الإثنين ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٥
خاص لـ هات بوست: بعد تحوّل الوطن إلى ساحةٍ تتنازع فيها لغة السلاح وانعدام الولاءات للوطن، وتتقاطع المأساة مع الصراع الأليم، لا يبدو المشهد وليد اللحظة، بل خلاصة عقودٍ من التراكمات التي حوّلت في الماضي دارفور إلى بؤرة صراعٍ دائم، تتغيّر فيها الأسماء والرايات، بينما تبقى الأسباب ذاتها: السلطة، والهوية، وغياب الحكمة السياسية وولاء الحزبية. اليوم، يتواجه أبناء الأرض الواحدة في حربٍ لا منتصر فيها، ولا خاسر إلا الشعب، حربٍ تنتمي إلى الماضي أكثر مما تنتمي إلى المستقبل. تعيش مدينة الفاشر في السودان، واحدة من أكثر الفترات مأساوية في تاريخ السودان الحديث، بعدما تحوّلت إلى بؤرةٍ لصراعٍ دموي لا يمكن اختزاله في مواجهة عسكرية بين طرفين، بل في أزمة هوية وشرعية وغياب مشروع وطني جامع للكلمة السودانية العربية. فما يجري في الفاشر اليوم هو انعكاس مباشر لانهيار منظومة الدولة الوطنية، وتفكك مؤسساتها، وتحوّل الولاءات من الوطن إلى السلاح والفكر الإخواني، ومن الفكرة إلى الحزبية. في جوهر الأزمة، يقف الصراع على السلطة بوصفه المحرّك الأبرز للأحداث. فبعد عقودٍ من الحكم المركزي الذي تجاهل الأطراف، تحوّلت دارفور إلى نموذج حيّ للتهميش والاحتقان. ومع سقوط النظام السابق، كان الأمل أن تفتح المرحلة الانتقالية صفحة جديدة من التوافق الوطني، غير أن الانقسامات العسكرية والسياسية أعادت إنتاج الأزمة من جديد بصيغٍ أكثر خطورة، إذ باتت…
السبت ١١ أكتوبر ٢٠٢٥
انتهت الحرب في غزة ومات الأبرياء وتحول المشهد إلى اتفاق وهدنةٍ مؤقتة، لكن الحقيقة أن ما جرى ليس نهاية الحرب والدمار، بل بداية مرحلةٍ أكثر تعقيدًا من القتال نفسه. فالاتفاق الذي أُعلن عنه بالأمس لا يمنح أي طرف صكّ انتصار أو الرقص على جثث الشهداء، بل يفتح باب الأسئلة الكبرى ماذا بعد الاتفاق؟ وكيف ستُدار مرحلة ما بعد الصمت المدفوع بثمن الدماء؟ إسرائيل، رغم قوتها العسكرية الهائلة، خرجت من الحرب وهي تحمل معها ألمها الداخلي والمثقل بالشكوك الداخلية، وخسرت جزءًا من صورتها المهيمنة أمام العالم. أما غزة المنتصرة بصراخها وجراحها دمارها، فقد أثبتت أنها قادرة على الصمود كأرض لمستحقيها، وأما حماس التي كانت تناور من تحت الأنفاق وتدفع بدماء الأبرياء وخسرت ثمنًا إنسانيًا باهظًا من الأرواح والدمار والمعاناة. لا غالب ولا مغلوب في هذه المعركة الدموية؛ فالقوة الميدانية لم تغيّر شيئًا من جوهر المأساة السياسية الفلسطينية ما بين سلطة والجماعات والإنسانية تأتي بعد ذلك. الاتفاق الحالي، وإن حمل انفراجة إنسانية، يبقى اختبارًا حقيقيًا لمن أراد الصلح وانهاء الحرب، فكل ما لم يتحقق في ميدان الحرب لن يتحقق على طاولة المفاوضات إذا استمر الطرفان بالتفكير بذات المنطق. ستظل أنفاق غزة مصدر قلق استراتيجي لإسرائيل ما لم تتحول إلى بيئة قابلة للحوار المفتوح والوصول…
الإثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥
مع صيف عالي الحرارة وتقلبات الطقس الغريبة، والأحداث السياسية الساخنة، ومع اتساع أحداث الحرب على غزة ونزوح الآلاف من القطاع، اتسعت بشكل أكبر دائرة مظاهر تنامي العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب جرائمها جراء الحرب، في ظل تصاعد الانتقادات الرسمية والشعبية الدولية، وازدياد الدعوات للاعتراف بدولة فلسطينية لتشمل أكثر من 12 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، خلال اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك. عواقب وأزمات تعيشها إسرائيل خلال السنتين الماضيتين وحالة غير مسبوقة من الانقسام الداخلي، والعزلة السياسية والأخلاقية على الصعيدين الإقليمي والدولي. وهي التي كانت تسوّق نفسها بجانب أمريكا لعقود باعتبارها " النموذج الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط"، تحوّلت صورتها إلى دولة متهمة بالانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، الإبادة والتجويع والاعتماد المفرط على القوة العسكرية، ورفض أي حلول عادلة للوصول لوقف إطلاق النار أو التهدئة وإنهاء المعناة مع الشعب الفلسطيني. حشود حول العالم، في إيطاليا، اسبانيا، اليونان، حتى رؤساء الدول، هتفوا باسم فلسطين ورفعوا اعلامها ومنهم من ارتدى الكوفية، هجوم سياسي ربما يكون الأول من نوعه خلال الستين عاماً الماضية تجاه إسرائيل، لم تواجه عزلة بهذه الحدة من قبل، تجاه سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي صدرت به مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بتهم «جرائم ضد الإنسانية. يقول رازي بركائي، الصحفي والكاتب الإسرائيلي، إن…