الأربعاء ٣١ يناير ٢٠١٨
تعجب اللبنانيون والعرب، من الصفقة الفضيحة التي عقدها حزب الله مع تنظيم داعش في أغسطس 2017، إذ تم ترحيلهم في حافلات مكيفة إلى سورية الأسد، وعرقل حزب الله جهود الجيش اللبناني للإجهاز على الدواعش، بل إن المشهد السوريالي خرج عن السيطرة، جيش الأسد يعلن انضمام عناصر من داعش، ونصر الله يرفض قيام التحالف الدولي الذي تتصدره السعودية والإمارات والولايات المتحدة بقصف قافلة الدواعش. ولفهم هذه الملهاة نحن بحاجة إلى العودة قليلا إلى الوراء. في مايو 2007، انفجرت في طرابلس اللبنانية أولى قنابل الإسلام السياسي بالصراع بين تنظيم فتح الإسلام والجيش اللبناني. أسس التنظيم الضابط الفلسطيني شاكر العبسي الذي كان محكوما في سجون البعث بدمشق، أطلق سراحه بشار الأسد بعفو خاص ليأتي إلى لبنان مؤسسا تنظيمه التكفيري الذي انشق عن تنظيم فتح الانتفاضة. في ذلك الظرف كان سعد الدين الحريري مسيطرا تماما على زعامته السنية، أراد بشار الأسد أن يضعفه باجتذاب سنة الشمال إلى تنظيم تكفيري يستقوي بالظروف الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق. منذ انتصار الجيش اللبناني، عناصر التنظيم محتجزة في سجن (رومية) شرق بيروت، ولن تحاكم حتى يسقط نظام بشار الأسد. ما يهمنا من هذه القصة، أن الذي أصدر قرار تصفية التنظيم التكفيري هو رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ومن اعترض على ذلك في خطاب تلفزيوني هو حسن نصر الله يوم…
الأحد ٠٦ أغسطس ٢٠١٧
فاجأتنا الرابطة المارونية في لبنان ببيان أسود، أشادت فيه بخطاب حسن نصرالله أمين عام الميليشيا المسماة «حزب الله»، وحيت «شهداء» ميليشياه، وأضافت: «العملية العسكرية الجارية في جرود عرسال تشكل الخطوة الأبرز في حماية الحدود الشرقية للبنان ومنع الإرهاب من مواصلة التسلل إلى الأراضي اللبنانية، حيث ارتكبت في السنوات الماضية جرائم بشعة بحق المدنيين في أكثر من منطقة، بالإضافة إلى الجرائم التي ارتكبت بحق الجيش اللبناني». صدر البيان بتاريخ ٢٨ يوليو ٢٠١٧، وأعد هذا التاريخ مأتما لثلاث فرق؛ أولهم منظرو القومية اللبنانية والمارونية السياسية على غرار يوسف السودا وشارل مالك وفؤاد افرام البستاني، وثانيهم المنظرون المسيحيون للقومية العربية مثل نجيب عازوري وجورج أنطونيوس، وثالثهم أرباب التناغم اللبناني - العربي كالبطريرك مار نصرالله بطرس صفير والنائب الراحل سمير فرنجية، فبعض جمهورهم لم يصمد في لبنانيته أو عروبته، إنما تأيرن، ومنهم من ابتدع طائفة مستحدثة أو مذهبا جديدا داخل المسيحية، فما نعرفه عن الطوائف المسيحية الرئيسة أنها البروتستانتية والأرثوذكسية والكاثوليكية، والمارونية من تفرعات الأخيرة، لكننا لم نسمع يوما عن مسيحية جعفرية أو مارونية اثنتي عشرية. والحديث عن الرابطة وصفير يشدنا للحديث عن موقف بكركي، البطريركية المارونية التي تعد الرابطة من مشتقاتها، صفير هو بطريرك لبنان الدائم قبل أن يكون بطريرك الموارنة السابق، لم يتحدث عن الحزب الإلهي أبدا إلا بنص «ما يسمى بحزب…
الأحد ٣٠ يوليو ٢٠١٧
«هددت السعودية بضرب إمارة قطر ببكتيريا مرض الكوليرا كما ضربت، من قبل، اليمن بهذه البكتيريا التي تحصد الآن الآلاف من اليمنيين». هذا نص تغريدة كتبها طلال سلمان بتاريخ ٢١ يونيو ٢٠١٧ في موقع «تويتر»، سلمان فضلا عن أنه مؤسس ورئيس تحرير صحيفة السفير البائدة، هو أحد أشهر هواتف العملة في لبنان، فقبل تغريدته المذكورة بفترة، حين كانت صحيفته تلفظ أنفاسها الأخيرة، زار السفارة السعودية طالبا دعما ماليا. ليس هذا مهما، ففي ذروة الاصطفاف السياسي اللبناني بعيد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اتخذت صحيفة السفير موقفا واضحا مع القتلة، مع أن القتيل مد لها يد العون غير مرة، ومع اصطفاف الصحيفة الواضح مع سوريا الأسد وحزب الله وإيران، لم يكن هناك بأس بأن يكتب طلال سلمان بيده مديحا في السعودية بسبب امتلاء هاتف العملة، المزعج أنه نال اهتماما سعوديا أكثر من شخصية صحفية محترمة، مثل رئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام. ننتقل إلى حالة أخرى ومغايرة، قام موقع محطة mtv (تلفزيون المر) بنشر مقالة خاصة وغير موقعة، وهذا يعني في العرف المهني، أن الموقع، أو ملاك التلفزيون، يتبنون المقالة كسياسة رسمية، تقول المقالة العصماء: إنهم لن يقبلوا عقد مقارنة بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وبين أبي مالك التلي، فالخلاف مع ما يسمى بحزب الله مجرد خلاف سياسي وامتعاض…
الإثنين ٣١ أكتوبر ٢٠١٦
في قمة المناخ عام 2014 استشهد الرئيس الأميركي باراك اوباما بالعالم الموريتاني الجليل عبدالله بن بية: “يجب أن نعلن الحرب على الحرب، لتكون النتيجة سلم على سلم”، والعالم الكبير لا ينتظر استشهاداً أو إشادة من أوباما أو من غيره، لكننا أشرنا إلى هذه اللقطة لتبيان وزنه الدولي المعتبر استناداً إلى قيمته الإسلامية الكبيرة. ومنذ العام 2009 إلى تاريخه تعتبره جامعة جورج تاون أحد أكثر 50 شخصية تأثيراً في العالم، وهذا لم يأت من فراغ، فالشيخ العلامة درس العلوم الشرعية على يد خيرة العلماء في العالم الإسلامي، وصقل تجربته بمسيرة نادرة كرجل دولة، فهو أول وزير للشؤون الإسلامية في بلاده، وتولى كذلك وزارات التعليم والعدل والمصادر البشرية والتوجيه الوطني، وهو اليوم رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ورئيس مؤسسة الموطأ في أبوظبي. ومن مؤلفاته القيمة التي أنصح الجميع بقراءتها والاستفادة منها: “الإرهاب: التشخيص والحلول”، “حوار عن بعد حول حقوق الإنسان في الإسلام”، “خطاب الأمن في الإسلام وثقافة التسامح والوئام”، “مشاهد من المقاصد”. ومن فتاواه الجميلة جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وجواز حضور معتنق الإسلام لجنازة والديه. قال ابن بية: “الفتوى منتج صناعي ناتج عن عناصر عدة منها الدليل ومنها الواقع، والعلاقة بين الدليل بأطيافه المختلفة التي تدور حول النص وبين الواقع بتعقيداته”. ليس غريباً بعد كل هذا تلقيب ابن بية…
الخميس ١٣ أكتوبر ٢٠١٦
أحياناً، حين يقوم الكاتب بالتطرق إلى بعض الشخصيات فإنه يسيء إلى نفسه، لكن للضرورة أحكام، وهذا ما سأفعله اليوم. كتب المدعو أسامة فوزي مقالة يتهم فيها ملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين باغتيال الكاتب ناهض حتر. المقالة مقززة ومقرفة، ويحق للعاهل الأردني المحترم ترديد قول المتنبي: إذا أتتك مذمتي من ناقص. أسامة فوزي يصدر نشرة في الولايات المتحدة بعنوان "عرب تايمز"، لا أريد استخدام مصطلح "صحيفة" لأن النشرة وصاحبها عار على الصحافة، وربما أسسها فوزي لأنه لم يجد صحيفة محترمة تستقبله نظراً لتاريخه الأسود، ونشرته متخصصة في نشر الأكاذيب والفتن والردح بأسلوب فضائحي رخيص. تاريخ النشرة وصاحبها مثل هاتف العملة، تهجم مراراً على الإمارات وعلى المملكة العربية السعودية وكذلك الأردن، وأعتقد أن كل جهة يهاجمها أسامة فوزي يجب أن تشعر بالارتياح، فهو لا يهاجم غالبا إلا التجارب الناجحة والأشخاص الجيدين. عبدالله الثاني ابن رجل عفا عن كل من حاول اغتياله، الملك عبدالله نفسه نموذج مشرف للحداثة وللتسامح ولرجل الدولة، وهو من أبطال الحرب على الإرهاب في العالم العربي ومن حكماء السياسة كوالده، وقد وجدت في تطاول فوزي خسة ما بعدها خسة. مجموعة ممن يدعون انتسابهم النخبة للأسف تهرف بما لا تعرف، البارحة جعلوا ناهض حتر بطلاً وهو ضحية، واليوم يتحدث البعض عن فوزي كمفكر وكصحافي بينما هو مرتزق لا أكثر،…
الإثنين ١٨ مايو ٢٠١٥
على الرغم من أن الملك سلمان – حفظه الله – هو القائد الأعلى لعملية عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل، إلا أن الماكينة الإعلامية للعملية كانت ضعيفة جدا، وهذا أمر مثير للدهشة حين نعلم أن الملك له اهتمام وثيق بالصحافة وبالإعلام. التلفزيون السعودي كان خارج المشهد بسبب ضعف المشاهدة الناجم عن ضعف المهنية، وعلى الرغم من أن زمن المحطّات الرسمية قد ولّى بلا رجعة، إلا أنه في لحظة الحزم التاريخية وجب أن تكون المحطات السعودية الرسمية حاضرة لمواكبة الفعل السياسي ولموازاة الاهتمام بها في ظرف تتجه فيه أبصار الناس إليها، لكن المحطات الرسمية للأسف، أثبتت مرة أخرى أنها ميتة. خارج التلفزيون السعودي الرسمي، كان المشهد غريبا، فمحطات يفترض أن تقدم لوحة مهنية متقنة سقطت في فخ الدعاية والتوجيه، والأسوأ من ذلك أنها تخلت عن تقديم المعلومة إلى فرض الرأي. الإعلام يعيش في زمن التفاعل، ولعل وصف “المشاهدين” لم يعد له موقع في إعلام اليوم، فمن كان مشاهدا بالأمس أصبح متفاعلا مع الخبر وأحد صنّاعه بسبب التطور التقني والتواصلي. لذلك، تأتي استعادة الإعلام الموجه في هذا الظرف إهانة للمهنة وصناعها الذين عموم الناس منهم، إضافة إلى أن هذه الاستعادة لا تخدم الهدف السياسي ولا تحقق المردود المطلوب، بل إنني أعتقد أنه حتى أساطين الإعلام الموجّه ستكون لهم ملاحظاتهم السلبية على إعلام الحزم…
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
الدعوة إلى التفكير في الخيار العلماني بالسعودية ترسخ فكرة الدولة الحكم التي لا تنحاز لتيار ضد آخر، وفي نفس الوقت، تمنع أي تيار من فرض أجندته على الآخرين. لا أميل لشعارات “الإسلام هو الحل”، أو “العلمانية هي الحل”، فالإسلام دين وليس حلا أو مشكلة، ولأن هذه الشعارات تسطيح يحمل في طياته رومانسية مفرطة ومستحيلة، ولعلي أرى أن أي فكرة أو منهج ممكن أن يحمل مقدمات الحلول أو طريقها، فحصر حل واحد لجميع المشاكل غير منطقي وغير واقعي. موضوع حاكمية الشريعة طرِح متأخرا في تاريخ المسلمين، ولم يكن موضوع جدال في دول المسلمين الأولى إلا في عهد علي بن أبي طالب، حين رفع الخوارج شعار “الحاكمية” فقاتلهم عليه! الغريب أن هذا الشعار ركيزة أساسية في تيارات الإسلام السياسي اليوم. إن الثورات السياسية التي شهدتها الدولة الأموية ثم الدولة العباسية كان موضوعها “العدل” وأحيانا “الأحق بالخلافة” لا الحاكمية. العدل هو الغاية، وكانت الحاكمية- من وجهة نظر البعض- سببا للعدل، وللأسف فإن “الإسلاموية” ركزت على السبب وتركت الغاية، وساندتها في ذلك، الأنظمة المستبدة التي تذرعت بالحاكمية أو بتطبيق الشريعة لتبرير القمع، فالعدل لا يحتاج التبرير على عكس الظلم، كما أن التلطي بعباءة الدين وسيلة ناجعة لتدجين المجتمعات وقمع المعترضين على الواقع. إن طروحات علماء عصر التنوير العربي كانت متصالحة مع فكرة العلمانية وحاسمة…
السبت ٠١ نوفمبر ٢٠١٤
ليس هناك أي تعارض بين العلمانية والإسلام، ولا أجد تناقضا بين العلمانية والنظام الملكي. الحديث عن العلمانية في السعودية قد يبدو ضربا من الجنون بسبب الفتاوى الهائلة التي تكفر العلمانيين وتحرم العلمانية تحت عناوين “الحكم بغير ما أنزل الله” أو “الحكم بالطاغوت”، وبسبب الأرض التي تضم حدودُها الحرمين الشريفين، ونشوء الدولة على تحالف بين مؤسسة دينية ومؤسسة سياسية. لكن هذا الجنون، واستنادا إلى معطيات الحاضر وأسئلة المستقبل، قد تجد النخب الثقافية والسياسية في السعودية أنه أصبح -مع وطأة الوقت- نوعا من الضرورة لاستكمال بناء الدولة الحديثة (دولة القانون والمؤسسات والمجتمع المدني)، ومعالجة مظاهر الانتماء إلى مستويات أدنى من مستوى الدولة (القبيلة- المذهب- الإقليم) وتعزيز الولاء للنظام السياسي، وتصحيح علاقات المؤسسة الدينية بالسلطة وبالمجتمع. الحديث عن العلمانية في السعودية كخيار لا بد منه، تقف وراءه 4 محرّضات: تصريح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في 14 مارس 2010 لـ(نيويورك تايمز): “السعودية الآن تتحرر من أغلال الماضي وتسير إلى مجتمع ليبرالي”. الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام -قبل سنوات- عن حصول مواطن سعودي على حق اللجوء السياسي في نيوزيلندا بسبب اعتناقه المسيحية. والحرب الدورية (الباردة) بين الليبراليين والتيار الإسلاموي في ساحة الصحافة السعودية والإعلام. كما أن الحروب الطائفية (الباردة والساخنة) في المنطقة اليوم وفي أوروبا بالأمس تؤكد استحالة تأسيس الاجتماع والثقافة العامة على وحدة…
الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤
في كتابه “الأحزاب السياسية في سورية”، يشير الباحث هاشم عثمان إلى حزب صغير تأسس في سوريا في النصف الأول من القرن العشرين بحلب، هو “حزب الله”! تأثر “حزب الله” السوري بكاريزما الزعيم الهندي غاندي ومبادئه، مناديا باللاعنف والسلام والمحبة، نابذا كل أشكال التطرف والاستبداد سياسيا وعسكريا وطائفيا ودينيا. فقد كان هذا الحزب يقترح شكلاً متمايزاً للحكومة – في إطار رؤية متكاملة لدستور جديد- من حيث مسمى الوزارات ومهامها: وزير الإنسانية بدلاً من وزارة الخارجية، وزير الحياة بدلاً من وزير الصحة، وزير التأديب بدلاً من وزير الدفاع، وزير الدولة العالمية العادلة ومهمته الاتصال بالأمم المتحدة، وزير المحبة ومهمته الإشراف على الحياة الداخلية في البيوت، وزير الحيوانات ومهمته التأليف بين الحيوانات المتباغضة كالغنم والذئب، بالإضافة إلى وزير مكافحة الجهل ووزير المهن الحرة ووزير المكافآت ووزيرة النساء! وحين توفي بشير كمال (رئيس “حزب الله” السوري) كتبت صحيفة “الفيحاء” في 21 أغسطس 1951 ترثيه: “إن في الدستور الذي وضعه بشير كمال – والذي كان يقال عنه إنه مجنون- أشياء حكيمة جديرة بالاهتمام، كان يجب أن يهتم بها الذين وضعوا دستورنا التقدمي الجديد، وأي بأس في ذلك، فقديماً قيل “خذوا الحكمة من أفواه المجانين”. بشير كمال أسس حزبه بعد تقاعده كضابط من الحرس السلطاني العثماني، حاول الترشح ضد حسني الزعيم في انتخابات الرئاسة عام 1949…