السبت ٠٤ يونيو ٢٠١٦
وينك؟ وين صرت؟ مروّح؟ وين صرت؟ وينك؟ قريب؟ وين صرت؟ جاي ع الغدا؟ وين صرت؟ وينك؟ وين صرت؟ وين صرت؟ وين صرت؟ وين صرت؟.. هذا ليس هذياناً، ولا علاقة له بأنظمة الرد الآلي، هذا ما استطاع زوج تفريغه من رسائل الطوارئ القادمة من رقم زوجته، الذي لا يقل جدية واهتماماً في تحديد الإحداثيات عن جدية رجال الدفاع المدني. وعندما نشعر بأن بريد الوارد صار متورّماً بعبارة «وين صرت؟»، نقوم بوضع إشارة أمام جميع هذه الرسائل ومسحها دفعة واحدة، لنستقبل غيرها بتوقيتات طازجة وبإحداثيات جديدة. نحن العرب كل شيء لدينا «على البركة»، عدد الأسئلة على البركة، وعدد الأجوبة على البركة ، لا نعني كثيراً بالأرقام ولا تحليلها، على العكس من الغرب الذي يدرس كل شيء، ويحاول أن يبحث عن أسبابه. دراسة بريطانية جديدة بحثت في موضوع إزعاج الزوجات للأزواج، وأخذت عينة مكونة من 3000 شخص، لتخلص إلى أن الزوجة تقضي نحو 8000 دقيقة سنوياً في إزعاج زوجها، حيث تقسّم جرعات الإزعاج مثل الدواء صباحاً ومساء، بعضها قبل الأكل، وبعضها الآخر بعد الأكل، بما لا يزيد على ساعتين ونصف الساعة أسبوعياً.. يعني بمعنى آخر لأم العيال «كوتا» في إجمالي إزعاجك نحو ثُلث ساعة يومياً، وتعتبر هذه المدة كافية «لعكننة» بقية الساعات الـ23 من اليوم.. طبعاً هذه الدراسة لم تغفل أسباب الإزعاج أو…
السبت ٢٨ مايو ٢٠١٦
ثلاثة أشياء تزدهر تجارتها في رمضان: القطايف، التمر هندي، والدراما.. وهذه الأشياء الثلاثة، تتوافر بشكل هائل، وأحياناً يتقارب الطعم والجودة والشكل، بحيث لا تميز هذا الإنتاج عن ذاك الإنتاج، سوى بشهرة المحل أو قوة القناة. بعض الأخبار الطازجة الطالعة من «مطابخ» الإنتاج، تتحدّث عن أرقام فلكية لكلفة بعض الأعمال الدرامية، بعضها لو وزّعت كلفته على عدد مشاهدي العمل لخلّصت ديونهم، وحسنت ظروفهم المالية، وتركت لهم «قرشين» لنائبات الزمان. مسلسل «مأمون وشركاه»، مثلاً، والذي يقوم ببطولته النجم الكبير عادل أمام، وصلت ميزانيته إلى 60 مليون جنيه مصري، منها 40 مليون جنيه نظير أجر «الزعيم» وحده! مسلسل آخر في «فرن» الإنتاج، يدعى «رأس الغول» بطولة النجم محمود عبدالعزيز، وصلت كلفته إلى أكثر من 40 مليون جنيه، حصة البطل محمود عبدالعزيز من العمل نحو 28 مليون جنيه! المعادلة واضحة كما ترون هي تجارة أسماء، حيث لم أجد خبراً واحداً يتحدّث عن قصة المسلسل، ولا عن كاتبه، أو فكرته، أو عن ماذا يتحدّث، كل هذه الأشياء التي ذكرتها تمثل «المقطورة» المجرورة لا إرادياً، التي تتبع رأس النجم المحرّك.. فالإنتاج والتوزيع والانتشار والمنافسة، تقوم على شيء واحد أن يكون لديك «اسم بيّاع» وكفى، بغض النظر عن المحتوى والمستوى الفني. هذه الدائرة الإنتاجية، التي تصل بمئات الملايين مفتاح حلقتها المشاهد.. شركات الإنتاج تبيع هذه الأعمال بأرقامها…
السبت ٢١ مايو ٢٠١٦
عادة ما يعرّف الناس فترة الخطوبة بكلمتين يتيمتين: «أحلى فترة»، من دون أن يتطرقوا كيف ولماذا تعتبر الخطوبة الفترة الأحلى في الحياة الزوجية. النساء على وجه التحديد يتذكّرن هذه الفترة بتفاصيلها، ويرددن عبارات كان يقولها الخطيب السابق / الزوج الحالي بحرفيتها، وبكثير من التمجيد والفخر، وكأن الأخ مارتن لوثر كينج، أو غاندي بسلامته، بينما هو لا يتذكّر أياً من هذه الجمل أو العبارات مهما ربطتها المدام بمواقف أو أحداث أو أماكن، وغالباً ما يرد «مش متذكر»! «أنا قلت هيك؟»... لأنه وقتها كان مسرفاً في الرومانسية إلى حد التبذير، وكل ذلك الصرف اللفظي كان تحت تأثير التخدير العاطفي، فلم يكن يعي ماذا يقول وماذا يترتب على كلام الغزل من تبعات، ولو كان يعي حقاً ما كان يقول لاكتشف أن عباراته تلك أخطر من اعترافات معتقل سياسي تحت التعذيب. ما علينا، مهما اجتهد الناس في تعريف فترة الخطوبة وقاموا بتزيينها بالورد والموسيقى، فذلك لن يغيّر مفهومها لدي، ففترة الخطوبة من وجهة نظري الإنسانية أنها «عبارة عن تنازل مؤقت عن الطباع والصفات والهوايات والانطباعات وتأجير مجاني (للشخصية)، تبدأ من لحظة التعارف وتنتهي في اليوم التالي للزفاف». حيث يحاول كلا الطرفين أن يقرّبا طباعهما وصفاتهما وهواياتهما وانطباعاتهما وشخصيتهما من بعضهما بعضاً، لتبدو الأرواح متقاربة، ففي هذه الفترة من السهل تغيير الموقف أو الأذواق مؤقتاً…
الأربعاء ١٨ مايو ٢٠١٦
نشرت «الإمارات اليوم» خبراً مفاده أن الكيان «الإسرائيلي» قام بسرقة رائعة عبدالحليم حافظ «على حسبي وداد قلبي» وتحويلها إلى ترنيمة دينية يهودية، وترتيلها في ما يدعى «طيب السبت» في الكنيس والمناسبات الدينية.. وبهذا الفعل يضرب «الكيان» حقوق الملكية الفكرية بعرض الحائط، بحجة عدم تطبيع الدول العربية معه تارة، وتارة أخرى بالسطو والاستخفاف بالتراث العربي ككل، واعتباره امتداداً لأرض الميعاد الواسعة التي يقضم منها ما يشاء وأنّى يشاء من دون محاسبة.. ** لكن أريد أن أطمئنكم أن هذه المرة مختلفة، حيث تجري الآن مشاورات مكثفة واجتماعات سرّية في مختلف العواصم العربية بهدف تشكيل قوة عسكرية ضاربة لتحرير «الأغنية المغتصبة»، ودحر «الترنيمة»، وتطهير أغنية على «حسبي وداد» من أي وجود صهيوني، هذا وقد دعت الجامعة العربية في اجتماع لوزراء الخارجية العرب «إلى انسحاب فوري وغير مشروط» من لحن الأغنية في غضون 48 ساعة، وإلا سيكون الخيار العسكري هو الحل. وفي ظل تعنّت «الكيان الصهيوني» ودعم الولايات المتحدة منقطع النظير، التي ألمحت إلى التدخل لمصلحة (إسرائيل) في حال حدوث أي عدوان جديد عليها، والتفاف «العواصم» العتيقة نفسها بدعم الكيان، بحجة أن أغنية «على حسبي وداد قلبي يا بوي» موجودة في التوراة، وأن اللحن بالأصل «يهودي» والعرب المصريون هم من سطوا عليه أثناء تفكك الدولة اليهودية.. فإن بعض المحللين يرون أن تسارع الأحداث والمستجدات…
السبت ١٤ مايو ٢٠١٦
منذ أن قطن الحي قبل سنوات، اعتاد أن يوقف سيارته في المكان نفسه.. ولم يتلق يوماً شكوى من أحد، أو حاول أن يشكو أحداً، كما لم يشعر يوماً بأنه بحاجة إلى بناء «كراج» خاص بسيارته.. فالحي الهادئ والجيران الطيبون المتفاهمون، يعطون أماناً مضاعفاً لبقية السكّان. لكن ذات صباح، فور خروجه إلى عمله، فوجئ بأن سيارته غير موجودة في مكانها، اعتقد للوهلة الأولى أنه قد أوقفها في مكان ما في الحي ونسي ذلك، بدأ بالبحث حول منزله ومنازل الجيران دون جدوى، فتيقن أن سيارته قد سرقت.. اتصل بالشرطة، وقام بالتعميم عليها، وجلس يفكر من وكيف ولماذا سرقها؟ اتصل بمديره في العمل وطلب منه إجازة لذلك اليوم، بسبب سوء حالته النفسية.. ظل في البيت ينتظر اتصالاً من الشرطة، أو من صديق يخبره بمكانها.. لكن لا جديد.. أخيراً استجاب للمثل القائل: «إذا كثرت همومك نام لها».. فنام الرجل بعد المغرب مهموماً مغلولاً قليل الحيلة.. في صباح اليوم التالي استيقظ مبكراً ليلحق بعمله، وليتابع مصير سيارته المفقودة.. وفور خروجه من باب البيت ألقى نظرة حزينة على مكان السيارة المسروقة، فكانت الصدمة أن سيارته عادت إلى مكانها سليمة من أي أذى، ومغسولة ومعطّرة.. ثم وجد ورقة على «التابلو» مكتوباً عليها: «أنا آسف جداً، لقد فاجأ المخاض زوجتي ليلة أول من أمس، كان الوقت متأخراً، فاضطررت…
السبت ٠٧ مايو ٢٠١٦
في هولندا، حيث تبدو الدولة كلها كشجرة برتقال مثقلة بقناديل الفاكهة، تحتفل المؤسسات الرسمية والطبقة الغنية والأرستقراطيون، كلٌّ على طريقته، بعيد ميلاد الملك في الأسبوع الأخير من أبريل، ويعلق المحتفلون ما يشتهون من زينة على نوافذهم، وفوق حوانيتهم وأمام بيوتهم.. لكن رغم ما يشكله هذا اليوم الربيعي من علامة فارقة في حياة الهولنديين، إلا أنه يعتبر علامة فارقة أكثر عند الفقراء والطبقة المتوسطة من المواطنين والمقيمين، حيث يستغلّون العطلة الرسمية في التخلص من «كراكيبهم» البيتية المستعملة وعديمة الفائدة، مستفيدين في الوقت نفسه من الإعفاءات الضريبية، وتكاليف حجز الأماكن العامة في هذا اليوم التاريخي.. وهنا تكمن المفارقة الحقيقية؛ «اللي فوق» يحتفلون بذكرى ميلاد الملك.. و«اللي تحت» يستغلون المناسبة لبيع «كراكيبهم» وأغراضهم المستعملة وأدواتهم المنزلية، مستفيدين من مجّانية الأرصفة والحدائق وحجز الأسواق الشعبية.. «اللي فوق» يثمّنون المرحلة السابقة بمزيد من الفخر.. و«اللي تحت» يبيعون كل ما يتعلّق بالمرحلة السابقة بمزيد من الفقر. في هذه المناسبة العزيزة، يجد الفقراء الفرصة مواتية للتخلص من «الكراكيش».. ألعاب أطفال، كراسي قديمة، ملابس انتهى زمنها، أدوات كهربائية كلفة إصلاحها أغلى من ثمن اقتنائها، أحذية ضيّقة، معاطف شتوية بأزرار واسعة، مكانس كهربائية معطّلة.. البيع يتم بعد مفاصلة قصيرة، أي مبلغ من أي قطعة «مكروهة» من مقتنيها القديم، تعتبر مكسباً إضافيا لم يكن ليحصل عليه «مقتنيها الجديد» لولا «بركات»…
السبت ٣٠ أبريل ٢٠١٦
اللاجئ الذي لا يستطيع أن يحمل وطنه على ظهره ليلة اللجوء، يأخذ بعضاً منه؛ ذكرى، حلماً، انتقاماً، تحدياً، حبّاً، لكنه لا يأخذ الوجع، فعند الوصول هناك الكثير منه بالانتظار. كان إذا ما فرد الربيع عباءته على الأرض، يتقاطر أطفال الحي تباعاً إلى بيت ذلك الرجل العجوز، الطيني المتواضع، في ساحة الدار يشاهدون كل المعروض ، يشترون منه «فِخاخاً» لصيد العصافير، شباكاً بدائية للإيقاع بالحمام، وبعض الألعاب المصنّعة يدوياً من الخيطان وأسلاك الحديد.. كان العقل الباطن مشغولاً بالاحتلال فانصبّت هواياته الجديدة على تصنيع أدوات للمقاومة من دون أن يشعر، فلم تبرأ ذاكرته من نكبة الـ48.. على الرغم من أن الضحية الجديدة عصفور أو حمامة برية وليس محتلاً.. مهران علي، لاجئ كردي سوري، هرب من حلب إلى تركيا، لم يستطع أن يحمل وطنه على ظهره، فأخذ بعضا منه، حمل حلماً وصفائح وأسلاكاً.. ثم قفز إلى قارب اللجوء إلى اليونان، وعندما عرف رقم خيمته وإحداثياتها في مخيّم «ايدوميني»، أنزل كيس خبزه وغربته عن ظهره، ارتاح قليلاً، نظر إلى الشمس اليونانية التي لا تقطعها طائرة مقاتلة ولا يرسم دخان القذائف لها ذقنا أسود متصاعداً.. تبسم وبدأ يحلم.. بأصابعه بات يشكّل أسلاك النحاس الطرية، يربطها بشكل هندسي، لا يعتمد فيه على تصميم الورق، وإنما على ذاكرته المكتظة بالأشكال الهندسية، يصنع المقدّمة والهيكل، يدعمها ببعض الصفائح،…
الأربعاء ٢٠ أبريل ٢٠١٦
أخبرني صديق يعيش في النرويج، أن الحكومة هناك تخاف على صحة مواطنيها، كما تخاف الأم على صحة وليدها، فغير أنهم لا يتوانون عن تقديم الرعاية الصحية الفائقة مجاناً للمواطنين، فإنهم يحاولون جاهدين أن يستمتع سكان النرويج بالحياة أطول زمن ممكن، من خلال الكشف المبكّر عن الأمراض ومعالجتها ومتابعتها، حتى لو قصّر المريض مع نفسه، فإن الحكومة تذكّره بضرورة متابعة حالته الصحية بأكثر من وسيلة تواصل. ويقول صديقي، على الرغم من هذا الاهتمام الحكومي الشامل، إلا أن وزارة الصحة تولي «الأسنان» رعاية خاصة لمواطنيها، لاسيما الأطفال منهم، فمن فترة إلى أخرى تصل على صناديق البريد نشرات تذكر بمواعيد زيارة عيادات الأسنان، وضرورة اصطحاب الأطفال للكشف المبكر عن التسوّس، وفي حال كان هناك موعد مسبق مع طبيب يأتيك التذكير عبر صندوق البريد المثبت أمام البيت ليذكّرك بموعد مراجعة طفلك في الوقت المحدد والساعة المحددة، مع أمنيات بالشفاء والسلامة، جدير بالذكر أن حملات التوعية والتذكير تتكثّف أكثر للعائلات التي لديها أفراد أعمارهم بين عامين و18 عاماً. في بلادنا العربية، تحاول الحكومات والأسر ــ على حد سواء ــ أن تكسب المرء المناعة وصلابة الجسم أثناء صراعه مع البقاء، فهي عمداً لا تفرّط في دلاله كما يفعل النرويجيون، بل تتجاهل رعايته حتى يعتاد الجسم المناعة ومجابهة المرض والوهن بما لديه من مضادات مجانية وطبيعية داخل…
السبت ٠٩ أبريل ٢٠١٦
أعرف أن الكتابة ورأس المال لا يجتمعان في كثير من الأحيان، لأن الأدب فيه رومانسية ومثالية، ورأس المال واقعية وأرقام وأرصدة، إلا أنني شاركت، مضطراً، قبل أيام في حفل تأبين والد أحد الأصدقاء، حيث يعتبر المرحوم من أهم رجال الاقتصاد. في بداية الحفل آيات من الذكر الحكيم قرأها أحد الشباب، واختار الآية 215 من سورة البقرة «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ». صدق الله العظيم، قلت ربما إنها مصادفة ولم يقصدها الشيخ الشاب، بعد آيات الذكر، تم عرض فيلم تسجيلي عن حياة المرحوم، كل الصور كانت إما في السوق المالي وهو ينظر إلى السهم الأخضر، أو وهو يلوّح للكاميرا خارج البنك، أو يقف أمام برج شركة التأمين الخاصة به، ولقطة أخرى وهو داخل إلى وحدة الاستثمار، وأثناء مناقشته مع أحد مسؤولي سوق لندن المالي، وبعد أن انتهى الفيلم التسجيلي، ألقى أحد أصدقاء طفولة المرحوم كلمة، قال فيها إن أكثر أغنية كان يحبها الراحل هي «مالي ومال الناس»، لمحمد عبده، ثم استشهد ببعض نجاحاته الاقتصادية منذ الصغر، حيث كان يبيعهم السلاحف البرية التي كان يجمعها من السهول بأثمان باهظة. أخذت نظرة بانورامية حولي على الطاولات، فوجدت جلّ الحاضرين من مديري البنوك ، ورؤساء مجالس إدارات…