش» خطف وقتل عشرين رهينة معظمهم إيطاليون ويابانيون، يؤكد أن كل ما كانت تنفيه الحكومة البنغالية في الماضي غير صحيح. كانت تنسب الجرائم الإرهابية السابقة لجماعات محلية معارضة، وفي العام الماضي قتل إيطالي يعمل في جمعية إنسانية وآخر ياباني في المجال الزراعي، ورفضت الحكومة الاعتراف بالمشكلة، مثلما رفضت وصف ما يحدث بعمليات إرهابية منظمة، تلك التي اجتاحت البلاد واستهدفت شخصيات ثقافية وسياسية. فقد قتل ناشر في دكا، وقبلها طعن كاتب وأطلق النار على آخر. وسبق للناشر أن أبلغ عن تهديدات من داعش لكن الشرطة اعتبرتها فردية. وكان أربعة من الكتاب المدونين أيضاً قتلوا، بنفس الطريقة. ولأن…
السبت ٠٢ يوليو ٢٠١٦
السلطات التركية هي التي أكدت أن منفذي هجوم الانتحاري على مطار إسطنبول من تنظيم داعش٬ جاءوا من محافظة الرقة السورية٬ مقر «دولة الخلافة». إن كانت «داعش» حًقا المدبر٬ الأمر محير٬ ما الدافع؟ وإن كانت خلف هذه العمليات أجهزة موالية لنظام الأسد٬ فما الذي تريده؟ وما خيارات تركيا في الحالتين؟ دافع «داعش»٬ ربما انتقاما من تركيا لأنها سدت معابر التمويل والمرور لمقاتليها عبر أراضيها٬ ولأنها انخرطت في الحرب عليها بالتعاون مع الولايات المتحدة٬ ولأنها تصالحت مع روسيا وإسرائيل. وقد تكون لهم مطالب مثل إطلاق سراح معتقليهم. الذي تغير أن تركيا٬ في السابق٬ كانت تغمض عينيها عن حركتهم٬ فاتخذوها ممرا أساسيا لهم. لكن غضب «داعش» ضد حكومة إردوغان لا يبرر مهاجمتها٬ وهناك قائمة طويلة من الأعداء أهم على التنظيم استهدافهم٬ بل إن تكرار هجوم «داعش» على تركيا سيضاعف من عزم السلطات على ملاحقة مقاتليه واعتباره عدًوا. الاحتمال الأرجح أن التنظيم الإرهابي مخترق٬ بدليل أن كثيًرا من نشاطاته تخالف طروحاته الفكرية. خلال يومين متتاليين نفذ «داعش» هجومين ضد فريقين سياسيين على خلاف مع النظام السوري. الأول قام به ثمانية انتحاريين على بلدة القاع اللبنانية على حدود سوريا٬ التي يسيطر عليها حزب «القوات اللبنانية»٬ خصم لنظام الأسد. والهجوم الثاني نفذه ثلاثة انتحاريين على مطار إسطنبول. وهجوم «داعش» على «القوات اللبنانية» يناقض ما يقوله التنظيم…
الثلاثاء ٢٨ يونيو ٢٠١٦
هناك الكثير يقال حول صدمة الخروج البريطاني له علاقة أيضا بأوروبا والعالم٬ وليس فقط مسائل صغيرة مثل التأشيرة والجمارك. يمكن أن تتغير خريطة القارة الأوروبية٬ والاتحاد٬ والعلاقات بين الدول الأعضاء٬ والتحالفات الخارجية. مثلاً٬ هل توقظ انتفاضة البريطانيين ضد «نظام الاتحاد الأوروبي» رغبات بقية القوى المتململة الأوروبية الأخرى٬ وتغير الجغرافيا السياسية؟ كلها أحجار دومينو تتكئ على بعضها البعض. التغيير يجلب الفوضى هذا ما تعلمناه حتى في المناطق الأكثر استقرارا وثراء. نزعات الحركات الانفصالية موجودة في القارة لكنها نامت مع ظهور الاتحاد. يتقدمها إقليم الباسك الإسباني٬ فهل تعود القلاقل من جديد؟ هل يرتد الانفصال على كيان بريطانيا نفسه٬ وتطلبه اسكوتلندا٬ وتنهي ثلاثمائة سنة من الوحدة مع لندن؟ هل تتبدل العلاقات السياسية وينتهي الدور البريطاني أميركيا في أنحاء العالم٬ بعد أكثر من مائة عام من العلاقة الخاصة؟ هل تنسحب دول رئيسية أخرى من الاتحاد الأوروبي وتتسبب في إضعافه؟ هل يمكن للاتحاد الأوروبي كله أن ينهار نتيجة فتح باب الخروج لبريطانيا؟ هل تستغل روسيا الفرصة وتوسع نفوذها أوروبيا٬ بخروج بريطانيا الذي أضعف «محور الممانعة» ضد موسكو داخل الاتحاد؟ وأخيًرا٬ في عصر بروز دول اقتصادية كبرى٬ الصين والهند٬ هل تضعف أوروبا٬ خاصة في ظل وجود تيار داخل الولايات المتحدة يميل للتقارب عبر المحيط الهادي والآسيوي على حساب علاقاتها مع المحيط الأطلسي؟ عادة الأحداث الكبيرة لا…