الجمعة ١٧ يوليو ٢٠١٥
لماذا نقف ضد الاتفاق الغربي على برنامج إيران النووي؟ العلة في التفاصيل، أما من حيث المبدأ فنحن جميعًا مع أي اتفاق ينهي المواجهات بكل أشكالها، وينهي العقوبات على إيران. هذا الهدف لو تم فعلاً سيخدم الشعب الإيراني الذي يعاني منذ ثلاثة عقود، وكذلك يصب في صالح الشعوب العربية، لأنه ينهي دهرًا من المواجهات التي أنهكتنا جميعًا. لو كان اتفاقا جيدًا لكنا والإيرانيون جيرانًا سعداء لكنه ليس كذلك. كما صورت المعضلة أمس، إيران الوحش المربوط إلى شجرة، والآن يطلق حرًا في منطقتنا. هذا سيعني أننا على عتبة عهد دامٍ جديد، ولن ترضينا فيه الوعود الشفهية من واشنطن، ولا تطمئننا التأكيدات الإيرانية، وليس على دول المنطقة سوى خيار واحد، أن تضع في حسبانها أسوأ الاحتمالات للأيام المقبلة. ورب ضارة نافعة. فقد يكون خروج الغرب من معادلة الصراع مع نظام إيران حافزًا جيدًا لنا لإعادة النظر في قواعد المواجهة وترتيب الأوضاع المختلفة. فالتحديات كبيرة، اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية، وجميعها مترابطة. ومن دون اقتصاد حيوي، رغم ظروف سوق البترول السيئة، لن يمكن تعزيز الجبهات الأخرى. ومع الفراغ الكبير الذي يخلفه التراجع الغربي عن مواجهة إيران لا بد من مراجعة القدرات العسكرية، وتقييمها وفق الواقع الجديد. قبل الاتفاق، كان هناك تعاون دولي دام نحو ثلاثين عامًا، في مياه الخليج قبالة إيران، والممرات البحرية، وحظر على…
الخميس ١٦ يوليو ٢٠١٥
النظام الإيراني مثل الوحش المربوط إلى شجرة، أخيرًا فك عقاله بناء على حسن النوايا، لماذا وما الذي يمكننا فعله. الاتفاق الذي تم توقيعه يتخلى عن مطلب إنهاء المشروع النووي وينهي الحصار العسكري الاقتصادي. والاتفاق يترك لإيران بنيتها النووية ويرفع العقوبات عنها، ويعيد لها أكثر من مائة مليار دولار من أموالها المجمدة. أتخيل الابتسامة العريضة على وجوه القادة الإيرانيين غير مصدقين، إنها هدية من السماء، تقريبًا بلا مقابل. حتى الشروط الأخيرة التي فرضوها ما كانوا مضطرين لها، كانت مجرد ضغط إضافي على الإدارة الأميركية لتحفيزها على التسريع، برفض تفتيش المواقع العسكرية ومنع التحقيق مع العلماء الإيرانيين. كلها كانت مسرحية هزلية بدأت في لحظة خوف في طهران من انهيار النظام نتيجة العقوبات والإفلاس والضغوط الداخلية، حتى إن معظم طائرات الأسطول الجوي المدني الإيراني لم يعد صالحًا للطيران نتيجة نقص الصيانة وقطع الغيار، وكل شيء في طهران صار متآكلاً. ويقول لي أحد المتابعين لتفاصيل الوضع في إيران، إن الحكومة الإيرانية كانت مستعدة لأي صفقة مع الولايات المتحدة وبأي ثمن، المهم كان إنهاء العقوبات، خاصة بعد منع إيران من تداول الدولار في صفقاتها وكان المسمار الأخير في سلسلة عقوبات قاتلة. ويمكننا أن نتخيل الحوار داخل طهران كيف يمكن إقناع الأميركيين بأنها صفقة تاريخية بشروط. ولم ترتكب إدارة الرئيس باراك أوباما خطأ عندما قبلت بالعرض…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
دائمًا كانت قوة السعودية الأولى دبلوماسيتها، مع كثرة الأزمات وعنفها. وحتى عندما تقسو الظروف، وتعجز الحيل السياسية، ويطلق النار، أيضًا تلعب دبلوماسيتها دورًا أساسيا في حماية الدولة بعلاقاتها مع الحكومات والمنظمات الدولية. وعادة يدير السياسة الخارجية للدول اثنان؛ الرؤساء ووزراء الخارجية. والسعودية ليست استثناء، فالملك ووزير الخارجية يتوليان هذه المهمة التي تتطلب مهارات دقيقة وثقافة رفيعة، وهاتان خصلتان عرفنا بهما الأمير الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. ولا شك أنه من أكثر الدبلوماسيين علمًا وعلاقات وحكمة ونجاحًا، بدليل أن المملكة نجت من معظم أهوال المنطقة لعقود بفضل قدرتها على الحوار وكذلك المناورة، ونجحت في إدارة حروبها أيضًا بفضل نشاطها الدبلوماسي. وما كان ممكنًا للسعودية، التي رسمت خطا أحمر حول جارتها اليمن ثم استولى عليها أتباع الإيرانيين وحلفاؤهم، إلا أن تواجههم. كان للدبلوماسية الخارجية جهد كبير ضَمَن اعتراف مجلس الأمن بشرعية العمل العسكري، وتجريم قيادات المتمردين، وتحريم تسليحهم. ونجحت في كسب الدول، حكومات تصوت مع المملكة، وحكومات ترسل رجالها للحرب، وحكومات تبعث بوارجها لتغلق الموانئ في وجه سفن إيران، وحكومات ترسل معلومات استخباراتية مهمة، وأخرى تتوسط إيجابيًا. إدارة العلاقات مع الدول لعبة شطرنج تتطلب الذكاء والصبر، ولا شك أنه كان صاحب فطنة وحكمة وصبورًا جدًا. وبحكم تراكم التجارب، فقد خدم أربعة ملوك، صار محل ثقة ليس عند رؤسائه فقط، إنما أيضًا…
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
من صالح الإسلام، ومن صالح المسلمين في الغرب، أن تكون هناك إجراءات مشددة وقاسية تشريعية وأمنية ضد الجماعات المتطرفة، حتى لو لم يرتكبوا أعمال عنف. إنها الطريق الوحيد لإنقاذ ملايين المسلمين وحماية الإسلام من أهله الذين شوهوه. عندما تتخذ الحكومات الغربية مواقف صارمة بطرد الدعاة المتطرفين، أو إغلاق جمعيات، أو ملاحقة جماعات دينية، فإنها بذلك تحمي المسلمين من متطرفيهم، وتحميهم أيضا من غضب الأغلبية غير المسلمة التي لم تعد تقبل سكوت حكوماتها على الرعب الذي بثه «داعش» والمتطرفون بشكل عام. علينا ألا ننظر إليه كعمل عنصري، رغم وجود العنصرية هناك، ولا أن نقلل من حجم الصدام المتوقع مع المجتمع في الغرب، الذي صار يتجه إلى المزيد من العداء والكراهية للمسلمين نتيجة الأعمال البشعة التي يرتكبها مسلمون باسم الإسلام. المعركة هناك متعددة الجبهات، ففي الساحة الفرنسية يقدر عدد المسلمين بنحو خمسة ملايين، وفرنسا أكثر بلد أوروبي تعرض لاعتداءات تنظيمات إرهابية تحمل اسم الإسلام مثل «داعش». وفرنسا، مثل بريطانيا والدنمارك وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وجدت نفسها عند التعامل مع المسلمين في إشكالات متعددة، دينية وأمنية وسياسية وبالطبع قانونية. ولأن الخطر ثقافي وأمني في وقت واحد، لا بد أن تُمارس الدولة سلطتها لحماية المجتمع الكبير، فكيف يمكن لها أن تطرد المتطرفين إذا كانوا مواطنين؟ وكيف تستطيع أن تبعد المقيمين إقامة شرعية إذا…
الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥
لا تزال الأصوات المستنكرة تتحدث عن صدمتها من نتائج التصويت في مجلس الشورى السعودي الذي رفضت أغلبيته مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس. كيف وببساطة، وسرعة، يرفض المجلس دراسة مشروع النظام رغم الخطر الصريح والداهم جراء انتشار دعوات الطائفية والعنصرية المختلفة التي دمرت دولاً مجاورة مثل العراق وسوريا واليمن، وتنتشر في فضاء المنطقة الإعلامي والديني والاجتماعي عمومًا؟! والسعودية لا تعيش في فلك وحدها، بل مهددة بنفس الفيروسات الخطيرة، والهجمات التحريضية عليها عبرت الحدود من قوى مختلفة، وبعضها ارتكب جرائم ذات أهداف طائفية في مسجدين في شرق السعودية. والذين لا يشعرون بالمشكلة ولا يَرَوْن الخطر لا يستحقون المكانة الكبيرة التي منحوا إياها. الأكيد أنهم لا يصوتون بالرفض كرهًا في التعايش والوحدة والوطنية، بل لأنهم يستهينون بما يحدث، لا يشعرون بالخطر الذي يحدق ببلادهم. وبينهم من أكد تأييده للمقترح لكنه يرى أن «النظام الأساسي للحكم» يعالج هذه المشكلة ويتحدث عنها بصراحة في إحدى مواده: «تعزيز الوِحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام». لكنّ مقدمي القرار يدركون أن مبادئ نظام الحكم صريحة ويرون ضرورة كتابة قانون يحدد المسؤوليات والواجبات لهذا المبدأ العام. أعضاء المجلس الذين قدموا مشروعهم لا شك أنهم أكثر شعورًا بالمشكلة، وأكثر حرصًا على مواجهة الخطر، بخلاف الذين يظنون أن…
السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥
الأسبوع الماضي كنتُ مشاركًا في ندوة مغلقة في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في العاصمة الأميركيّة، وجلها كان عن أزمات سوريا والعراق واليمن. وهيمن موضوع الاتفاق النووي الوشيك بين واشنطن وطهران وتبعاته على النقاش، وأن الاتفاق يمثل نقطة تحول سياسية مهمة. وكان هُنَاك من تحدث متسائلاً عن ردود الفعل، ومآلاته المحتملة، السياسية والعسكرية. وتوقع البعض أن يستفز الاتفاق دولاً في المنطقة ويدفعها لبدء مشروعها النووي، و«لن تتوقف حتى تحصل ما حصلت عليه إيران في الاتفاق». وهذا يفسر الاهتمام الكبير بزيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى روسيا. فقد اتضح من خلال زيارته أن السعودية قررت دخول النادي النووي، ببناء 16 مفاعلاً نوويًا، ومنحت روسيا الدور الأكبر في تشغيلها. طبعًا، هذا لا يعني أنه توجه للتسلح العسكري، لكنه يعني أن الرياض حسمت أمرها سريعًا وقررت أن تدخل المجال النووي، وكان وزير التعليم السعودي قبل شهر قد وقع على ابتعاث ألف طالب لدراسة تقنية الطاقة، بما فيها النوويّة. وفي رأيي، أن أهم ملامح الزيارة الرسمية لولي ولي العهد السعودي، أنها تخرج على الخط التقليدي؛ فهي تتم في وقت شرعت فيه الولايات المتحدة، وحلفاؤها الأوروبيون، بمقاطعة روسيا اقتصاديًا عقوبة لَها على أحداث أوكرانيا. الحكومة السعودية هذه المرة، وعلى غير العادة، قررت العكس، تنشيط علاقاتها مع موسكو، وتوسيع تجارتها معها، وتوقيع…
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
في زمن قصير ظهرت علينا وسائل إعلامية عديدة جديدة تتحدث باسم إيران، أو تدافع عن سياساتها، تلفزيونات وصحف ومواقع إلكترونية، لم تكن موجودة مثلها قبل سنوات قريبة. السر بسيط، فمعظم الإعلام العربي كان من يقوم بمهمة الدعاية والدفاع عن طروحات إيران ويدافع عن مواقفها، حتى ثار ربيع الأزمات العربي في عام 2011، وبسببها استفاق المغيبون. اكتشفوا أن إيران ليست سوى دولة أخرى، لها طموحاتها ومطامعها الإقليمية تحت شعارات الإسلام والعدالة والعداوة مع الغرب، وجندت الإعلام العربي لاستغلاله في كل ما أمكنها استغلاله للهيمنة ومحاربة خصومها العرب من خليجيين ومصريين ولبنانيين. وبدأت الصدمات تتوالى منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، ثم ما تلاه وإلى زلزال سوريا وأفعالها الشنيعة هناك. على أثرها أصابت الصدمة معظم العرب، وانقلب الحب والإعجاب بإيران الإسلام والحقوق الفلسطينية إلى كراهية وعداء شديدين. بعدها لجأت إيران إلى تأسيس منصاتها الإعلامية المختلفة الألسن والهويات، تحاول مقارعة وسائل الإعلام العربية، التي على اختلاف مشاربها تكاد تجمع على رفض نظام طهران آيديولوجيًا ومواقف وشخصيات. ويندر أن نسمع اليوم في الإعلام العربي الواسع ما تردده طهران ضد إسرائيل، فقد أدرك أنها دعاية مضللة، وصار يحرص على حماية الجمهور العربي من الوقوع في حبائل الاستغلال السياسي الإيراني الذي لطالما كان المهيمن لثلاثين عامًا. يندر أن نسمع عن تصريحات…
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥
يقال إنه لم يفت الإسرائيليين سماع ما كان يدور في الفنادق السويسرية التي اجتمع فيها المتفاوضون الأميركيون والإيرانيون بشأن برنامج طهران النووي، بعيدا عن عيون وآذان الدول المتطفلة. شدة السرية لم تفلح، فما تسرّب ونشر عنها صدم الأصدقاء، وفضح المتفاوضين، وأفسد ما كانوا يتمنون إخفاءه عن ثلاث جماعات، المعارضين الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، وإسرائيل، ودول الخليج العربية. وأسدت عملية التسريب خدمة عظيمة بكشف أسرار تفاهم إطار الاتفاق النووي، واضطرت الفريقين إلى تعديل خططهما. وحتى بعد الإفشاء والصدمة لا تزال هناك شكوك ومخاوف إن بقيت أسرار أفلح الفريقان في إخفائها، وما هي. ومع أن إدارة الرئيس باراك أوباما حرصت على تصحيح العلاقة وتقديم الكثير من التطمينات والتعهدات، إلا أن في الخليج من لا يزال متشككا، فالزوج لا يخون مرة واحدة، عندما يفعل، كما سمعته من أحدهم. أما كيف تمكن الإسرائيليون من افتضاح السر الكبير؟ يقال إن فيروسا دسّه الإسرائيليون إلكترونيا في كومبيوترات الفنادق الثلاثة، وكان له الفضل في جمع المعلومات حول ما قيل وكتب، دون أن يحس أحد بتطفلهم. وإن الروس هم من فضح المتلصصين من خلال شركة لهم متخصصة في مكافحة التجسس الإلكتروني. قالت إنها عثرت على الفيروس الإسرائيلي في كومبيوترات الفنادق الثلاثة التي استضافت المتفاوضين. ورغم أننا ندرك أن الإسرائيليين هم من أفضل من يطور تقنية «الهاكنغ» في العالم…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠١٥
وجد البعض صعوبة في استخدام مصطلحات التقسيم الطائفية «شيعة» و«سنة» و«علويين»، عند وصف الأحداث المشتعلة في العراق وسوريا واليمن. وهذا شعور رفيع، لأنه ليس مستساغا فرز الناس وتقسيمهم بناء على معتقداتهم، الحقيقة أنه كان السلوك المهيمن لعقود طويلة في معظم الدول العربية، باستثناء لبنان بعد الحرب الأهلية في السبعينات. كان هذا في الماضي عندما كان خلاف السياسة على الآيديولوجيا الفكرية المدنية والانتماءات «الوطنية»، من اليسار إلى البعث والقومية. الآن، الدين هو السياسة، ورجال الدين هم رجال سياسة، والجماعات صارت الأحزاب؛ «حزب الله» و«دولة العراق والشام الإسلامية» و«أنصار الله» و«جبهة النصرة» و«عصائب الحق»، والقائمة تزيد على المائة. في الماضي القريب كانت هناك أحزاب البعث العربي، والقومية العربية، والقومية السورية، والاشتراكية الناصرية، والشيوعية. ولم تكن المجتمعات البسيطة بعيدة عن هذا الحراك، قامت فيها منظمات ماركسية لينينية مثل «الجبهة الشعبية الديمقراطية في الجزيرة العربية». وعندما بدأ الترويج لتبني الطرح الديني لتصحيح المسار السياسي العربي الفاشل، كان كثيرون يظنون أنه فكر وحدوي يجمع بين غالبية سكان المنطقة، حتى مع غير العرب، كالفرس والأكراد، ويتعايش مع مؤمني الأديان الأخرى، وأنه أكثر نقاء. لكن بعد مضي أربعين عاما اتضح أن الإسلام السياسي عمل سياسي بحت، ومع أول اختلاف في المصالح بين «حزب الله» الشيعي و«الإخوان المسلمين»، قبل أربع سنوات، انتهت سنوات العسل بين أكبر فريقين، ولجأ…
الخميس ١١ يونيو ٢٠١٥
في واشنطن الجدل على أشده حول سياسة مواجهة تنظيم «داعش». وفي الأسبوع الماضي، كانت هناك جلسات استماع جادة، وقد لامت مُعْظم شهادات خبراء الشؤون السياسية والعسكرية إدارة الرئيس باراك أوباما على إصرارها على استراتيجيتها الحالية في إدارة المعركة ضد «داعش»، لأنها غير ناجحة وغير واضحة. السؤال ما هي هذه الاستراتيجية؟ كل ما نعرفه أنها التزام بمحاربة التنظيم الإرهابي من خلال تحالف عسكري معظمه، يقوم بقصف جوي على مواقع التنظيم في سوريا والعراق، وعلى دعم الحكومة العراقية على الأرض. ممثلو الإدارة يقولون إنهم الحقوا الكثير من الخسائر بالتنظيم، لكن الخسائر لا تعني أن التنظيم خاسر! أمام اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الكونغرس وصفت الأرقام الكبيرة في ميدان القتال بأنها لا تبين هزيمة «داعش»، فالتنظيم يكبر، ويعزز مواقعه على الأرض. القصف الأميركي والحلفاء لم يتوقف منذ أشهر، نفذوا أكثر من أربعة آلاف هجوم جوي ضد مواقع التنظيم، وقدروا بأنه تم قتل أكثر من عشرة آلاف من مقاتلي «داعش»، وأنه تم دفعهم إلى الخلف، في عَدَد من خطوط المواجهات. مع هذا تحصده «داعش» على الأرض، تفوق ما تمطره المقاتلات في السماء على مواقع إرهابيي «داعش». وكما قيل في جلسة الاستماع، الأرقام لا تعطي صورة كاملة للواقع على الأرض في العراق، وكذلك سوريا. نحن نرى «داعش» ينمو ولا ينكمش، ولاحظنا أنه…
السبت ٠٦ يونيو ٢٠١٥
ما بين تقارير صحافية إيرانية بثّتها على وكالتها «مهر نيوز» وتلفزيونها «برس»، وتقارير وكالات يبدو أنها تستند إلى نفس المصادر، تتحدث عن قيام قوات التحالف بإغلاق بحري كامل على موانئ اليمن وقطع الطريق على كل سفن الأغذية والمياه وصهاريج مشتقات البترول، من المؤكد أن إيصال المساعدات لملايين اليمنيين المحتاجين ليس سهلاً، بل ليس ممكنًا في بعض الحالات، حيث تقع المعارك التي لا تخضع لقوانين الحرب الدولية، باستهدافها المدنيين ومنظمات الإغاثة من دون تمييز. أحدهم أكد أن أكثر من مائتي سفينة مرخصة تم السماح لها بإنزال موادها الإغاثية، وأن عمليات التفتيش لا تشمل كل السفن التي يعتقد أنها ليست مشتبهًا بعلاقتها بالمتمردين، وأن العديد من القوافل البحرية من السفن تقوم باستخدام ميناء جيبوتي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، وتعطي التراخيص، وليست القوة العسكرية السعودية أو المصرية أو الأميركية. مع هذا في اليمن أزمة إنسانية ليس التفتيش البحري سببها، فما هو الحل من أجل إنقاذ ملايين الناس هناك؟ الطرق البرية من المملكة العربية السعودية تستطيع إيصال معظم المواد الإغاثية، لولا أن الحوثيين وقوات صالح تقطع الطرق، وتقوم عامدة بقتل اليمنيين الذين يتجرأون على المرور، ثم نهب حمولاتهم. في مثل هذه الظروف لا بد من وضع ضغط دولي على المتمردين بدلاً من ترديد رواياتهم، وتحميل المسؤولية لقوات التفتيش البحرية، التي وهي إن تسببت…
الأربعاء ٢٧ مايو ٢٠١٥
كل ما بان لنا حتى الآن مقتضب، ومذيل بكلمة «من حيث المبدأ»، ومع هذا هو تطور مثير ولأول مرة في معادلة الصراع في سوريا. فقد اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على أن يقدم سلاح الجو التركي الحماية لقوات المعارضة السورية في داخل سوريا. لم يقدّم وزير الخارجية التركي بعد توضيحا كافيا حول الاتفاق مع الأميركيين، لكن يبدو أن حكومة أنقرة أخذت على عاتقها مسؤولية دعم المعارضة السورية التي دُربت على أراضيها، وسيتم إرسالها لتعبر الحدود لتحرير مناطقها التي استولى عليها تنظيم داعش، وسيقوم سلاح الجو التركي بتقديم الغطاء وربما دعمها في القتال. وقد يفهمها البعض بأن الهدف ليس نظام بشار الأسد، ولا المناطق التي تحت سيطرته، وهذا صحيح حتى الآن، وستصيب البعض بالخيبة على اعتبار أن صورة المعارضة في ذهن الكثيرين تختصر في القتال ضد نظام دمشق. إنما لو وضعنا التطور الجديد في إطار الواقع السوري كما هو اليوم يبقى مهما لصالح المعارضة. من دون هذه الخطوة سيأكل الأشرار المعارضة السورية، مثل «داعش» وحزب الله. فسوريا الآن تَحْت ثلاث قوى رئيسية تتصارع فيما بينها، النظام والمعارضة والجماعات الإرهابية، وأي فريق يأكل أحد الفريقين المنافسين ستكون له الغلبة. أما لماذا تريد تركيا، وبدعم غربي، استهداف «داعش» وليس النظام السوري، فلأنه الفريق الأقوى والأسرع انتشارا، والذي يسيطر على أكبر مساحات سوريا، والأخطر…