الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥
تستمر تركيا في اجتذاب مزيد من الإعجاب والانبهار بما تمثله من عودة متوازنة ومنطقية لمبادئ وأخلاقيات الإسلام بعد فراق طويل بينهما. يشاهد الزائر الكم الكبير من الاهتمام والعناية بالمفاهيم والموروث الإسلامي للدولة العثمانية. هناك كثير من التحفظ في العالم العربي على نهايات عصر الخلافة العثمانية، لكن هذا لا يلغي الدور الأساس الذي كان لهذه الدولة في نشر الإسلام والمحافظة على وحدة العالم الإسلامي ومحاربة الفئات الضالة خلال القرون التي حكمتها، خصوصا المبكرة منها. تعود تركيا اليوم في حلة مختلفة عن السابق بعيدا عن محاولة السيطرة على العالم الإسلامي، وإنما في مسار محاولة إعادة المجد لهذه الأمة شكلا ومضمونا. تظهر كل فترة مجموعة من المبادرات الرائعة التي تستحق أن تتبناها الدول الإسلامية الأخرى التي عانت ــ هي الأخرى ــ حالة فصام وابتعاد عن دينها بأخلاقياته ومثالياته. الخروج من تأثير الشهوات إلى دعم السلوك المحافظ واحدة من تلك المبادرات المهمة. ينتشر الحجاب ويرتفع الأذان وتحارب مواقع البغاء والقمار والتعري تدريجيا وبعقلانية. تنتشر في الجامعات الدراسات الإسلامية، والبحوث الشرعية ويحتفل الناس بانتصارات الإسلام. يجتمعون في رمضان، ويأكلون مع الفقراء وعمال النظافة. يمارس كل المسؤولين الشعائر الدينية ويحثون على ذلك بعد أن كانت منتقصة في عهد مضى. في هذا الجو الإسلامي تظهر مبادرات شخصية من المواطنين أنفسهم. مبادرات تترجم مفاهيم إسلامية أصيلة وتدفع باتجاه…
الثلاثاء ٠٤ أغسطس ٢٠١٥
تبذل دول التحالف، وعلى رأسها المملكة، جهودا كبيرة في سبيل إنهاء معاناة الشعب اليمني الذي أنهكته الحرب، وسرقت أمواله وغذاءه. لعل القوافل التي تجوب طرق اليمن أكبر دليل على العمل الجاد الذي تقوم به هذه الدول لرفع معاناة الشعب. كما أنها دليل واضح على عدم الالتزام والوحشية التي تتعامل بها الميليشيات مع الشعب المظلوم. فعندما تهاجم الميليشيات سفن الإغاثة وتغير على مقار توزيع المواد الطبية والغذائية، تثبت أن الشعب هو آخر اهتماماتها وتؤكد للمجتمع الدولي محدودية قدرتها على التعامل مع الشعب، فما بالك بإدارة الدولة. آخر عمليات الإغارة على المواد الإغاثية كانت الاعتداء على قافلة متجهة إلى تعز مكونة من 16 شاحنة والاستيلاء على كل ما فيها وحرمان الناس منها. هذا التجاوز الأخير يستدعي أن تعيد دول التحالف حساباتها وتبدأ في دراسة خيارات جديدة لتوزيع مواد الإغاثة. عندما تصبح العملية متعلقة بحياة الناس، تكون الخسائر أكثر خطورة. هذا يجعل مسؤولية المستفيدين أكبر من مجرد البقاء في مدنهم وانتظار وصول مواد الإغاثة إليهم. قد لا تكون لدى قوات التحالف القدرة على السيطرة على الطرق البرية بين المدن اليمنية، فيجب أن تسهم المقاومة الشعبية وداعمو الحكومة الشرعية في عمليات حراسة مواد الإغاثة حتى تصل إلى مستحقيها. إن إعادة تخطيط عمليات التوزيع مهمة لأسباب كثيرة، أولها الحاجة الماسة لهذه المواد. فالشعب اليمني يعيش…
الجمعة ١٧ يوليو ٢٠١٥
بدأت الأزمة الاقتصادية في إيران مع بداية الحظر الدولي، استفادت إيران في البدايات من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والكساء والصناعات المختلفة. أسهمت تلك الفترة في تعويد الشعب على الاعتماد على الذات، كما أنتجت كثيرا من المشاريع الداخلية التي حققت نجاحات لم تكن لتحققها لو كانت السوق مفتوحة. كان لا بد أن تتطور احتياجات الدولة مع توسعها في دعم الميليشيات ودخولها في ثلاث حروب ينفذها عملاؤها بالوكالة في سورية والعراق واليمن، مع محاولة الإبقاء على تفوق عميلها في لبنان عسكريا على مختلف فئات الدولة اللبنانية، إضافة إلى دعم الخارجين على سلطة الدولة في الخليج، خصوصا السعودية. كل هذا تطلب أن يضغط المواطن الإيراني على نفسه ويخفض نفقاته ليعيش على الفتات الذي تبقيه الدولة للصرف على احتياجاته. وصل الفقر حدا لم يكن هناك بدٌ من التعامل معه، خصوصا أن الشعب بدأ يتململ، بعد أن انكشفت عمليات السيطرة "الملالية" على المشهدين السياسي والاقتصادي عندما تم تزوير الانتخابات لإبعاد أي عنصر يمكن أن يقلل من أثر "الملالي" وأهميتهم في تحديد قرارات الدولة ومصيرها. الحلول لم تكن كثيرة؛ لكن أهمها كان التوجه لاستثمار الأموال وتشغيلها في دول مجاورة أسواقها مفتوحة وبعيدة عن الحظر الدولي. أصبحت أموال البترول الذي يباع تعود إلى إيران على شكل منتجات كانت محظورة من خلال تلك المؤسسات المالية، ومن…
الخميس ١٦ يوليو ٢٠١٥
ها هي القوات اليمنية المدربة حديثا تدخل عدن دخول الفاتحين، وعلى عكس ما كان يروجه قادة الميليشيات وعسكر المخلوع، استقبل الشعب قواته المسلحة استقبال الأبطال. الشوارع امتلأت بالمرحبين، والألعاب النارية غطت سماء المدينة، واشتعلت شمعة الأمل بالخلاص من الطغمة الفاسدة المفسدة. كانت الميليشيات تسرق مواد الإغاثة من أفواه الأطفال والنساء والمحتاجين. ليس غريبا عليهم ذلك فهم لصوص، سرقوا أموال الشعب وحوّلوها إلى ثروات تدير شركات على مستوى العالم. كان عسكر المخلوع والميليشيات يقتلون كل شيء يتحرك في المدينة. وضعوا قناصيهم على رؤوس المباني ليصطادوا كل من يخرج من بيته، حتى وإن كان قد خرج هربا من الجوع الذي فرضته عليه الميليشيات. يبحث المواطن عن الطعام أو الماء، فلا يضمن أن يعود سليما لأهله. تجاوز هؤلاء كل الخطوط الحمراء في خرق قوانين حقوق الإنسان، بل حتى الحيوانات لم تفعل ما فعلوه. تصوروا أن هناك من يقصف المستشفيات، ويطلق الصواريخ على سيارات الإسعاف، ويقتل الأطباء. فعل هؤلاء المجرمون ذلك، لكنهم أضافوا إليه منع دخول أي شخص لعلاج الأمراض المعدية، وقطعوا المياه عن المناطق الموبوءة، وقتلوا المصابين عيانا بيانا. عندما شعر مجرمو العصر بضغط طيران التحالف توجّهوا نحو نصب قياداتهم في المستشفيات، في محاولة لتوريط التحالف في إشكالات سياسية وأخلاقية، لكن قيادة التحالف كانت أعلم وأكثر خبرة واحترافية، ولم يكونوا ليقعوا ضحية مثل…
الخميس ٠٤ يونيو ٢٠١٥
ينعت الكبار جيل اليوم بنكران الجميل وقلة الاهتمام سواء بالعادات والتقاليد أو تعاليم الشرع التي هي أساس الحكم على الأشخاص وتقييمهم في المجتمع الإسلامي. لم يأت هذا الأمر من فراغ وإنما نتيجة ما نشاهده جميعا. الواقع أن ما يظهر من السلوكيات، لا يظهر فجأة دون مقدمات. التحول الاجتماعي يتطلب وقتا، ما يعني أنه لا يمكن أن يتهرب الكبار من مسؤوليتهم عن إنشاء أو تغذية التحولات السلبية التي يشتكون منها. يستدعي هذا أن نراجع نشأة السلوكيات غير الحميدة ونتعرف على البيئة التي سببت ظهورها بداية، حتى نتعامل معها بعقلانية ونخلص مجتمعنا منها، ليستعيد جماله وأُلفَته التي نتباكى عليها ونحن نسهم في فقدانها أو تقلصها. قد يعزو البعض ذلك التغيير إلى الطفرة المالية، وانتشار السكان بحثا عن الحياة الرغيدة، هذا السبب يمكن أن يكون من أكبر العناصر التي أفقدت المجتمع تماسكه، لكنه ليس الوحيد. الاحتكاك ببيئات ودول تتبنى قيما مختلفة عما عندنا والافتتان بالمنتصر الذي ينتشر في مجتمعاتنا، أسباب أخرى لكنها لا تبرر عدم التشبث بالقيم. يتحقق الحفاظ على القيم من خلال التواصل والزيارات وعيادة الكبار التي يتعلم منها الأبناء. كما يتحقق جزء كبير منه من خلال تمسك الآباء والأمهات بالسلوكيات التي غرسها فيهم الآباء والمجتمع الأصيل الذي نشأوا فيه. هنا يمكن للمراقب أن يكتشف أسباب تحولات المجتمع التي تبدو عظيمة، مع…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
غريب عجيب هذا الرجل، وأعجب وأغرب تعاملنا معه. فبعد الصفح عن مؤامرته مع آخرين في إنشاء مجالس وروابط معادية للمملكة بعد حرب تحرير الكويت، وابتزازه دول المنطقة سنين طويلة بدعوى حفظ الأمن ومقاومة الإرهاب، وبعد اكتشاف تآمره مع "القاعدة" ضد المملكة، ثم استدراجه الحوثيين نحو مغامرة الاعتداء على حدود المملكة، ثم اكتشافه من قبل قومه وانقلابهم عليه. بعد هذا كله، وبعد أن عالجته المملكة وكان شبه متوفى؛ حسب اعترافه الشخصي، وإعادته واستمرار رفضه من قبل الشعب اليمني، وقفت المملكة معه فأخرجته من كل القضايا التي كانت مرفوعة والتي كانت سترفع عليه مثل "الشعرة من العجينة" آمنا على ماله وأسرته ونفسه قبل هذا كله. انقلب علي صالح على أكبر من تفضلوا عليه، ليثبت نظرية قديمة جديدة هي أن "ذيل الكلب أعوج". كما أثبت قبلها نظرية "أنا وبعدي الطوفان". يعلم المخلوع أن اليمن لن يكون بخير ما دام ضحية للميليشيات وما دام عملاء إيران يعيثون في الأرض الفساد، ويرهنون الوطن، كما فعل سابقوهم للفرس، وهي أرض العرب ومصدر العروبة منذ فجر التاريخ. لكن يبدو أن علي صالح أمعن في استذكائه، واعتقاده أنه لم ينكشف بعد، فانقلب على حلفائه الجدد عندما رأى العين الحمراء، وعرف أن اليمن الجديد لن يتهاون مع الأعداء. أذكِّر المخلوع بمقولة "تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وتستطيع…
الجمعة ٠٦ مارس ٢٠١٥
قرأت تقريرا عن مستشفيات المنطقة الشرقية يقول إن 83 في المائة منها غير معتمد. أعتقد أن المنطقة الشرقية حالة تمثل بقية المناطق. تخيلوا هذا العدد الهائل من المستشفيات غير المؤهلة لتقديم الخدمات العلاجية والوقائية حسب معايير المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية. عدد المستشفيات الحكومية المعتمدة 4 من 24 وبنسبة لا تتعدى 17 في المائة. أما المستشفيات الخاصة غير المعتمدة فبلغت ثمانية مستشفيات من 32 مستشفى، بنسبة 25 في المائة. يبدو أن تساؤلاتي السابقة الخاصة بأسباب انتقال "كورونا" داخل المستشفيات بدأت تجد الإجابات من خلال العقوبات المالية التي أوقعت على مستشفيات خاصة مخالفة، بسبب انتقال المرض لبعض المرضى المنومين داخلها. كيف لا تنتقل هذه الأمراض في مستشفيات لا تحقق أدنى متطلبات القبول! معلوم أن المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية كان يطبق نسخة أقل تعقيداً من النسخة الجديدة المعتمدة في أغلب دول أوروبا، هذا يعني أن التقويم الذي يعتمد المعايير الجديدة قد يخرج لنا مجموعة أخرى من المستشفيات خارج دائرة الجودة. تمول الدولة بقروض ميسرة إنشاء المستشفيات الخاصة، هذا يعني أن لها الحق في تطبيق المعايير العالمية عندما يتعلق الأمر بجودة وكفاءة المنشأة الصحية التي ترخص لها الوزارة وتقدم لها القروض في كل جزئياتها، لكن يبدو أن الاهتمام ينصب على المباني أكثر من مستوى تنفيذ الخدمات الصحية. يأتي الدور الأهم للوزارة من…
الجمعة ١٣ فبراير ٢٠١٥
ظلت العلاقة المتماسكة بين السعودية ومصر تقاوم محاولات "التأزيم" التي شنتها دول وجماعات مختلفة على مدى سنين طويلة. لعل أهم أسباب استمرار العلاقة المصيرية بين البلدين هو الاتفاق الأساسي على أن مصالح الدولتين ومواطنيهما وحمايتهم من المخاطر سواء فكرية أو محسوسة هو الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه العلاقة القويمة. في بداية الثورة، حذرت المملكة ونبهت وحاولت أن تفهم الجميع أن بقاء الرئيس حسني مبارك مؤقت، وأن خروجه من "القصر" لا بد أن يسبقه ترتيب للأمور وإعادة تنظيم لإدارة البلاد، وأن استباق ذلك سيؤدي للدخول في نفق يفقد مصر قدرا كبيرا من وزنها السياسي، والفرص الاستثمارية، بل سيؤثر في اقتصاد البلاد. لكن أحدا لم يكن مستعدا للسماع أو الاتباع أو البوح بقناعاته، فدارت عجلة الأحداث سريعا، وأوصلتنا إلى حالة من الفصام في الشارع وفساد كبير سواء في المجال الأمني أو السياسي أو الاقتصادي بفعل من استغلوا الثورة لتحقيق مصالح ضيقة. عندما هاجمت مجموعة "مسيسة" السفارة السعودية في مصر، وثار البعض هنا وهناك، حافظت السعودية على هدوئها ومسارها الذي ضمن السلامة لأولئك النفر "المضحوك عليهم". حاول كثيرون أن "يُقزِّموا" دور المملكة ويسيئوا لموقعها الإسلامي والعربي، فجاء علية القوم والعلماء والمفكرون المصريون ليذكروا الجميع بدور السعودية ومكانتها وطالبوا بعودة السفير. اكتشف الشعب المصري أنه لا يستطيع أن يعيش تحت حالة من التفرقة…
الثلاثاء ١٠ فبراير ٢٠١٥
يبدأ فيلم The Buckets List باجتماع يرأسه صاحب إحدى كبريات شركات إدارة المستشفيات الأمريكية، كان يتحدث عن الاستيلاء على مستشفيات إحدى المقاطعات. أكد رئيس الشركة أن الخدمات الصحية ستتحسن، وأن التكلفة على المواطن ستنخفض بشكل كبير. أثار الفيلم اهتمامي للبحث في شركات إدارة المستشفيات الأمريكية، وجدت أن كثيرا من الشركات التي تدير المستشفيات تقع في قائمة مجلة Fortune لأفضل 100 بيئة عمل. هذا دفعني للبحث في مزيد من المعلومات عن التأمين الصحي وإمكانية تطبيقه على كل مواطني المملكة. وجدت أن تكلفة أفضل تأمين للشخص في المملكة تبلغ نحو خمسة آلاف ريال، هذا يعني أن الدولة ستدفع ما يقارب 100 مليار ريال للتأمين على كل مواطنيها، هذا يعني أنه بالإمكان أن تنخفض التكلفة الكلية للخدمة الصحية بما يقارب النصف. أقول هذا وأنا مقتنع تماما بأن قدرة الدولة على إدارة الخدمات الصحية في أي مكان من العالم محدودة، لأسباب مثل البيروقراطية وتدني الإحساس بالمسؤولية، ومحدودية الرقابة والعناية بالمخرجات. عندما نقارن ما تنفقه الدولة من ميزانياتها على قطاع كهذا، نجد أن الخدمة لا تحقق المستوى المطلوب من الكفاءة. سؤالان يطرحان هنا: مَن يعلق الجرس؟ وكيف؟ أزعم أن الوزارة الحالية التي يأتي رأسها من القطاع الخاص، وفيها حيوية الشباب والاهتمام بالنتائج بدل الإجراءات، هي الوزارة الأنسب لتحول جذري كهذا. يجب أن تخلع الوزارة عن…
الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥
كنت أناقش واحدا من كبار أساتذة الدراسات الاستراتيجية في إحدى الجامعات الأمريكية حول الأخطار التي تهدد دول مجلس التعاون. تحدث الرجل بإسهاب عن روسيا و"داعش" وقليلا عن إيران، لكنه لمح إلى أن الحوثيين يمثلون خطرا لكنه ليس بالحجم الذي يتخيله المواطن السعودي والخليجي. الآن وقد أضحت صنعاء في قبضة الحوثيين أجدني أشك في أن الرجل كان يحاول أن يقنعني بمفاهيم ترغب في نشرها دول معينة عن الأزمة القائمة. تحويل انتباه دول المجلس عن اليمن نحو مناطق ونزاعات أخرى قد يكون هدفا لمرحلة تمكين الحوثيين من القرار في دولة مهمة كانت قريبة من الحصول على امتيازات خاصة قد تدفع بها إلى عضوية المجلس. عند السؤال عن المسؤول عن الحال التي وصل إليها اليمن، لابد أن نأخذ في اعتبارنا التسلسل التاريخي للأزمة والأخطاء الاستراتيجية التي قد تحول اليمن إلى لبنان أخرى، ولكن أكثر خطرا لناحية تنفيذ الأجندة الإيرانية. قد يكون تسريع عمليات الحوثيين ودفعهم إلى التخلي عن التعهدات والمواثيق التي عقدوها مع الحكومة المركزية في اليمن، ناتجا من الشعور الإيراني بالاختناق الاقتصادي الذي قد يدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر مجازفة. يتماشى هذا مع "تلميحات" أطلقها نصر الله وروحاني خلال الأسبوعين الماضيين. الخطأ الاستراتيجي الذي سمح لعلي صالح، بالعودة لليمن والتواصل مع أنصاره، وهو مَن هو في الدهاء والقدرة القيادية والعلاقات داخل اليمن…
الجمعة ١٦ يناير ٢٠١٥
لعل الفترة التي سبقت الأزمة في سورية كانت الربيع الذي عاشه حسن نصرالله بترويج نفسه المنقذ للبنان والمقاوم لإسرائيل. لكن الحق لا بد أن يحصحص خصوصا عندما يكون الشخص منصَّبا من آخرين، وينتظر توجيهاتهم ويعمل لرضاهم ضد بلده وأمته. لم يقتنع كثيرون عندما كانت أصابع الاتهام تتجه نحو الرجل في تصفية أكثر من 17 قياديا وطنيا لبنانيا أشهرهم رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق وصانع وجه لبنان الحديث، الذي لا يزايد على وطنيته أحد. أثبتت المحكمة الدولية تورط حزبه في الاغتيالات، ثم أكدها هو نفسه عندما رفض تسليم المتهمين. دخل "شبيحة حسن" بيروت وأمعنوا قتلا وإساءة وتدميرا لكل الرموز اللبنانية الوطنية عام 2008. دخل لبنان حالة من الفشل السياسي والاقتصادي والأمني بسبب رفض الحزب الانصياع لمصالح الوطن واستمرار استخدام "العنترية" الوهمية. اتخذت أحزاب معينة قرار التحالف مع الحزب المسلح أكثر من الدولة، لأهداف ليس أهمها مصلحة لبنان وإنما مصلحة السياسيين أنفسهم. عندما دخلت عصابة الحزب "الحسني" إلى سورية، ظهرت حقيقة الرجل الذي طالما حاولنا إثباتها، وهي حقيقة مخزية تدل على أنه أكبر "خازوق" يزرع في العالم العربي. هذا الاكتشاف لم يكن غريبا على سياسيي لبنان، فهم يجلسون مع الحزب ويعرفون من أين يتلقى أوامره. عندما نتمعن في الحالة اللبنانية التي سببها صمت الجميع وسلبيتهم تجاه الحزب وتآمره على لبنان وإصراره…
الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
حلّ موسم الأمطار وكالعادة غرقت المدن الكبرى ونجت الصغرى. توزعت الحفر بالتساوي بين الأحياء الحديثة والقديمة، وساوى الأداء الرديء بين كل أركان المدن الكبيرة. لعل أكبر إحصائية قرأتها كانت عن حفر مدينة جدة التي قاربت 700، وأتصور أنها تجاوزتها مع الأمطار الأخيرة. ردة فعل المواطنين في كل موقع أكدت الثقة بأن الحفر هي التي ستفوز في النهاية، وأن ضحاياها سواء بشرا أو ممتلكات ستزيد على الأعوام السابقة، إن كانت هناك شفافية مع الإعلام. وصلتني رسالة ساخرة تقول "من أجل سلامتك عزيزي السائق: إذا كنت لا تعلم الحفر بالطريق أثناء السيول فامش خلف السيارة التي أمامك فإذا سقطت، فاعرف أنها حفرة وابتعد عنها. مع تحيات أمانة جدة ... نعمل لراحتكم". جدة ليست المدينة الوحيدة التي يعاني سكانها كلما نزلت قطرة من رحمة الله، بل أكاد لا أستثني مدينة من تلك المعادلة المؤلمة. المعروف أن الأعمال التي تتعلق بالشوارع وصلاحيتها ومناسيبها هي جزء من عقود تنفذها شركات متمرسة، كما أن التشغيل والصيانة لتلك الشوارع يتمّان من خلال عقود كذلك، فلمَ لا تكون مواصفاتنا علمية، وتسلّمنا للمشاريع صحيحا؟ سؤال متكرر. يقول البعض إن السبب هو الانفجار السكاني الذي يعوق التخطيط، والطفرة المالية التي تريد كل الجهات أن تستفيد منها، حتى وإن أدت العمل بشكل غير مرضٍ. تلك الحجة الواهية هي من قبيل الضحك…