الخميس ٢٥ أغسطس ٢٠١٦
هنا سنبدأ بالنقل والاقتباس الحرفي... (ومثلما فعلنا قبل أسبوعين بتطبيع علاقاتنا كاملة مع إسرائيل سنعمل على تطبيع علاقاتنا أيضا مع سورية بشرطين: احترام وحدة الأراضي السورية كاملة غير منقوصة، وأن يحترم النظام السوري وحدة وأمن الأراضي التركية). انتهى. التصريح السابق ليس لرئيس وزراء أرمينيا ولا لخارجية أذربيجان، بل لرئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، نهاية الأسبوع الماضي، وأنا هنا أنقله حرفيا لأهديه إلى كل المحتفين الهاربين في هرولة عمياء إلى تحت "عباءة السلطان". السلطان في أنقرة اليوم لا يلبس عباءة الفاتح ولا قلنسوة عبدالحميد، بل يرتدي البدلة التي لن تسمح بدخول واختباء حشرة صغيرة فيها. هكذا هي السياسة: إنها تفصيل الجسد بحسب المستجدات في الطول والحجم ومناورات المساحة. وأنا هنا أشد على يدي بن علي يلدرم وقيادته، لا لإعلان التطبيع مع نتنياهو وبشار، بل لانحيازهما الكامل إلى مصالح الشعب التركي الذي استلما أمانة قيادته بثوب ديمقراطي وللواقعية البراغماتية في القفز إلى المركب الآخر حين اكتشفا رخاوة وميوعة الحليف التقليدي الأميركي. في بحر العام الماضي كاملا تقابل وزراء خارجية أميركا وتركيا رسميا أربع مرات، لتكتشف تركيا أنها لم تستنشق من واشنطن سوى غبار الرماد الساخن، هنا (عكس) إردوغان الخط لينعطف بقاطرته السياسية 180 درجة. وفي ظرف أسابيع ثلاثة فقط تقابل "رسميو" السياسة في تركيا وروسيا وإيران تسع مرات على مستويات عليا…
السبت ٢٠ أغسطس ٢٠١٦
في زمن التخلف والانحطاط، يهبط المثقف والمفكر العربي من ملكوته العالي ليتحول إلى إسطوانة من الردح واللمز التي يترفع عنها حتى العوام والدهماء. في مثال المقاربة يظهر إلينا المفكر العربي المصري الكبير يوسف زيدان وهو يقول إنه لا يعرف لوسط جزيرة العرب سطراً في كتب التاريخ ولا أثراً يذكر لموروث من الحضارة الإنسانية. وأنا لا أشعر بالأسى ولا الأسف لما قال بالتحديد، لأن ذلك وارد من باب توظيف المفكر كجيب خفي في عباءة المدرسة المؤدلجة وقد سمعت مثل هذه الجملة في حياتي عشرات المرات من قبل. أشعر بالأسى والأسف فقط لأن يوسف زيدان، وبكل وضوح وصراحة ومكاشفة، جاهل بتاريخ اللسان الذي أوصل إليه وإلى قومه الكرام "لسان العرب"، وجاهل بالحضارة التي أوصلت إليه أبجدية اللغة التي يكتب بها ذات زمن التقابل القديم ما بين التقاء الحضارتين العربية والقبطية المصرية العزيزة. أنا هنا، أستاذي الكبير، أتكلم ذات لسانك، وأكتب نفس الحروف منذ أكثر من عشرة آلاف سنة، ولك أن تقرأ كل ما بين الأسطر. يكفيني منك أننا انتظرنا عشرات القرون حتى جاء إلينا مبعوث آثار فرنسي في القرن الماضي ليفك حروف "الهيروغلوفية" المنقوشة على صخور مآثر وآثار حضارة أهلك التاريخية. أستاذنا الكبير، يوسف زيدان: أنا خريج مدرسة تؤمن بحضارات وتاريخ كل الشعوب، وعلى رأسها بل تاجها الكبير ذلك الإرث المصري الخالد…
الأربعاء ٠٤ مايو ٢٠١٦
من حق المرأة السعودية أن تكون جزءاً أصيلاً من رؤية السعودية 2030 وبنسبة ثابتة تمثل ذات وزنها وتمثيلها في هذا المجتمع، مثلما هو واجب علينا أن نرفع للقيادة العليا ولفرق العمل التي تصبغ اليوم برامج التحول الوطني أن ننقل إليها نبض المجتمع وهواجس القواعد الشعبية حول هذه الرؤية. من حق فرق العمل أن نقول لهم بوضوح إن المرأة السعودية لم تشعر أن لها مكاناً واضحاً مفتوحاً في هذه الرؤية، مثلما من حقنا أن نقول للمرأة إن الرؤية لم تنته ولم تتبلور بعد وعليها الانتظار لا العجلة. لماذا أكتب اليوم هذا العنوان؟ مساء البارحة هاتفتني سيدة سعودية في الستين من العمر، مثلما تقول، وهنا زبدة القصة: تزوجت هذه الفاضلة من أخوين شقيقين، وبالطبع بعد وفاة الأول الذي أنجبت منه أربع بنات ثم رزقها الله من الثاني بثلاثة أولاد. وكل السبعة هم أولادها وبناتها ولكنها تشتكي من التمييز، فهي تتحدث عن "ذكور" ثلاثة يذهبون كل صباح إلى عوالم المكتب والوظيفة والحياة العامة بينما البنات الأربع "الأكبر طبعاً" على مشارف الأربعين من العمر وبشهادات جامعية لا زلن بعد هذه العقود أسرى لجدران المنزل، نحن هنا نتحدث عن مثال صارخ لأسرة سعودية واحدة لكنه بكل الامتياز يعكس حجم المشكلة. هذه الأم كانت تتحدث إلي بصوت غاضب وهي تتهمنا معاشر الكتاب بالانشغال في أمور ثانوية…
الأربعاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٥
سأكتبه قبل أن تهرب بقايا رائحة الأيام من الذاكرة. وإن لم أكن مخطئا فقد كان يوم عرفة. كنت يومها مراهقا يجمع مع إخوانه وأخواته بقايا الأثاث المنزلي المتواضع البسيط، نسابق الدقائق كي ننهي انتقالنا إلى منزلنا الجديد في جنوب القرية. وبالتقريب، انتهت المهمة قبل صلاة العصر. لا زلت أتذكر لسان أمي وهي تقول "باروح أوادع مشرية"، فمن هي هذه "المشرية"؟ هي حماتها أم اليتيمين وشارية القلوب وبنت الأسرة النبيلة التي بكت علينا بمرارة وبنهر من الدموع الحمراء، لن أنساه ما حييت، وكأننا سنغادرها إلى بروكلين أو ساوباولو، لا إلى نصف كيلومتر في بيتنا الشعبي الجديد في جنوب القرية. لا زلت أتذكر جملتها الحزينة المؤلمة في وداعنا وهي تقول: "من عاده بيسمر معي في الباسوط...." وبالفعل كانت عمتي "مشرية"، زوجة عمي الراحل آخر من سكنه فما هي حكاية... الباسوط. ذلك الباسوط هو ذروة هندسة المعمار التي تضع في اعتبارها معنى العائلة وقيمها وواسطة ترابطها. هو للتقريب: استغلال هندسي مدهش للهندسة الفراغية للمساحة في وسط بيوت أعمامي الخمسة، ومن الدور الثالث لكل بيت، هناك باب ندلف منه إلى هذا الباسوط المسقوف. في هذا الباسوط الذي يتوسط منازل أعمامي، وندلف إليه من أبوابه الخمسة، شاهدت كل عماتي يرمين بأطفالهن الرضع على "البركة" كي يرضعن بالطابور من صدر أول "خالية"، ولهذا وبفضل هذا الباسوط…
الأحد ١٣ سبتمبر ٢٠١٥
عند الدقائق الأولى لسقوط رافعة الحرم المكي الشريف قال لي صاحبي: "عطنا قناة العالم لنسمع ماذا تقول..."، وبالطبع كان جوابي... لا... لأن البحث عن التشفي والشماتة في وقت الكوارث لا ينبئ إلا عن أمراض نفسية، سأرفع حواسي الخمس عن الانجرار خلفها. هنا المدخل: قصة هذه الرافعة "الوحش" في مقابل مشاريع الحرم الشريف أعطتنا ما قبل البارحة كل قصة الإعلام الذي يجري خلف النقطة السوداء في الجدار الكبير الأبيض. لكنه معذور أيضاً لأن هذه مطالب القراء والمشاهدين، وأيضاً سلوك الفطرة البشرية. نحن شاهدنا ما قبل البارحة مئات المقاطع والصور عن كارثة رافعة واحدة، وكل العيون "تسمرت" خلف السقوط الهائل المدوي، لكن عيناً واحدة لم تلتفت إلى مئات الرافعات الأخرى في أضخم مشروع بنائي على وجه الأرض. لم نتداول مثلاً ما قالته محطة "CNN" فينشرة أخبارها حول الحدث.... إن أعلى رافعة في هذا العالم قد سقطت في المنطقة التي تحوي وتضم أكبر تجمع للرافعات الصفراء على وجه الكرة الأرضية، ثم أضافت إلى الخبر صورة بانورامية "فوقية" تأخذ الألباب لمشاهد هذه الرافعات حول مشروع واحد. لا نعلم مثلاً أن مشروعاً مثل توسعة الحرم المكي لم يكسر سوى الرقم القياسي الذي كان يحمله مبنى الجمرات كأضخم "كتلة تسليح خرسانية" متصلة في تاريخ البناء البشري، ولا نعلم أيضاً أن رقم مبنى الجمرات التاريخي ظل صامداً حتى…
السبت ٢٢ أغسطس ٢٠١٥
المشهد الأول: مع مئات المصلين أمس الجمعة شاهدنا جميعا بأم أعيننا تطبيقا فعليا عمليا لما قرأناه من قبل عن كيفية "صلاة الخوف". جنديان من أبطالنا البواسل يقفان على أطراف ساحة الجامع بينما ينضم جنديان آخران في أطراف الصف الأخير من الساحة معنا لأداء صلاة الجمعة. وفور انتهاء الصلاة تناوب "الأربعة" الأدوار ما بين الصلاة والحراسة أنا أكره المبالغة. ذهبت لصلاة الجمعة بالأمس ولم يكن في خيالاتي أبدا أي هاجس أمني. لكن مناظر سيارات الأمن وهي تحرس جموع المصلين في كل مساجد هذا الوطن لا بد أن تقدح فينا وعيا مجتمعيا بأننا وصلنا مع هذا الفكر الإجرامي إلى حالة خطرة. أختم هذا المشهد بطرفة جاري العزيز ونحن في الشارع المؤدي إلى جامع الجمعة، وكان مثلي تماما، بصحبة ولديه إذ يقول وهو يشاهد كثافة الأمن: دعونا نتفرق في صفوف متباعدة وكأنه يقول: دعونا نتوزع ما بين الناجين والقتلى والجرحى في صلاة جمعة. المشهد الثاني: في ثنايا تحليل وقراءة القبض على آخر هذه الخلايا في "بشائر بلقرن" تبرز المعلومة المدهشة التالية: طفل في الثالثة المتوسطة يعيش في "وكر" مع ضال آخر يبلغ السادسة والأربعين من العمر، ويقبض عليه في شقة صغيرة عثر فيها بالصور والبراهين على ما يقرب من 120 كيلوجراما من المواد المتفجرة. ومرة ثانية، من الخطأ الجسيم الفادح أن تمر علينا…
الأحد ٠٩ أغسطس ٢٠١٥
لم يهبط علينا انتحاري مسجد قوات الطوارئ في أبها من السماء بالبرشوت بل دخل إلى جموع الآمنين المصلين من البوابة. وأنا هنا لا أقصد مجرد الجسد الناسف بل الفكر الذي قاده إليه. تعالوا إلى مدخل ثانوي لفهم القصة: في ليلة الغضب الشعبي العارم بعد تفجير مسجد "القديح" غرد أحد أمراء الفتوى بما يلي: "نستنكر هذا الفعل وندينه بأشد العبارات ولكن لا يجوز الترحم على ضحاياه" كأنه يقول بصيغة أخرى: ترحموا على "القاتل" واستنكروا موت الضحية. ومثل هذه الإشارات المرتبكة هي من تساعد مصنع "التفريخ" على مواصلة الإنتاج وستجد هذه الأحزمة الناسفة تبريراتها المتتالية. في المسجد الشيعي أو الثكنة العسكرية أو قاعة البنك استنادا لفتوى إباحة جدرانه. سأحيلكم إلى تغريدة زميل الدراسة والمفكر الكويتي البارز الدكتور سعد العجمي، وهو يصف ما يحصل: "الحقيقة التي لا نستطيع إنكارها أن هذا الفكر وأهله تعلمت في مدارسنا، وصلت في مساجدنا، واستمعت لإعلامنا، وتسمرت أمام فضائياتنا وأنصتت لمنابرنا، ونهلت من كتبنا وأصغت لمراجعنا واتبعوا فتاوى من لدنا..". كان منصفا فلم يرم بالمسؤولية على جهة أو فصيل أو مدرسة دون أخرى. كلنا شركاء بالتساوي في صناعة هذه الأجساد الناسفة. هذه هي الحقيقة. هؤلاء لم يأتوا إلينا لتفجير ثلاثة مساجد في ما يقرب الشهر من فصل مدرسي في "أوكرانيا" ولم يتم حشو أدمغتهم بلغة الموت أمام قناة…
الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠١٥
وأتمنى ألا يستفز مقالي اليوم، مارادونا، الكتابة الساخرة الصديق اللدود محمد السحيمي، الذي أسماني ذات زمن لقب "حانوتي رؤساء التحرير" لكثرة ما كتبت في وداع رؤساء تحرير صحيفة لا تشبه سوى ظهر الثور الإسباني. هكذا هي "الوطن". لكن وداع الزميل الغالي جدا، ماجد البسام، هذا الصباح لا علاقة له بالتابوت ولا بالمقبرة. سيبقى معنا نائبا لرئيس التحرير، وفي المقابل، فإن عودة الصديق الأثير، الدكتور عثمان الصيني، لا تشبه شيئا إلا بعض فصول الرواية الشهيرة "عودة الابن الضال"، لأن "أبا حازم" كان عمودا مركزيا وجوهريا واستثنائيا ليلة صدور العدد الأول من هذه الصحيفة. سأكتب لكم عن الاثنين لأنهما يمثلان قصة نجاح صحيفة. أولا: كان ماجد البسام اسما مغمورا، بل شابا عشرينيا اشترى العدد الأول من هذه الصحيفة من رف البقالة، لكنه انتظم في مدرسة "الوطن" فلم يشبه في سيرته معها سوى إقلاع طائرة "الكونكورد" التي تسبح فوق السحاب بعد دقيقتين من المدرج. استلم ماجد البسام "كلفة" التحرير في ظروف بالغة التغيير، وكلنا يعرف ما مر به المشهد الوطني من متغيرات جوهرية في الأشهر الستة الأخيرة. وبكل فخر لا يسعني إلا أن أرفع له "العقال"، لأنه وبكل صراحة "انتشل" هذه الصحيفة من مثلث "برمودا" في ظرف استثنائي. أخي ماجد: لا زال أمامك آلاف الأيام التي أراهن فيها عليك لأن تكون بلا جدال...…
الأربعاء ٠٨ يوليو ٢٠١٥
ريبتي من الدرجة الأولى، المبتعثة مع زوجها إلى الولايات المتحدة تسأل زميلتها في الجامعة وهما تحملان "ابنتيهما" الصغيرتين: ما هي بواعث القلق لديك في المستقبل القادم إلى حياة طفلتك؟ هنا يبدأ جواب الدهشة: الأميركية قلقة من عوامل التغير المناخي والانبعاث الحراري واتساع ثقب الأوزون، وعلى حسب رأي هذه الأم، فقد لا تجد الطفلة بيئة صحية مناسبة أو هواء نقيا... إلى آخر التبرير. بالصراحة، بل بالبلدي المكشوف: هم فين وحنا فين. هم يشكون المناخ والأوزون وأنا أكتب من فوق هذه الطاولة، وبالصدفة يقع وجهي باتجاه الشمال. أمامي داعش وخلفي ميليشيا الحوثي وإلى يميني إيران التي تتفاوض هذه الساعة بإصرار على قنابل نووية لا نعرف لمن وأين تريدها، وعلى يساري بوكو حرام وبيت المقدس وأيضاً جماعة الإخوان. الأميركية تخاف على طفلتها من زيادة نسبة الماء في بحيرة متشغان العذب الزلال، وأنا هنا خائف على صغيري "خلدون" وإلى أي بحيرة دم سيذهب مستقبله في خريطة تحولت أسماؤها إلى "تنظيم، ميليشيا، جماعة، جبهة، بيت، حزب". إن أنقذت خلدون من التنظيم ذهب للجبهة، وإن نهرته من الميليشيا استقطبه الحزب، إن طردته من "البيت" استقبلته الجماعة، إن حجزته في المنزل تلقفته هذه التنظيمات التي يقال إن نصف جنودها يأتون عبر الشبكة، وإن تركته لنادي المدرسة المسائي انطبق عليه مثل السارق الذي قال حين قطعت يده "زانت…
السبت ٢٧ يونيو ٢٠١٥
وسأبدأ جواب السؤال بعاليه، في العنوان، من زاوية النكتة الظريفة التي حدثت لصديق حياة عزيز. قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ذهب "صاحبنا" إلى أستوديو تصوير لالتقاط صورة شمسية لشهادة الثانوية العامة. وبعد يومين، عاد إلى الأستوديو ليأخذ "صورته" وعندما شاهدها دخل في جدل حاد مع المصور "اليمني"، متهما إياه بأنه لا يحسن التصوير وتم الصلح بينهما على إعادة التقاط صورة شمسية جديدة. وبعد يومين آخرين، أغار "صاحبنا" على الأستوديو، ومرة أخرى "هبَّ" في وجه المصوراتي بلغة أشد وأقسى قائلا له: "هذه أخسُّ من الأولى". حاول المصور أن يقنع صاحبنا بجودة الصورة وحاوره بكل ما يملك من ذوق وأدب ولكن في نهاية الأمر لم يكن أمام "المصوراتي" من مخرج إلا الجملة القاسية: "يا أخي هذا وجهك بالضبط وهي خلقة الله ولا أستطيع لها تبديلاً". يقول صاحبي: ضحكت كما لم أضحك من قبل في حياتي على هذا الجواب فما زالت جملته في أذني حتى اللحظة. قصة صاحبنا مع صورة وجهه الشمسية هي قصة مجتمعنا مع كل حلقة من مسلسل "سيلفي" الذي نتابعه بشغف واستغراق عارم في الضحك ثم نعود مباشرة حين تنتهي الحلقة لشتمه لأنه يشوه الوجه. قلنا عنه إنه بالغ في تصوير تقابلية المذهبين رغم أننا للتو نخرج من سرادق العزاء لانفجارات مسجدين وحسينية. قلنا عنه إن هذا "السيلفي"…
الأربعاء ٢٤ يونيو ٢٠١٥
في ثنايا دراسة استطلاعية يورد الباحث الدكتور عبدالمجيد الغامدي أن ما يقرب من 60% من صغار السن لدينا يحملون البذرة الفكرية الدافعة للانزلاق في غياهب الإرهاب (صحيفة الجزيرة 29/5/2015 الصفحة الخامسة). الباحث نفسه عمل حتى تقاعده النهائي مدرسا ومديرا لعدة مدارس ثانوية. وبالطبع أرجو أن نلاحظ دقة اللغة في الاستنتاج، فالباحث يتحدث عن (القابلية) لا عن الانخراط أو التبني العملي والفعلي للأفكار الإرهابية. وكل خوفي أن ينتهي مصير مثل هذه الدراسة إلى مجرد خبر شارد وقصير في زاوية معتمة بوسط صحيفة. وقبل عدة سنوات خلت، كتبت هنا، رسالة مدير مدرسة لا تختلف في شيء عن الاستنتاج الذي ذهب إليه الدكتور الغامدي سوى في التوقيت وفي هول النسبة المتزايدة في القبول بهذه الأفكار الخطيرة. يومها اكتشف مدير المدرسة بالاستقصاء أن ربع الطلاب في مدرسته الثانوية يتأخرون يوميا في الحضور إلى الطابور المدرسي لأنهم يرون إما حرمة أو كراهية ترديد النشيد الوطني. اليوم، لا أتذكر بالضبط كم هي نسبة طلاب مدرسته الذين كانوا يرون في أسامة بن لادن بطلا ورمزا في ذلك الزمن. لكنني ومرة أخرى، لا زلت واثقا أن في جل مدارسنا الثانوية بالتحديد مجاميع طلابية تدخل بوابات المدارس إلى غرف "تثقيف" مقفلة قبل الطابور بنصف ساعة ولا تخرج منها إلا بعد انتهائه ثم تعود لاجتماعات ورحلات خلوية في المساء، وخارج…
الأربعاء ٠٣ يونيو ٢٠١٥
تدور هذه الأيام رحى مساجلات طاحنة ما بين مجموعة من الأطباء الاستشاريين السعوديين في صف واحد، وما بين زميل مهنة ذائع الصيت والانتشار في التخصص ذاته. ودون أن أنحاز لأي صف أو طرف، سأكتب "القصة" اليوم، لا لذاتها فقط، بل لأنني أعدها وأنظر لها كمفصل جوهري حاسم في العلاقة ما بين المريض والطبيب خصوصا أن المعلومة الطبية تقول بالحرف: إن المريض السعودي يبلع في العام الواحد 20 صنفا من الدواء ولا علاقة لها بمرضه، وإنما تدخل جسده من باب جشع التسويق وضغط شركات الأدوية. نعود إلى سجالات القصة المذهلة: مجموعة الأطباء، في التخصص ذاته، يقولون إن زميلهم يبيع إلى آلاف مرضاه جهازا بالغ الثمن يضعه المريض على "نقطة" من جسده ليقوم الجهاز بامتصاص وتخفيف أعراض المرض الذي ذهبوا إلى عيادة هذا الطبيب الشهير جدا من أجله. مجموعة هؤلاء الأطباء يقولون إن الجهاز وكل العملية برمتها ليست سوى مجرد خداع وتدليس واستغلال لعواطف آلاف المرضى مستندين إلى البراهين الدامغة بأن هذا الجهاز لم يحصل أبدا على موافقة "هيئة الغذاء والدواء" السعودية، التي تعتمد في الأساس على قرار ورؤية "FDA" الأميركية. مجموعة الأطباء تنشر بالبراهين أن "الأخيرة" هيئة الغذاء والدواء الأميركية قد سجلت هذا الجهاز، كجهاز آمن لا يضر المريض، ولكنها رفضته كجهاز "فعال" في مكافحة المرض. بالتقريب والتشبيه: هو مثل أن…