الإثنين ١٣ فبراير ٢٠١٧
في الحوار الذي أجرته جريدة «البيان» يوم الثلاثاء الماضي، مع العالم الإماراتي الشاب الدكتور أحمد عيد المهيري، صاحب لقب أول إماراتي يحصل على قبول لدراسات ما بعد الدكتوراه في معهد الدراسات المتقدمة في «برينستون» بالولايات المتحدة الأميركية، الذي يعتبر أبرز معهد لبحوث الفيزياء النظرية في العالم، والذي عمل فيه العالم الشهير «ألبرت آينشتاين» في العقدين الأخيرين من حياته، في هذا الحوار لفتت نظري التحديات والصعوبات، التي واجهت الدكتور أحمد عندما قرر اختيار دراسة علم الفيزياء، والمخاوف التي أبداها أهله وأصدقاؤه من دراسة هذا التخصص، واستغربت كيف يمكن أن تكون دراسة تخصص علمي مثل هذا مصدراً للقلق. يقول الدكتور أحمد المهيري: إن أول تحد واجهه في مرحلة التقدم للبكالوريوس هو ردود فعل الكثيرين من حوله إزاء صعوبة الحصول على وظيفة في مجال الفيزياء بعد التخرج، لذلك اختار تخصصاً يركز على الهندسة في السنتين الأولى والثانية، ثم على الفيزياء في السنتين الثالثة والرابعة. وقد أثر هذا القرار على درجاته الدراسية بشكل ملحوظ في البداية، لعدم تقبله مواد الهندسة، لكنه عندما بدأ دراسة مواد الفيزياء تذكر شغفه بها، فأظهر تفوقاً ملحوظاً، وتميزاً علمياً ودراسياً، وأصبح من المتفوقين في نهاية دراسته الجامعية. ويضيف: «إن إقبال الشباب الإماراتي على دراسة العلوم كالفيزياء وغيرها ضعيف، ولكن المشكلة ليست كامنة في الشباب، فأنا قابلت الكثير منهم، ممن…
الإثنين ٠٦ فبراير ٢٠١٧
عمل الخير في الإمارات قديم قِدمَ هذه الأرض، وهو مغروس في نفوس أبناء الإمارات المفطورين على حب الخير، والعمل على نشره، وجعله أسلوب حياة وليس فعلاً عارضاً. لذلك فحين دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى ترسيخ ثقافة الخير في الإمارات، واعتبر ذلك مسؤولية مشتركة، فهو إنما كان ينطلق من هذا الواقع، سعياً لبناء استراتيجية طويلة الأمد لمأسسة عمل الخير. الخيّرون في هذا الوطن كثيرون، يمتد تاريخهم إلى مئات السنين، قبل أن تعرف هذه الأرض النفط الذي يظن البعض أنه مصدر الخير الوحيد فيها؛ فقبل أكثر من مئة عام على سبيل المثال، عندما لم تكن هناك مدارس ولا تعليم نظامي، تصدى أحد أبناء هذه الأرض، هو الشيخ أحمد بن دلموك، لإنشاء أول مدرسة شبه نظامية في دبي، وكان ذلك عام 1912، لكنه توفي قبل أن يكتمل بناؤها، فتولى ابنه محمد إتمام البناء، وأطلق عليها اسم «المدرسة الأحمدية» تيمناً باسم والده، واستقطب لها خيرة العلماء والفقهاء من منطقتي الإحساء والزبير لتدريس علوم الدين واللغة العربية، لتصبح بذلك أول مدرسة أهلية شبه نظامية تُنشأ في الإمارات، فغدت مركز إشعاع حضارياً وتنويراً علمياً، تلقى تعليمه فيها جيل من الرعيل الأول، على رأسهم المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ راشد بن سعيد آل…
الإثنين ٣٠ يناير ٢٠١٧
«كان واحداً من أكثر الآثار التي تركتها إقامتي في الإمارات تحسن مفهومي للدين والتسامح الديني، إذ أصبح الدين بالنسبة لي شأناً خاصاً أكثر منه تعبيراً عاماً، الأمر الذي جعلني أشعر براحة أكبر». كانت هذه واحدة من الشهادات التي قالها الباحث الهندي الدكتور «جناردين» في ورقته التي قدمها خلال المؤتمر السنوي الثالث الذي نظمته «ندوة الثقافة والعلوم في دبي» عام 2013، تحت عنوان «الإمارات في عيون الجاليات»، وتناول فيها التأثير الإيجابي لنموذج الإمارات على الأجيال الآسيوية الجديدة وغيرها، من خلال تحويلهم إلى مواطنين عالميين، قادرين على استيعاب مختلف أنواع الثقافات، وقدم نفسه مثالاً للتغيير الذي أحدثته الإمارات فيه، بعد 13 عاماً من العيش فيها، قائلاً: «يقولون إن الوطن حيث القلب، لكنني أقول، من خلال واقع عملي، إن الوطن حيث العمل». هذه نظرة مواطن هندي قدم بلده، ولا يزال يقدم، للعالم كله «دروساً عميقة في التعايش والتسامح» كما وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يحل ضيفاً رئيساً على الهند في احتفالاتها بيوم الجمهورية. فرغم الفارق الكبير في عدد السكان والمساحة، بين دولة الإمارات والجمهورية الهندية، إلا أن حجم الدول لا يقاس بالمساحة وعدد السكان، وإنما بالتأثير الذي تحدثه على القيم التي يؤمن بها البشر. وهذا هو ما فعلته وتفعله دولة…
الإثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧
«موجة الاحتجاجات التونسية مستمرة». بدا لي من عنوان الخبر أن تاريخه قديم، يعود إلى النصف الثاني من شهر ديسمبر 2010، أو النصف الأول من شهر يناير 2011، لكن التاريخ المدون في الصفحة التي كنت أقرأ منها الخبر على موقع «البيان» الإلكتروني يقول إنه 16 يناير 2017! عادت بي الذاكرة ست سنوات إلى الوراء، عندما كنا نتابع أحداثاً كانت تقع في تونس في مثل هذا التاريخ، حسبناها في البداية عادية، لكنها أخذت بعد حين بعداً دراماتيكياً أشبه بما يحدث في أفلام الخيال منها إلى الواقع. بدأت الأحداث يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 بإقدام بائع خضار شاب على إحراق نفسه أمام مقر المجلس المحلي في مدينة «سيدي بوزيد» احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية للعربة التي كان يبيع عليها الخضار والفاكهة، ورفضها قبول شكوى أراد تقديمها بحق الشرطية التي قال إنها صفعته وصادرت عربته، وانتهت بتنحي الرئيس زين العابدين بن علي عن السلطة والهروب من البلاد خلسة يوم الجمعة 14 يناير 2011، بعد تحول المظاهرات التي اندلعت بعد إحراق محمد البوعزيزي لنفسه إلى انتفاضة شعبية، شملت مدناً عدة في تونس، وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين، نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، خاصة بعد وفاة البوعزيزي يوم 14 يناير نتيجة الحروق. كيف تطورت تلك الأحداث على هذا النحو، وكيف سقط بن…
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
ذهب الرجال الأوفياء الأخيار إلى بارئهم، ورجعت نفوسهم المطمئنة إلى ربها راضية مرضية، لتدخل في عباده وتدخل جنته، وخاب الخونة الأشرار ذوو النفوس الشريرة، التي تكره الحياة والخير والنماء، وتنشر الموت والشر والخراب. ذهبت نخبة من أبناء الإمارات الأخيار، ليزرعوا بذور الخير في أرض أفغانستان المجدبة، التي تعاني من الفقر والجهل والتخلف، بعد أن نشرت فيها قوى العنف والإرهاب، الخراب، فكانت في انتظارهم أيادي الغدر، التي استطاعت أن تنال من أجسادهم التي نذروها لنشر الخير والنماء، لكنها لم تستطع أن تنال من أرواحهم المحلقة دائماً في سماء الطهر والنقاء، تلك التي لا يعرفها الأشرار، ولا يستحقون أن يستظلوا بها. وأيّاً كان أولئك الذين أقدموا على هذه الفعلة الخسيسة والجريمة البشعة، فاغتالوا رجالاً ذهبوا لغرس بذور الخير في تلك الأرض التي عصفت بها الصراعات، وأيّاً كانت جنسياتهم وطوائفهم وانتماءاتهم، فهم ليسوا أكثر من جبناء، دفعتهم الخسة والنذالة للإقدام على فعل جبان. لم يستطيعوا مواجهة الخير بخير مثله، فكان الغدر هو وسيلتهم للتعبير عما في نفوسهم من شر. الإمارات العربية المتحدة دولة قامت على الحب، وسعت منذ قيامها إلى نشر الخير في كل بقعة من الأرض، فجاب أبناؤها أنحاء المعمورة من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، يبحثون عن الجائعين والمحتاجين، وضحايا الكوارث والمجاعات والحروب والنزاعات، كي يلبوا حاجاتهم، ويداووا جريحهم،…
الإثنين ٠٩ يناير ٢٠١٧
«لقد قتلته تنفيذاً لشرع الله، ولكي أقيم حدود الله في الأرض»، هكذا أجاب عادل أبو النور سليمان، قاتل المواطن المصري القبطي يوسف لمعي، الذي باغت ضحيته بضربة سيف في رقبته، أردته قتيلاً في الحال، وفر هارباً، في واحدة من أبشع الجرائم، التي شهدتها مدينة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية الأسبوع الماضي. القاتل، الذي أقدم على نحر ضحيته أمام محله في الشارع، على مرأى ومسمع من ابني القتيل اللذين كان داخل المحل، يعمل بائع حلويات بموقف فيكتوريا للميكروباص، وشهرته «الشيخ عادل عسلية»، أمي لا يجيد القراءة والكتابة، ويعتنق بعض الأفكار التكفيرية. وقد قال في التحقيقات، التي أجريت معه بعد إلقاء القبض عليه، إنه استند في عملية القتل إلى فتاوى عدد من الشيوخ، الذين يشاهدهم باستمرار في الفضائيات، ويؤكدون دائماً إباحة دماء المسيحيين، ودماء من يبيعون الخمور والمسكرات، باعتبار أن القتيل مسيحي يملك محلاً تباع فيه الخمور. وأضاف أنه ما زال مصراً على رأيه، ومقتنعاً وفخوراً بما فعله، ولو لم تنجح محاولته تلك لكررها مرة أخرى، مؤكداً أنه لا يجيد القراءة والكتابة، وأنه يستمد ثقافته الدينية من شيوخ الفضائيات، التي يتابعها باستمرار. وعندما سأله المحقق: ولماذا تصدق هؤلاء الشيوخ؟ أجاب قائلاً: «لأن ما يقولونه مصدق، ولا يمكن تكذيبه». جريمة جديدة تفتح ملفات قديمة، وتثير أسئلة عديدة حول من المنوط به تنفيذ شرع الله،…
الإثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
بلحيته البيضاء، وعصابة رأسه السوداء، وقلبه الممتلئ حقداً، شاهد العالم صوره وهو يتجول بين أنقاض المدينة الحزينة، ويمر من أمام قلعتها الشهيرة. في عينيه نشوة الغازي المنتصر، وفي ابتسامته شماتة العدو غير المستتر، وعلى وجهه سمات الكذاب الأشر. إنه قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وإنها حلب الشهباء العربية الحزينة، لكنها غير المنكسرة، لأن المدن العظيمة قد تحزن عندما تحل بها الكارثة، لكنها أبداً لا تنكسر. كيف وصل هذا السفاح الإيراني إلى هذه المدينة العربية العريقة؟ من فتح له الطريق إليها؟ من سمح له بأن تطأ قدماه ترابها؟ كيف هانت الأرض على أهلها فأتاحوا للغرباء أن ينتهكوا حرمتها؟ كيف سمحوا لهم أن يلوثوا هواءها؟ إنها ورب الكعبة لمأساة كبرى، وإن من سمح بحدوثها لمسؤول عنها ومحاسب إلى يوم الدين. مثل الطاووس كان يتجول بين أنقاض المدينة المنكوبة وحول قلعتها، يكاد يرتفع عن الأرض من الغرور، وأمامه كان يمشي قائد عمليات قوات النظام بالمنطقة، كأني به يصطحبه في جولة سياحية، وحولهما ينتشر الدمار والخراب في كل مكان، لأن الغزاة لا يعمّرون الأوطان، وهم لا يحترمون من يخون وطنه مهما قدم لهم من فروض الولاء والطاعة والإذعان. من أدخل هذا السفاح أقدم مدن العالم؟ من مهد له الطريق كي ينتهك حرمتها؟ من مكنه من تلويث هوائها؟ ألم يعلموا أن المدن العظيمة محرمة…
الإثنين ١٩ ديسمبر ٢٠١٦
نحن لا نعرف المستقبل، لكننا نحاول أن نستشرفه، وهذا هو ما حاول أن يفعله المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي نظمه المكتب التنفيذي لحكومة دبي يوم الأربعاء الماضي، وهو ما لمسه كل من حضر جلساته أو تابعها عن بعد. وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن أهمية استشراف المستقبل حين قال: «إن التحولات السياسية والاقتصادية العالمية المتسارعة تحتم على العالم العربي الاستعداد بشكل جيد للمستقبل، وإن الريادة العالمية لا تكون إلا للدول السباقة بتبني أدوات الاستشراف المستقبلي». لذلك كان المنتدى سباقاً حين بادر إلى إطلاق برنامج لتطوير مستشرفي المستقبل العرب في المجالين السياسي والاقتصادي، فأعلن معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، في الكلمة الافتتاحية، أن المنتدى سيعمل مع مجموعة من الخبراء والمراكز الدولية المعتمدة لتطوير نخبة من الشباب العربي المتخصصين، ليكونوا نواة لعلم الاستشراف الاقتصادي والسياسي، بهدف خلق مجموعة من المتخصصين في استشراف المستقبل السياسي والاقتصادي في العالم العربي، كي يكونوا عوناً لصنّاع القرار في دولهم، لرسم صورة أوضح لمستقبل المنطقة، بما يدعم اتخاذ القرار الاستباقي والصحيح. لماذا يجب أن نستشرف المستقبل؟ هذا سؤال تكمن إجابته فيما نشاهده حالياً من أحداث في منطقتنا العربية، ما يضع المسؤولية على القيادات التي لم تُولِ أهمية لاستشراف المستقبل عندما…
الإثنين ١٢ ديسمبر ٢٠١٦
كثيرة هي تعريفات السياسة، بعضها إيجابي يصب في صالح هذا المصطلح، وينحو إلى الذكاء والحنكة في إدارة شؤون البلاد والتعامل مع الأحداث، وبعضها الآخر سلبي، ينحو بها نحو الخداع والمراوغة وتزييف الحقائق. ويبدو أن هذا الجانب فقط هو ما يطبقه المسؤولون الإيرانيون من السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بجيرانهم على الضفة الأخرى من الخليج العربي، فيسعون إلى قلب الحقائق، وتحويل الحق إلى باطل، والباطل إلى حق، محاولين إقناع العالم أنهم حملان وديعة، وأن جيرانهم ذئاب ووحوش مفترسة، تريد أن تفتك بهم، وتنتزع منهم حقهم، وتفتت وحدة أرضهم، وتزعزع أمنهم واستقرارهم. آخر التصريحات الغريبة التي صدرت عن المسؤولين الإيرانيين، هو ما خرج به علينا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية «بهرام قاسمي» الأسبوع الماضي، معلقاً على البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي السابعة والثلاثين، التي عُقدِت في العاصمة البحرينية المنامة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وطالبت في بيانها الختامي إيران بتغيير سياستها في المنطقة، مستنكرة تدخلاتها في شؤون دولها، ومطالبة إياها بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى. فما أن صدر البيان حتى خرج علينا «قاسمي» بتصريح غريب، يطالب فيه دول الخليج بالكف عن التدخل في الشؤون الإيرانية، بدل توجيه الاتهامات الباطلة، على حد قوله، مؤكداً أن الجزر الثلاث جزء لا يتجزأ من التراب الإيراني، وأن تكرار المزاعم التي تفتقر…
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١٦
يذهب كل صباح إلى مدرسته، يلعب قليلاً مع أقرانه بانتظار جرس المدرسة، يُقرع الجرس فيقف في طابور الصباح. لم يكن يومها ثمة علم يقف هو وزملاؤه لتحيته، ولم يكن ثمة سلام وطني، ولا نشيد يرددونه كل صباح. يذهب بعد الطابور إلى صفه ليجلس خلف طاولته، يخرج كتبه ودفاتره. على الدفاتر صورة لأمير الكويت الراحل، الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله، وعلى الكتب شعار دولة الكويت وعلمها. يسأل عن معنى دولة وشعار وعلم. لم يكن وقتها يعرف معنى أن يكون للإنسان دولة وشعار وعلم، فقد كانت هذه الأشياء على وشك أن تتخلق في عقله، بينما كان ثمة دولة تتخلق على الأرض التي كان يعيش عليها. كان يسمع والده ورفاقه، وهم خارجون من المسجد في أعقاب كل صلاة، يتحدثون عن شيخ تولى الحكم حديثاً في إمارة أبوظبي المجاورة لإمارته دبي. وكان السفر إلى أبوظبي وقتها يستغرق أكثر من نصف يوم، عبر الرمال التي لا تقطعها سوى السيارات ذات الدفع الرباعي، حيث لم تكن ثمة طرق مرصوفة ولا شوارع ممهدة. كان الناس يتحدثون عن هذا الشيخ الكريم بحب وشغف، وكانوا يقولون إنه يسعى لتأسيس دولة من الإمارات المتناثرة على ضفاف الخليج العربي وبحر عمان، تلك التي تجمع بين سكانها أواصر دم وقربى، وتوشك أن تخرج من مرحلة الاحتلال البريطاني لأراضيها. يحاول الطفل الصغير…
الإثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
«عندما يتوفى قائد الشرطة، ويحزن الشعب بهذه الطريقة، فاعلم تماماً أنك تعيش في بلاد يسودها الأمان والعدل، ويحكمها القانون». عبارة تداولها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة الماضي، عندما فجعنا بوفاة الفريق خميس مطر المزينة، رحمه الله، فوقع الخبر على أبناء دولة الإمارات والمقيمين فيها كالصاعقة، وعم البلاد الحزن، وتناقل الجميع مآثر الفقيد، واستذكروا ما قدمه من خدمات ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن، بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، ووُري جثمانه الثرى. صورة قادة الشرطة في الخيال الإنساني، والعربي على وجه الخصوص، عادة ما ترتبط في أذهان العامة بالبطش والظلم. نلمس هذا في كتب التراث والروايات التي تفننت في وصف ممارسات الشرطة، والأساليب التي يستخدمونها في التعامل مع البشر. ومن أمثلة ذلك قصة «دليلة والزيبق» الشهيرة، التي تدور أحداثها بين مصر وبغداد، وتحكي قصة فساد كبيرة، يشترك فيها كل أطراف السلطة، ابتداءً من الحاكم وانتهاءً بالعسكر والعسس، فالكل في دائرة الفساد مشترك، حيث يقوم الوالي بوضع المقدم «سنقر الكلبي» مسؤولاً عن حفظ الأمن، تجنباً لفساده وسرقته. فيجعله على رأس جهاز الشرطة ليضمن أنه لن يسرق إلا بإشرافه وتحت رعايته، حتى يأتي «علي الزيبق» ليخلص الناس من الظلم والطغيان، وينتقم لوالده الشريف المقدم «حسن رأس الغول»، الذي تعاون المقدم «الكلبي» والمحتالة «دليلة» كي يتخلصا منه. هذه الصورة النمطية التي رسخت…
الإثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
عام 1990 أقيم في مدينة «أسوان» بجمهورية مصر العربية احتفال تاريخي لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، دُعي إليه عدد من زعماء العالم، كان من بينهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكان لي شرف حضور هذا الحدث التاريخي المهم، ضمن الوفد الإعلامي الرسمي المرافق له رحمه الله، وما زالت تفاصيل ذلك الحفل حاضرة أمامي حتى اليوم. حيث تبرع وقتها بمبلغ 20 مليون دولار، مساهمة من دولة الإمارات العربية في إحياء هذه المكتبة العريقة التي تختلف الروايات حول من شيدها، لكنها تتفق على أنها كانت كبرى مكتبات عصرها، وأنها قد تعرضت للعديد من الحرائق، كان آخرها في زمن الإمبراطور الروماني «يوليوس قيصر» عام 48 قبل الميلاد، وفق أغلب الروايات، حتى تم إعادة إحيائها من جديد في العصر الحديث، وجرى افتتاحها عام 2002، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة «اليونسكو». الشاهد في هذا الحدث هو أن مساهمة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في إحياء مكتبة الإسكندرية ترك انطباعاً جيداً لدى الجميع، وأكد أن قادة دولة الإمارات العربية المتحدة، كانوا ومازالوا داعمين للمكتبات، لأنها حاويات العلم والفكر والثقافة التي لا يمكن أن تقوم حضارة في الكون إلا بدعمها والاهتمام بها، لأن الكتب هي مصادر الثقافة…