الأحد ٢٧ مارس ٢٠١٦
لولا أن مهندسي سد للمياه في ولاية نيويورك صادف أنهم فصلوا بوابات المياه عن مركز السيطرة الإلكتروني بغرض إنجاز أعمال الصيانة، لوقعت كارثة كبيرة. ففي ذلك اليوم تمكن «هاكرز» ينتمون للحرس الثوري الإيراني من اختراق نظام السيطرة الإلكتروني للسد بهدف فتح بواباته وإغراق المنطقة. المحكمة التي نظرت في قضية ضد القراصنة الإيرانيين، بسبب هذه الجريمة وعدد من الجرائم الإلكترونية الإيرانية التي استهدفت مؤسسات مالية، كشفت عن تفاصيل خطيرة عن أجندة لضرب مناطق حيوية، وليست مجرد مشاغبة يقوم بها فتيان الإنترنت. لكن بكل أسف حصرت التهمة في المنفذين ولم توجه ضد النظام الإيراني نفسه المسؤول عن الهجوم. فتهديد الأنظمة المتورطة وحده يردع إمكانية هجمات مستقبلية مماثلة، سواء من إيران أو من دول أخرى تلجأ لأسلوب القرصنة الإرهابي. وهذا الهجوم، وقع مع عمليات هجوم في مناطق أخرى من العالم، أبرزها وأخطرها اختراق فريق هاكرز إلكتروني مماثل لنظام شركة أرامكو السعودية، التي تنتج وتصدر أكبر كمية بترول في العالم. فقد حاولوا السيطرة على نحو 35 ألف جهاز كومبيوتر يدير المنظومة، لولا أن الشركة سارعت بإيقاف معظم عملياتها واستعادة السيطرة عليها. القرصنة عدوان دولة على أخرى مع أنه لم يتم تصنيفها من قبل المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، رغم الاتفاق على أنها ترقى إلى مستوى الجرائم الخطيرة. وقد اعتبرت السلطات الأميركية أخيرًا جرائم الهاكرز…
الجمعة ٢٥ مارس ٢٠١٦
يستحق المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ التقدير لأنه قام ببناء مشروع متكامل يهدف إلى إنهاء الحرب، يبدأ بهدنة في العاشر من أبريل (نيسان). ووضع ولد الشيخ برنامج عمل لثلاث لجان من الأطراف المعنية، وبنى أرضية الحوار بين الفرقاء المتحاربين على أساس قرار مجلس الأمن 2216. تبدأ الهدنة في العاشر من أبريل، وبعدها بثمانية أيام تعقد المفاوضات في الكويت. وحدد ولد الشيخ لها خمسة موضوعات، انسحاب الميليشيات، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، والتفاهم على ترتيبات أمنية مؤقتة، وتفعيل مؤسسات الدولة مع حوار عام بين اليمنيين، وتشكيل لجنة تحل قضايا المعتقلين والسجناء. طبعًا، لا أحد يضمن أن تسير الأمور وفق الخطة المفصلة التي وضعها الوسيط الدولي، لكن من الواضح أنه تواصل مع كل الأطراف اليمنية، ولم يعلنها في نيويورك إلا بعد أن راجع تفاصيل الخطة معها، وضمن تأييد القوى المختلفة بما فيها الولايات المتحدة وروسيا. هذا على مستوى العمل السياسي المستقبلي، أما على الأرض اليوم فإن الخريطة تبين أن الانقلابيين، أي ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المعزول علي عبد الله صالح، قد فقدوا سيطرتهم وأصبحوا يدافعون عن مناطقهم الأصلية، في العاصمة صنعاء ومحافظات مثل صعدة. والتطور الجديد المهم أيضًا على الأرض أن كثيرًا من القوى المحلية صارت تتشكل وتنضم إلى التحالف العسكري ولم يعد بإمكان الانقلابيين العودة للقتال في المناطق التي خسروها أو…
الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦
لأنه لا يوجد غالب ولا مغلوب بشكل حاسم، ولأن الأزمة بدأت تصبح خارج السيطرة وعابرة للحدود، وبالطبع لأن المأساة لطخة في جبين العالم، الذي يفترض أن تحكمه نواميس وقوانين دولية، هذا العجز والفشل يدفع القوى الكبرى إلى ما نراه اليوم؛ إلى حل مفاوضات «اللاحل». بمجرد أن رأيت صور وفد النظام السوري على باب قاعة التفاوض كفريق كامل، والمعارضة بفريق مقبول من القوى التي كانت تعترض على تشكيلته سابقا، لم يكن صعبا الاستنتاج بأنها مفاوضات بلا نتيجة حقيقية، لن تنهي الحرب. أما كيف نجح الوسيط في إقناع الخصمين بالجلوس، فيبدو أن مهارته تكمن في الفكرة. فقد جرى إقناع كل طرف بأنه لن يجبر على ما لا يريده لقاء الانخراط في المفاوضات، مقابل ذلك البدء بعقد سلسلة إجراءات مثل الهدنة والسماح للنشاطات الإنسانية. نجح الوسيط في وقف القتال، أو بتخفيض حدته، وتبادل بعض الأسرى، وإيصال المساعدات للمحاصرين من الجانبين، وهذه كلها إنجازات مهمة تحسب للوسيط الدولي دي ميستورا، لكنها ليست حلا ولن تؤدي إلى حل. للذهاب إلى سويسرا والجلوس على المفاوضات، قيل للنظام السوري إن إزاحة بشار الأسد لم تعد شرطا أميركيا، وقيل للمعارضة إن وصولهم إلى الحكم لم يعد عليه اعتراض روسي، لهذا نجحت المبادرة، لكنها في نظري هي مفاوضات اللاحل، لأنها لا تحمل مشروعا رئيسيا يمكن أن ينهي الأزمة. وقد…
السبت ١٩ مارس ٢٠١٦
يذكر جيفري غولدبيرغ في حديثه عن الرئيس الأميركي باراك أوباما شهادة من مساعديه يذكرون أنه يشبه تنظيم داعش بشخصية الجوكر في فيلم «الرجل الوطواط». في الفيلم هناك مشهد رجال العصابة الذين تقاسموا المدينة فيما بينهم كانوا غاضبين من الجوكر الشرير الذي يهدد بإحراقها وقرروا أن يقاتلوه. هل يرمي الرئيس إلى أن العصابة هي المتحاربون في سوريا، أم أنها العالم كله الذي أدرك خطر «داعش» عليهم مجتمعين، من أميركيين وروس وخليجيين وإيرانيين؟ المقاربة صحيحة بشكل عام، «داعش» هو الجوكر الذي جاء بهدف التدمير وحسب، لا مشروع فيه نوايا تكسبية أخرى. لكن الذي تفتقده النظرة الأوبامية، ولا يوجد في سيناريو الفيلم، أن «داعش» ولد في العراق منذ أيام الاحتلال الأميركي، وبقيادة أبو مصعب الزرقاوي أول زعيم للتنظيم، ومعظم رجاله جاءوا إلى العراق أيام الاحتلال عبر سوريا، أي دولة نظام بشار الأسد، حليف إيران، وشاركوا في قتل أكثر من أربعة آلاف أميركي باسم «المقاومة» العراقية و«القاعدة»، وفي الأخير انسحبت الولايات المتحدة في عهد أوباما دون ترتيبات للحكم. يمكن أن نتجادل طويلاً حول نشأة «داعش» إنما التنظيم ليس إلا منتجاً طبيعياً للفوضى والحروب بالوكالة التي عمت المنطقة. وقد أخطأ أوباما في البداية عندما اعتبر «داعش» مشكلة خاصة بأهل المنطقة، وأنها صراع بين إيران والسعودية، وبعد أن ذبح «داعش» غربيين ووصل خطره خارج حدود المنطقة،…
الجمعة ١٨ مارس ٢٠١٦
زادنا حيرة، في حديثه لمجلة «أتلانتيك». كيف، ولماذا، تغيرت عقيدته doctrine في سبع سنوات؟ الحقيقة أن الرئيس باراك أوباما كان أكثر زعيم أميركي استطاع كسب محبة العرب والمسلمين، في أصعب وقت للجانبين. فقد افتتح عهده مع منطقتنا بأسلوب حميمي غير مألوف لنا. ألقى خطبتين في قلب أهم مدينتين إسلاميتين تاريخيتين، القاهرة وإسطنبول. وكانت كلمته في جامعة القاهرة قطعة أدبية رائعة، باح فيها برؤيته للإسلام والسلام، وعن تجربته في جاكرتا، وأصوله الأفريقية والمسلمة جزئيًا. كسب محبة كثيرين من الثلاثمائة مليون عربي، الغاضبين عادة من أميركا. لا شك أن أوباما، الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، كان أول زعيم أميركي يصل إلى قلوب المسلمين. غلطته الكبرى هي سوريا، حيث لا أحد يفهم لماذا رئيس أقوى دولة في العالم يرفض أن يساعد شعبًا، قُتل منه نصف مليون إنسان؟ في حديثه، نشعر أن الرئيس، بعد أن أفرغ ما في صدره، أنه، على الأرجح، بدل كثيرًا من رؤاه. ففي بداية رئاسته ظهر علينا أوباما دافئًا، متحمسًا، راغبًا في التواصل، وفي هذا الحديث نشعر به باردًا، محبطًا، منكفئًا! ومن اللكمات الغاضبة التي سددها أوباما إلى أصدقائه لم يستثنِ السعودية. وكثيرون من خصوم الرياض احتفوا بانتقادات الرئيس، واستخدموها للتشفي من السعودية، التي لها أطول علاقة مستقرة في المنطقة مع الولايات المتحدة، لكن رغم آرائه السلبية لم يلمح إلى…
الخميس ١٧ مارس ٢٠١٦
تمنيت لو قال الرئيس الأميركي باراك أوباما كلامه العاصف لجيفري غولدبيرغ الأخير في مجلة «أتلانتيك»، قبل خمس سنوات، ربما كانت آثاره مختلفة. هذه المرة صراحته أغضبت أصدقاءه وفي الوقت نفسه هناك القليل الذي يمكنه أو يمكنهم عمله في الفترة المتبقية لإقناعه بخطأ رأيه أو تغيير مواقفهم. بعد سبع سنوات رئاسية، اكتشفوا أن الرئيس يحمل رأيًا مختلفًا لم يبح به لهم من قبل. وكما قال لي أحدهم إنه مثل أن تكتشف آراء زوجتك بعد عمر طويل من العلاقة. ومع أنني أتفق مع الرئيس أوباما في كثير من الأشياء، بما في ذلك نقده لنا حول قصورنا في معالجة التطرّف، وأهمية تمكين المرأة في المجتمع، فإن هناك أيضًا الكثير مما يستوجب الجدل حوله. حديث أوباما طويل جدًا، ومرهق، لأنه ليس نصًا تقليديًا يمكننا أن نفهمه في سياق واحد. وهذا يعود ربما لأن محاوره، جيفري غولدبيرغ، التقاه عدة مرات، وسافر معه في بعض رحلاته، وجمع أحاديثه في صياغته الأخيرة التي نشرها. وغولدبيرغ يعرف أوباما جيدًا، حيث سبق أن أجرى معه عدة مقابلات منذ توليه الرئاسة. ويعرف المنطقة بشكل جيد، كونه أميركيًا وإسرائيليًا غطى لبنان وشمال العراق من قبل. وقد نجح أوباما في إغضاب أصدقائه فقط، السعودية وحكومة بريطانيا وتركيا وإسرائيل. ولم يكن الرئيس يتحدث بشكل عفوي كردود سريعة، بل نرى إجاباته عميقة، استمدها من…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
آخر تصنيف لـ«حزب الله» اللبناني كإرهابي جاء من الجامعة العربية في القاهرة، وقبلها من مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، في حين كنّا نظن أنه إرهابي منذ عقد مضى، عندما اغتال صفوة القيادات اللبنانية، ثم انخرط في قتل آلاف المدنيين السوريين. بالفعل كان إرهابيا ولا يزال، لكن لم تكن هناك الجرأة على البوح رسميًا بذلك، حتى أعلنت الحكومات العربية رسميًا الأسبوع الماضي أن «حزب الله» إرهابي. ولم يدافع عن الحزب في اجتماع وزراء الخارجية، سوى لبنان المغلوب على أمره، والعراق شبه المغلوب على أمره، والجزائر التي عودت الجامعة العربية على تأييدها إيران منذ أن قامت بدور العراب في إطلاق سراح الرهائن الأميركيين الذين احتجزوا في سفارتهم في طهران! أما التسع عشرة دولة عربية الأخرى فقد اصطفت صراحة هذه المرة ضد «حزب الله»، في تغيير سياسي وشعبي كبير غاضب يلف العالم العربي ضد الحزب. وإلى قبل أسابيع قليلة مضت كانت معظم الحكومات العربية تتحاشى انتقاد «حزب الله» علانية، حتى بعد تورطه في القتال في سوريا، وحتى قبِل ذلك، عندما ثبت أنه من ارتكب سلسلة جرائم اغتيال قيادات لبنانية، وعلى رأسها رفيق الحريري. وكذلك عندما استدرج «حزب الله» إسرائيل للهجوم على لبنان وتدميره، باختطافه جنديين إسرائيليين، وفي الأخير اعترف بأنه أخطأ التقدير. ولم تتجرأ حينها سوى حكومتين عربيتين على انتقاد الحزب، والبقية…
السبت ١٢ مارس ٢٠١٦
في مطلع الثمانينات جئنا، كطلاب من واشنطن، لزيارة القاهرة ضمن درس العلوم السياسية. ولا أدري لماذا اختار أستاذنا أن نزور ذلك المبنى القديم الجميل على شارع طلعت حرب، نادي الدبلوماسيين. فيه التقينا عددًا من العاملين في وزارة الخارجية المصرية، وكان كل شيء فيه يوحي بالأرستقراطية وأيام الباشاوات. علق أستاذنا، ألن تايلور، بأن الدبلوماسية المصرية ظلت، حتى بعد ثورة 1952. من النخبة، معظم من يعمل فيها من عائلات توارثت الوظيفة السياسية الخارجية، أو من المتميزين في دراساتهم. وكان ذلك النادي الخاص، الذي بناه معماري فرنسي، يرمز للدبلوماسية الراقية، ويضم من السفراء إلى الطهاة الذين يتم تكليفهم بالعمل في السفارات المصرية في أنحاء العالم. الدبلوماسية المصرية العريقة، مثل نادي الدبلوماسيين الذي عمره مائة عام، بقيت محافظة على تقاليدها وخبراتها. وأحمد أبو الغيط، مثال للدبلوماسي الراقي، الذي يملك سيرة مميزة في البعثات الدبلوماسية المصرية من نيويورك إلى موسكو، ووزيرا للخارجية، تعامل مع ملفات مختلفة تمثل قضايا المنطقة وتشابكاتها مع العالم والقوى الكبيرة. ومع أن هناك من يشتكي من احتكار مصر لمنصب الأمين العام للجامعة العربية إلا أن أي جهة عربية لم تستطع تقديم ما يمكن أن تتفق عليه الدول الأعضاء الاثنتان والعشرون، إلا باعتماد من ترشحه دولة المقر. لم يظهر مرشح، ولا بلد غير مصر، مقبولة للجميع. وكشفت الأحداث الماضية أن المشكلة الحقيقية…
الخميس ١٠ مارس ٢٠١٦
لم يجب بـ«لا»، نائب رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الإيرانية عندما سئل إن كانت بلاده سترسل مستشارين عسكريين لليمن كما تفعل في سوريا، بل أوحى بـ«نعم»، قائلا بأن الجمهورية الإسلامية تشعر بواجبها في اليمن كما تفعل لمساعدة الحكومة والشعب في سوريا! إيران موجودة في اليمن قبل الانقلاب على حكومة عبد ربه منصور هادي العام الماضي، وتنامي وجودها سبب رئيسي وراء إقدام السعودية على بناء تحالف عسكري وشن حرب هناك. فقد تأكدت شكوكها بأن إيران وراء استيلاء وكيلها، ميليشيا الحوثي، على العاصمة، وإرسالها كميات كبيرة من الأسلحة، ومن تسميهم بالمستشارين العسكريين، لدعمهم. وبعد استيلاء حليفها على السلطة مع الرئيس المعزول علي عبد الله صالح، أعلنت عن تسيير رحلة طيران يومية للعاصمة صنعاء، بعد أن كانت ترسل واحدة في الأسبوع، ولا توجد لإيران صادرات لليمن سوى السلاح والمقاتلين. وحتى بعد نشوب الحرب، وإغلاق مطار صنعاء، وتولي الأمم المتحدة تفتيش السفن المتجهة لليمن، استمرت إيران ترسل شحنات أسلحة بطرق مختلفة. أستراليا أعلنت أول من أمس أن سفينة حربية تابعة لها عثرت على كميات أسلحة على متن سفينة قامت بتفتيشها متجهة من إيران لليمن، وقبلها بعشرة أيام أبلغ وزير الخارجية الأميركي الكونغرس أنه تمت إعادة سفينة إيرانية مماثلة، وبالطبع لا يكلف إيران سوى ثمن إيجار سفن رخيصة لتكرار المحاولة عدة مرات. وهذا كله يقود…
الإثنين ٠٧ مارس ٢٠١٦
تستطيع أن تقول إن في الكويت ديمقراطية لأن هناك برلمانًا أعضاؤه منتخبون، وحكومة تتم مساءلتها من قبل النواب، وهناك شيء من النقد في الصحافة الكويتية. وفي نفس الوقت تستطيع أن تقول إن الكويت دولة مثل محيطها، فيها حقوق ممنوعة، وتجاوزات قانونية، وحكومتها لا تنتخب، وإعلامها المخالف يُعطل وتُسحب تراخيصه. ولهذا تمر الكويت بتحديات نتيجة التناقضات، حيث يجوز لنائب برلماني متطرف، مثل عبد الحميد دشتي، أن يهاجم ويتهم ويحرض على من يشاء، بحكم أنه منتخب، ويمثل رأي فئة في الشارع الكويتي، وأن الدستور كفل له هذا الحق. وتستطيع أن تقول إن النائب دشتي تجاوز المعقول، ويعرض مصالح البلاد العليا لأضرار كبيرة مع جيرانها، ويفتح بابًا خطيرًا للفتنة داخليًا بين السنة والشيعة. وسبق للسلطات العليا أن تدخلت في ظروف استثنائية، بأن جردت الجنسية ممن اعتبرتهم يمثلون خطرًا على أمنها، وأغلقت محطات تلفزيون تجاوزت حدودها، وسجنت مغردين على التواصل الاجتماعي، وألغت حصانة نواب، وحكم عليهم بالسجن. نسبيًا، يمكننا اعتبار ديمقراطية الكويت معقولة لكنها ليست ديمقراطية «ويستمنستر»، وفي المنطقة هنا لا أحد يقبل التجاوزات على الغير باسمها. الكويت، تعيش، مع دول المنطقة، زمنًا خطيرًا، سياسيًا وأمنيًا، يصعب معه مسك العصا من المنتصف. ومهارة الساسة الكويتيين التي عُرفوا بها في معالجة أزماتهم الداخلية والإقليمية قد لا تفيد كثيرًا، فالرياح عاتية وتهب على الجميع، وليس من…
الأحد ٠٤ أكتوبر ٢٠١٥
هذه أعلى درجة من التوتر بين الجارتين السعودية وإيران، منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية، وذلك قبل 27 عامًا. وليس عسيرًا على المتابع أن يتفهم دوافع القلق السعودي من إيران. فهي تتمدد حتى أصبحت توجد عسكريًا في محيطها، شمالاً في العراق وجنوبًا في اليمن، وجماعاتها تنشط كمعارضة في البحرين شرقًا، وتدير القتال مباشرة في سوريا. إيران تستثمر الكثير من رجالها وأموالها في مشروع يبدو هدفه محاصرة دول الخليج. ولولا هذا التوتر ما حولت القيادة الإيرانية بأعلى مستوياتها، المرشد الأعلى والرئيس روحاني، حادثة التدافع في موسم الحج إلى قضية وصعدتها سياسيًا. فالحج منطقة تزاحم، ووقوع حوادث فيه محتمل بوجود مليونين ونصف المليون حاج في المشاعر الدينية المحدودة المساحة والزمن. والهدف من ذلك تحريض الشعب الإيراني وتبرير نشاطات الحكومة الإيرانية في الخارج. والاحتجاج الإيراني الآخر هو ضد ما تسميه بـ«الحرب العسكرية السعودية في اليمن»، مع أنه تدخل جاء بموافقة كل أعضاء مجلس الأمن، وبمساندة عشرات الدول الإسلامية. إيران وجدت أن استثمارها في دعم المتمردين الحوثيين، وهم جماعة صغيرة، يتبخر بعدما كانوا قريبين من الاستيلاء على الحكم، وحكم اليمن، عندما قاموا بتنفيذ انقلابهم واعتقال رئيس الجمهورية الشرعي. وقد قطع «التدخل السعودي» الطريق على الإمدادات العسكرية الإيرانية بحرًا، وجوًا، بإغلاقه ميناء الحديدة، وقصف مدرج مطار صنعاء، والاستعانة بالبحرية الأميركية لفرض رقابة بحرية ضد المدد من…
السبت ٢٦ سبتمبر ٢٠١٥
بعض المثقفين لا يرى في الكاتب المسرحي المصري الكبير الراحل، سوى أنه رمز التطبيع مع إسرائيل، يجردونه من كل ما قدمه لملايين العرب، وللثقافة العربية، من أعمال أصبحت خالدة. ولا نريد أن نجردهم من حقهم في انتقاده وانتقاد من لا يحبون، لكن المرفوض هو إرهاب المثقفين بسبب مواقفهم السياسية، بتخوينهم وعزلهم ومحاربتهم، هي أكثر من حالة تعبير، وأكثر من مجرد رأي مضاد. يتجاهل هؤلاء تاريخه وإنتاجه، ويسعون فقط للتشهير به بسبب خلافهم السياسي معه. وفي النهاية، التاريخ هو الحكم، سيتذكره وسينساهم. علي سالم من الشخصيات الرائعة التي أضافت إلى الفن والثقافة وحتى في السياسة. وهجومهم عليه فشل في إسكاته، فشلوا في ثنيه والتراجع عن مواقفه، بخلاف بعض الفنانين والروائيين، الذين لم يحتملوا الهجمة وقرروا «التوبة». وعدد مِن مَن شنوا الحملات عليه في حياته وبعد مماته، هم من المنافقين الذين ينتمون لدوائر لها علاقات سياسية وإعلامية وثيقة بإسرائيل، وبعضهم من عرب إسرائيل الذين تحولوا نحو الشعبوية ومحاولة استرضاء فئات من الجمهور. وما تبقّى هم من الإسلاميين، من فئة الإخوان، التي لو طال بها الحكم لكانت أكثر واقعية من الرئيس المصري أنور السادات، الذي أنجز حربًا وسلمًا أكثر مما حققه مدعو القومية والإسلامية. لم يتزحزح عن موقفه، كمثقف وصاحب رأي، عن مفهوم أن العلاقة مع الإسرائيليين، لا تعني أبدًا التخلي عن حقوق…