الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠١٤
بكل وضوح ومكاشفة: عجزت أن أفهم من أين تستورد وزارة العمل أنظمتها وبرامجها المتتالية للسعودة وتوطين الوظيفة؟ أحيانا أقول لنفسي إن وكلاء الوزارة يقضون إجازة الصيف في ورش عمل بالسويد أو فنلندا، وأحيانا أخرى أشك أن مدراء العموم كانوا في بعثة لدورة تدريبية في الصومال أو موزمبيق. آخر الطوام التي لم أستطع فهمها من كتاب (القواعد) المطبوع لدى وزارة العمل، هو نظام (أجير) الذي استحدثته الوزارة الموقرة لتوظيف وتسكين من أسمتهم بالمرافقين للوافدين على وظائف تعليمية للقطاع الخاص. إما أنني غبي في قراءتي للواقع المر لعشرات الآلاف من الجنسين الذين يشحذون أي وظيفة، وإما أن الوزارة بلغت حد ذكاء (الصقر) وهو ينظر للأرض ووقائعها من فوق السحابة السابعة. بصراحة: عجزت أن أفهم. الوزارة التي أطلقت نظام (أجير) من أجل عيون نصف مليون مرافق لمقيم وافد هي ذات الوزارة التي تدفع شهريا رواتب أكثر من مليون سعودي على (حافز). الوزارة التي تتباكى على ظروف نصف مليون مرافق، ثم تطلق لهم نظام (أجير)، هي ذات الوزارة التي تدرك تماما وعبر سجلاتها وإحصاءاتها، أن لدينا 150 ألف خريجة جامعية تربوية لا عمل لديهن سوى المشاوير ما بين (الكنبة) والمطبخ. بصراحة: عجزت أن أفهم. الوزارة التي أطلقت نظام (أجير) من أجل عيون زوجة (كومار) وأخت (بيار) ووالدة (المتولي والشاذلي) هي ذات الوزارة التي تعرف…
الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠١٤
وسأعود اليوم لما ذكرته قبل ثلاثة أيام عن النماذج التي حولت هذا الدين العظيم إلى دين أقبية وكهوف وتنظيمات سرية. خذ من هذه النماذج أن شخصا مثل أبي بكر البغدادي يعيش في نطاق بشري من عشرة أفراد وقد يختلف حتى مجرد اثنين على تحديد صورته وهويته، ومن الدهشة أنه يدعو لخلافة ودولة. في اليد الأخرى تقول الأنباء إن دائرة حسن نصر الله لم تتعد 40 فردا خلال السنة الماضية، وإن عبدالملك الحوثي يتنقل في اليوم الواحد ما بين عشرة مقار أمنية. في الأنموذج الثالث دخل جهيمان العتيبي إلى الحرم الشريف بتنظيم سري وقبض عليه مع نفر من مريديه داخل أقبية مغلقة. وأودّ أن أقول إن رسالة الإسلام هي رسالة جهر ونور وضياء لا ديانة أقبية وكهوف وأفكار شاردة مغلقة. خذ من الأمثلة: أن محمدا صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح بصدر مفتوح ورأس مرفوع إلى وسط ما تقول عنه كتب التاريخ إنهم 20 ألف مقاتل من أعدائه. تقول كتب التاريخ أيضا إن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين اعتزل الفتنة ذهب داعيا إلى وسط الصين حاملا دعوة جهرية تدعو إلى العدل والرحمة. وبفضل هذا الفرد الأمة تدين الملايين من سكان آسيا الوسطى وغرب الصين بهذا الدين العظيم. خذ أيضا من نماذج الذين حملوا راية الإسلام…
الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٤
سأعترف اليوم أن بداخلي قاموسا مكتنزا بمفردات الحزن ما يجعلني قلما سائلا للآلام والمراثي. أنا كاتب تأبين ونعي. كنت ما قبل البارحة معزيا ومواسيا للصديق الأديب المؤدب علي مغاوي في فاجعة نجله الأكبر وفي الرحيل الثقيل للحفيدة سلاف. في المأساة التي تصارعها أسرة مكتملة مع آلام وجراح.. ابتسام.. حين تفيق بإذن الله من الغيبوبة على (صحوة) رحيل الزوج والبنت. وأنا اليوم لا أكتب مأساة الصديق ولا رحيل خالد وسلاف. صاحبنا مطمئن جدا على الميت، ولكنه يبكي مأساة.. ابتسام.. حين تفيق على هذه الصدمة. قصة هذا الصديق المؤمن بقضاء الله وقدره هي قصة آلاف من البيوت السعودية التي فتحت آلاف سرادق العزاء تحت فوضى الطريق والاستهتار بأرواح الناس دون قانون أو محاسبة. قصة خالد لوحدها تستحق ألف نظرة تأمل ومليار وقفة. قبل سنوات قليلة نجا.. خالد.. بأعجوبة من خطأ مستهتر، وللأسف، على ذات الطريق، وصارع لأشهر طويلة كي يعود لأكسجين الحياة الطبيعي وذهب إلى غرب الأرض لتدليك وترميم مجاري الدماء والحياة إلى ساقيه. بذل الكبير علي مغاوي كل ماله وجاهه وجهده كي تبقى نبتة خالد حية يسير فيها ماء الحياة وهو لم ينسى وقفة الإنسان.. خالد الفيصل.. معه في أحلك الظروف السابقة. لكن الأخ الغالي أبو خالد، لم يكن، سامحه الله، يعلم حين بذل كل المستحيل من أجل نبتة.. خالد.. من…
الإثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠١٤
ومن المفارقات اللافتة التي قد لا يعرفها كثر عن سمو وزير التربية، وهو يدخل إلى فصل ثانوي في مدينة حائل بعض ما يلي: ودعك أولاً، أنه على هرم الوزراء في التصنيف الدولي الجامعي كخريج لجامعة أكسفورد، فأنا لا أعرف وزيراً من هارفارد. هذا غير مهم كثيراً في حياة سمو الأمير الوزير. الأهم، في ثانياً، أنه أول وزير تربية في تاريخنا المحلي يتلقى تعليمه الأساس في مدرسة داخلية بالطائف كان لا يخرج منها إلا ظهر الخميس ليعود إليها مساء الجمعة، الأهم، في ثالثاً، أنه ربما يكون الوزير التربوي الوحيد على المستوى العالمي الذي درس مرحلة الثانوية مرتين: الأولى، في مدارس دار التوحيد، والثانية، مرغماً بقرار أبيه، وأيضاً في مدرسة داخلية صارمة في "برنستون" بنيوجرسي الأميركية. كل هذا يكفي لأن نقول بثقة إن مشوار سمو وزير التربية مع التعليم ذاته الذي يرأس إدارته اليوم كان شاقاً مكلفاً وأقرب إلى مصطلح "التربية العسكرية" منه إلى التعليم المدني. وكل من يقرأ قصة أولاد وبنات الملك فيصل بن عبدالعزيز مع التعليم سيدرك أن لصرامة الأب وتغييبه للعواطف دورا مهما في قصة نجاحهم العلمية الخارقة، ولكن أيضاً على النقيض تماماً وليسمحوا لي جميعاً: في الشعور بردة الفعل تجاه المدرسة. وعفواً سمو الأمير الوزير: أطفالنا وأبناؤنا اليوم غابوا عن مدارسهم تماماً في الأسبوع الأخير ما قبل الإجازة…
الأربعاء ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤
ولأنني، وباعترافي، مع الكتابة، فكرة من النشاز وحب الاختلاف، فسأترك الكتابة عن رسوم الأراضي البيضاء للعشرات الذين أشبعوا القرار الوهمي طرحاً وضرباً حتى ضاعت أوراق القرار ما بين الهيئات والمجالس. ومن النكتة الساخرة أنه لا شيء يشبه الحديث عن الأراضي "البيضاء" في بلدي سوى حديث بضعة نفر من أهل أدغال "الأمازون" عن وفرة الماء أو حديث بضع مئات في شمال كندا عن انقراض الأشجار وتصحر أكبر غابة على وجه الأرض. من المخجل المشين الفاضح المعيب أن يتحدث السعودي عن ارتفاع سعر المتر المربع بينما درسنا في حصة الجغرافيا أن نصيب المواطن من مساحة وطنه بأكمله تصل بالحساب المتحفظ جداً لثلاثة كيلومترات مربعة. حديثي اليوم سيكون عن الأراضي "الصفراء". وكلما دلفت على وطني من ارتفاع فوقي جداً على خريطة "google earth" وجدت نفسي أسبح فوق مساحة هائلة من الرمل الأصفر التي تستطيع استيعاب كل سكان مدن الكون وشعوبه بمقياس المساحة نفسها التي يحتلها ساكن "مانهاتهن" الضيقة جداً، فما الذي أجبرنا لأن تكون بعض مواقعنا على الخريطة أغلى من جوار الهايد البارك أو سنترال بارك في نيويورك؟ دعونا بكل صراحة ومكاشفة نحلل جذر المشكلة: جذر المشكلة هو "الصكوك" الصفراء، لا الأراضي البيضاء، وهنا سأتوقف مجبراً لأنني جبان عن دخول الأراضي "الحمراء" المحرمة. وهنا سآخذكم إلى مساحة هزلية أحاول فيها الهروب من تبعات…
الخميس ٠٤ سبتمبر ٢٠١٤
في بيانه ما قبل الأمس، يقول سعادة اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية إن "السلطات الأمنية تمكنت من القبض على 88 شخصا من (أرباب) الفكر الضال...".. انتهى. أعتقد أن علاقتي الشخصية المتميزة مع سعادة اللواء تسمح لي بالاختلاف معه في انتقاء المفردة اللغوية، وبالخصوص عند استخدام كلمة (أرباب)، لأنها لا تصف المتسبب ولا تصف الضحية. نحن قبضنا على التلاميذ الصغار وعلى (الأغرار) وحديثي السن والتجربة، ولكن (أرباب) التضليل الذين يدفعون بأطفال هذا البلد إلى السجون ما زالوا معنا أحرارا طلقاء: يتحدثون في التلفزيون ويغشون المجالس الرسمية. نحن إلى حد ما استطعنا تفكيك زناد 88 قنبلة، ولكننا لم نجرؤ أبدا، وهذه مصارحة ومكاشفة، على ضبط كبار التنفيذيين في المصنع المحلي لإنتاج القنابل البشرية. نحن ننجح باستمرار في القبض على صغار الجنود، ولكننا نغفل عن كبار قادتهم من الأرباب الحقيقيين، أفرادا كانوا أو منظومات فكرية. نحن نسجل فشلا في قراءة منبع الظاهرة، ونحن نسجل فشلا مكتملا لأننا نكرر مع الدواعش ذات المنهج الذي لم نستفد أبدا من تجربته مع القاعدة. نحن سئمنا أن نكون مجرد قوائم أمنية منذ عشر سنين. في حديث سعادة اللواء منصور التركي رقمان يستحقان الوقفة: الأول حين يتحدث عن المعدل العمري لآخر المقبوض عليهم في آخر قائمة: هم كانوا طلابا في المدارس الابتدائية ليلة الصحوة الوطنية…
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
على رف الصحف، وأمامي في البقالة المجاورة لسكني الموقت في مدينة جدة، تبارت الصفحات الأولى في نشر الخبر الصادم عن ضبط عمالة (إيبولا) في هذه المدينة، وأضيفوا (اسمي) إلى العنوان؛ لأنني تقريباً وصلت مع (إيبولا) إلى جدة في اللحظة نفسها، وكنت من قبل أشفق على أطفالي المدمنين لهذه المدينة الساحرة من (هكذا) عناوين في ظرف السنوات الماضية، كنت أخاف عليهم من حمى الضنك حتى ضربت (كورونا) بكذبتها الإعلامية وهيلمانها الذي تقول عنه الجرائد ذاتها إنه يدر على عوالم البيزنس ما ناهز 18 مليار ريال من إعلانات الصابون وسوائل المطهرات، حتى الكمامة وإعلانات التوعية، ناهيك عن مليارات الأدوية الوقائية وجيوش التوعية الوقائية. اليوم، وبصوت مرتفع سأقول: آن لنا أن نواجه أخبار الفيروسات والأمراض الوبائية بفعل المنطق لا بصوت العاطفة، نحن بالأرقام على رأس دول الكون بأكملها في فاتورة الخسائر المفتوحة لهيلمان أنفلونزا (الخنازير)، اشترينا لقاحاً واحداً لكل أربعة مواطنين بينما اكتفت السويد بلقاح واحد لكل أربعين مواطنا، نحن اقتصاد ضخم تستهدفه حملات الفيروس من "سارس"، إلى "الطيور"، ومن "الخنازير"، إلى "كورونا" ومن "إيبولا" في الأسماء من أجل العناوين، كنت أقرأ عناوين الصحف في البقالة بصحبة الصغيرين، محمد وخلدون، في عيونهما تقرأ رسائل الخوف وتكاد أن تقرأ النوايا: هل نهرب من (إيبولا) بعد أن صمدنا من قبل مع كل الأسماء والصفات للفيروسات…
الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤
في إجابة أحد مذيعي قناة الجزيرة عن سؤال: إلى أين ذهبت مآلات الربيع العربي؟ قال: أعتقد أننا نشهد مرحلة فشل ذريعة لهذه الثورات؛ لأن الجميع نزل إلى الملعب على طريقة معمر القذافي الذي ألغى فكرة الفريقين في الميدان، داعيا الجمهور للمشاركة في اللعبة. وجميل جدا جدا أن يخرج مثل هذا الجواب من مذيع في قلب قناة الجزيرة، ذاك لأن قناة الجزيرة نفسها كانت من حيث لا تقصد، ربما، جزءا من هذه المآلات، وشريكا بنسبة لافتة في نزول العوام وكتائب الأمية السياسية إلى قلب ملعب السياسة. قناة الجزيرة مثلا هي من أعطت الشاشة لساعة كاملة إلى فلاح مصري لا يحمل الشهادة الابتدائية ثم يترشح لسباق الرئاسة. كانت الحجة أن مثل هذا المرشح "الأمي" مثال على كسر القاعدة لاحتكار السلطة، ومثل هذه الخطوة الإعلامية من أشهر قنوات العرب ليست بأكثر من سقطة مهنية، وخلل موضوعي، وأنا اليوم لا أحاكم القناة. أنا أتساءل عن الأسباب والكلام المحظور الذي يجرم السؤال عن فشل مآلات ربيع بني يعرب. فشل الربيع العربي؛ لأن الجميع نزل إلى ميدان السياسة. لك أن تعلم من الأرقام مثلا أن مصر سجلت في أول ستة أشهر من كذبة الثورة إعلان 78 حزبا سياسيا منها 13 حزبا بأجندة ناصرية. القوى الإسلامية انقسمت إلى تسعة أحزاب كان للتيار السلفي منها أربعة. لجنة الانتخابات…
السبت ٢٦ يوليو ٢٠١٤
ليست هذه أبداً محاولة لطمس اسمي من الكاذبة المزعومة "قائمة العار"، فالعار الحقيقي أن يشغلنا مثل هؤلاء المرجفين المزايدين بمعارك ثانوية مفتعلة ننسى معها أهلنا الكرام في غزة وكل الغالية فلسطين، وهم يرزحون لأسبوعين تحت نيران عدونا التاريخي الوحيد. هؤلاء المرجفون المزايدون بارعون في تقسيم الصفوف وتشتيت تركيز أبناء الوطن والأمة، ومهرة في اختلاق الأعداء في أحلك الظروف التي يفترض أن نتحد فيها جميعاً بصوت واحد وقائمة شرف متحدة. فعلوا هذا الانقسام واستجلاب القوائم والعداءات منذ أيام "مذكرة النصيحة" التي ساقوا فيها من الأوهام والخزعبلات من أجل قسمة شعب كان يواجه يومها معركة بقاء ووجود، وفعلوا هذا أيام الحرب على إرهاب القاعدة حينما كانت القنابل تضرب في مجمعات الرياض بينما هم يفزعون على الفضائيات بمبادرات الفضيحة. مقالي إلى غزة وأهلها كان "صوت العقل" في العنوان وفي المضمون، وهو موجود إلى يساري الآن، وعلى الفضاء الإلكتروني، وسأضيف أيضاً أن هؤلاء، هم مثلي، لم يضربوا برصاصة واحدة في جهاد ولم يغبروا أقدامهم في حروبه طرف عشية. هؤلاء يرون أن قضية فلسطين برمتها هي قضية الأفراد والقيادات، وإذا ما اختلفنا مع فرد أو رئيس أو قائد تنظيم فسندخل "قائمة العار" من بابها الواسع. هؤلاء يختزلون هذا الدين في الأسماء والأفراد والشخصيات. واحد من هؤلاء الذين طاروا إلى الآفاق محتفياً بصدور "قائمة العار" هو…
الخميس ٢٤ يوليو ٢٠١٤
من وجهة نظري الخاصة، تصلح المقابلة الصحفية بين "الشرق الأوسط"، وسعادة الأستاذ عبدالعزيز الحازمي، المدير العام المكلف للخطوط الجوية العربية السعودية، أنموذجا للحوار بين الإعلام والمسؤول الخدمي. كانت مقابلة أو حوارا مكتمل الأسئلة وشاملا لكل الهواجس الآنية والمستقبلية لشركة عملاقة تتقاطع مع كل تفاصيل حياة المواطن. ومن الجميل في المقابل أن سعادة المدير العام المكلف لم يتجمل، ولم يراوغ، ولم يبن جملا طويلة من الأحلام والخيال. لأول مرة أشعر أن على رأس هذه المؤسسة مسؤولا قادما من أعماق بحرها اللجي العميق، ويحمل رؤية إدارية تستند إلى الوقائع والحقائق. نحن جميعا نلمس في العامين الأخيرين تحسنا واضحا وملموسا في أداء ناقلنا الوطني، وقد يحتج على هذه الجملة آلاف القراء لسببين: الأول أن عملاءها وزبائنها يعدون بعشرات الآلاف في اليوم الواحد، ولكل منهم قصته الخاصة، حتى مع مكان المقعد وكوب العصير. والثاني أن "الخطوط السعودية" إرث طويل من الصورة السلبية التي عاشت فيها من قبل عبر أكثر من عقدين، وبالتالي فإن تغيير هذه الصورة وتلك الانطباعات مهمة قاتلة بل مستحيلة. المقياس لدي مثلا، بوصفي زبونا، هو الدقة في المواعيد، وسأكون أمينا مع نفسي لو قلت إنني لا أتذكر أبدا آخر مرة خذلني فيها ناقلنا الوطني. قبل يومين مثلا، أقلعنا إلى الرياض، قبل الموعد بعشر دقائق، وفي العودة وصلت إلى أبها قبل التوقيت…
الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠١٤
وقفت نفسي "القروية" ذليلة ذابلة حائرة أمام الصور الحركية المتبدلة عند الوجه الأمامي لمدخل الفندق. في هذه الأمتار المربعة تتقابل كل نقائض طبائع التحول المذهل في المجتمع السعودي. في هذه الأمتار المربعة تتواجه البرجوازية الأرستقراطية مع القادمين من أسفل القاع الاجتماعي. في هذه الأمتار المربعة مساحة مذهلة لمن يخشى من سهام العين فلا أعلم لماذا تكثر طلبات "الرقية" عند الفقراء والمعدمين بينما لا يخاف هؤلاء البرجواز من مساحة مفتوحة على المصراعين لعين أو نظرة. في هذه المساحة من الأمتار المربعة شاهدت ما لم أشاهده قبل شهرين أمام فندق "وول دورف استوريا" بنيويورك: شاهدت سلسلة سيارات "حمراء" وكل واحدة لا يرفع سقفها عن الأرض بشبرين وكأن سائقيها يسحبون على الأرض في قلب "كرتون" رغم أنهم دفعوا الملايين قيمة لكل سيارة واحدة. في هذه المساحة من الأمتار المربعة شاهدت ما يلي وهنا الزبدة: أحمد، شاب سعودي في العشرين، وقادم إلى أمتار الخيال من "خنشليلة"، مهمته أن يفتح الباب الفندقي وأن يتأكد من نظافة السجادة الزرقاء أمام بوابة الفندق. يقول لي: هؤلاء لا يلمسون أطراف الزجاج منذ أن ضربت كورونا بأطنابها. هؤلاء يخشون مقابض الأبواب العامة ولكنهم أبداً لا يخشون العين والسحر. سألته ولماذا هذه الوظيفة فأجاب: كنت متفوقاً جداً في الدراسة وكنت الأول على كل صفوف التعليم حتى "ضربتني عين". لا أعلم…
الأربعاء ١٦ يوليو ٢٠١٤
تخيلوا... لو أن قواعد الإعراب هي ذاتها قواعد التوصيف الوظيفي وأن "نفطويه" هو صاحب المعالي مدير معهد الإدارة العامة؛ حيث المرجع الذي وصف لنا قوام هيكلنا الإداري الحكومي ومفردات توصيف الوظيفة. كان، أو سيكون ما يلي: سيكون تعريف المبتدأ: هو ذلك الاسم النكرة الذي جاء قادماً من مجهول القاموس ليكون "صاحب السعادة المدير العام" لأن زوجة والده الثالثة هي خالة "نائب الفاعل" الذي هو بالمناسبة ابن عمة المبتدأ النكرة. سيكون تعريف الخبر: أنه ذاك الموظف القديم الذي يشغل منصب مساعد المدير العام "المبتدأ" لثلاثين سنة كاملة، ومر عليه ألف "مبتدأ" نكرة ولم يغير من "الخبر" حرفاً واحداً؛ لأن كل القرارات الإدارية في كل "حركة التغيير" تستهدف المبتدأ على الدوام ولكنها تهمل "الخبر". وللطرفة، تقول ذات قواعد الإعراب إن في هرمنا الإداري المكتمل ما يقرب من 13 ألف وكيل أو نائب أو مساعد ولهم في وظائفهم معدل "خدمي" متوسط يقترب من عشر سنوات، دون أن يلتفت أي قرار إداري إلى أن هؤلاء أيضاً يمثلون "الفعل اللازم" الذي أسقط كل خطط التنمية في الإدارات الحكومية المختلفة. تقول المعلومات مثلاً إن في العامين الأخيرين فقط، غيرنا سبعة مسؤولين من ذوي المعالي على طريقة تغيير "المبتدأ" ولكن أحداً لم يمس جناب ما يقرب من "47" وكيل وزارة أو مساعدا أو نائبا؛ لأن طريقة "نفطوية"…