الجمعة ١٢ سبتمبر ٢٠١٤
يبدو العالم كله وكأنه اجتمع ليشن حربا جماعية على واحد من أصغر التنظيمات الإرهابية: «داعش»، فهل يستحق حقا هذا الحشد الدولي المكون من أربعين دولة؟ رأيي: «داعش» نفسه لا يتطلب سوى تعاون بضع قوات على الأرض محلية مع الولايات المتحدة تتولى مطاردة التنظيم واستئصاله، وستنجح في القضاء عليه. إنما الإرهاب، بشكل عام، يتطلب تعاضد مائة دولة لتطويقه وتخليص العالم منه، وهذا يشمل «داعش»، و«جبهة النصرة»، و«أحرار الشام» و«بوكو حرام» في مالي، و«أنصار الشريعة» في ليبيا، و«القاعدة» في اليمن، وغيرها من التنظيمات المتطرفة في سيناء، ومنطقة جنوب الصحراء الأفريقية، وحتى جماعة «أبو سياف» الإجرامية في الفلبين. هنا، يستطيع العالم أن يدعي أنه بتعاونه أدى عملا متميزا، وسيجد كل التأييد من المسلمين في كل مكان؛ فقد جلبت جرائم «داعش» من الغضب من المسلمين على هذا النوع من التنظيمات الإرهابية أكثر مما شاهدناه من قبل؛ ففي الماضي نجحت «القاعدة» في شق صف المسلمين عندما استخدمت في دعايتها قضايا مواجهة الاحتلال والدفاع عن المسلمين المضطهدين. أما «داعش» فقد ألب ضده الرأي العام المسلم، الذي صعق من حجم الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين في كل من سوريا والعراق. بإمكان المجتمع الدولي أن يستفيد من التفهم والتعاون الذي تبديه الدول العربية والإسلامية في سبيل محاربة التنظيمات الإرهابية لتحقق أقصى ما يمكن تحقيقه لاجتثاث الإرهاب من كل…
الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٤
نتفق مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نقده للتردد الأميركي الطويل في مواجهة التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، لكن يصعب أن نهضم قوله إن إيران حذرت من خطر التطرف والتحجر الديني.. و«إننا وقفنا من البداية ضد هذا التحرك الهمجي»، كما قال للتلفزيون الإيراني. الكل يلوم السعودية على انتشار التطرف الإسلامي في أنحاء العالم، وهذا فيه شيء من الصحة، لكنه لم يكن سياسة دولة، بل نتاج نشاط مجتمعي. إنما إيران كدولة هي السبب الرئيس في مأسسة التطرف الإسلامي، بعد أن كان الغلو مجرد حالات فردية. ساهمت في بناء وانتشار التنظيمات الإسلامية المتطرفة تحت شعار تصدير الثورة الإسلامية. الآن، وبعد أن أصبح الجني خارج القارورة، أحس الإيرانيون بحجم الخطر عليهم، وعلى حلفائهم في العراق وسوريا ولبنان. ومسؤولية إيران تكمن في أنها داعم حقيقي أيضا للجماعات السنية المتطرفة، في شمال لبنان منذ الثمانينات ضد حلفاء السعودية، وأسست ودعمت جماعات فلسطينية دينية متطرفة لإضعاف فتح، ثم ضد السلطة الفلسطينية لاحقا، ضمن التنافس الإقليمي على القرار الفلسطيني. وهي منذ الثمانينات الداعم لجماعات الإخوان المسلمين، وتحديدا في مصر والسودان. ومن قبيل تعظيم قيمة الإرهابيين السنة سمت شارعا في طهران باسم خالد الإسلامبولي، الإرهابي الذي اغتال الرئيس المصري أنور السادات. البراهين كثيرة على أخطاء إيران في رعايتها للفكر والنشاط المتطرف سنيا وشيعيا. وبالتالي على الإخوة…
الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤
ردا على طلب وزير الخارجية السوري ضرورة الحصول على موافقة من حكومة بشار الأسد، قال رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، في افتتاح قمة «الناتو»: «سنضرب (داعش) في الأراضي السورية، ولن نطلب إذنا من أحد، حيث لا توجد حكومة شرعية هناك». الأسد لن يمانع طالما أن القصف لا يطاله لاحقا، إذا ما تغيرت المهمة وقصفت قواته والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه من «حزب الله» اللبناني، و«عصائب الحق» العراقية، والحرس الثوري الإيراني. الإذن الذي اشترطه وزير الخارجية السوري هدفه استعادة الاعتراف بحكومة الأسد دولة ذات سيادة، وهو ما رفضه كاميرون. الجانب الأصعب أن قتال تنظيم «داعش» لن يكفيه القصف الجوي، خاصة أن الجماعات الإرهابية اختبأت في وسط المدن، من أجل الاحتماء بالمدنيين، كما فعل تنظيم القاعدة في العراق، طوال السنوات الماضية؛ فكيف سيمكن لقوات حلف الناتو، والدول الإقليمية الحليفة، إنهاء «داعش» من الجو؟ لقد قاتل الأميركيون لسنوات بضراوة تنظيم القاعدة في العراق، بكل أنواع الأسلحة، لكنهم لم ينتصروا فعلا - فقط - إلا بعد أن استعانوا بالأهالي والعشائر العراقية. ولذا نشكك في فعالية سياسة «القيادة من الخلف» وحدها، وكذلك نحن متأكدون من فشل سياسة القتال من الجو. الحل يكمن أولا في «التعاقد» مع حليف سوري على الأرض، ولن يجدوا حليفا سوريا مستعدا لمقاتلة تنظيمات «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، وبقية التنظيمات الإرهابية…
الثلاثاء ٠٢ سبتمبر ٢٠١٤
ترددت في الأيام القليلة الماضية رواية تقول إن دول الخليج اضطرت لترك خلافاتها جانبا خشية من تنظيم «داعش»! فهل فعلا بلغت هذه الجماعة الإرهابية من الخطر ما أنهى الخلاف الخليجي؟ وهل حقا «داعش» قادر على إسقاط عواصم الخليج؟! طبعا لا يمكن أن يصدق هذه الرواية إلا شخص بعيد عن المنطقة، أو مقيم جاهل بتفاصيل التطورات السياسية. جغرافيًا، الأمر صعب، إلا إذا كان لدى الإرهابيين سلاح جو، وهذا غير ممكن. فأقرب مدينة عراقية تجاور الخليج يوجد فيها حاليا تنظيم «داعش»، هي مدينة الرمادي، في محافظة الأنبار العراقية المحاذية للحدود السعودية. والكويت أقرب عاصمة خليجية لها، مع هذا فإن المسافة شاسعة، أكثر من سبعمائة وستين كيلومترا، عن مدينة الرمادي، والطريق معظمه منطقة صحراوية جرداء. أما العاصمة السعودية فهي أبعد بنحو الضعف، بأكثر من ألف وأربعمائة كيلومتر عن الرمادي. ويكاد يكون وصول «داعش» برا إلى بقية عواصم الدول الخليجية الأخرى، قطر والبحرين والإمارات وعمان، من سابع المستحيلات، مهما كان قويا وسريعا ومسلحا! مقاتلو «داعش» نجحوا في التسلل من سوريا بعشرات السيارات المسلحة عبر منفذ القائم إلى مدينة الموصل العراقية. أولا، لأنها قريبة. وثانيا، بسبب الفوضى نتيجة سقوط الدولة في سوريا، وكذلك بسبب الفراغ الأمني في العراق نتيجة ضعف السلطة المركزية. وبالتالي، الاستنتاج بأن حكومات الخليج نحت خلافاتها جانبا خوفا من «داعش»، فيه شيء…
الإثنين ٠١ سبتمبر ٢٠١٤
يجب ألا نقلل من أهمية حرص الحكومة الإيرانية على نجدة أكراد العراق عسكريا، الذين وجدوا أنفسهم أمام خطر لم يحسبوا له حسابا من قبل، اسمه «داعش». وقبل تحليل الموقف الإيراني ودوافعه، لا بد أن نعيد رواية ما حدث بعد سقوط مدينة الموصل العراقية التي دقت أجراس الخطر في كل مكان، واتضح للجميع أنه «داعش»، رغم مزاعم البعثيين ورفاقهم أنهم من هزموا قوات المالكي، وثبت عدم صحتها. وفيما العاصمة بغداد كانت تبني دفاعاتها استعدادا للمعركة، فاجأ مقاتلو التنظيم الإرهابي الجميع بالاتجاه شمالا، نحو إقليم كردستان العراق! والمفاجأة الثانية كانت هزيمة قوات البيشمركة، التي عرفت بأنها من أفضل الميليشيات تأهيلا وبأسا. لقد اتضح أنها مع سنوات الارتخاء الكردي، بعد هزيمة نظام صدام حسين قبل 10 سنوات، لم تعد بنفس الكفاءة. ولولا تدخل القوات الأميركية السريع جوا ربما تمكن الإرهابيون من الاستيلاء على مدن كردية رئيسة. وقد تواترت أخبار تعبر عن غضب الكرد من العرب والحكومات العربية، حيث يلومونهم على «داعش»، وهذا إن كان صحيحا طبعا يعبر عن جهلهم بعلاقات «داعش» الإقليمية. أما إسراع إيران لنجدة سنة الأكراد العراقيين فهو يعبر عن استراتيجية إيران الثلاثية حيال العراق وسوريا وتركيا، كمنطقة هيمنة إيرانية لحماية نفوذها في بغداد، والسيطرة على شرق سوريا، والتأثير على العلاقة الكردية مع تركيا. العرب لا يملكون مخططات هيمنة أو نفوذ،…
الأحد ٣١ أغسطس ٢٠١٤
الجيد أن الرئيس الأميركي كان صادقا إلى حد الاعتراف بأنه لا توجد لدى حكومته استراتيجية تجاه تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا. اعترافه الصريح شد الانتباه وجلب غضب بعض السياسيين الأميركيين عليه، ثم حاول المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض توضيح ما عناه الرئيس، أنه قال لا توجد استراتيجية لمواجهة «داعش»، وليس كما ظن البعض أنه لا توجد سياسة حيال الوضع في سوريا. الحقيقة أن التوضيح زاد الأمر غموضا وارتباكا! سوريا مجرد أرض حرب، لم تعد هناك دولة حتى بعد أن نجح النظام السوري في البقاء من خلال استعانته بقوات إيرانية وميليشيات عراقية وحزب الله، وجسر من السلاح من روسيا. لم يعد هناك نظام أو دولة، بل مجرد تنظيم يمثل بشار الأسد، وبقية فلول النظام القديم توجد في بعض أحياء العاصمة دمشق وعدد من المدن على الساحل السوري. أما بقية البلاد فتتقاسمها التنظيمات الأخرى، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» والجيش الحر والأكراد. وعندما يقول أوباما إنه لا استراتيجية لديه بعد ضد «داعش»، فهو عمليا يقول لا توجد لديه خطة في سوريا، وإذا لم تكن لديه خطة ضد «داعش» في سوريا فهذا يعني أن خطته ناقصة ضد «داعش» في العراق، لأن التنظيم رأسه في سوريا وينشط في العراق! ولو كانت لدى الرئيس خطة ضد «داعش» قبل عام ربما ما كان للتنظيم هذا الوهج والخطر.…
الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠١٤
هذه ثلاث حكايات في مدن صغيرة معزولة، بثلاث دول مختلفة. في بلدة تمير، شمال العاصمة السعودية (الرياض)، قالت السلطات الأمنية إنها ألقت القبض على ثمانية مواطنين، بعد مناشدات من أهل البلدة الصغيرة يطلبون التدخل والتخلص منهم. والقصة أن أكثر من 17 شخصا من أبناء البلدة اختفوا، ويعتقد أنهم الآن يقاتلون في العراق وسوريا مع تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين، وهذا الرقم كبير - في مدينة لا يتجاوز عدد أهلها الـ10 آلاف نسمة - هو من عمل عدد من المحرضين الذين يقومون بالترويج للسفر خارج السعودية والقتال باسم الجهاد في صفوف الجماعات الإرهابية. الأهالي أرسلوا خطابات للملك، ودلوا الأمن على ثمانية أشخاص يعتقد أنهم من غرروا بأبنائهم. وفي بلدة أردنية مماثلة، قام الأهالي بعد صلاة الجمعة بضرب أحد الدعاة في المسجد، لأنه وقف يخطب فيهم، داعيا الأهالي وأبناءهم للقتال مع تنظيم «داعش». وقد اضطرت الشرطة إلى التدخل لإنقاذه، واعتقاله لاحقا بتهمة التحريض. كارديف، بلدة بريطانية، فجعت فيها عائلة مسلمة عندما ظهر أحد أبنائها في فيديو لتنظيم «داعش» يتحدث عن فضل الجهاد ويحث المشاهدين على الالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق. وقال الأب لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «عندما رأيته كدت أبكي»، موضحا أن ابنه ناصر اختفى في نوفمبر (تشرين الثاني) حين كان على وشك أن يبدأ دراسة الطب. أما شقيقه الصغير…
الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠١٤
بعد إهمال وتجاهل، كبر تنظيم القاعدة بهجومه على الأراضي الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، ليبدأ تاريخ «الحرب على الإرهاب». وها هو تاريخ جديد على وشك أن يبدأ، بعد أن هزّ العالم خبر ذبح تنظيم داعش للصحافي الأميركي جيمس فولي. فالحدث يؤذن بالمزيد من الجرائم على أيدي وسكاكين داعش. وسينجح في استنهاض القوى المعنية من جديد، الغربية ودول المنطقة، لأنها هي الأخرى مهددة من قبل التنظيم والمتعاطفين معه. وبين التاريخين، 11 سبتمبر و20 أغسطس (آب)، نحو 13 عاما من أكبر الحروب في التاريخ ضد جماعات متمردة. استخدمت فيها المواجهات العسكرية، والملاحقات الأمنية، والجوائز المالية، والحجز على حسابات بنكية، والبروباغندا الإعلامية. مع هذا كانت فاشلة، رغم قتل وأسر معظم القيادات الرئيسة لتنظيم القاعدة. الكثير منهم ماتوا، أو حبسوا، لكن الفكرة استمرت تنمو. إذن، عدونا ليس القاعدة ولا داعش والنصرة، بل الفكرة نفسها. فكرة التطرف الديني التي هي مصدر الإلهام والطاقة، وهي سبب ظهور أبو بكر البغدادي، زعيما لداعش كما كان القتيل أسامة بن لادن زعيما للقاعدة. والفكرة هي وراء عشرات الآلاف من الشباب الذين تقاطروا على سوريا والعراق مستعدين، بل راغبين، في الموت. حربنا، حرب العالم، مسلمين وغيرهم، هي ضد الفكرة الشريرة. القاعدة فكرة، وكذلك داعش. ليست جيشا، ولا خريطة، ولا نفطا، بل فكرة قيام جماعة «مقدسة» باسم…
السبت ٢٣ أغسطس ٢٠١٤
صحيح أن زمننا هذا من الغرابة لم نرَ زمنا مثله من قبل، حيث بلغ التطرف مداه! فـ«داعش»، التنظيم المخيف، لا تظنوا أنه يخصص معظم وقته الدعائي في تهديد الولايات المتحدة، أو الحكومات العربية، كما عهدناه يفعل من قبل، بل يتوعد الجماعات المتطرفة من أمثاله. وهذا الشهر أشعلها حربا شعواء على السرورية! السروريون، هم جماعة متطرفة تنسب إلى محمد سرور زين العابدين، مدرس رياضيات سوري كان يعمل في السعودية، زرع فكرا حركيا يرفض السلفية التقليدية، وشجع على التمرد الديني. ويعتقد أنه بسببه تبدلت السلفية وتغيرت السعودية. وقد اشتهرت هذه الجماعة باستخدامها سيف التكفير ضد الحكومات والمثقفين، وكل من لا يتفق معها في الشأن الديني أو السياسي. الآن، هذه الجماعة، التي تسيدت الحسابات المتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت تروع الناس، أصبحت نفسها خائفة! أصبحت مهمومة بتنظيم «داعش»، دولة العراق والشام الإسلامية، الذي يعتبر السروريين كفارا، يحل دماءهم، ويتوعدهم بالقتال. وفجأة انقلب السروريون، والإخوان، ومن والاهم من كتّاب متشددين مثلهم، يحذرون الناس من «داعش»! صاروا ضد التطرف، وضد من يصفونه بحزب الخوارج، داعين إلى محاربة التنظيم! وهذه الجماعة نفسها، أي السرورية، لا تقل شرا وعدوانا عن «داعش». الذي تغير أن الداعشيين صاروا يقفون على يمينهم، يزايدون عليهم تطرفا، وينطقون بلهجة أكثر بذاءة. الحقيقة لم أتمالك نفسي مستغربا، وضاحكا، من لغة «الدواعش» ضد…
السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤
نحن أمام حالة فريدة تتمحور فيها مواقف الدول والأحزاب والعشائر حول تنظيم داعش؛ فقد صار سببا لجمع عدد من الخصوم، خوفا منه اتفقت معظم القوى العراقية، من شيعية وسنية وكردية، على التصالح. كما سرع داعش بخروج العاصي نوري المالكي من رئاسة الحكومة، وأعاد معظم معارضي السنة إلى بغداد للتعاون، وتصالحت حكومة كردستان مع حكومة بغداد، وأعادت لها حقلي نفط منهية القطيعة. حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما حنث بيمينه عندما تعهد بأنه لن يحارب في العراق منذ خروج قواته، وشرع في إطلاق النار. كذلك، باعت إيران المالكي، وقبلت السعودية بالبديل حيدر العبادي. يا لها من قصة غير عادية، وعلى البقية أن يفهموها جيدا. الحكمة منها أنه لا مكان لداعش ولا مجال للعب بورقة داعش. وحوله تشاحنت أمس زعامات في محافظة الأنبار السنية في العراق. عشائر أعلنت أنه بخروج نوري المالكي من رئاسة الوزراء أصبحت مستعدة الآن للتعاون مع الحكومة على قتال التنظيم الإرهابي الذي يهددها جميعا. وعشائر أعلنت أمس أنها ترفض مقاتلة التنظيم وتهدد باستخدامه إلى أن تتحقق مطالبها. الطريق للتخلص من التنظيم طويل ومحفوف بالمخاطر؛ ففي الوقت الذي اتفق فيه خصوم داعش على طرح خلافاتهم جانبا من أجل محاربته، فإن التنظيم لا يقل ذكاء وقدرة على اللعب السياسي؛ فهو بدوره يريد استخدام الخلافات بين العشائر السنية، ويستغل بعضها ضد البعض…
الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠١٤
تخيلوا أن تنظيم «داعش» الإرهابي لم يتصدَّ لقوات المالكي عندما هاجم الأنبار قبل نحو ثلاثة أشهر، ولم يستولِ على الموصل في العاشر من يونيو (حزيران) الماضي، ولم يدخل الخوف والغضب بيوت العراقيين بسبب الانهيارات المتتالية للجيش والقوات الأمنية. لقد دفعت تلك الإخفاقات الخطيرة إلى إقناع من تبقى من فئات الشعب العراقي بأن نوري المالكي مسؤول عن الأزمة وبقاءه يهدد كل العراق، خصوصا أنه هيمن على مراكز القرار بما فيها العسكرية والأمنية. «داعش»، بزعامة الإرهابي الأول في العالم أبو بكر البغدادي، هو من دفع المالكي نحو الهزيمة السياسية السريعة في معركة انتخاب رئيس الوزراء، وكانت مفاجأة للمالكي نفسه. فالرجل كان قد حصَّن مركزه لدرجة أنه أمن رقما مرتاحا من البرلمانيين سيصوتون معه، وبشكل مضمون ويبقى رئيسًا للوزراء لأربع سنوات أخرى. لهذا تحدى كل خصومه، وكان يهزأ ممن ينشطون في بناء تحالف لإسقاطه، حتى إنه أبلغ البيت الأبيض، عندما حذره الأميركيون في البداية بعدم البقاء، أنه يتعهد باحترام العملية الديمقراطية، وأن المنصب سيكون من حظ صاحب الأصوات الأعلى. ومع أن غالبية القوى العراقية تعمل منذ زمن طويل لإزاحته، بما فيها الرئيسة مثل الصدريين، والمجلس الأعلى، والأكراد، والسنة، إلا أن المالكي تمكن فعلا من تأمين الرقم المطلوب للفوز! سألت أكثر من سياسي عراقي، وكلهم أكدوا أنهم كانوا يخافون من بدء عد الأصوات لأن…
الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠١٤
لا نعرف حماسا عراقيا وإقليميا ودوليا، مثلما شاهدناه في الأيام الماضية من أجل إقصاء نوري المالكي من رئاسة الحكومة العراقية. الشيعة، والسنة، والأكراد، والعرب، والأميركيون، والأمم المتحدة جميعهم اتفقوا على إقصاء المالكي. حيدر العبادي فجأة صار أشهر الأسماء وأكثرها شعبية، بعد أن وافق على مواجهة المالكي، ويحل محله رئيسا للحكومة. الآن في العراق وبشكل مؤقت دولتان؛ الأولى هي الحكومة العراقية، وأخرى غير شرعية هي دولة العراق والشام الإسلامية «داعش». وفي العراق رئيسان للحكومة؛ الأول العبادي الذي يمثل ممثلي الأغلبية النيابية، والثاني هو المالكي الذي انتهت ولايته، ويصر على ادعاء الشرعية. سيجد العبادي تأييدا لا مثيل له نتيجة أفعال المالكي السيئة، التي أوصلت العراق إلى حالة التمزق، بين مناطق طائفية مضطربة، ونزاع مع الأكراد، واستيلاء الإرهابيين على مناطق رئيسية، ومذابح جماعية مروعة. هذه كلها من وراء حكومة المالكي التي كانت تهتم بخدمة المالكي شخصيا وتدخل في معارك على حساب الدولة والعراق ككل. المالكي من أجل أن يبقى في كرسي الحكم جرب كل الحيل وفشل. نشر دباباته قبل تنحيته بليلة، واتهم رئيس الجمهورية الجديد بخرق الدستور، وفي صباح أمس حاول تلفيق بيان باسم المحكمة الدستورية، ثم جمع شخصيات هامشية من حزب الدعوة مدعيا إسقاط التمثيل الحزبي للعبادي. نحن نعتقد أننا سنرى بغداد تعود إلى حيويتها وحياتها الطبيعية، الوفود العربية والإيرانية والغربية ستزورها…