الخميس ١٧ أبريل ٢٠١٤
مــــن الواضــح أن الإيـــرانيــين وأعوانهم في «حزب الله» أثاروا حساسية النظام السوري باحتلالهم صدارة الواجهة الإعلامية أخيراً لتقديم النتائج المستخلصة من «الانتصارات العسكرية» التي حققوها في معركةٍ هي أولاً وأخيراً ضد سورية وشعبها. أما وصفها بأنها حرب على «الإرهابيين» و»التكفيريين» فعدا أنه دعائي لتبرير التدخل الخارجي، يريد أيضاً وضع إيران في مصاف دول كبرى يمكن الاعتماد عليها في مهمات «أخلاقية» أو لها صلة بالسلم العالمي. وتكاد حجج حسن نصرالله، ومن بعده نائبه نعيم قاسم، تشابه الى حد بعيد ما سبقهما اليه عدد من مسؤولي الإدارة الأميركية السابقة في تبرير حربها على الإرهاب. لاحظ الإيرانيون أن اعلام دمشق نسب الى النظام السوري ما تحقق ميدانياً في الشهور الأخيرة، لذا تولّى الإعلام الموالي لهم تسليط الضوء على انجازاتهم. صحيح أنهم قاموا بإنقاذ النظام، ولا ينكرون ذلك، لكن الصحيح أيضاً أنهم بذلوا ما بذلوه لمراكمة الأوراق في أيديهم للمساومة مع الولايات المتحدة ودول الغرب عموماً. ومن يقود المعركة العسكرية بعدما بلغ ضعف نظام بشار الأسد حدّاً هدّد مصالحهم في سورية، لا بدّ أن يتطلّع الى قيادة المعركة السياسية للأسباب ذاتها. وهو ما بدأه الإيرانيون فعلاً، مستغلّين موت «جنيف 2» والانشغال الأميركي - الروسي في اوكرانيا، ومعتمدين على حليفهم وصنيعتهم «حزب الله» في الجانب الدعائي وعلى مبعوثيهم لبث الأفكار السياسية عبر قنوات بعضها سرّي.…
الخميس ٢٧ مارس ٢٠١٤
تبنّت القمة العربية في الكويت خطّين للتعامل مع المسألة السورية: السعي إلى قرار دولي ملزم بوقف إطلاق النار، ودعم الاستمرار في البحث عن حلٍّ سياسي من خلال مفاوضات جنيف. وبمعزل عن مبدئية هذين الخيارين يعلم الجميع أنهما صارا متعذّرين، خصوصاً في هذه المرحلة، بعدما بلغ النظامان السوري والإيراني في «خطّة الحسم» حدّاً غير مسبوق من التهوّر والفجور العسكريين، وبعدما نسفا بالتواطؤ مع روسيا كل إمكانات واحتمالات التوصل إلى حل سياسي. فلا تطوّرات القتال على الأرض تركت نافذة مفتوحة على أي هدنة، ولا تعقيدات الوضعين الإقليمي والدولي أتاحت ظروفاً مواتية للتفاوض. ولا يبدو أن المبعوث الدولي - العربي سمع في طهران ما يشجعه على تصوّر عودة قريبة إلى جنيف، وهذه هي الخلاصة التي انتهى إليها مَن التقوا مع الأخضر الإبراهيمي في الكويت. لكن، مع ذلك، تريد الدول العربية إبقاء المراهنة على الحل السياسي، وهذا أحد أهم أسباب تأجيلها منح «الائتلاف» السوري المعارض مقعد سورية في الجامعة العربية. لذا، تندفع المرحلة الراهنة إلى الانغماس في الاقتتال، ومع أن انطباعاً عاماً ساد أخيراً بأن النظام وحلفاءه في صدد «الانتصار»، إلا أن ردّ مقاتلي المعارضة أعاد التوقعات إلى ما كانت عليه، أي إلى واقع أن القتال سيستمر من دون حسم حتى لو توصّل النظام إلى تحسين مواقعه الميدانية، كما حصل في القلمون. غير أن…
الثلاثاء ١١ مارس ٢٠١٤
في مصر والسعودية باتت جماعة «الإخوان المسلمين» «تنظيماً إرهابياً»، وفي مصر كما في الإمارات جُرّم قادة أو منتمون إلى هذا التنظيم وحكموا أو يحكمون. وأثارت المسألة آراء وردود فعل مؤيدة يمكن اختصارها في أربعة اتجاهات: 1) رأى معظم المواقف أن الحكومات تأخرت في إجراءاتها. 2) رغم أن «الجماعة» حظيت طويلاً بميزة «الاعتدال» التي أضفيت عليها فإن هناك اقتناعاً متزايداً بأن المجموعات المصنّفة إرهابية خرجت من تحت عباءتها. 3) أن الحكومات تسعى إلى تظهير نمط من الاعتدال خارج إطار ما يُعرف بـ «الإسلام السياسي». 4) أن «استرهاب» جماعة الإخوان يصعب تعميمه وإسقاطه على كل من ينتمي إلى تيارها الفكري. يمكن عزو اللوم بالتأخير إلى أسباب عدة، أبرزها: 1) أن لـ «الإخوان» وجوداً في المجتمع لا بد من أخذه في الاعتبار. 2) أن مصر التي تعرّفت باكراً إلى ظواهر العنف «الإخواني» وعمدت إلى حظر التنظيم، فضّلت إتاحة وجود «غير رسمي» له تحت ضغط ومراقبة دائمين. 3) أن البلدان الأخرى اكتفت بتفاهمات مبدئية أو موثّقة تمنحهم الأمان شرط عدم ممارسة أي نشاط سياسي، إلا أن تغلغلهم في بعض البيئات والقطاعات (التعليم، مثلاً) ما لبث أن صنع «حالاً سياسية». 4) أن المجتمعات المعنية استشعرت الخطر، خصوصاً بعد عودة/ لا عودة أبنائها من «الجهاد» ضد السوفييت في أفغانستان، فهذه التجربة أنتجت بيئة احتكاك التديّن السلفي…
الثلاثاء ٢٥ فبراير ٢٠١٤
ربح فلاديمير بوتين أولمبياد سوتشي، لكنها كلّفته كثيراً: خسر في أوكرانيا. خسارة أكبر من المكاسب التي يظن أنه يراكمها الآن على جثث الآلاف من السوريين، وعلى انقاض العشرات من الحاضرات المدمّرة. قد يذهب في النهاية إلى انضاج تقسيم أوكرانيا، فالبذور موجودة، بل إنها ارتوت أخيراً من دماء قتلى «ميدان الاستقلال» في كييف، ولولا الوساطة والضغوط الأوروبية لما أمكن التوصل إلى اتفاق على تسوية الأزمة، ولكان استيلاء المعارضة على غرب البلاد تحوّل من خطوة احتجاجية إلى سيطرة على معظم الدولة. فجأةً، وجدت روسيا نفسها، خلافاً للعادة وللتقاليد، «محرجة» بمشروع قرار إنساني لتعزيز إيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى المناطق المحاصرة في سوريا، فوافقت عليه بعدما جرّدته من أي قيود إلزامية أو تلويح بعقوبات في حال الإخلال والتعويق. لكنها، انسجاماً مع إصرارها على إبقاء مجلس الأمن عاجزاً ومعطَّلاً، طلبت أن يُترك تنفيذ القرار للنظام السوري، وهو يعلم كما المجتمع الدولي يعلم ما يعنيه ذلك، إذ لا يمكن التعويل على مَن ذهب بعيداً في برهنة لاإنسانيته حتى في التعامل مع أنصاره، إلى حدّ أنه يرفض مبادلة نساء وأطفال مسجونين لديه بنساء وأطفال محتجزين لدى معارضيه. انسلّ هذان التطوران إلى عمق الاستراتيجية البوتينية ليسلّطا الأضواء على أخطاء أصلية في المنطق الذي استندت إليه، وعلى مفهوم للقوة يطبّق بوسائل لم يعد عصر ما بعد الحرب الباردة…
الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠١٤
في مقر الأمم المتحدة في جنيف، كشفت القاعة الرقم 3 حيث تُعقد المؤتمرات الصحافية واحداً من أسوأ العروض لآخر ما أنتجه إعلام النظام السوري من موظفين لا يستحقون إطلاقاً صفة الإعلاميين. الأكثر فظاعة أنهم لا يعلمون إلى أي حد هم سيّئون، ولا علاقة لذلك بقناعاتهم السياسية -إذا جازت تسميتها كذلك- بل بسلوكهم «اللامهني». يمكن إلقاء اللوم عليهم أو اعتبارهم غير ملومين، فمن الواضح أن أحداً لم يعلمهم الأصول، وإذا فعل فإنه لقّنهم ما في الكتب، وهذا لم يساعدهم أبداً على مواجهة الحقيقة والتعامل مع الواقع. فحين اصطدم واحدهم بإعلام الأجهزة، إعلام التوجيهات والتعليمات والضباط الملقّنين، وجد أنه مدعو لأن يكون مخبراً أكثر منه صحافياً ووجب عليه أن يقرر هل يستطيع المتابعة أم لا. فلا أحد في العمل يتوقع منهم الأمانة والنزاهة في نقل المعلومات، ولا أحد يطالبهم بالأخلاقيات الإعلامية في التعاطي مع الأخبار وأشخاصها. في الجولة الأولى، بلغ الوضع حدّاً لا يطاق، قال لي الصحافي المخضرم، إذ إن وفد إعلام النظام كان أشبه بفرقة مجنّدين يتوزّعون في مختلف أنحاء القاعة أو يحاصرون الناطقين المتحدّثين في الهواء الطلق من كل الجهات. وليس في ذلك توق إلى معرفة أكبر كمّ ممكن من المعلومات، بل تنفيذ لتعليمات بأن يصادروا أي مؤتمر صحافي لمنع مندوبي الفضائيات الجادة أو الصحف الرصينة من طرح الأسئلة الصحيحة…
الثلاثاء ٠٤ فبراير ٢٠١٤
يُلاحَظ حالياً، في سياق الحدث السوري، وجود دفع دولي وإقليمي نحو بلورة حاجة إلى «حرب على الإرهاب» جديدة بات مسرحها واضح المعالم، على امتداد سوريا والعراق، مع جهد يُبذل لأن يشمل لبنان. هذه المرّة لا تريد الأطراف الدولية التدخل مباشرة، ولن ترسل قوات إلى الأرض المشتعلة، لكنها تبدي كل الاستعداد لأي مساهمة بالتدريب والتسليح والخبرات، فضلاً عن الطائرات بلا طيارين. من هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة إلى حرب أفغانستان ثم حرب العراق، كان للإرهاب شأن وأصبح له شأن آخر، دُفع من مكان ليستقرّ في آخر، أُخرج من وكر فتوارى في أوكار كثيرة، تغيّر دوره، تبدّلت أساليبه، ضعف وتقهقر، ثم عاد وتمادى، يقال تارةً إن العالم صار أكثر أمناً ليقال تارةً أخرى إن الأمن والأمان مؤجّلان، وإن الإرهاب ظاهرة يصعب للأسف ضبطها والإجهاز عليها. في التسعينيات ثم في العقد الأخير، كانت السعودية ومعظم دول الخليج الأكثر استهدافاً من جماعات الإرهاب وتنظيماته، وقد تكبّدت تكلفات هائلة لمواجهتها ولا تزال تعيش في هاجس المخاطر التي أمكن تقليصها مصرياً واحتواؤها خليجياً فانكفأت إلى اليمن، لكنها تفجّرت مجدداً في مصر بعد عزل الرئيس الآتي من صفوف جماعة «الإخوان المسلمين» وزوال حكمه. غير أن العراق وسوريا يشكّلان راهناً بؤرتين كبيرتين مفتوحتين لإرهاب متجذّر وقادر على تجديد نفسه. لم يكن سرّاً أن سوريا وإيران استغلّتا…
الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠١٤
من المسؤول عن عودة تنظيم «القاعدة» إلى الانتشار واستعادة «الحاضنة» الشعبية في الأنبار عبر فرعه الذي زاد «الشام» إلى عنوانه ليصبح تنظيم «الدولة الإسلامية للعراق والشام» أو «داعش» اختصاراً؟ لو أن الحكومة العراقية تصرفت، غداة الانسحاب الأميركي، كحكومة لجميع العراقيين، ولو أنها أرفقت الإجراءات الأمنية الضرورية لمجابهة الإرهاب بمبادرات سياسية أتيحت لها بموجب «اتفاق أربيل» (ديسمبر 2010)، لما تسببت بهذه الأزمة التي زادت الشرخ المذهبي بين الشيعة والسنّة، ولما جازفت بالجيش العراقي الحالي ووضعه في حال استهداف لأحد مكوّنات المجتمع، والأهم لما أوجدت بيئة وظروفاً يضطر معها السُنّة للمفاضلة المستحيلة بين عدوّين: الجيش و«القاعدة». الأزمة لم تبدأ قبل أسبوعين، أي بعد مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش محمد الكروي، ليتخذه رئيس الوزراء نوري المالكي ذريعة للإعلان، من كربلاء، عن تجريد حملة «ثأر القائد محمد» ضد «داعش». كان هذا مجرد فصل مأساوي مؤلم في مواجهة لم يكن لها أن تكون أصلاً، لكن الأزمة بدأت في 2010 غداة الانتخابات والخلاف على من يتولّى منصب رئيس الوزراء، وكانت الفرصة سانحة للانطلاق في بناء النظام «الديموقراطي» الجديد أو بالأحرى «دولة المؤسسات» المناقضة للنظام الذي أسقطه الغزو الأميركي. خسر العراق هذه الفرصة، وتولّى رئاسة الوزراء من اختاره التفاهم الضمني بين الولايات المتحدة وإيران. ورغم مساوئ هذا الاختيار، مغزىً وأسلوباً، كان يمكنه أن يعني ضماناً لـ…
الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٣
لا لاستخراج الكلمات المنقرضة، لا للتقعير اللغوي، لا لتكسير الفصحى، لا للهجات المحلية... كثير من اللاءات تردد في أرجاء القاعة الكبيرة في مقر "اليونيسكو" يوم الثامن عشر من الشهر الجاري، الذي كرّسته هذه المنظمة الدولية اليوم العالمي للغة العربية، وهناك أيام للغات أخرى. كان واضحاً من المداخلات أن أصحابها يستشعرون وجود خطر على "لغتنا الجميلة" من التشوّهات التي تتعرّض لها، خصوصاً في الإعلام، لا سيما القنوات الفضائية الأكثر بلوغاً إلى المتلقين العرب في كل مكان، والمفترضة الأكثر اختراقاً لحياتهم اليومية من الإعلام المكتوب. لكن، جدّ جديد أيضاً على هذه المعضلة منذ انتشار وسائل الإعلام الحديثة والتواصل الاجتماعي بسبب شيوع استخدام العامية واستسهاله. باستثناء الإنجليزية الغازية بلا منازع، وربما لسرعة تطوّرها وتكيفها ومرونتها، يبدو أبناء اللغات الأخرى جميعاً في حال دفاع عن لغاتهم، مسلطين الأضواء على المخاطر الآتية عموماً من الإنجليزية. والمتفق عليه أن اللغة كائن حي يتأثر بالمراحل التي يمرّ بها، من البيت إلى المدرسة إلى المجتمع والشارع، أي إلى الحياة العامة، وبالتالي، فإن المسؤولية موزّعة لدى الحديث عن سلامة الكلام. ولعل العربية تتميّز بأمرين: أنها لغة القرآن الكريم، وأن الفارق بين الفصحى والدارجة كبير أحياناً. فالفكرة في معظم اللغات الأخرى تُستذهن وتُستخرج بفوارق بسيطة، صياغية أحياناً، أما في العربية، فغالباً ما يكون الفارق أكثر تعقيداً. يُضاف هنا أن اللغة…
الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠١٣
السؤال الذي طُرح بقوة وإلحاح فور اعلان التوصل الى اتفاق بين الدول الكبرى وإيران: هل يمكن أن ينعكس على سورية، وكيف وبماذا؟ طالما أن هذا الاتفاق «التاريخي» يتزامن مع الإعداد المركّز لمؤتمر «جنيف 2». السؤال الآخر: هل كانت سورية في أذهان المفاوضين، خصوصاً أن الايرانيين سبق أن أثاروا المسألة معربين عن استعداد لتنازلات في الملف النووي اذا حصلوا على تنازلات غربية في الملف السوري؟ يستتبع ذلك التساؤل عما اذا كان جنيف الايراني حجز لطهران الآن مقعداً في جنيف السوري، على رغم مشاركتها المباشرة في القتال الى جانب النظام. لكن تساؤلاً استنتاجياً يطرأ: وهل يتناسب هذا الدور العسكري مع اعادة تأهيل ايران للعودة الى الساحة الدولية؟ بل هل بإيران هذه يراد إحداث تغيير استراتيجي في المنطقة وهي لا تزال تتبنّى سياسة «تصدير الثورة» وتأجيج النعرات والصراعات المذهبية والتدخل السافر في شؤون جيرانها العرب وغير العرب؟ في أي حال، لم يعد في السياسة الدولية منطقٌ يقاس عليه أو بوصلة يُسترشد بها. فبين تغريدتَي «بوتين يرى العالم بمنظار المافيا الروسية» و «مع اوباما مش ح تقدر تغمّض عينيك»، هناك عربدات نتانياهو وليبرمان وسواهما من موتوري الحكومة الاسرائيلية. وهؤلاء جميعاً، بالاضافة الى خامنئي وأعوانه، لاعبون يفضلون المقامرة والمساومة بالعرب وعليهم. المؤلم أن شعب سورية وطموحه الطبيعي والمشروع للتغيير وقعا في قبضة هذه الزمرة التي…
الثلاثاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٣
سيحصل اتفاق بين إيران والدول الست، لكن فقط إذا اقتنعت طهران بأن الخطوة الأولى التي خطتها في جنيف لا تحقق لها، بمضمونها الحالي، ما تطمح إليه بالنسبة إلى رفع العقوبات، إذ لا يمكنها تحرير القطاعين النفطي والمصرفي من القيود التي المفروضة عليهما من دون أن تضع على الطاولة تنازلات واضحة وملموسة وكفيلة بأن تعطي مفاوضيها إثباتاً صلباً بأنها متجهة فعلاً نحو ملاقاة مطالبهم المطروحة منذ ما يقرب من عشرة أعوام، وهي مطالب تضاعفت وزادت تعقيداً منذ 2010 فبررت الرزمة الرابعة من العقوبات، التي توافقت عليها الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن. الجولة الثانية من المفاوضات كادت تبلغ الهدف، بدليل أن وزراء الخارجية قطعوا التزاماتهم ليشهدوا بداية حدث وصف بأنه "تاريخي"، لكن الحسابات لم تطابق التمنيات. هناك بداية تحريك للموقف التفاوضي الإيراني، لكنه غير كافٍ لتعتبر الدول الغربية أن البرنامج النووي وضع أخيراً على سكة إغلاق مساراته الخطيرة التي تفضي إلى اقتناء سلاح نووي. فالورقة الإيرانية لم توفّر إجابات عملية عن الأسئلة المتعلقة بـ1 – وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 % وإغلاق مفاعل "فوردو"، حيث يتم هذا التخصيب وتحديد مصير الكمية التي سبق أن انتجت منه (تريد مجموعة الدول الـ 5+1 نقلها إلى دولة يتفق عليها لاستبدالها بقضبان وقود لتشغيل مفاعل نووي محدود التخصيب ويتناسب مع تأكيد إيران أنها تسعى إلى…
الخميس ٠٧ نوفمبر ٢٠١٣
استغرق البيان أربع دقائق وكان كافياً لاختصار واحد وثلاثين شهراً قاسية مرّت على سورية، بل كان صدمة قاسية اختزن العقيد عبدالجبار العكيدي فيها عصارة نقمته على المجتمع الدولي و «تآمره على الشعب السوري» وعلى «معارضة الخارج» و «أمراء الحرب» في الداخل الذين رفضوا الدعوات الى التوحد ورص الصفوف، فإذا بالنتيجة: «تراجع الجبهات وخسارة طريق الامداد وآخر الخطب سقوط مدينة السفيرة» شرق حلب. لم يستطع العكيدي أن يستمر في قيادة الدفاع عن المدينة لأنه ليس «أمير حرب» يقنع بحي أو بشارع ليكون «مملكته» الواهية، والأرجح لأن كثرة الفصائل والأجندات فتكت بالحال وبالأهداف التي انطلق منها عندما خاض معركة حلب في تموز (يوليو) 2012. مع سقوط السفيرة أصبح الخوف على بقاء حلب في أيدي «الجيش الحر» واقعياً، لأنه يتيح إمكان تطويقها شرقاً ويفتح طريق الإمداد الى الرقّة، أي الى مناطق سيطرة تنظيم «داعش» (الدولة الاسلامية في العراق والشام) التي لم تتعرض لأي قصف أو حتى ازعاج فيما تهاجم طائرات النظام ومروحياته مناطق مجاورة لتسهّل لـ «الداعشيين» دخولها. مع ذلك، وفقاً لمنطق النظام الذي يدّعي محاربة الارهابيين، من الطبيعي توقّع صدام طالما تفادته قوات النظام وعناصر «داعش» منذ ظهور الأخيرة داخل سورية. قد يحصل قتال شكلي فقط لتغطية عملية التسلّم والتسليم بين الطرفين، فهذا يتماشى مع أسلوب «القاعديين» الذين لا يصمدون في أي…
الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠١٣
مراجعة جديدة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة العربية. خبر جيّد هذا أم سيئ؟ ليست المراجعة الأولى في تاريخ التدخلات الأميركية، والسوابق ربما تكون كما اللواحق. أزمات أغلقت على "زغل" كما تُقفل الجروح على جراثيمها لتركها تعتمل. خيارات في الدعم أو العزل لم يكن معظمها صائباً. "ثوابت" مرتبطة بالمصالح لا تتغيّر، وتجارب للتكيّف مع المتغيّرات لا تتوصّل إلى ثبات. فكيفما قلّبت واشنطن الأفكار والمعطيات والنظرة إلى نفسها والعالم لا تلبث أن تبقى في مربّع سياسات تقليدية باتت متكلّسة... قد يُقال إن هذا تقويم متسرّع لتوجّهات لم تُعلن بعد، بل لم تنتهِ إدارة أوباما من درسها، أو أنه يتغافل عن أسس "جديدة" فعلاً لمجرد أنها غير مناسبة للعرب. غير أن المقدمات التي أصبحت في عمق ممارسات هذه الإدارة تشي بما سيأتي. ينبغي التوضيح أن النيات الأميركية الرامية إلى "الانكفاء" أو "الانسحاب" أو "الاستقالة" من المنطقة ليست مرفوضة، بل مرحباً بها. لكن ما ينبغي نقده وحتى تجريمه هو طريقة تطبيق هذه السياسة ومضمونها وأهدافها. فبعد عقود طويلة أمضتها أميركا في حمل الحكومات على الارتباط بها، مع ما استتبع ذلك من ضغوط مورست وقيود فرضت، ومن سياسات دُفعت الحكومات إلى اعتمادها بأخطائها فقط لأن واشنطن أرادتها. ها هي أميركا تستعد، إذاً، لتوديع هذا النهج للشروع في آخر لا يخلو بدوره من الغوامض والمخاطر. أما…