الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٨
لدي من سنوات الصداقة الطويلة مع الأخ العزيز جمال خاشقجي ما يسمح للتجربة أن تكتب بكل وضوح أنه رجل المفارقات والمتناقضات، التي لم أعايش مثلها شخصية أخرى في حياتي الأكاديمية أو المهنية، هو مثل طائر (اللوتو) الذي يقف جانبا على أعتى أسلاك الضغط العالي ثم يقفز منه، يسبح في البحيرة دون أن يغرق. كنت أجلس معه لساعات طويلة وهو يروي أيام وذكريات الدراسة في مدارس المدينة المنورة مع صديقه الأثير أسامة بن لادن، ومسترجعا أيام (بيشاور) في صحبته، وعلى النقيض لا زلت أتذكر بعض ردوده على بعض مقالاتي عن بن لادن وعن الإرهاب وعن القاعدة، حين كان يصفها بالمهادنة التي لا تناسب القلم الساخن الذي كنت أحمله. كيف عمل جمال خاشقجي ضابط إيقاع لصفحات الرأي في صحيفة (المسلمون) المنقرضة ثم يترأس لمرتين وعلى النقيض كل إيقاع هذه (الوطن) بمسارها وخطها المناقض المختلف؟ كيف كان جمال خاشقجي، بل كيف استوعب أنه كان مسمارا في حلق غلاة الإخوان؟ وكيف كان (الشاخص) الذي تهوي عليه أحجارهم وكلماتهم الموغلة في الشتم والقسوة؟ ثم كيف تحول إلى النقيض ليصبح اليوم رمزا وأيقونة لربيعهم المزعوم حد الخيال، أن يكتب كتابه الأخير: زمن الإخوان؟. كيف كتب مقاليه الشهيرين منتقدا رأيا لفضيلة الشيخ سعد الشثري بكل ما كان للمقالين من حضور طاغ وغير مسبوق، ثم عاد في الواشنطن…
الأحد ٢٥ فبراير ٢٠١٨
في حضور بضع كتاب وبعض من صناع الإعلام، قدم رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السعودية وجه وصورة الناقل الوطني المستقبلية الجديدة. وفي اللقاء الطويل تحدث مستخدماً كلمة «التغيير» بالتقريب مع شرح كل منتج جديد من خدمات هذه الشركة. قلت له مازحاً إن أفضل «لزمة» دعائية تستطيع السعودية أن تقنع بها زبائنها بالمرحلة الجديدة ليست بأكثر من جملة قصيرة وفيها تعترف الخطوط بـ«أننا تغيرنا»، حتى نمسح الصورة النمطية السلبية. لماذا وكيف تغيرت الخطوط السعودية؟ والجواب القصير جداً: بسبب وجود المنافس. كنا فيما مضى، ولأربعة عقود من الزمن نضحك تندراً على اللزمة الشهيرة في نهاية كل رحلة حين ينطلق المذيع: شكراً لاختياركم السعودية. اليوم، وربما بسعر أدنى وجودة أعلى، أمامي أربعة خيارات لأربع شركات للسفر إلى الوجهات الثلاث الرئيسة. أمامي، ومن مطار أبها، ما يقرب من ست شركات طيران إلى خياراتي المختلفة في السفر الخارجي. انتهى زمن الاحتكار مثلما اختفت أيضا عقدة الحصول على مقعد. السعودية الوطن بأكملها تغيرت، ومعها حتماً كان لا بد للسعودية الخطوط أن تواكب هذا التغيير. وقد لا يعلم كثر أن المسؤول الأول عن صناعة الأفكار في النقل الجوي للخطوط السعودية، وهي مجرد شركة من بين شركاتها الخمس المختلفة، ليس إلا مكسيكي عمل في ألمانيا ثم أعاد في أوروبا هيكلة بضع شركات عالمية. المهندس، صالح الجاسر، نفسه جاء…
الثلاثاء ٢٠ فبراير ٢٠١٨
من مدينة طرفية من الوزن السكاني المتوسط، استثمر هذا الطبيب الشهير وأكمل في ما يقرب من عقدين من الزمن مركزه الطبي المتخصص، وبلا جدال أو دعاية لأحد، فقد قدم لتلك المنطقة البعيدة خدمة طبية متميزة،حتى أصبح علامة فارقة في الخدمات الصحية. أعرف مشواره جيدا، وإن كنت أكتب اليوم من باب رفع قصة المبنى للمجهول. نحن وبكل وضوح وصراحة، مواطنين كنا أو كتّاباً أو حتى مسؤولين، لا نستمع أبداً إلى معاناة رجل الأعمال ولا لشكوى المستثمر، ولا نلتفت لعشرات القوانين البيروقراطية التي تهدد هؤلاء، وهم بالآلاف، بالخروج القسري من السوق. نحن نضع المستثمر الحقيقي مع المستثمر الوهمي في ورقة حواجز وتعقيدات واحدة. وحين استمعت إليه داخلني شك أقرب إلى اليقين أننا في كل مدن الأطراف سنعود عما قريب إلى العلاج الخاص في مدينة المركز، معظم المستثمرين الكبار في القطاعين الصحي والتعليمي في المدن الصغيرة والبعيدة سيخرجون حتما من السوق، إذا ما ظلت الأنظمة تتعامل معهم بهذه الطريقة. صاحبنا، وبالبراهين، لم يحصل على تأشيرة صحية واحدة لأكثر من عام لأن دوزنة النظام لا تفرق بين استقدام طبيب أو فني تخدير، وبين استقدام عامل ورشة أو فني نجارة. لا تفرق بين مستثمر في جدة حيث الزبائن بالآلاف وبين آخر في جازان أو تبوك، حيث يكون الاستثمار الصحي الثقيل مغامرة محفوفة بالمخاطر. وفي الدول…
الأحد ٠٤ فبراير ٢٠١٨
في قصة الراقص المستفزة لنا جميعا على رصيف شارع الفن الأبهاوي سأكتب: لا يمكن لهوس فردي أن يسلب من بين أيدينا حكاية شارع صاعد تحول بالفعل الموجب إلى واحد من أشهر الشوارع الوطنية. كنت على ثقة أن سمو أمير المنطقة لن يترك لمثل هذه الحادثة والمتورط فيها أن يهرب بأمان من طائلة القانون، وهذا ما كان بالفعل. وسأكتب اليوم بكل تجرد مع حفظ الأسماء: أصبت بالدهشة العارمة من (دردشة) فضائية كان البعض فيها يرى أن ما حدث يدخل في باب الحريات الشخصية، أو في أسوأ التوقعات شيء من الطيش العابر. بعضهم يتعلل بالتبرير أن المجتمع اليوم على أبواب رحلة فاصلة من الانفتاح والتواصل. ومرة أخرى أصبت بصدمة بعض الردود، فالقصة عدا أنها تعاكس تربيتنا الدينية فهي أيضا تسبح ضد تيارنا الأخلاقي وقيمنا الاجتماعية الموروثة. وفي بعض الأحيان صار هاجسي الخاطئ يظن أن مثل هذه القصص المنبوذة هو شيء من المؤامرات المختلقة لتشويه صور التربية المحمودة والبريئة التي نعيشها في الفترة الأخيرة، لكن الوقائع المكتشفة تبرهن على خطأ افتراضي مع هذه القصة بالذات. الجهاز الرسمي الحكومي أدرك شوق الأسرة السعودية لكسر (تابوه) الترفيه، ومع هذا لن يسمح هذا الجهاز بالانـحطاط الفردي إلى مثل هذا السلوك. يجب أن يكون مثل هذا الاختلال عبرة لكل من يجرؤ إلى حد الرقص علنا على الرصيف.…
الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨
بعد ما يقرب من شهر على رفع أسعار الوقود وأنماط الطاقة، وإقرار قيمة الضريبة المضافة، يبدو السؤال: هل طرأ من تغيير يذكر في ثقافتنا الاستهلاكية كي نتكيف مع الوقائع المالية المستجدة؟، للأسف الشديد لا توجد لدينا مراكز متابعة مستقلة لمؤشرات جوهرية كثيرة ومختلفة، مثل معدلات الاستهلاك أو توليد الوظائف أو نسب البطالة. كل ما لدينا مجرد ظنون وتخمينات بفوارق رقمية شاسعة بين ما يقوله المسؤول وبين ما تورده لنا دراسات المتخصصين وأبحاث أهل الشأن. وخذ بالمثال المبرهن أن الفارق في تقدير نسبة البطالة يصل إلى ما يقرب من عشرين نقطة مئوية، بين تقديرات الوزير المختص وبين ما يكتبه خبراء العمل وميدان الوظيفة. وسأعيد جملة سبق لي أن كتبتها من قبل: كل ما أخشاه ليس إلا أن بعض المسؤولين التنفيذيين يتقدمون بمشاريع قرارات إصلاحية تستند إلى أرقام ونسب لا تعكس واقع حياة المواطن، ولا طبيعة الملاءة المالية التي تعيشها شرائح المجتمع المختلفة. يبرهن على هذا أن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد قد تدخلا في أكثر من مناسبة لعكس سير هذه القرارات ورفع المعاناة عن المواطن بقرارات سيادية مضادة. أتوقع شخصيا أن أصحاب المعالي، أو فلنقل بعضهم، لم يعلم عن قرارات البشائر الملكية إلا مثلنا على نشرة الأخبار. نعود مرة أخرى إلى مؤشر الاستهلاك: قد لا يعلم كثر أنه رأس كل…
الإثنين ٣١ يوليو ٢٠١٧
في ثنايا تحليله لضعف بنية الدولة الوطنية مقابل الدولة الأيديولوجية الأممية، أنقل لكم هذا الاقتباس النصي من مقال معالي الأستاذ سعود القحطاني بصحيفة الرياض. يقول (ومن ضمن مشكلاتنا في المملكة أنه ومنذ مرحلة التأسيس وإلى اليوم لم يظهر في البلاد تيار وطني نشط إطاره الدولة الوطنية القائمة، وبقيت دولتنا رهينة للأيديولوجيات الأممية والوحديات القومية، بدءاً من أيديولوجية الدولة الرسمية: السلفية التقليدية مروراً بما ظهر على الساحة السعودية مثل الصحوة الإسلامية والشيوعية والناصرية والبعثية). انتهى. المقال العميق، ومعه جوهر اقتباسي منه يمثلان أهمية قصوى في مثل هذا الظرف والتوقيت لسببين: أولاً، لما يمثله كاتبه بوصفه الوظيفي الاستشاري في رواق الهرم الأعلى، ولهذا سأعتبر المقال قريبا من الرؤية الرسمية ، وهذا أبسط حقوق قراءتي الذاتية للموضوع. الثاني، لأن المقال كان متوازناً في تفسير وتبرير ضعف مفاهيم الدولة الوطنية حين رمى بالخلل على الجميع، وهو يربط ما بين أخطاء السلفية التقليدية مع نقائضها الصرحاء في جملة قصيرة واحدة. أنا دائماً ما أقول إنه من الخطأ التاريخي تحميل الخطاب الإسلامي وحده مشاكل ضعف البنية الوطنية، لأنها مجرد شريك مع شركاء كثر في هذه الساحة. دعونا نكون أكثر صراحة ووضوحاً في تفاعلنا مع هذا المقال الاستثنائي تحت اسم هذا الكاتب بالتحديد: هل كان للجهاز التنفيذي ومعه أركان الوزارات المختلفة وكل المؤسسات السيادية العليا دور في…
الثلاثاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦
ولو أنني سئلت عن لقطة العام الثقافية لأجبت بلا تردد: هو منظر عشرات الطلاب الجامعيين وهم يغادرون قاعة جامعة اليمامة تاركين المفكر الضخم، إبراهيم البليهي، وحيداً على المسرح. هو "مقطع" استثنائي مدهش يصلح لوحده كتاباً عن "بنية التخلف". تبدأ الصورة في اللقطة عندما تقدم أستاذ جامعي "مغاربي اللكنة" بالهجوم اللفظي على المحاضر، وبالطبع، لا سلاح لديه سوى لغة دغدغة العواطف بالحديث المضاد عن أمجاد العرب الساحقة السحيقة، وعن أفضالهم التاريخية على المنجز البشري، وعن إسهاماتهم التي وكما وصفها "بنت حضارات الهند والسند وقصور الأندلس... إلخ". وفي نهاية مداخلته العصماء، طلب هذا الأستاذ الجامعي من الجميع الانصراف ومقاطعة المحاضرة، وكان في غاية النشوة وهو يسجل هذا الهروب الأخلاقي من مواجهة الفكرة بالفكرة. هذه بالضبط هي حجج العجائز والأطفال كما وصفها المحاضر نفسه وهو يصف تلك اللحظة. تشعر بالحزن الشديد لأن هؤلاء الشباب الذين استجابوا للنداء الغوغائي بالانسحاب والمقاطعة كانوا وكما يبدو أقل قدرة من فهم واستيعاب البنى التحليلية التي يتحدث بها المحاضر. كانوا وكما يبدو أكثر فقراً حتى في القدرة على فهم المفردات اللغوية في صلب المحاضرة، وهنا أدرك هذا الأستاذ الجامعي طبيعة السوق وطبائع رواده. سحبهم إلى عنتريات الاستلاب التاريخي ولغة المشاعر العاطفية لأنه أيضاً، كان مثلهم، عاجزاً عن الاستيعاب وعن مقارعة الحجة بالحجة. لجأ إلى لغة الوعظ والتخويف، ومن…
الثلاثاء ٠٤ أكتوبر ٢٠١٦
رحم الله أبونضال، صالح المنصور إذ حتى الكتابة في رحيله وتأبينه تحتاج إلى شجاعة قصوى وإلى صدر من الفولاذ لمواجهة سهام هذا المجتمع الضائق ولو حتى بفكرة مختلفة في رأس رجل واحد من بين كل هذه الملايين. هو منتهى النقيضين على طرفي ذات المسطرة: النكرة الذي عاش حياة صاخبة بحبائل الأفكار ومات مجهولاً في ثلاجة المشفى لبضعة أيام، ولربما بلا بطاقة تعريف. شخص قد يستغرب السواد الأعظم من القراء الكرام وجود اسمه في العنوان، ولكنه اسم العلم المعرف الذي كان "أيقونة" ملتقيات الثقافة ومعارض المعرفة، الذي يعرفه كل مثقف ومفكر وأستاذ جامعة. ومن النقائض أن "أبونضال" ابتدأ حياة "العمل" الوظيفي "أمير مركز" في مقتبل الشباب، وقبل خمسين عاماً في إحدى حواضر الأغوار التهامية، وكان يمكن يومها لثقافته الواسعة وقراءاته التقدمية أن تأخذه إلى أعلى الرتب والمناصب. لكن غواية الثقافة أنهته جثة هامدة ومجهولاً في ثلاجة موتى بعد أن اختار حتى أن يسكن حي "العمل" الشعبي في جنوب شرق الرياض، حيث غرامياته المتجذرة باليسار والعمال والاشتراكية. ظل أبونضال وفياً لهذه الأفكار حتى في الملبس. بدلة "الكاكي" البنية المبهدلة وحذاء سبيريا البالي القاسي بلونه الرمادي على القدمين. وأحياناً يرتدي "الكرفتة" الحمراء، ولا زلت أتذكر كم ضحكت معه وهو يحدثني عن "سجن" تلك الليلة التي اضطر فيها للبس الثوب والعقال والمشلح في مناسبة…
الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠١٦
يبرز سؤال "التعليم والسعودة" كأكثر، أو للتخفيف، كواحد من أكثر القضايا الاجتماعية الضاغطة على مؤسسات التعليم العالي وخصوصاً في دائرة التوظيف. نسمع على الدوام تكرار جملة التضليل المعلوماتي من آلاف حملة الدكتوراه الذين يتقدمون للجامعات المحلية دون فرصة قبول، مع أن الجامعات نفسها ترسل طواقمها الإدارية والأكاديمية كل عام إلى عواصم الدنيا ومدنها من أجل التعاقد مع وافدين لشغل هذه الوظائف. أولاً، فمن الكذبة الكبرى بمكان أن نبلع الحكاية من أن شخصاً في الخامسة والثلاثين من العمر، وأيضاً، حاملا لشهادة دكتوراه حقيقية ثم لا يزال بلا وظيفة. هؤلاء، في الغالب يبحثون عن فرصة نقل وظيفي من أماكنهم الحالية تحت إغراء لقب "الأستاذ الجامعي" وأيضاً للبرهنة لمن حولهم ولمجتمعاتهم بصحة وسلامة المعايير والجامعات التي منحتهم هذه الشهادة. ثانيا، فإن هذا الضغط يشكل اختراقاً لشروط الجامعات ومعاييرها في مواصفات الشهادات العليا وجامعاتها التي تمنح الدرجة. معظم هؤلاء خريجو برامج دراسات عليا من الجامعات المحلية، وجزء منهم أيضاً طلبة انتساب في جامعات جوار تمنح الدكتوراه لمجرد تكاليف تذكرتي سفر للدارس وغارتي زيارة ليومين: يوم للتسجيل وثان بعيد للمناقشة. وبحسب تقرير هذه "الوطن" الشهير فإن أقل من 1% من هذه البرامج هو للدراسات العلمية التطبيقية، بينما تسبح بقية البرامج في الدراسات التربوية والإسلامية المشبعة في الأصل بتخمة مضاعفة. هل أنا ضد السعودة في التعليم؟…
الأربعاء ١٤ سبتمبر ٢٠١٦
لست في حاجة إلى إقناع ملالي طهران، وعمائمها وسادة سياستها، بما تفعله المملكة من أجل الحج. نحن لسنا معهم في مبارزة إعلامية لتوضيح الجهد الوطني الهائل، ويكفي أننا على مشارف اليوم الأخير من شعائر هذه الفريضة ولم تسجل حادثة واحدة تستحق الرفع، وفي الجواب على: لماذا؟ لأن إيران السياسية لم تحج. دع هذا كله، اعتبروا ما أكتبه هذا الصباح جزءا من هذه المبارزة، حتى ولو اعترفت بأن إيران نجحت في سحب أقلامنا إلى ما لا تريد أقلامنا أن تكتب. يقول المحلل السياسي الإيراني، علي جوادي، ما قبل الأمس على قناة (press) الفضائية، إن أكثر من 200 حاج قضوا نحبهم يوم عرفة بسبب الإعياء من ضربات الشمس، مجادلا بأنها حالات مرضية بسيطة لا تحتاج إلى هذا الإهمال المريع لعلاجها على يد ممرض في أقرب خيمة طوارئ. كذبة كبرى لا يجاريها سوى عبارة (ويرى بعض المحللين) التي يلجأ إليها بعض الإعلام عند تسويق الدجل والكذب. ومع هذا، دعوني أمشي مع هذا المحلل الهمام إلى (آخر الشاطئ)، مفترضا صدق ما يهذي به. كل شيء نستطيع أن نفعله من أجل الحاج سنفعله حتى مع التقصير ونقص الكمال. ولكننا، لا نستطيع أن نتحكم في درجة حرارة الشمس ولا تغيير المناخ ولا حتى نقل مناسك الحج وأماكنه إلى العتبات المقدسة في جبال إيران الشمالية، حيث يحج…
السبت ١٠ سبتمبر ٢٠١٦
على طاولة حوار ثقافي هادئ يجمع بالتقريب كل الأطياف والمدارس تم طرح السؤال: ما هو المحرك الأساسي لويلات وكوارث حروب العصر الحديث؟ قلت لهم فورا، بل العقود الثلاثة الأخيرة حتى نتجنب التعميم بإدخال عصر تاريخي حديث فيما لا علاقة له به. وفي الجواب على السؤال فلن تجد أكثر من الدين وقودا للحروب المعاصرة، وما لم يتدخل عقلاء الأديان من كل مكان وفي أي مكان فإن حتمية هذا الصراع وتسارع وقوده ينبئان بحرب كونية جديدة وشاملة. من طبائع الحروب تحت وقائع معامل (الدين)، ومع التاريخ، أنها لا تشبه إلا ثورات البراكين، تشتعل فترة وتهدأ في الأخرى، تاركة أسباب الحروب المتبقية لوقود الاقتصاد والسياسة وبقية العوامل الأخرى. قاد هتلر وتشرتشل بلديهما، ألمانيا وبريطانيا، إلى كوارث الحرب العالمية الثانية رغم تناغم العرق (الأنجلوساكسوني) لشعوب البلدين ورغم المذهبية (البروتستانتية) الطاغية لخريطة شمال غرب أوروبا. ومثلهما تواجه شارل ديجول وموسوليني، رغم تناغم المذهب (الكاثوليكي) الخالص والانتماء العرقي (اللاتيني) لشعوب فرنسا وإيطاليا. لكنها، ومرة أخرى، طبيعة البركان، ويبرهن التاريخ أن أشد الحروب طولا واستدامة وتوليدا للكراهية هي تلك التي تقوم على معامل الدين وتفرقة المذهب. وبعد 5 عقود وأكثر على النهاية ما زال في المخيال الأسطوري لدينا عدوان الحروب الصليبية على الشرق، وفي المقابل لم يستطع المثقف والعوام في أوروبا التخلص من عقدة الغزو الإسلامي لأيبريا…
السبت ٢٧ أغسطس ٢٠١٦
أزعم، وبثقة مكتملة، أنني متابع جيد لكل تفاصيل القصة في الشأن اليمني، وأكتب بطمأنينة أن إدماني لنشرات الأخبار وتقارير الساسة والمحللين قد وضعني مع الآلاف من غيري في قلب الصورة. بتنا نعرف حتى أسماء ومناصب الذين يقبعون في الدائرة الخامسة إلى العاشرة، إما من الشرعية أو كتائب الانقلاب. نعرف أسماء الأحزاب والحركات، مثلما صرنا نسمع ونقرأ بالساعة أسماء الجبال والشعاب وحتى المركز والمديرية. الغائب الوحيد، وللغرابة، في هذا المسرح الواسع المكشوف هو حزب الإصلاح، وفضيلة الدكتور عبدالمجيد الزنداني. لم أشاهد لفضيلته صورة واحدة طوال مدة هذه الأزمة إلا ما كان من تلك الصور التاريخية حين شق "جبال الحجاز" ضيفا أسطوريا وفي كل صورة كان يتربع على رأس المائدة في أيام من الزحمة كان فيها اليوم الواحد يتسع لعشر ولائم. بعدها اختفى تماما ولهذا نطرح عليه هذه الأسئلة: أولا: لماذا وقفت يا صاحب الفضيلة على الحياد التام، ولماذا آثرت كل هذا الصمت؟ والحق أننا جميعا ننتظر الجواب بلهفة وشوق فقد يكون لكم، يا صاحب الفضيلة رأي أو وجهة نظر لم تصل إلينا ولم نتعرف عليها وبالخصوص لأنكم زعيم حزب وقائد جماعة يعرف جيدا بواطن الشأن اليمني وسياسي بارع في المناورة وفي القفز الآمن من شجرة إلى أخرى، وأحيانا، يا صاحب الفضيلة، قد يكون الحياد أو الاختفاء تعبيرا عن موقف سياسي فأنر…