الأحد ٢٦ يونيو ٢٠١٦
تحمل بعض الأسئلة طابع الغرابة، ولكنها تدخل حاجز المنطق والمعقول طالما كانت غير بعيدة عن مرمى الإجابة، ولعل السؤال المتمدد في الأعلى أكثر الأسئلة التي يتداولها الشعب المتابع لمشاريع الوهم وما تتطلبه من عمل ظلامي يهدف إلى دفع الشباب إلى مواقع الفتن، والزج بهم في المناطق الممتلئة بروائح البارود وأصوات الأسلحة وصداع التفجيرات، لا يزال بيننا من يحتفي بشرف أن يكون الإنسان من هذه المنافذ «شهيداً»، ويصب متعة ذلك في أذهان البراعم من الأفكار المهيأة للتطرف رغبة في الترقي لصفوف الناشئين والشباب، في ظل أن الانضمام إلى الضلال والانحلال الفكري لا يتطلب سوى تخطيط مع مدمني التهريب عبر المنافذ البرية إلى المواقع المعدة للبروفات التاريخية، والتي يختلف فيها القادة كثيراً، لأن دور البطولة هو الدور المغري، وعليه ترتقي نوعية التغذية بالجواري وترتعش نبضات القلب. ثمة من يعتقد أن ليس من السهل أن يتحول «س» لهيئة مختلة وينضم إلى موظفي فريق داعش، وهذا الاعتقاد مبني على أن ما يمرر على أسماعنا من أفكار ليس سوى حمية ودفاع عن أمة، وتفريج عن مكروب أو مظلوم، وبغية في جنة. ولو سألت شاباً عائداً من مستنقع فكري لوجدته ذهب إلى المحرقة بحجة أن فاجراً أقنعه بأن هذا طريق الجهاد المنتظر للعباد، وطبع بالتوازي في عقليته إغراء الحور العين، وأن التذكرة لهم ستكون من هناك،…
الإثنين ٠٩ مايو ٢٠١٦
لا يمكن أن تكون الصدفة ولا الحظ وراء أن يذهب ابن سائق حافلة مسلم، والمنحدر من أصول باكستانية إلى العبور نحو كرسي عمدة عاصمة الإنكليز، ومدينتهم الأشهر بالحياة والضباب «لندن»، وهو كرسي جدير بالاهتمام وتسليط الضوء، ولو من زاوية الإيمان. ماذا يعني التصويت؟ وماذا يمكن أن يسفر عن انتخاب؟ الباكستاني «صادق خان» قفز على كل حجار الطريق، ونجا بهدوء من كل حملات التشويه والإساءة التي لا يخلو منها مجتمع، ولا بد وأن تواجه كل مسلم في السنوات الأخيرة، خصوصاً إذا كان الصراع على ترشيح، والميدان يفصح عن منافسة قابلة للشد والرد. تتحدث سيرة عمدة لندن الجديد عن مشوار طويل من التحدي والخطوات المنهكة لصناعة منجز من رحم المعاناة، وهو الذي أراد أن يدرس العلوم في بداية حياته ويتخصص في طب الأسنان، لكن ثمة مهارات لمسها أساتذته وقرأوها فيه باكراً، على صعيد الحضور الشخصي وقدرته البارعة على الحوار والنقاش، فاقترحوا أن القانون والمحاماة هي المهنة المناسبة لهذا الشاب الموهوب، فمضى في منعطف حياتي مهم، وتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان، ثم ترأس منظمة تُعنى بهذا الشأن، وقد تكون شعبيته في الأوساط والأحياء الفقيرة ذات دور بارز في أن يفوز في الانتخابات بفارق كبير عن أقرب منافسيه، الذي كان مرشحاً معروفاً بالثراء، وهذا الثراء أظنه كافياً في مجتمعاتنا العربية لقلب أي طاولة…
الخميس ١٧ مارس ٢٠١٦
كان الانسحاب الروسي المتدرج من سورية بمثابة المفاجأة لكل المتقاطعين مع أزمة سورية قاهرة ومؤلمة، الدب الروسي ظل يراوغ ويستفز ويناور ويلعب على أكثر من حبل ممكن في المشهد السياسي، كثير من المتفائلين يرون أن هذا الانسحاب يحمل في مكوناته المضي جدياً لصفقة مثمرة بين القوى الكبرى نحو أن تكون سورية بلا بشار في أقرب وقت، وإن كان هذا التفاؤل ذا درجة مضطربة، خصوصاً أن موسكو لم تبد أي نوايا حقيقية لزرع بذور السلام والعمل على تسوية نقية لأزمة هي الأكثر استفزازاً على مر الأعوام الفائتة، حمل هذا الانسحاب جملة من التأويلات والتوقعات، وبعثر في الوقت ذاته جملة من الأوراق المنثورة على الطاولات المكهربة سياسياً، ولا يجب أن ننسى في أن مفاجأة الانسحاب تشابهها في تاريخ مضى مفاجأة في التدخل السريع والصادم لكل الذين ظنوا من روسيا أنها ستقف إلى صف المتعاطفين مع المأساة السورية لا المضاعفين لها والمتاجرين بها ولو على حساب الأبرياء والمقهورين. اقرأ الانسحاب بشيء من «التشاؤل»، وهو خليط من التفاؤل والتشاؤم، لأن التدخل الروسي في البدء لم يكن على صلة بالمطلق بالنظافة والقبول ومن ثم فلن يكون الانسحاب بعيداً عن ذاكرة وتفكيك عار الدخول، وإن كان القرار الروسي جاء هذه المرة في توقيت يتضمن الإعلان عن محادثات جديدة وجولات سلام أخرى ضمن العمل التنظيري والمضيع للزمن…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
من المبهج أن تجد لوحة عسكرية بالغة القوة والفخر في التوقيت المناسب، ومن دواعي الاعتزاز أن تُرسم هذه اللوحة المختلفة في بلدك، وتكون حاضنة لما يدور في هذه اللوحة من فن وتشكيل. سنمضي بعد العرض العسكري «رعد الشمال» لجملة من الأماني التي علقت بالحناجر زمناً طويلاً وكانت بعيدة من التناول أو متعذرة الاقتراب من ساحة التخيل والتأمل، وأعيد ذلك إلى أن حجم التهديدات على الخريطة بات هائلاً ومرعباً وداعياً لتضامن عربي إسلامي حقيقي وأكثر ملامسة للواقع. لم يعد من الممكن أن تواجه قوى الشر الصريحة والمستترة إلا بقبضة أكثر ثقلاً وإيماناً بأن الجراح وإن تناثرت والأوجاع وإن كانت هنا وهناك، تصب في تهديد رئيس وهو أن يظل استقرار المنطقة على المحك وتبقى طموحاتها وأمانيها أسارى لطحن أهلي وفتن مذهبية وجماعات دموية تمارس التفتيت والتفكيك للعقول قبل الأجساد. حجم التطلعات عالٍ ورفيع، والرسائل التي تحضر برفقة هذا التلاحم والتماسك العربي الإسلامي في صورته الأكثر إسعاداً هي رسائل تفصح عن أن الرؤى باتت أكثر وأن الصمت والصبر لم يعودا كافيين لبلع المرارات والنزف المتنامي يوماً بعد يوم، لغة الجيوش أصبحت اللغة التي تحقق فهماً دقيقاً لمن لا يريد أن يستوعب التحذيرات ولا يعي جيداً أن قص الأجنحة ليس إلا صافرات إنذار مبكرة للإعلام بأن الخطوات لا تسير باتزان بل ربما تمضي في…
الخميس ١٠ مارس ٢٠١٦
تنطبع في أذهان المجتمعات جملة مفردات ومصطلحات نتنازع دوماً حولها، ونختلف في صناعة تعريفات موجبة لها في ظل أننا ننشد برفقتها البقاء في الطريق الوسطي والمعتدل وألا نهدر الوقت في جدل بيزنطي، وصراع لا قيمة له حول القشور لا اللب، في ظل أن حكاية الاتفاق وقصة صناعة التعريف لا تتطلب إلا تفعيلاً للعقل، وتنظيفاً للنوايا، وتهدئة متقطعة للجانب العاطفي الذي نقود به جزءاً كبيراً من مفاهيمنا ورؤانا وقناعاتنا. من مصطلحات المجتمعات القابلة للتعريف المرن أو بالأصح للتعاطي المزاجي مصطلح «التسامح» وقد تقف جملة من الأسرار خلف المرونة والمزاجية المصاحبة له، ولعل من أقربها أن العقل الباطن يؤكد لنا باستمرار أن لوازم المصطلح وما بعده من تفاعلات وحقائق لا تقبل - من مبدأ الثقة - أن نتجادل ولو على ربع سؤال حوله! إضافة إلى أن الفعل الذي نَنْفُذُ من خلاله إلى «التسامح» لا يتجاوز في أوقات كثر دوائر التنظير والمجهود الشكلي من دون الولوج للتطبيق الحقيقي، ولعلنا نمرر هنا السؤال المباشر الطرح والمطاطي في ما بعد ذلك: هل نحن مجتمعات متسامحة؟ الدفاع بقوة عما نُصِرُّ أنه مصنوع فينا بالفطرة من دون ترو وتثبت واستطلاع عام وقراءة دقيقة لأحداث ومجريات حياة يحسب تهوراً مذموماً، وتسرعاً لن يدفع بنا نحو الأمام بل يعيدنا لطريق خلفي من عيوبه أنه يضيق ويظلم على من يعود…
الأحد ٢٨ فبراير ٢٠١٦
ليس من الطبيعي أن تذهب لفكرة ما وأنت في حضرة فقدٍ يفتك بالروح، وليس ثمة حزن يسرق منك تفاصيلك الحية سوى موت فاجع صادم لم تفكر فيه بعد أو تتخيله، مساء البارحة اختار الموت أخاً كبيراً وصديقاً فاخراً، أخذ نقاءً يتباهى به أهلي، وطيبة تحسد عليها جغرافيتي الصغيرة، غيب عنا كاتب المقال الألمعي النقي محمد علي البريدي، فغابت تراتيله الوطنية والحكايات التي كان ينسجها بالبياض والجمال على ورق الورد، غادر الموت بقلم بديع لا يشبهه قلم، غادر بمن يصف الزمن الجميل بأنه: قرى لا تتعفن صباحاتها – سباتا – حتى العاشرة، ولا تعرف التململ في الفراش بعد طلوع الشمس، الزمن الجميل: عجاج الموافي، ورائحة الخمير، والتهليل الذي لا ينقطع حتى ينهمر المطر، ثم يبوح: «جاث على سجادة الصلاة أتأمل طقوس الفانية، ووقع ارتطام العاصمة، أحزان العالم تزيدني يقيناً بأن السجود لله هو الحل لكل الجرح، لكننا لم نعد نسجد خاشعين بشكل جيد كما تقول جدتي، ملهمتي ومعلمتي». نعم.. أنا هنا أترك له المساحة لأعيده لقارئ لم يعرفه جيداً، وإن كان في إعادتي له بعد الموت خجل قاهر وقصور يغرقني من الرأس للقدمين لكنا عشنا ونحن لا ندقق جيداً في شموخ أهلنا إلا بعد رحيلهم لأننا حفظنا «إذا أردت أن تعرف قيمة إنسان ما.. دعه يغيب»، أبو مازن علمني وعلم جيلي…
الخميس ٢٥ فبراير ٢٠١٦
تشعر أحياناً حين تستعرض مثل هذه الألعاب السياسية وتقرأها من منظور فطري مبسط، أن هناك مفردات منتقاة بعناية كالهدنة والتهدئة والوساطات والحلول يتم إحضارها بين حين وآخر حتى ينشغل بها الرأي العام وتخدر الاحتقان الشعبي وتملأ طاولات بيع الكلام بالحوارات والنقاشات والسخونة الظاهرة، فيما الدماء تنزف بكثافة والمآسي تتنامى والشعب السوري يعيش سواداً لم يسبق أن عاشه قطر آخر بالمقارنة مع تكاثر الخونة والمخادعين والمتاجرين بقضيتهم على أكثر من نطاق ونحو جملة من الأهداف المتسخة. منذ ولادة الكارثة السورية ونحن نسمع جملاً تبدأ بـ «نحن ندرك حجم التهديدات ونشدد على الالتزام، وماضون إلى، ونؤكد أن ثمة رغبة لوقف العنف، والمشهد تحت عنايتنا ورعايتنا واهتمامنا»... وما إلى ذلك من الجمل المنتفخة على سواد في النوايا، وما أن يُكشف تضليل إحدى هذه الجمل إلا وتقفز الأخرى إلى الواجهة كي تترك لكثير من الوجبات السياسية وقتاً للنضج وإضافة ما تيسّر من البهارات والمصافحات والتنازلات التي تفصح باستفزاز متدرج أن فرص السلام في سورية ليست قريبة ولا يسيرة ولا محفزة على مستقبل متصاعد التفاؤل وباعث على ثقة أعلى في من كان قدر العرب أن يثقوا بهم وتحت وقع المرارات والجراح الدامية. لا نريد أن نضحك على أنفسنا ونتوقع أن واشنطن وموسكو قادرتان على مد خطة لوقف إطلاق النار في سورية، أو ما عرف بالهدنة…
الأحد ٠٩ أغسطس ٢٠١٥
تضع يدك بقوة على رأسك، تظل فَزِعاً مشلولاً مذهولاً منكسراً حين لا يبعد عنك فعل إرهابي سوى بضعة كيلومترات، تتخيل حينها لو كنت ضحية، شهيداً أو أشلاء موجعة للحظات مرعبة هي امتداد لفكر يتنفس من دون أن نعترف بحقيقة التنفس ولا بالنمو أو قدرته الخطرة على بث الرعب وإحداث الدمار والأسى. «أبها» مدينتي التي أعيشها وتعيشني، ولا أرى شبيهاً لها في المدن، لم تعتد أن تبدأ صباحاتها إلا بعد أن تحدث فيك رعشة تشيء بك للتحوط من برد فاتن، ولا تعانقك في المساء إلا بمعالم البهجة ورائحة الأرض الزكية الطاهرة، «أبها» المدينة العصية على النسيان إذا ما زرتها، الغنية بتسامح أهلها وأهازيج وإغراء فنونها الشعبية المتكئة على الحب والممتلئة به، أبها المتباهية بجبالها وجمالها جنوب السعودية اعتادت أن تصافح الغيم والمطر، وتعانق الريحان وأشجار الطيب، لم تكن للحظة واحدة تظن أن ثمة رعباً سيدهمها ويخلط غيمها بالدمع ومطرها بالدم. جاء الإرهاب في ظهيرة الخميس فاختار مسجداً من مساجدها كما اختار من قبل مسجداً من مساجد «القطيف» فآخر من مساجد «الدمام» وتناول رابعاً في الحبيبة «الكويت»، الإرهاب طائش، مرتبك ووحشي حد قدرته على فعل المستحيل بأي مكان وعلى أية وجهة، أفعاله دليل بشاعته وقذارته وخططه لئيمة مفجعة، «أبها» التي أسكب الحبر منها الآن وأنزف الوجع معه حزِنت كثيراً، عبرت شوارعها بعيد…
الجمعة ١٠ يوليو ٢٠١٥
تحمل بعض الأسئلة طابع الغرابة، ولكنها تدخل حاجز المنطق والمعقول، طالما كانت غير بعيدة عن مرمى الإجابة، ولعل السؤال المتمدد في الأعلى أكثر الأسئلة التي يتداولها الشعب المتابع لمشاريع الوهم الإسلامية، وما تتطلبه من عمل ظلامي يهدف إلى دفع الشباب إلى مواقع الفتن والزج بهم في المناطق الممتلئة بروائح البارود وأصوات الأسلحة وصداع التفجيرات، ومن يدفع إلى هذه الأمكنة ينعم برفاهية عالية ويتنقل من مساحة جغرافية لأخرى شريطة أن تمتلئ مساحاته بالماء والخضرة والوجه الحسن. لا يزال بيننا من يحتفي بشرف أن يكون الإنسان من هذه المنافذ «شهيداً»، ويصب متعة ذلك في أذهان البراعم من الأفكار المهيأة للتطرف رغبة في الترقي لصفوف الناشئين والشباب، في ظل أن الانضمام للكبار لا يتطلب سوى تخطيط مع موظفي تهريب، وسفر عبر المنافذ البرية إلى المواقع المعدة للبروفات التاريخية، والتي يختلف فيها القادة كثيراً، لأن دور البطولة هو الدور المغري وعليه ترتقي نوعية التغذية بالجواري وتزيد ساعات القلب. ثمة من يعتقد أنه ليس من السهل أن يتحول «شاب» لهيئة مختلة وينضم الى موظفي فريق «داعش»، هذا الاعتقاد مبني على أن ما يمرر على أسماعنا من أفكار ليس سوى حمية ودفاع عن أمة وتفريج عن مكروب أو مظلوم وبغية جنة، ولو سألت شاباً عائداً من هناك لوجدته ذهب إلى المحرقة، لأن فاجراً أقنعه بأن هذا…
الجمعة ١٠ أبريل ٢٠١٥
< لا يمكن لحسن نصر الـ... أن يتحدث من دون استدعاء العنوان الكبير الذي يسكنه، ويعيش في داخله أكثر من انتمائه العروبي المزيف حتى تاريخه، انتماؤه مستند إلى بضع فلاشات يدبّج بها خطبه وحواراته، فينساق معها القطيع المهووس بالعروبة المغناة على اللحن الفارسي، وإن صرخ وصاح وغضب زعيم اللحن وقال إنه رائد العروبة وقضاياها من دون أن يكلف نفسه تجاهها سوى بإجادة السبك والحبك والعزف على عمق الجذور، وضرورة ألا تموت هذه الجذور سوى على قضية «منيحه» تتكئ على قيم ومبادئ يراها لوحده. العنوان الكبير الذي يستلهمه لقاحاً مضاداً ضد ما هو عربي هو اللقاح الايراني، إذ يدخل معه وبه في نوبة من الهيجان، والإدمان لروائح ولوازم وتحضيرات العنوان وما رافقه من البهارات، يدندن المتحدث -البالون الصوتي- بين وقت وآخر على وتر قضية فلسطين، لأنها القضية التي تدغدغ العامة، وتسحب العواطف لا العقول، متى ما كانت الساحة منشغلة بقضية أكثر إرباكاً وخيانة وحسابات قذرة، يرتدي فلسطين بصفتها عمامة موقتة، فيما لا يعنيه وعشاقه دعس هذا الشعار طالما كان في الطريق نحو حبكة سياسية بالغة الخبث. مفتتن هذا الكوكتيل المصنوع على نسق «سمك تمر لبن هندي» بحكاية «ما حدا إلو على حدا جميل»، ولكنه لا يعرف الفرق بين الجميل والعميل، فهو يستخدم كلمة الجميل في هذه العبارة الشعبية فقط، فيما يستبدلها…
الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠١٤
الشارع السعودي الرياضي لم يكن عادياً الأسبوع الماضي، وليس عادياً كذلك في مداولات الأعوام الماضية، لكن المؤشر في الأسبوع الأخير ارتفع عن السقف الطبيعي للطرح والتناول، لتكتشف بمعية هذا الارتفاع ومع الخروج الحاد عن مسار العقل أن الرياضة المحلية تذهب لمنعطف لا يطمئن مطلقاً، وتلمس بالأدلة القاطعة أن الحدود المتعارف عليها للتشجيع والتعاطف والاستمتاع ذهبت إلى ما هو أبعد وأفظع من مفردات التشكيك والاستهزاء والتشنج والرمي بالتهم والإسقاطات والتصرفات الخارجة عن حدود الأدب والوعي. عرفنا أن الرياضة هي المساحة المحلية المتاحة للمتعة والفرجة، وكرة القدم سيدة هذه المساحة والعابثة بالقدر الأكبر منها، ومنذ أن انحرفت عن مسارها في مشهدنا السعودي استعصت علينا البطولات ومنصات التتويج وميداليات الذهب، وذاك ناتج طبيعي متوقع للهبوط الرياضي العام في العقول واتكائها على التعصب والاحتقان والتشنج «الأهبل». لكم أن تتخيلوا أن تقدمنا مباراة رياضية بهذا الشكل الهزيل، وتحولنا لبالونات قابلة للانفجار، وتفرز لنا من الاحتقان ما لم يمكن أن يفرز إلا من طريق الفعل الرياضي وبوابة المستديرة، من مباراة واحدة خرج لنا من يفتي ويصنف ويلعن ويشتم ويدعي وينذر، وفي المقابل كان هناك من يتوعد ويصلي ويقسم ويطلق ويتصدق، أي هراء نذهب له؟ ومن حشر الجيل المهووس بالرياضة في زاوية ضيقة وملتهبة تغيب عقلها تماماً وتستدعي لوازم الكراهية والتصنيف وبناء الولاء الوطني على الانتماء الرياضي.…
الثلاثاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٤
يكون السؤال بهذه الصيغة المباشرة خير مدخل لدائرة اجتماعية بدأت تأخذ في الاتساع شيئاً فشيئاً وقد ننتظر، كالعادة، إلى أن تصبح دائرة أكبر لكي نتحمس حينها إلى عقد ورش التنظير، ولقاءات الحديث المجاني وترتيب المؤتمرات التي تنتهي دوماً كما تبدأ. تهرب الفتاة مقهورة وبدافع حاجة أياً كان نوعها، لكن هربها ينتهي عند محاضر الضبط وتسلم ذويها لها من دون أن نبحث عن الأسباب القاسية التي دفعتها بقوة، وبلا ثانية واحدة لتفكير أخير قبل لحظة الهرب المريرة. يكبر جرح إجابة سؤال الهرب عندما يتضح إلى أين هربت؟ ومع من؟ أو عند من؟ وكم هي المدة التي قضتها في رحلة الاختباء والاختفاء؟ نتعامل مع هذه القصص المتفرقة كندوب في الوجه الاجتماعي ونخجل من ذكرها والمرور عليها، فنحن نتعامل مع الهرب كفضيحة كبرى لا علاج لها إلا الستر، المدرسة لا تسأل عن حال الفتيات وظروفهن وأوجاعهن، ولا وسيلة اتصال معلومة تضغط عليها أصابع فتاة مكسورة فيفزع لها أحد، وإن حدث فستكون الفزعة أقرب إلى كشف المستور وإعادة قسرية للحضن الذي كرهته والبيت الذي هربت منه!، أيضاً لا جدار تستند عليه في ما لو نقصتها متطلبات معيشة أو حاجات نفسية وعاطفية ومادية، لأن القائم بأعمالها هو الأخ الصديق والعزيز/ الرجل! لهرب الفتيات مسببات متشابهة إلا أنه لا أحد يرغب في أن يناقشها ويفتح أوراقها…