الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣
لما كنت طالبا في أميركا، وكنت أزور المكتبة العامة في المدينة يستوقفني كثيرا ركن في المكتبة يتضمن كامل الكشوفات المالية لمختلف الهيئات الحكومية للمدينة، مع كامل المعلومات بأدق التفاصيل في مجلدات ضخمة لكل عام. هذه الكشوفات والتفاصيل متاحة لأي زائر للمكتبة للاطلاع عليها دون أي قيود. كنت دائما أتساءل في نفسي عن التأثير الكبير لو تم تحقيق ذلك لدينا. لما صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تبادرت هذه الصورة فورا إلى ذهني. كان قرار التأسيس التزاما عميقا من الدولة ليس فيه ذرة تردد في مكافحة الفساد، فالفساد هو ذلك السوس الذي ينخر في الإنجازات ويدمرها لمصلحة الأفراد الذين قرروا خيانة أوطانهم، ويستحقون شن الحرب عليهم من مؤسسات الدولة وقيادتها العليا. لو قرأت في مختلف الأدبيات الإدارية لمكافحة الفساد حول العالم لوجدت أن الحل السحري الأمثل لمكافحة الفساد هو بكلمة واحدة "الشفافية". لذلك فإن المقياس العالمي الذي يركز على نسب الفساد ومكافحته في الدول يسمى بمقياس الشفافية. الشفافية هي نشر المعلومات وإتاحتها للجمهور، وهي تسمح للجمهور والمؤسسات الإعلامية بأن تتحول لقوة ضاغطة على الأيدي الفاسدة، وتسمح لهم بأن يقدموا الأسئلة التي يمكن من خلالها تطوير عمل المؤسسات الحكومية بشكل يمنع الفساد. تخيل بعد حوادث غرق الرياض الأيام الماضية، لو استطاع الجمهور والإعلام وصناع القرار وأعضاء مجلس الشورى…
الإثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٣
في منتصف التسعينات الميلادية شاهدت دراسة أميركية عن مشاعر وردود أفعال الآباء والأمهات عندما يكونون مع أولادهم أمام شاشة التلفزيون وتظهر مشاهد خادشة للحياء أو مؤثرة سلبيا على الأخلاق. حينها شعرت أن الدراسة لا تنتمي إلينا ولا علاقة لنا بها، لأنه كان هناك كم لا بأس به من الرقابة الذاتية على التلفزيونات العربية. لكن استعراض القنوات الفضائية العربية اليوم يقدم لك رؤية مختلفة تماما، فالواقع أن كم المحتوى البرامجي الدرامي والموسيقي والكوميدي الذي يخدش الحياء ويشجع المراهقين على البعد عن الأخلاق العامة ويحفزهم لامتلاك شخصية منحرفة بشكل أو بآخر أصبح واضحا للعيان بشكل يمثل ظاهرة حقيقية لا تحتاج لنقاش. الظاهرة الحقيقية الأخرى والتي تختص بنا هي السكوت على ذلك كله وعدم السعي للبحث عن حلول. الحل الوحيد الذي يطرح حتى الآن –حسب علمي- هو اعتبار هذا المحتوى كله خارجا عن أطر الشريعة الإسلامية، واعتبار مشاهدته أمرا محرما، واعتبار الحل الوحيد هو إلغاءه كله من الخارطة. من ناحية أخرى، يعرف جمهور الناس أن هذا الحل ليس فقط مثاليا ولا يمكن تطبيقه ولا ينتمي لواقع المشاهدين، بل إن الواقع أن الحديث عن رقابة كاملة على وسائل الإعلام وحظر ما لا يناسب الشريعة الإسلامية أصبح أمرا مستهجنا لأسباب كثيرة، منها أننا نعيش في عصر حرية الإعلام وليس الحظر على الإعلام. إذن ما الحل؟…
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٣
الحيادية أو "الموضوعية" هي القيمة الأكثر جدلا في الصحافة حول العالم، وهي القيمة الأساسية التي تدور حولها معظم أدبيات القيم المهنية في الإعلام. ورغم أن هناك دائما من يقول بأن الموضوعية مستحيلة، لأنها تتطلب مستوى نادرا بين البشر من الحيادية الكاملة، فإن هذا لم يثن الصحافة في الدول الديمقراطية من إلزام نفسها بأعلى مستوى "ممكن" من الحيادية، من حيث طرح الآراء المتعددة، والالتزام بالتعريفات العلمية، والاعتماد على الأرقام والحقائق في نقل المعلومات، ولكن هذه الحيادية جاء دائما من يقلل منها وينتقدها كما هي الحالة مع المفكر نعوم تشومسكي الذي طالما انتقد موضوعية الإعلام الأميركي. التغيرات في السنوات الأخيرة، بما فيها التغيرات السياسية والتكنولوجية، فرضت تحولا جذريا في هذه المفاهيم، وهذا النقاش تجدد في الفترة الأخيرة بشكل واسع جدا مع نشر صحيفة الجارديان الشهيرة لأعمال جلين جرينوالد الصحفية (مع جون سنودن وغيره) والتي يبذل فيها جهدا خاصا لفضح وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA) وجهاز الاستخبارات الأميركية (CIA)، بشكل رأى فيه كثير من الناقدين مخالفة للقيم الصحفية المهنية، لأن جرينوالد يتبنى أجندة علنية ضد السياسة الأميركية الخارجية واستراتيجياتها، مما يعني أن هذا سيؤثر على قدرته على تقديم تغطية محايدة للقضية. طبعا هذا النقاش محدود جدا في العالم العربي إلا على الصعيد النظري، فالإعلام كان لفترة طويلة في معظم الدول العربية مؤسسات حكومية،…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣
تمثل إحصائيات المشاهدة على موقع يوتيوب ظاهرة تاريخية بحد ذاتها. يزور موقع يوتيوب أكثر من مليار شخص كل شهر، يشاهدون 6 مليارات ساعة (أي بمعدل ساعة لكل شخص من سكان الأرض)، كما يتم تحميل 100 ساعة من المحتوى كل دقيقة على موقع يوتيوب الموجود بـ61 لغة، وبمعدل نمو 50% مقارنة بالعام الماضي. هذه الأرقام المذهلة تؤكد لك مدى احتياج الناس لمادة الفيديو، وهو الذي جعل بعض الباحثين يقول إن الإنسانية تتحول لأول مرة في تاريخها وبشكل تدريجي من ثقافة النص إلى ثقافة الصورة. الفيديو يسيطر سريعا، ولا إعلام ولا تسويق في المستقبل القريب جدا بدون فيديو، بينما النص والصورة تتدهور أهميتاهما سريعا كذلك. وليس أي فيديو، فقنوات التلفزيون بثت على مدار اليوم خلال الأربعين عاما الماضية دون أن تحدث هذا التحول الضخم، المقصود الفيديو بحسب الطلب، كما يرغب المستخدم، في الوقت الذي يريد، وبالطريقة والأسلوب اللذين يريدهما، ليشكل بذلك ظاهرة يمكن أن نطلق عليها "الإعلام المرئي الجديد". ما هو مستقبل هذا الإعلام؟ السؤال مهم، لأن هذا يعني باختصار مستقبل الإعلام المرئي كله، بما فيه التلفزيوني، ومهم لأن هناك عددا من المواهب والإبداعات والاستثمارات تكتلت لإدارة عدد كبير من قنوات يوتيوب المميزة في المملكة، وهي تحقق نموا إعلانيا لا يكاد يصدق. الجواب باختصار يأتي من نقاط ضعف موقع يوتيوب نفسه، فـ"يوتيوب"…
الإثنين ٢١ أكتوبر ٢٠١٣
لعل أهم عامل في فهم النظم الإعلامية بشكل عام هو "الجمهور" أو المتلقي. علاقة وسائل الإعلام والجهات المؤثرة وصناع القرار بالجمهور تحدد بالضبط شكل النظام الإعلامي في أي دولة وفي أي فترة زمنية. في السابق، كان الإعلام يستمتع بأسواره العالية مع الجمهور. الجمهور بالنسبة له هو متلق فقط، وكانت هناك نظريات مثل "نظرية الرصاصة" التي تدعي أن الرسالة الإعلامية تصل إلى الجمهور وتؤثر فيه بشكل عميق ومع مقاومة محدودة جدا من الجمهور. لاحقا، ومع المنافسة الإعلامية بدأت وسائل الإعلام ترحب برسائل القراء لتنشر منها ما تريد، ثم جاء عهد "التفاعلية"، حيث صارت وسائل الإعلام ترحب باتصالات الجمهور على الهواء، ثم فرضت الشبكات الاجتماعية مستوى أعلى من التفاعل Engagement، حيث صارت وسائل الإعلام تبحث عن كل وسيلة للتفاعل مع الجمهور والوصول إليهم تحت ضغط المنافسة مع وسائل الإعلام الرقمي. في السنتين الأخيرتين، أسهم "تويتر" والشبكات الاجتماعية في وضع وسائل الإعلام والمؤسسات المؤثرة صانعة القرار تحت ضغط أكبر، وخاصة في ظل قدرة هذه الشبكات على تجييش الجمهور في اتجاه معين، يتراكم بسرعة خرافية، لتتحول إلى كرة ثلج من آراء الجمهور التي تتجمع على هاشتاق يحرج الجميع ولا يمكن مقاومة تأثيره ولا التحكم فيه. كانت وسائل الإعلام لعهود طويلة تحدد ما يسمعه وما يراه الجمهور، وكان من يتحكم في وسائل الإعلام (صانع قرار…
الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠١٣
أكتب عادة عن الإعلام الرقمي، وأعرف أن بعض القراء سيستغربون من هذا المقال، لأنه خارج عن الموضوعات التي أتناولها عادة. أرجو اعتبار هذا التغيير مجرد استراحة "أقل ثقلا" (وقد تكون أكثر فائدة لبعض القراء) من موضوعاتي المعتادة بمناسبة أجواء الإجازة والعيد. قررت قبل فترة قصيرة، أن أبدأ ريجيما غذائيا يقضي على بعض الكيلوجرامات الزائدة والخارجة عن السيطرة في مختلف أنحاء جسمي الذي كان رشيقا في يوم من الأيام البائدة، ومن ذلك اليوم وكلما تحدثت مع أحد أخبرني أنه هو (أو هي) أيضا يقوم بريجيم، وتبدأ قصص النجاح والفشل وأسرار التغلب على نداءات المعدة الطماعة تنهال من كل صوب وجانب. حتى أدعم طموحاتي بالانضمام لرابطة "النحفاء" قمت ببعض البحث في الدراسات النفسية بشكل خاص والتي تتحدث عن أهم التوصيات العلمية لريجيم ناجح. معظم هذه الدراسات تعتمد على قاعدة معلومات أمريكية حكومية غريبة من نوعها اسمها "السجل الوطني للتحكم في الوزن" والتي تضم أسماء آلاف الناس الذين فقدوا أكثر من 23 كيلوجراما وحافظوا على أوزانهم الجديدة لمدة تزيد عن خمس سنوات. من خلال مناقشة الأفراد المدرجين في هذا السجل، توصل الباحثون لعدد من التوصيات الأساسية: 1- "أحدث تغييرات جذرية" فبعض الناس يظنون أن إجراء تغييرات محدودة على نظامهم الغذائي سيكون أسهل في التطبيق، بينما الباحثون يقولون بأن العكس هو الصحيح وأن التغييرات…
الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠١٣
تداولت جماهير "تويتر" الأسبوع الماضي مناسبتين لهما علاقة بشركات التكنولوجيا الأميركية، والتي صارت أخبارها جزءا من أخبار حياتنا اليومية: حفل استقالة الرئيس التنفيذي لـ"ميكروسوفت" ستيف بالمر، ومرور 15 عاما على تأسيس "جوجل". في حفل الوداع الذي وقف فيه الرئيس التنفيذي لـ"ميكروسوفت" ستيف بالمر، منذ ثلاثة عشر عاما، والمعروف بحماسه وطاقته غير المعهودة، وهي الطاقة التي بدأ فيها منذ أول عام مع بيل جيتس، وبسببها وُجد شيء اسمه الكمبيوتر على مكاتبنا، وبسببها أيضا يمتلك ستيف بالمر أكثر من 18 مليار دولار؛ في ذلك الحفل قال عبارته ممزوجة بدموعه على المسرح أمام آلاف الموظفين: "هذا كله ليس من أجل شخص واحد، بل من أجل الشركة، هي كل عالمي المهني، ميكروسوفت هي ابني الرابع، وعادة الأبناء يكبرون ويغادرون المنزل، ولكن يبدو أنني في هذه الحالة أنا من سيغادر المنزل". في اللغة اليومية لـ"جوجل" و"ميكروسوفت" و"أبل" و"فيسبوك" و"تويتر" وغيرها من شركات التكنولوجيا العملاقة هناك عبارة متداولة لإثارة الحماس بين الموظفين تتحدث عن كيف أن شركتهم "ستغير العالم" Change the world. لا تكاد تحضر حديثا خطابيا أو ندوة عن الرؤية العامة للشركة إلا وتسمع هذه الكلمات، والتي كان أول من اشتهر بها مؤسس "أبل" ستيف جوبز. هذه العبارة نفسها ترددت كثيرا في ذكرى جوجل الخامسة عشرة وكيف أنها غيرت وتريد دائما أن تغير العالم. هذه…
الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣
أعلنت شركة تويتر من خلال تغريدة عن بدء إجراءاتها الرسمية للتحول إلى شركة مساهمة وطرحها في السوق. رغم أن الأمر كان متوقعا منذ سنتين أن يحصل في عام 2014 إلا أن الوسط التكنولوجي طرب كثيرا للخبر لأن هذا الطرح سيعطي للاستثمارات على الإنترنت الكثير من الزخم والتصاعد المالي وينعش الـ"سيليكون فالي" التي وضعت مليارات الدولارات في آلاف مواقع الإنترنت، وتنتظر العائد المالي منها. لكن ماذا يعني هذا التحول بالنسبة للجمهور الذي يعشق تويتر ويسهر وينام عليه كل يوم؟ أولا: يعني المزيد من التركيز على الإعلانات. قبل أيام فقط من إعلان بدء التحول لشركة مساهمة، قامت تويتر بشراء شركة MoPub والتي تملك نظاما متقدما للإعلان على الموبايل بمبلغ 350 مليون دولار، وهو مبلغ منطقي طبعا لو عرفنا أن دخل الشركة يصل إلى 100 مليون دولار سنويا، ولو تخيلنا القيمة الإضافية التي يحملها مثل هذا الشراء أمام المحللين الماليين الذين سيرون في هذا الاستثمار التزاما واضحا من تويتر بالدفع بالإعلانات إلى أقصى حد ممكن. تويتر كشركة تملك الثقافة الداخلية التي تجعلها شديدة الحساسية نحو إيذاء المستخدمين بالإعلانات، لإيمان تويتر عبر السنوات بالتجربة السلسة للجمهور، ولكن هذه الحساسية سيكون فيها تنازلات ليست بالسهلة بعد تحولها لشركة مساهمة تبحث عن الدخل المادي لملاكها من حملة الأسهم. بالنسبة للسوق عموما، فهذا يعني أمرين: 1-تركيز تويتر…
الإثنين ٠٢ سبتمبر ٢٠١٣
في الساعات الأخيرة من الليل، بعد يوم طويل من متابعة تويتر ورسائل "واتس أب" و"فيسبوك" و"انستجرام" والتعليقات على مواقع الإنترنت وغيرها، قد تشعر بأن الضجيح يملأ أذنيك، وبأن ذهنك تتصادم فيه الأفكار، تشعر بذلك بينما عيناك ما زالتا تلاحقان رسائل تويتر سريعا حتى تصل إلى آخر "التايم لاين" وتنام.. هذا الوصف ليس مبالغة كما قد يظنه من لم يبتل بهذا الإدمان. هذا الواقع هو وصف حقيقي لكثير من الناس اليوم. من يمكنه أن يلوم هذا الجيل العربي، ونحن نعيش في مرحلة صعبة من تاريخنا، حيث تزدحم القضايا في حياتنا، قضايا محلية وعربية ودولية، دماء وضحايا وآلام ومعاناة من جهة، وأمواج فكرية وثقافية وآراء متصادمة تحيط بنا.. في مقالات سابقة كتبت عن النظريات العلمية التي تؤكد أن هذا الضجيج المكثف له آثاره النفسية والذهنية السلبية، فهو يحول السائل العصابي في الدماغ إلى حالة من النشاط الزائد، التي يصعب التحكم بها، ويصعب بعدها الحصول على الهدوء والتخلص من هذا الإدمان. كيف يمكن فعلا التحكم في الضجيج الذي لا يقل إزعاجا عن صخب عشرات الناس عندما يتحدثون في نفس الوقت في غرفة واحدة؟ فيما يلي وصفتي لخفض الصوت وإعادة الهدوء إلى العقول: 1- في رأيي أن أصعب الآثار السلبية التي تنال المتابع العربي لتويتر هو ذلك الاستفزاز المتتابع من تغريدة إلى تغريدة من…
الإثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٣
من الدروس البسيطة التي يعرفها أي سائح يتجول في أميركا أو كندا أو أوروبا أو حتى العديد من الدول الآسيوية السياحية أن نقطة البداية هي مركز معلومات السائحين، والتي تجد فيه عشرات البروشورات والخرائط التي ترشدك لأهم الأماكن السياحية التي يزورونها، مع الكثير من التبسيط و"الإغراء اللفظي" والصور التي تساعدك في النهاية على وضع برنامج اليوم واختيار ما تريد فعله. لكن التجربة الأميركية – حسب تجربتي كمسافر – تبقى مختلفة عن باقي التجارب لعدة أسباب تميزها، منها أن هذه المراكز تجدها في كل المدن والقرى الأميركية بلا استثناء، ونحن هنا نتحدث عن 50 ولاية فيها أكثر من 100 ألف مدينة وقرية، وتجد هذا متوفرا حتى لو كانت القرية ليس فيها إلا جبل صغير صعد عليه يوما أحد زعماء الهنود الحمر، أو مصنعا للزجاج (والمصانع هناك تضع دائما أوقاتا لجولات الزوار) أو حتى بيت قديم عمره أكثر من 100 سنة. قد لا يكون المركز دائما مستقلا، ففي بعض القرى، تجده عبارة عن منصة أو "ستاند" في الفندق الوحيد في القرية، بينما تجد في القرية الكبيرة مبنى مستقل على الطريق السريع، مفتوحا 24 ساعة، حيث تقدم هناك القهوة المجانية لإغراء المسافرين بالتوقف قليلا والتعرف على المدينة لعلهم يستفيدون من حركة السفر التي تمر بالقرية الكبيرة، ولك أن تتخيل كيف يكون الوضع عندما…
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
إذا كان العيد هو حالة اجتماعية مكثفة من إظهار الفرح، فإننا دائما نتساءل إلى أي حد يعبر هذا الفرح عن الحقيقة، أي "السعادة" الحقيقية في قلوبنا، السعادة العميقة، الرضا الكامل عن أنفسنا وحياتنا وعلاقتنا بالمجتمع. هذا التساؤل هو جزء من تساؤل أكبر تتم مناقشته في كافة أنحاء العالم حول السعادة، وهو نقاش موجود بنسبة أكبر في الدول الغربية، التي استطاعت أن تحقق الكثير على مستوى التقدم الاقتصادي ومستوى تحقيق احتياجات الإنسان الأساسية والكمالية، وما زالت تتساءل عن تحقيق السعادة. هناك الكثير جدا من المشاريع الأكاديمية والحكومية في الغرب التي تركز على السعادة وجودة الحياة عموما، وهناك مقياس لمنظمة التعاون والتطوير الاقتصادي للسعادة في الدول الغربية، وطورت بريطانيا مقياسا آخر روج له رئيس الوزراء ديفيد كاميرون كمحاولة لتوجيه المجتمع للنظر لتطوير المجتمع على عدة مستويات بدلا من التركيز على المقاييس الاقتصادية. هذا التركيز جاء لأن العالم اكتشف بشكل واضح أن المعايير الاقتصادية لا تكفي لقياس السعادة. هناك مثلا دراسات واضحة أنه بقدر ما تحسن الاقتصاد في دول مثل أميركا، زادت نسب الاكتئاب والانتحار والمشكلات النفسية والاجتماعية. التطور التكنولوجي جاء بنفس السؤال: هل تحسن التكنولوجيا من مستوى السعادة لدى الإنسانية؟ نحن نتفاعل اجتماعيا مع عدد أكبر بكثير من الناس عبر الشبكات الاجتماعية، ونتفاعل بشكل أكبر كثافة على انستاجرام وفيسبوك وتويتر، وهناك تطبيقات…
الإثنين ٠٥ أغسطس ٢٠١٣
عندما تنظر للإحصاءات عن النمو "الخرافي" لاستخدام التكنولوجيا في أوساط الأطفال والمراهقين، وعندما نلاحظ بأنفسنا التعلق غير العادي للأطفال بأجهزة الآيباد واللابتوب والتي صارت من الأساسيات في كل منزل، ندرك أن "التعليم التقليدي" بالشكل الذي يقدم حاليا في مدارسنا في مأزق حقيقي، لا تحسد عليه المؤسسات التعليمية. رغم نداءات لا حد لها من الكتاب والمتخصصين تنادي التعليم بأن يطور نفسه في مواجهة التحديات الجديدة ومتطلبات السوق المهنية، إلا أنه حتى الآن استطاعت وزارة التربية والتعليم أن تحافظ بصمود على كلاسيكياتها مع تغييرات محدودة، لا يمكن لأحد أن يدعي أنها تلبي هذه الاحتياجات، أو أنها تمثل استجابة حقيقية لما يحصل في العالم من حولنا بعد الثورة الرقمية. ما زال هناك جدل ووعود حول التحول من الكتاب المدرسي الورقي إلى المادة الإلكترونية، وبالرغم من أن هذا التحول يبدو بديهيا من حيث التكلفة وسهولة تعامل الطالب وسهولة التنفيذ ووجود نماذج عالمية كثيرة، إلا أنه ما زال مشروعا يسير ببطء من عام إلى عام دون إنجاز فعلي على الأرض حتى الآن. ولكن هذا الطلب صار قديما، فالواقع الجديد أن الكتاب المدرسي بصيغته الإلكترونية فقد أيضا جاذبيته، وصار التحول إليه خطوة من الماضي، لأن الدراسات والأرقام تؤكد أن عادات النشء صارت تتحول بسرعة للانجذاب للتطبيقات والفيديو والمؤثرات الصوتية والبرامج التفاعلية السريعة والألعاب. لهذا كله، هناك…