عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

الانقلاب الفاشل ومآلاته

الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦

في الستة عقود الماضية جرت 457 محاولة انقلاب في العالم٬ فشل منها 230 انقلاًبا٬ معظمها جرى في دول العالم الثالث٬ ودول أنظمة شمولية مثل روسيا التي واجهتها مرة واحدة على الأقل. استقرار النظام السياسي هو الفارق بين الدول المتقدمة والدول الأخرى٬ وهو الهاجس الأول عند كل الشعوب. أثارت محاولة الانقلاب٬ التي قام بها فصيل عسكري في تركيا٬ قلًقا كبيًرا. كانت مفاجأة٬ لأن نظامها السياسي قطع مسافة طويلة نحو تثبيت أركانه. وقد ينظر إلى محاولة الانقلاب هذه كمشكلة في بنية النظام وسلامة الدولة. كانت هناك احتمالات ثلاثة مساء أول من أمس؛ الأول أن ينجح الانقلابيون وتعود تركيا إلى زمن حكم العسكر الكامل٬ أو تقع مواجهات وفوضى تدخل هذه الدولة الكبيرة إقليمًيا على خط الزلازل٬ وتنضم إلى العراق وسوريا وغيرها٬ وتتسع المخاطر على كل دول المنطقة٬ والاحتمال الثالث٬ فشل الانقلاب٬ وهو ما صار. ومع أن كثيرين أرجعوا الفضل لإجهاض الانقلاب إلى تحرك الشارع التركي المعارض له٬ وهذا جزئًيا صحيح٬ لكن العامل الرئيسي في رأيي يعود للجيش نفسه. معظمه لم ينَسق وراء الضباط المتمردين٬ لهذا أخفقت المحاولة سريًعا. فالجيش التركي من الضخامة والحضور بما يمكنه من الاستيلاء على الحكم. وجود احتمال أن يقود ضابط دبابة في أي بلد في العالم ويهدد نظام الحكم واستقرار الدولة وسلامة الشعب٬ هو أمر خطير. ولا يمكن بناء…

تركيا آخر محطات «الإخوان» 2 -2

السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦

بخروج جماعة الإخوان المسلمين المصرية من تركيا تكون الحركة قد انتهت كقوة وحزب سياسي. الآن تعيش زمًنا يماثل زمنها في عهد جمال عبد الناصر كفكر وحركة محظورين. فقد أفرج عن قيادات جماعة الإخوان وسمح لهم بالعمل في عهد الرئيس أنور السادات٬ منهًيا حظر سلفه الرئيس جمال عبد الناصر الذي دام عشرين عاًما٬ منذ عام 1954 حتى وفاته. المفارقة أن الجماعة الإسلامية هي التي أردت السادات قتيلاً. جاء حسني مبارك رئيًسا ومنح الإخوان مساحة لا بأس بها من الحركة٬ فسمح لهم بالعمل السياسي٬ والنشاطات الاجتماعية والنقابية والاقتصادية٬ وهم في المقابل رضوا بالعمل في إطار سياسي متفق عليه٬ وبلغت مكاسبهم 88 مقعًدا في البرلمان. عند اندلاع ثورة الربيع المصري في 2011 لم يشاركوا في بداياتها٬ لكنهم دخلوا بعد أن تأكدوا أنها نهاية مبارك. وكان الربيع ربيعهم٬ فازوا في الانتخابات لكنهم فرطوا في الحكم بسبب تعجلهم السيطرة على مؤسسات الدولة٬ خاصة القضاء والإعلام وحاولوا كتابة الدستور وفق رؤيتهم. وخلال عام واحد في الحكم٬ خسروا حلفاءهم٬ بمن فيهم الناصريون واليسار٬ وأخافت شهيتهم لتوسيع صلاحياتهم الجيش الذي بادر إلى إسقاطهم مستفيًدا من المناخ الشعبي الغاضب من سوء الخدمات وغياب الأمن. من هذه المراجعة أهدف لتوضيح احتمالات مآل الجماعة بعد الانتكاسة الخطيرة نتيجة الموقف الحكومي التركي بالتخلي عنهم. من المستبعد تماًما أن يسمح لـ«الإخوان» بالعودة للعمل…

آخر محطات «الإخوان» 1-2

الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦

في تسعين عاما٬ هي عمر تنظيم الإخوان المسلمين٬ لم يبلغ من مكانة ونفوذ وخطورة مثلما بلغه بعد «الربيع المصري» في عام ٬2011 لكنه الآن يخسر ما تبقى له من جولات٬ وها هي آخر قلاعه تسقط. تركيا بدأت فعليا التخلص منهم في طريقها للتصالح مع الحكومة المصرية٬ التي اشترطت على حكومة أنقرة أن تنهي دعمها وعلاقتها مع التنظيم الذي وضع إسقاط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي هدًفا صريحا له. بوقف أنقرة دعمها للإخوان المسلمين المصريين٬ عملًيا انتهى مشروعهم للحكم٬ وقد لا يصلون إليه ربما إلى تسعين سنة أخرى٬ إلا في ظروف زمنية استثنائية. في لحظة نادرة تاريخيا جلس الإخوان على كرسي حكم أكبر دولة عربية من يونيو (حزيران) ٬2012 ودام حكمهم مصر عاًما كاملاً٬ لكنهم أساءوا التعامل مع الوضع الحساس والملتهب داخل مصر وفي المنطقة. وبدلاً من التعاون مع الفرقاء الذين شاركوا في الثورة٬ وبدلاً من طمأنة القوى المؤثرة٬ مثل الجيش وكذلك حكومات المنطقة التي تتوجس منهم٬ دخلوا في خصومات مع الأصدقاء قبل الأعداء الذين تكالبوا عليهم٬ فضيعوا فرصتهم الوحيدة في تاريخهم الطويل المليء بالمحاولات الفاشلة. كيف حكمنا على نهاية مشروع الإخوان المسلمين المصريين للحكم٬ رغم أنهم يعتبرون أنفسهم أصحاب شرعية مسلوبة٬ ويدعون أن لهم شعبية كبيرة؟ الواقع هو الذي يقول: إنهم انتهوا كمشروع سياسي منذ اليوم الذي جرى فيه اعتقال…

لطمة «بوينغ»

الثلاثاء ١٢ يوليو ٢٠١٦

الاقتصاد أهم مؤثر على وجود نظام طهران٬ وهو الدافع الرئيسي خلف توقيع اتفاقها مع الغرب٬ وحتى الآن لم تحقق ما تتمناه٬ ولم تحصل على ما وعدت به. ورغم خيبات أمل طهران من نتائج الاتفاق النووي ٬JCPOA الذي وقعته مع الغرب مطلع هذا العام٬ إلا أن أعظمها ما فعلته لجنة فرعية في الكونغرس. فقد أفلحت في تعطيل صفقة بيع طائرات بوينغ الضخمة الأكبر في تاريخ إيران٬ والأبرز على قائمة المشتريات الإيرانية من السوق الأميركية. ولم يقف الضرر من قرار اللجنة في الكونغرس عند حدود مصانع بوينغ٬ وصفقة المائة طائرة الأميركية٬ بل تعداها إلى مصانع إيرباص الأوروبية٬ التي سيحظر عليها كذلك بيع إيران 118 طائرة مدنية لأنها تحتوي على قطع مصنعة أميركيا. ومن قراءة القرار لم يترك المشرعون في الكونغرس فرصة للسياسيين والتجار الالتفاف عليهم٬ بقرار صارم يحرم على الخزانة منح الأذونات٬ ويمنعها من تخويل المؤسسات المالية الأميركية٬ وكذلك يحظر على بنك الصادرات والواردات من تمويل الصفقة. وشهد أمام لجنة الكونغرس عدة جهات أكدت على أن إيران تستخدم طائرات أسطولها المدني التابع للخطوط الجوية الإيرانية بنقل المسلحين والسلاح والأموال إلى سوريا ولبنان واليمن. وأنذرت اللجنة شركة بوينغ أنها ستكون متواطئة ومسؤولة في حال إتمام الصفقة وفي حال استخدمت إيران طائراتها٬ التي اعترفت بوينغ أنه لن يكون لها سلطة على المؤسسة الإيرانية في…

للذين احتفلوا بتقرير «شيلكوت»

الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦

يستطيع المرء أن ينتقي ما يشاء من تقرير حجمه أكثر من مليون ونصف المليون كلمة، أصدرته لجنة التحقيق البريطانية التي يرأسها السير شيلكوت، واستغرق زهاء سبع سنوات. لكن لم يرد في التقرير الضخم إدانة تجريم واحدة ضد رئيس الوزراء حينها توني بلير. ولم يعتبر قراره بشن الحرب على العراق غير قانوني. ولم يطالب بمحاسبته ولا بالتحقيق معه. بل أكثر من ذلك، برأ بلير لأول مرة من التهمة الرئيسية بأنه كذب على البرلمان. ذكر التقرير أن رئيس الوزراء الأسبق بالفعل نقل ما ورده من الاستخبارات عن أسلحة صدام الكيماوية. وبلير نفسه لم يعتذر عن الحرب ولم يتراجع. اعتذر عن الأخطاء المتصلة بالحرب، مثل حلّ جيش وحكومة صدام. وبالمناسبة بلير كان ضد قرار واشنطن هذا، في وقتها. بكل أسف ما ينشر عربيًا مترجما ينمّ عن خليط من الدجل والجهل. ومع احترامي لجريدتي «الشرق الأوسط»، المعروفة عادة بدقتها ومهنيتها، اعتمدت تصريح حزب هامشي هو «الاسكتلندي الوطني» عنوانا، مع أنه لا قيمة لرأيه: «تجب محاسبة بلير»! وفي الحقيقة، كنت أتوقع أن يظهر تقرير التحقيق قاسيا، لأن نتائج الحرب جاءت فاشلة بخلاف ما تعهدت به الحكومة. فالتقرير لام بلير على أنه لم يستنفد السبل السلمية قبل شن الحرب، وهذا يعني أن اللجنة لم تخطئ قراره بشن الحرب، بل لأنه لم يصبر بما فيه الكفاية على…

بنغلاديش.. الاعتراف بوجود «داعش»

الثلاثاء ٠٥ يوليو ٢٠١٦

بنغلاديش دولة كبيرة سكانياً، تصنف السابعة عالمياً بـ160 مليون نسمة، والثالثة بين الدول الإسلامية، بعد أندونيسيا وباكستان. وللإسلاميين فيها حرية كاملة في العمل السياسي، وهنا عندما نقول «الإسلاميين» نعني المنخرطين في العمل السياسي، للتفريق بينهم وبين عامة المسلمين. توجد في بنغلاديش أربعة أحزاب أكبرها «الجماعة الإسلامية» المنافس دائماً على الحكم، وتحظى الأحزاب الإسلامية بكل ما تتطلع له من نشاطات سياسية واجتماعية. إنما أحداث العنف المتكررة تؤكد أن التطرّف الديني تطور من فكر إلى مرحلة تكوين التنظيمات الإرهابية، وصار في بنغلاديش تحول خطير تقوده جماعات دينية مماثلة للتي قامت بتأسيس التنظميات الإرهابية في أفغانستان وباكستان ومنطقة الشرق الأوسط. وأحداث الأيام الماضية، التي تبنى فيها تنظيم «داعش» خطف وقتل عشرين رهينة معظمهم إيطاليون ويابانيون، يؤكد أن كل ما كانت تنفيه الحكومة البنغالية في الماضي غير صحيح. كانت تنسب الجرائم الإرهابية السابقة لجماعات محلية معارضة، وفي العام الماضي قتل إيطالي يعمل في جمعية إنسانية وآخر ياباني في المجال الزراعي، ورفضت الحكومة الاعتراف بالمشكلة، مثلما رفضت وصف ما يحدث بعمليات إرهابية منظمة، تلك التي اجتاحت البلاد واستهدفت شخصيات ثقافية وسياسية. فقد قتل ناشر في دكا، وقبلها طعن كاتب وأطلق النار على آخر. وسبق للناشر أن أبلغ عن تهديدات من داعش لكن الشرطة اعتبرتها فردية. وكان أربعة من الكتاب المدونين أيضاً قتلوا، بنفس الطريقة. ولأن…

لماذا يهاجم «داعش» تركيا؟

السبت ٠٢ يوليو ٢٠١٦

السلطات التركية هي التي أكدت أن منفذي هجوم الانتحاري على مطار إسطنبول من تنظيم داعش٬ جاءوا من محافظة الرقة السورية٬ مقر «دولة الخلافة». إن كانت «داعش» حًقا المدبر٬ الأمر محير٬ ما الدافع؟ وإن كانت خلف هذه العمليات أجهزة موالية لنظام الأسد٬ فما الذي تريده؟ وما خيارات تركيا في الحالتين؟ دافع «داعش»٬ ربما انتقاما من تركيا لأنها سدت معابر التمويل والمرور لمقاتليها عبر أراضيها٬ ولأنها انخرطت في الحرب عليها بالتعاون مع الولايات المتحدة٬ ولأنها تصالحت مع روسيا وإسرائيل. وقد تكون لهم مطالب مثل إطلاق سراح معتقليهم. الذي تغير أن تركيا٬ في السابق٬ كانت تغمض عينيها عن حركتهم٬ فاتخذوها ممرا أساسيا لهم. لكن غضب «داعش» ضد حكومة إردوغان لا يبرر مهاجمتها٬ وهناك قائمة طويلة من الأعداء أهم على التنظيم استهدافهم٬ بل إن تكرار هجوم «داعش» على تركيا سيضاعف من عزم السلطات على ملاحقة مقاتليه واعتباره عدًوا. الاحتمال الأرجح أن التنظيم الإرهابي مخترق٬ بدليل أن كثيًرا من نشاطاته تخالف طروحاته الفكرية. خلال يومين متتاليين نفذ «داعش» هجومين ضد فريقين سياسيين على خلاف مع النظام السوري. الأول قام به ثمانية انتحاريين على بلدة القاع اللبنانية على حدود سوريا٬ التي يسيطر عليها حزب «القوات اللبنانية»٬ خصم لنظام الأسد. والهجوم الثاني نفذه ثلاثة انتحاريين على مطار إسطنبول. وهجوم «داعش» على «القوات اللبنانية» يناقض ما يقوله التنظيم…

دومينو “الربيع البريطاني”

الثلاثاء ٢٨ يونيو ٢٠١٦

هناك الكثير يقال حول صدمة الخروج البريطاني له علاقة أيضا بأوروبا والعالم٬ وليس فقط مسائل صغيرة مثل التأشيرة والجمارك. يمكن أن تتغير خريطة القارة الأوروبية٬ والاتحاد٬ والعلاقات بين الدول الأعضاء٬ والتحالفات الخارجية. مثلاً٬ هل توقظ انتفاضة البريطانيين ضد «نظام الاتحاد الأوروبي» رغبات بقية القوى المتململة الأوروبية الأخرى٬ وتغير الجغرافيا السياسية؟ كلها أحجار دومينو تتكئ على بعضها البعض. التغيير يجلب الفوضى هذا ما تعلمناه حتى في المناطق الأكثر استقرارا وثراء. نزعات الحركات الانفصالية موجودة في القارة لكنها نامت مع ظهور الاتحاد. يتقدمها إقليم الباسك الإسباني٬ فهل تعود القلاقل من جديد؟ هل يرتد الانفصال على كيان بريطانيا نفسه٬ وتطلبه اسكوتلندا٬ وتنهي ثلاثمائة سنة من الوحدة مع لندن؟ هل تتبدل العلاقات السياسية وينتهي الدور البريطاني أميركيا في أنحاء العالم٬ بعد أكثر من مائة عام من العلاقة الخاصة؟ هل تنسحب دول رئيسية أخرى من الاتحاد الأوروبي وتتسبب في إضعافه؟ هل يمكن للاتحاد الأوروبي كله أن ينهار نتيجة فتح باب الخروج لبريطانيا؟ هل تستغل روسيا الفرصة وتوسع نفوذها أوروبيا٬ بخروج بريطانيا الذي أضعف «محور الممانعة» ضد موسكو داخل الاتحاد؟ وأخيًرا٬ في عصر بروز دول اقتصادية كبرى٬ الصين والهند٬ هل تضعف أوروبا٬ خاصة في ظل وجود تيار داخل الولايات المتحدة يميل للتقارب عبر المحيط الهادي والآسيوي على حساب علاقاتها مع المحيط الأطلسي؟ عادة الأحداث الكبيرة لا…

بين الانتخاب والاستفتاء

الأحد ٢٦ يونيو ٢٠١٦

الفارق بين التصويت لانتخاب شخص رئيسا مثلا والاستفتاء٬ أن الاستفتاء هو إعطاء المواطنين حق التصويت في القضايا الكبيرة. ومعظم الديمقراطيات لاُتمارس الاستفتاءات لأنها تعتقد أن عامة الناس لا تدرك تفاصيل القضايا المصيرية٬ ولا يفترض أن تقرر بشأنها. لهذا توجد ديمقراطيات غير مباشرة٬ بمعنى أن الناس تختار قيادتها التي تقرر بالنيابة عنهم ما تراه مناسبا. عندما واجه خصوم رئيسة الحكومة البريطانية مارغريت ثاتشر يطالبونها بالعودة للشعب في قضية قانون الضرائب الذي أحدث جدلا ومظاهرات كبيرة ردت عليهم غاضبة بأن الناس ينتخبون مرة واحدة وليس كل يوم. وهو الحال في معظم الدول٬ فهي قلما تطرح قضاياها للاستفتاء٬ اللهم إلا في حالات مثل إقرار دستور جديد. ألمانيا فعلتها مرتين فقط٬ وكذلك بريطانيا. أما في سويسرا فإنه يكفي أن يوقع خمسون ألف شخص على عريضة يطلبون فيها بإجراء تصويت أو استفتاء ليصبح ملزما تنفيذه على الأقل للبرلمان خلال ثلاثة أشهر. الديمقراطيات الحديثة تعالج بذكاء مسألة الرأي العام٬ فهي تعطي الناس حق اختيار الرئيس٬ أو رئيس الحكومة٬ لكنها لا تعود إليهم حتى في القرارات التي تمسهم مباشرة٬ مثل شن الحروب وفرض الضرائب. لهذا يتبارى السياسيون في الوعود لكنهم عادة لا يفون بها إذا وجدوا أن المصلحة العامة في عدم تنفيذها. هذا ما يعتقد البعض أن رئيس الوزراء البريطاني أخطأ فيه٬ فهو وعد باستفتاء مواطنيه على…

نزع جنسية قاسم

الجمعة ٢٤ يونيو ٢٠١٦

معاقبة المواطنين المرتكبين للجرائم أفضل من نزع هويتهم وطردهم؛ لأنه يحرم هؤلاء من المنصات الخارجية٬ ويحرج القوى الخارجية عند استخدامهم٬ عدا أنه يعطي الحق للدولة في محاكمتهم. هذا رأيي٬ لكن هناك من يرى أن نزع الجنسية هو تعبير قانوني لرفض أفعال المواطن وتحاشي أي مسؤولية قانونية عن أفعاله خاصة في الخارج٬ وأسلوب تخويف وردع للقيادات الأخرى. وهذا ما فعلته السعودية عندما أسقطت الجنسية عن أسامة بن لادن في التسعينات٬ وانتقدها كثيرون بمن فيهم حكومات ومؤسسات غربية. السبب أنها حاولت وقف نشاطاته العدائية ضد مصر والولايات المتحدة آنذاك٬ وكان ذلك في طور تأسيسه تنظيم القاعدة٬ عندما أقام في ضيافة الحكومة السودانية. وبعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بعد نحو 5 سنوات من إسقاط جنسيته السعودية٬ اتضح أن ما فعلته الرياض كان صائبا٬ وجاء دليل براءة من جرائمه. وإسقاط الجنسية أصبح يجد قبولا عند الباحثين لحلول قانونية ضد التجمعات المتطرفة. ومع أن فرنسا توقفت قبل شهرين عن إقرار مشروع نزع الجنسية عن المتطرفين المتورطين في العنف٬ فإن المشروع سيعود لو ارتفعت موجة الغضب الشعبية من جديد٬ أما لماذا هذه العقوبة؟ السبب أنه يعتقد أنها تخيف قادة التطرف الذين يروجون للعنف٬ وهم يستمتعون بمزايا البلاد التي يسعون لنشر الفوضى. وكثير من الدول تلجأ لنزع الجنسية كعقوبة٬ خاصة من مواطنيها المجنسين أو مزدوجي الجنسية. وفي…

التطرّف قبل وبعد 11 سبتمبر

الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١٦

معظم ما يكتب ويقال اليوم حول الإسلاميين المتطرفين، كأفراد وجماعات، مختلف كثيراً عن الماضي القريب. فمعظم المعلقين الغربيين، وكذلك الأغلبية من العرب، كانت تصنف الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم «القاعدة»، على أنها حركات محرومة من حقوقها السياسية في بلدانها، ولهذا، كانت تلجأ لممارسة العنف. والبلدان الرئيسان اللذان اتهما بالتضييق على أسامة بن لادن وجماعته، هما مصر والسعودية. وكان العنف الذي يبررون له آنذاك، يشمل سلسلة من التفجيرات في مصر، وعمليات وتهديدات استهدفت السعودية. «القاعدة» شر خطير، وبن لادن إرهابي، سنوات قبل أحداث سبتمبر، لكن أحداً لم يصدق قبل ذلك التاريخ. في عقول الكثيرين، تاريخ «القاعدة» ولد مع العملية الإرهابية الأشهر، في الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولم توجد قبل ذلك. الحقيقة «القاعدة» كانت موجودة تنظيماً وفكراً وقيادة، إنما الذي تغير صورتها في الإعلام. التنظيم ظل هو نفسه. فمعظم التحليلات التي كتبت في الصحف الغربية، الأميركية والبريطانية تحديداً، قبل ذلك التاريخ، كانت تصر على أن التنظيم المتطرف وزعيمه، هم نتاج التضييق، وتكرر نشر مقولة بأن «القاعدة» حركة سياسية مضطهدة، يمكن التعامل معها وتطويعها. وسبق أن طالبت وزارة الخارجية الأميركية من الحكومة المصرية، وقف ملاحقة واضطهاد أفراد الجماعات الإسلامية التي كانت ترفع لواء الجهاد. حينها، في التسعينيات، كنت أعمل في مجلة المجلة، ولاحقاً، صحيفة الشرق الأوسط، في لندن، وعلى تواصل مع عدد من…

هزيمة الأسد نهاية «حزب الله»

الجمعة ١٧ يونيو ٢٠١٦

منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات لم يمنَ «حزب الله» بخسائر كبيرة كما يحدث له الآن في سوريا، وأكثر من كل حروبه مع إسرائيل مجتمعة. ومع استمرار نزيف الحزب تقول أكثر التقديرات تحفظًا إنه خسر ألفاً من خيرة مقاتليه، والتقديرات الأخرى تتحدث عن ثلاثة آلاف. خسر كذلك عددًا من قياداته العسكرية المهمة، ومن بينها، كما رصدها الكاتبان ماثيو ليفيت ونداف بولاك: قُتل فوزي أيوب، قائد لبناني - كندي مزدوج الجنسية من «حزب الله» في محافظة درعا جنوب سوريا، من أهم المطلوبين لدى «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي، وحسن حسين الحاج، في معارك جرت حول إدلب، وقُتل خليل محمد حامد خليل في حمص، وقُتل علي فياض في منطقة حلب، بينما لقي «قائد (حزب الله) المخضرم» خليل علي حسن، مصرعه أيضًا في منطقة حلب في أوائل الشهر الحالي، والأهم أرفع قادته، مصطفى بدر الدين، الذي قتل في شهر مايو (أيار) الماضي. كلهم قتلوا في معارك مع الثوار السوريين أو الجماعات المسلحة الأخرى في سوريا. وعدد قتلاه ومراتبهم العسكرية من أسرار الحزب التي عود الجميع على عدم إفشائها إلا عندما يدرك أنها ستذاع من قبل الآخرين. فهل ستؤثر الخسائر عليه وعلى مستقبله كقوة محلية لبنانية وكميليشيا خارجية ملحقة بالحرس الثوري الإيراني؟ «حزب الله»، بخلاف إيران، لا يستطيع فرض التجنيد الإجباري على شباب طائفته في لبنان،…