الإثنين ٠٣ فبراير ٢٠١٤
في جلسة نقاشية مشتركة لكل من جون كيري وتشاك هيغل - وزيري الخارجية والدفاع – حاول كل من المسؤولين الأميركيين الدفاع عن إدارة الرئيس باراك أوباما ضد فكرة الانسحاب الأميركي الكبير من العالم، والتي تخللت نقاشات مؤتمر ميونيخ. يقول الوزير كيري: «نحن لم ننسحب من أي مكان.. كل ما قمنا به الانسحاب من العراق وأفغانستان وفقا لاتفاقيات سابقة.. نحن ننتقل.. نحن نعمل مع الإماراتيين والسعوديين حول التحول في مصر. نحن موجودون ومنخرطون في بلدان وأماكن كثيرة». أما هيغل، فذهب أبعد من ذلك، حيث جادل بأن «الولايات المتحدة أكثر حضورا ونشاطا في أماكن كثيرة اليوم، ربما أكثر من أي وقت مضى. كيف نقوم بذلك؟ هو شأن مختلف.. نحن لن نرحل إلى أي مكان». ملخص حديث الوزيرين هو أن إدارة الرئيس أوباما تعتمد التحول من الاعتماد على الحل العسكري إلى الدبلوماسية. هل هذا الطرح مقنع؟ السيناتور جون ماكين غير مقتنع، بل هو يرفض هذا التبرير قائلا: «الحقيقة أننا نتراجع.. لقد خذلنا حلفاءنا في المنطقة، واضطررناهم إلى أن يسلكوا طريقهم الخاص.. حمدا للرب على أصدقائنا السعوديين، حيث دعموا المعارضة السورية في الوقت الذي فشلت فيه محادثات جنيف». ماكين يستشعر أن إدارة أوباما تفرط في تفاؤلها بشأن التزام إيران بأي اتفاق نووي جاد، وأنه يكفي النظر إلى تاريخ النظام المليء بالخداع لإدراك ذلك. بيد…
الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠١٣
* خلال زيارتي لمصر هذه المرة لفت نظري في الطائرة قلة عدد الركاب، لا سيما في مقاعد رجال الأعمال والدرجة الأولى. أمر يراه كثيرون طبيعيا في مثل هذه الظروف التي تمرّ بها مصر والمنطقة. فكما يقال «رأس المال جبان» يخشى الاضطرابات ويهرب من علامات الاستفهام. وحقا، الصحف المصرية كانت من جهة ممتلئة بالحديث عن «نصر أكتوبر»، لكنها من جهة ثانية وفي الوقت عينه، منشغلة بملفات عن عنف المظاهرات المحسوبة على الإخوان. * هبطت الطائرة التي أقلتني من جدة إلى القاهرة في المطار عند الساعة الثامنة إلا ربعا. وكنت قد تبلغت بوجود حظر التجول منذ السابعة، ولكن يجري استثناء القادمين والمغادرين إلى المطار. ولدى الخروج من مبنى المطار، بعد إنهاء الإجراءات الروتينية، كان ملاحظا أن نقاط التفتيش في الطريق نشطة، ومدرعات الجيش وآليات نقل الجنود تساند رجال الشرطة والأمن في مهام حفظ الأمن والنظام. * داخل القاهرة لاحظت أن الشوارع الرئيسة شبه فارغة، والانتقال في الشوارع الخلفية محدود للغاية، ولكن ثمة حافلات صغيرة (ميكروباص) تنتقل في الحارات الجانبية لتلافي الإغلاق، وغالبا ما يلجأ إليها أولئك الذين علقوا في أماكن عملهم أو زيارة الأهل والأصدقاء. كذلك المتاجر مغلقة منذ وقت مبكر. * في الصباح الباكر حضر الرئيس الانتقالي - أو المؤقت - المستشار عدلي منصور مراسم الاحتفال بـ«نصر أكتوبر» بحضور وزير الدفاع…
الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠١٣
هناك خبران مقلقان من مصر هذا الأسبوع، أحدهما إعادة تشكيل الوزارة برئاسة هشام قنديل مجدداً وفقا لحسابات حزبية، وليس بناء على الكفاءة كما كان مؤملاً. أما الخبر الآخر، فهو تجاوز التعداد السكاني لمصر حاجز 84 مليون نسمة، حيث تضاعف الإنجاب خلال عامي «الثورة» نظراً لتراجع برامج تحديد النسل المدعومة في السابق من الحكومة والمؤسسات الدولية. أما لماذا تعدّ الزيادة السكانية أمراً مقلقاً، فلسبب بسيط وهي أنها تضيف أعباء مالية وبيئية على المجتمع المصري في المدن المزدحمة أصلاً بأحياء الصفيح. قبل عقدين كانت مصر واحدة من أهم الدول المنتجة للصادرات الزراعية، ولكنها اليوم أكبر مستورد للقمح، لأجل ذلك لم يكن مستغرباً أن يطالب الرئيس محمد مرسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين - في ذروة الدعم العسكري الروسي لنظام الرئيس الأسد في سوريا - بإعطاء مصر أسعارأ تفضيلية في محاولة لتقليص فاتورة دعم الرغيف في مصر. حقاً، الاقتصاد قد يضطر المتعثرين إلى تقديم تنازلات سياسية للآخرين فقط لتأمين لقمة العيش. في بلد تراجعت فيها المداخيل خلال العامين الماضيين، وتبخر أكثر من 60 في المائة من احتياطاتها الأجنبية، بل وفقدت عملتها 7 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام، فإن الحديث عن برنامج إصلاح اقتصادي لا يبدو ضرورياً فقط، بل مصيري أيضاً. للأسف لا يبدو أن الحزب الحاكم اليوم - أو الجماعة إن شئت…
الأربعاء ٢٠ مارس ٢٠١٣
في أوائل العام الماضي أصدر جيمس روبنسون ودارون أشيموجلو، وهما أكاديميان أميركيان، كتاباً بعنوان «لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والازدهار والفقر؟» (كروان هاوس 2012)، وحظي الكتاب بانتشار واسع، وتقريظا من كبريات الصحف الأوروبية والأميركية، وكان من بين الكتب الأكثر مبيعاً في السوق الأميركية. لكن هذا النجاح التجاري للكتاب، اصطدم فجأة بردود نقدية لأسماء بارزة في المجالين الأكاديمي والاقتصادي. فقد كتب بيل غيتس - مؤسس ميكروسوفت - منتقداً المنهج العلمي في الكتاب، الذي افتقر إلى تعريفات دقيقة، وأمثلة صحيحة - كما قال - ولكن ما أغضب غيتس، فيما يبدو، هو مقارنته بالملياردير المكسيكي كارلوس سليم، وقد عدّ تلك المقارنة مجحفة بحقه، فميكروسوفت لم تمارس احتكارا في تاريخها، ولا يمكن مقارنتها بشركة «تلميكس» التي تسيطر على 90 في المائة من سوق الهاتف الثابت في المكسيك. كما انتقد غيتس تناول الكاتبين لسليم بوصفه «نخبة» منتفعة من السلطة، وعدّ تلك الأوصاف غير منصفة من وجهة نظره. الردود المؤيدة والمنتقدة للكتاب توالت خلال العام، وكان من أبرزها ما كتبه جيفري ساكس، الاقتصادي المعروف في جامعة كولومبيا، والذي وصف حجج الكتاب وأمثلته بالبسيطة، والمضللة، والخاطئة في الكثير من الأحيان («الحكم، الجغرافيا، والنمو: روافد التنمية الاقتصادية». فورن أفيرز، سبتمبر/ أكتوبر 2012). رد فعل المؤلفين هو أن غيتس «جاهل» في الشأن الأكاديمي، فيما ساكس غاضب، لأنه يدحض نظريته…
الأربعاء ٢٧ فبراير ٢٠١٣
في تقرير مطول نشرته مجلة «النيويوركر» هذا الأسبوع، كتب الصحافي الشهير ديكستر فلكنز عن قلق يتنامى في أوساط حزب الله اللبناني، نتيجة للحرب الأهلية الدائرة في سوريا، حيث يقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد من أجل البقاء بمساعدة حلفائه في إيران، ولبنان، والعراق. فلكنز، الذي أمضى بعض الوقت في الضاحية الجنوبية، وعلى المناطق الحدودية المحاذية لسوريا، تمكن من الحديث مع بعض مقاتلي الحزب، بل وحضور مراسم التأبين لبعض العناصر التي قضت أثناء قتالها إلى جوار النظام السوري بمواجهة المتمردين. يروي التقرير عن أحد عناصر حزب الله قوله: «إذا ما سقط بشار، فالدور علينا»، وفي موضع آخر ينقل فلكنز عن بعض قيادات الحزب، تصريحاً، يعترفون فيه بسقوط قتلى لهم في سوريا: «لقد استشهد وهو يقوم بواجبه الجهادي.. دول عربية تنفق الأموال لتدمير سوريا وحزب الله». الصورة التي يرسمها فلكنز تعكس حزباً يشعر بالتهديد والقلق، نتيجة اقتراب الحرب إلى معاقله، وحالة من الوحدة والتوجس تسري بين قياداته، ونزعة عدمية تطغى عند النقاش، وجدل حول حرب النهايات، والموت دون التسليم بالواقع الجديد. لأكثر من عامين حاول حزب الله النأي بنفسه ـ إعلامياً - عن مجريات الأحداث في الدولة الجارة، وفي حين أطلق زعيمه حسن نصرالله تصريحات داعمة للحليف السوري بدعوى «المقاومة»، والتصدى لـ«العدو» الإسرائيلي، إلا أن تلك الخطب لم تنجح في تبرير موقفه…
الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣
حين قام الوزير الأول آنذاك زين العابدين بن علي بانقلاب أبيض على بورقيبة، فيما عرف بحركة السابع من نوفمبر 1987 في تونس، كان طبيعيا أن تنتقل الصلاحيات الرئاسية إلى الرئيس الجديد (بن علي) تحديا لأحكام المادة 57 من الدستور التونسي التي تنص على انتقال السلطة «عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو عجز تام يتولى فورا رئيس مجلس النواب مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة..». ولكن على الرغم من هذا التحدي للدستور، كان المناخ إيجابيا لا سيما بعد البيان التاريخي الذي وعد بانفتاح ديمقراطي، وعفو سياسي عن المعارضين في السجون والمنافي. حركة «الاتجاه الإسلامي» - أو النهضة كما باتت تعرف - كانت من أبرز المستفيدين حيث خرج الكثير من كوادرها من المعتقلات، أو عادوا من الخارج. بدت آثار العهد الجديد واضحة، فقد بدأ التلفزيون والإذاعة الرسميان بنقل الأذان للصلاة في أوقاتها، وبث تسجيل لخطبة الجمعة. بيد أن التغيير الأهم تمثل في الإعلان عن صدور قرار لفتح المجال السياسي أمام الأحزاب والتجمعات السياسية - لا سيما الإسلامي منها - لمزاولة نشاطها المحظور أو التأسيس لأخرى جديدة. في حينها أجرت مجلة «المجلة» حوارا مع القيادي الشاب في حركة الاتجاه، المهندس حمادي الجبالي، والذي كان عاد للتو من المنفى - أو توارى في أطراف البلد كما يروي البعض - بعد صدور حكم…
الأربعاء ٣٠ يناير ٢٠١٣
في شارع ناصر خسرو بطهران حيث تتزاحم بعض الصيدليات المرخصة لبيع الأدوية، نشطت خلال الأعوام الثلاثة الماضية سوق سوداء للأدوية المهربة، وعلى الرغم من قيام الجهات الصحية بحملات متكررة بهدف القضاء على الظاهرة، فإن السلطات بدأت تغض النظر قليلا عما يجري لأن بعض الأدوية الضرورية التي تباع هناك لم تعد متوفرة في الأسواق بسبب العقوبات الدولية. شركة «دارو بخش» وهي أكبر مزود للأدوية في إيران (ثلثا الإنتاج المتداول في السوق)، أعلنت مؤخرا عن توقف إنتاج بعض الأدوية لعدم توفر المواد الأساسية، ورفض الشركات الأجنبية التعاطي مع نظيراتها الإيرانية خوفا من الغرامات التي تفرضها السلطات الأميركية والأوروبية. ليست هذه هي المرة الأولى التي تختفي فيها الأدوية المستوردة، فإيران عبر العقود الثلاثة الماضية تعرضت مرارا لعقوبات غربية ودولية، ولأجل ذلك، فإن الأسواق الإيرانية تعودت على آليات لتعويض النقص في الواردات بصناعات محلية بديلة، أو التوجه نحو الأسواق الآسيوية حيث تضعف الرقابة الدولية على بعض الموانئ التجارية، ناهيك عن أن النظام الإيراني عبر أجهزته المتعددة قد أتقن مع مرور الوقت فنون التهريب، والالتفاف على العقوبات عبر تغيير الأسماء وتبديل الوسطاء داخليا وخارجيا.. ولكن هناك من يجادل بأن العقوبات هذه المرة قد تكون لحظة فاصلة، وهؤلاء يدللون على رأيهم بالآثار المهمة التي بدأت تظهر بوصفها نتيجة مباشرة للعقوبات. على سبيل المثال، أورد تقرير برلماني…
الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٣
في اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي الراحل ليندون جونسون مع السيناتور ريتشارد راسيل (مايو/ أيار 1964)، كُشف عنه قبل عدة أعوام، اعترف الرئيس لمحدثه بأن حرب فيتنام قد تطول، وأنه لا يرى في الأفق أية بوادر للحل، وأنه على الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في الحرب كي تمنع سقوط دول أخرى لصالح المعسكر الشرقي مثل «أحجار الدومينو»، ثم يعترف جونسون بعد ذلك، بأن الشعب الأميركي لا يكترث بهذه الحرب لأنه لا يدرك أهميتها على المدى البعيد، وأنه قد يخسر شعبيا نظير موقفه، ولكن التاريخ حتما سينصفه. يقول جونسون: «سوف يكون وقعها كالدومينو الذي سيجر معه قائمة طويلة. لذا علينا أن نستعد للأسوأ.. لا أعتقد أن شعب هذا البلد يعرف الكثير عن فيتنام، ولا أظنه يكترث بذلك». ولكن هل أنصف التاريخ جونسون كما كان يراهن؟ ربما يجدر بالرئيس أوباما الذي يدخل في ولايته الثانية رسميا هذا الأسبوع، أن يعتبر مما جرى لسلفه، فالتاريخ حقيقة لم ينصف جونسون كما كان يأمل، بل ألقت حرب فيتنام بظلالها على كل ما قام به من أعمال مهمة كرئيس. في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» عن أكثر الرؤساء الأميركيين المعاصرين عظمة (Greatness)، احتل الرئيس جونسون المرتبة قبل الأخيرة إلى جانب الرئيس نيكسون الذي استقال على أثر فضيحة مذلة، إذ لم تشفع للرئيس…
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢
في العهد البهلوي حين اشتعلت شوارع طهران بالمظاهرات اليومية، وأغلقت المحال أبوابها بسبب من الإضرابات، ازدادت حيرة الشاه في قراءة ما يجري، فلا مستشاروه كانوا يملكون أن يجلوا عنه القلق والحيرة، ولا تقارير الأجهزة الأمنية نجحت في تخفيف حالة الارتباك التي كانت تعصف به. حينها اقترحت الشهبانو فرح بهلوي على زوجها، استشارة أستاذ في العلوم الاجتماعية كانت تعطف عليه وتقربه منذ زمن، ويدعى البروفسور إحسان نراقي. سأل الشاه سكرتيره الشخصي بأن يزوده بتقرير عن هذا الأستاذ الجامعي حين يتسنى له دعوته، ولكن بعد اطلاعه على تقرير لجهاز «السافاك» تبين أن نراقي اعتقل مرات عدة لانتقاده النظام، وطالته اتهامات؛ مرة بأنه شيوعي، وأخرى بأنه متعاطف مع الإسلاميين، وعلى الرغم من أنه أستاذ مرموق لعلم الاجتماع حيث عمل في مؤسسات جامعية ودولية مثل اليونيسكو، فإن ذلك لم يشفع له. على الرغم من كل ذلك، فإن الشاه الحائر - ربما بسبب من إحباطه - التقى بالأكاديمي المنتقد لسياساته - ولا نقول المعارض - للاستماع إلى نصيحته في لقاءات ثمانية أصدرها في كتاب بعد مرور أعوام احتراما لعلاقته بالشهبانو، وصدرت بعنوان: «من بلاط الشاه إلى سجون الثورة» («الساقي» 1991). قبل أسبوعين، توفي البروفسور نراقي في طهران في ظل صمت حكومي وثقافي، بل وتم رفض طلب بدفنه في القسم المخصص لكبار الشخصيات من مقابر «بهشت…
الأربعاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٢
هناك دعابة متداولة يرددها بعض أساتذة الاقتصاد لشرح النظم الاقتصادية المعاصرة تقول: حينما يكون لديك بقرتان، فإن الدولة تسمح لك بواحدة، وتعطي بقرتك الثانية لشخص آخر، وهذا هو النظام الاشتراكي. أما في النظام الشيوعي، فإن الدولة تأخذ منك البقرتين وتعطيك حليبا في المقابل، فيما يسمح لك النظام الرأسمالي بالاحتفاظ بإحدى البقرتين، وتبيع أنت الأخرى لتشتري ثورا. ولكن ما عسانا أن نقول عن نظام تحكمه جماعة أصولية إسلامية تكون فيه الدولة رهينة لأهوائها؟ فهذا نظام يصادر منك البقرتين، الأولى لعدم موافقتها للشريعة - حسب فهمهم - والأخرى تَنفق، إما لأنك لا تمتلك ثمن علفها، أو لا تجد من يشتريها. مناسبة هذا الحديث هي الظروف الصعبة التي تعاني منها الأنظمة العربية، التي وصلت فيها أحزاب إسلامية إلى السلطة نتيجة للانتفاضات الشعبية التي هزت المنطقة، والتي حدثت لأسباب عديدة لعل من أبرزها تدهور الأوضاع الاقتصادية في عدد من البلدان العربية نتيجة لتباطؤ الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأربع الماضية. في ولاية سليانة غرب تونس ثمة مظاهرات مستمرة، وبعض أعمال الشغب، تتعلق في الظاهر بمطالب إقالة الوالي، ولكنها في الحقيقة تخفي خلفها حالة احتقان سياسي شديدة، اضطر معها السيد حماد الجبالي، رئيس الحكومة، أن يدافع عن بقاء حكومته، بل واتهم اليسار بإشعال الاضطرابات. يقول الجبالي: «والي سليانة لن يرحل حتّى لو اضطررت إلى تقديم استقالتي»،…
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٢
في كتابه «رحلة إلى بداية» (1969)، يقول الكاتب الإنجليزي كولن ويلسن ـ صاحب المؤلف الشهير «اللامنتمي» (1956) - واصفا التعاطي الأميركي مع مسألة الشهرة: «لا يوجد بلد أكثر حرصا على الاحتفاء بالمشاهير، ولا أكثر سرورا بأفولهم من أميركا». لعل هذا الوصف ينطبق على الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس الذي استقال مؤخرا من منصبه على رأس وكالة المخابرات الأميركية إثر الكشف عن علاقة نسائية له خارج إطار الزواج. كان من الممكن أن تمر هذه المسألة من دون اكتراث من الجمهور لولا أن نجم القصة يعتبر حتى وقت قريب في مصاف الأبطال. لا حاجة إلى سرد وقائع القصة، فهي منشورة باستفاضة في وسائل الإعلام. وسواء كنت تعتقد أن بترايوس يستحق ما جرى له نظير خيانته الزوجية، أو معترفا بسجله وإنجازاته كعسكري، فإن الجدل حول ما جرى سيستمر لبعض الوقت، وإذا ما ثبت أن بترايوس لم يرتكب خطأ أمنيا سوى هذه العلاقة التي كانت مدمرة، فإن السيناريو المرجح هو أن يطوي النسيان تلك الحادثة، ويكتفي المجتمع بألم الفضيحة ككفارة للبطل السابق، كما جرى لعشرات السياسيين الأميركيين من قبله، ممن تورطوا في فضائح أخلاقية من آل كيندي إلى كلينتون. لعل المسألة المهمة هنا ليست الفضائح الأخلاقية وتداعياتها، بل صناعة البطل وتمجيده. لو كان بترايوس جنرالا عاديا غير معروف، لما كانت كل تلك الضجة، ولكن بما…
الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢
لم تحظَ الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في سوريا قبل ستة عشر شهراً بذات الحماس والتهليل لدى قطاع واسع من المثقفين والكتاب عربا وغربيين، كالذي حظيت به الانتفاضتان التونسية والمصرية. السبب - كما يقولون - هو أن تونس ومصر شهدتا «ثورات سلمية»، فيما تحولت انتفاضتا ليبيا وسوريا إلى حرب أهلية. بالنسبة لهؤلاء، فإن الموقف الأخلاقي من نظامي بن علي ومبارك واضح، بينما هناك خلاف كبير حول الموقف من الحدثين الليبي والسوري. الأول لكونه شهد تدخلاً خارجياً من قبل دول خليجية وأوروبية، من خلال الجامعة العربية وحلف الناتو، والثانية لكونها «ثورة مسلحة» مكونة في أكثرها من «السنة»، وتضم بين صفوفها إسلاميين وسلفيين. لأجل ذلك تجد كتاباً ومثقفين عربا وغربيين، متشككين في الانتفاضة السورية، فتارة يتهمونها بالطائفية، ويخشون من حرب أهلية بين المكونات المجتمعية، وتارة أخرى يتحدثون عن سيطرة جماعات أصولية «سلفية» أو «قاعدة» عليها، ولهذا يحذرون من دعمها عسكرياً. طارق علي، الكاتب اليساري المعروف، يجادل منذ بضعة أشهر بأن المعارضة المسلحة ضد نظام الأسد، مرتبطة بأجهزة استخبارات غربية تحاول إطاحة النظام، والمجيء بحكومة استعمار عميلة. اللافت في هذا كله أن طارق علي، وبعد كل المعارك التي جرت، مازال يطالب بحوار بين المعارضة ونظام الرئيس بشار الأسد. من الطبيعي أن يدافع أنصار محور المقاومة والممانعة عن النظام السوري، ولكن من المثير للانتباه، أن…