عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

تعويدهم على العطاء

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠١٩

تقول إحداهن إنها تزوجت ولا تزال تنظر إلى أن دور والدتها مساندتها وكأنها مسخَّرة لخدمتها فهي التي تسمعها دائماً عندما تكون غاضبة أو تريد أن تشتكي، وهي التي تساعدها عندما تحتاجها لتهتم بأبنائها الصغار، ولكن بعدها تتركها حتى تتمكن من الخروج مع صديقاتها. نسيت أن لهذه الأم قلباً معطاءً وتحتاج أيضاً أن تساعدها ابنتها وتتألم من الحِمل الثقيل على كاهلها من العطاء والتضحيات المستمرة. في يوم يقدر الله أن تموت هذه الأم فتتمنى ابنتها لو أنها تعود لخدمتها وتلبي لها كل ما تحتاجه. جعل الله طاعة الوالدين بعد الإيمان به فقال: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا». الإسراء:23. تعويد الطفل على العطاء يعد سلوكاً مكتسباً يتعلمه من خلال تعويده من قبل الوالدين منذ الصغر، وذلك من خلال بعض الواجبات التي تقع على عاتقهم. أولاً لا بد من تقبل الطفل كما هو جميلاً كان أو قبيحاً، كاملاً أو ناقصاً فهم في الأخير نعمة يثابون عليها. ثانياً احترام الطفل والحذر من إهانته لأن ذلك يغرس في نفسه حب الانتقام. ثالثاً الطفل بحاجة للحب والرعاية من قبل والديه ليتجنب الضربات النفسية ولكن من غير إفراط حتى لا يصبح مدللاً لا يتحمل المصاعب. رابعاً الاهتمام بتربية الطفل الذي لا…

الطلاق العاطفي

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩

يتجدد الحب القديم، وتندفع المشاعر من جديد، عندما تلتقي بمن تعلق قلبها به مصادفة في جامعة القاهرة، فتأخذها الذاكرة إلى تفاصيل قصة الحب التي عاشتها معه في السابق، خلال أيام الدراسة في الكويت، والتي لم يقدر الله أن تكتمل. وصحيح أن الظروف أجبرتها أن ترحل في ذاك الوقت، وتبتعد عن ذاك الحبيب، إلا أن القلب لا يزال متعلقاً به لأبعد الحدود، رغم أنه تزوج بامرأة أخرى. هذه الصدفة، تزرع بذور الشك في قلب الزوجة، لأنها تلحظ عدم مراعاة الزوج لمشاعرها، بسبب نظراته العاشقة، فتكتشف بعدها أن هذا الحب ما زال ينبض ويسري في وريده. هذه القصة التي تلامس الواقع في المسلسل الرمضاني «دفعة القاهرة»، يؤدي إلى انفصال الكثير من الأزواج بسبب الطلاق العاطفي. الطلاق العاطفي، عبارة عن حالة من الانعزال وفقدان التواصل بين الزوجين، وهو يظهر غالباً عند انعدام الحب والاهتمام المتبادل، والذي يدخِل العلاقة الزوجية في عالم النفور والموت السريري، فيعم الصمت بينهما. ويبدأ ميثاق الحياة الزوجية يضعف ويتعرض للارتخاءات شيئاً فشيئاً، حتى تتلف المشاعر والأحاسيس، وتنعدم لغة التواصل والحوار في العلاقة الزوجية. فيصل بعدها الزوجان إما إلى الطلاق الشرعي، أو ما يسمى بالطلاق العاطفي، الذي يعد أسوأ أنواع الطلاق وأكثرها إيلاماً. يجب معرفة أن الطلاق العاطفي له آثار سلبية عميقة في الأبناء، والذي يفوق الطلاق الفعلي، وذلك لعدم…

لم يعد للبيوت أسرار

الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٩

«لم أكن أتقبل زوجتي في بداية ارتباطي بها ولكن اليوم أحبها بشكل يفوق التصور» عبارة ينشرها أحدهم مع مقطع تصويري لحياته الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي ليعبر عن مدى حبه لزوجته. في ظل العصر الرقمي، تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من اكتساب شعبية هائلة من مستخدميها، فلقد كانت تنحصر في تبادل الآراء مع الأصدقاء والغرباء وكانت وسيلة للناس للعمل ونشر الإنجازات أو الخيبات وإيصال أصواتهم للعامة بهدف التحسين، ولكن اليوم كشّرت وسائل التواصل الاجتماعي عن أنيابها وكشفت الجانب المظلم والسلبي لتصبح من الوسائل الأكثر خطورة، وذلك لأن البعض فتح الباب على مصراعيه أمام الغرباء للاطلاع على التفاصيل الخاصة التي كانت في السابق غير قابلة للسرد أو النشر. اليوم كشفت إحدى الدراسات أن مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «إنستغرام» و«سناب شات» تعد من أكثر المنصات الاجتماعية التي تؤثر على الشباب نظراً لاستخدامها بشكل خاطئ ومبالغ فيه بهدف الشعور بالأهمية. فصحيح أن هذه المواقع لها دور إيجابي في تسهيل التواصل بين الأهل والأصدقاء المقيمين خارج الدولة، إلا أن نسبة كبيرة أصبحت تتسابق لعرض الحياة الخاصة على هذه المنصات لتحقيق أكبر درجة من الإعجاب للمحتوى المنشور، لذلك انعدمت الخصوصية عند بعض مستخدمي هذه المواقع. أحيانًا تعرض بعض النساء خصوصياتها وتعبّر عن مدى حبها لزوجها، وأن حياتها مليئة بالرومانسية ولكن الحقيقة قد تكون عكس ما…

إهمال قد يضيّع جيلاً

الثلاثاء ١١ ديسمبر ٢٠١٨

التربية تعتبر وظيفة مشتركة بين كافّة أفراد المجتمع، والتي تبدأ أساساً من المنزل، فهو حجر الأساس الذي يبنى عليه جميع أساسيات تربية الأطفال. فالأسرة لها دور في تقويم سلوك الأطفال، وتوفير مستقبل أفضل لهم، بعيداً كل البعد عن العُقد والاضطرابات النفسية والسلوكية، الأمر الذي يقيهم من مطبات الحياة. وبعد الأسرة، يأتي دور المدرسة والأقارب والمجتمع، وكلّ هذه العناصر مهمة أيضاً في بناء جيل واعٍ، لأن كل واحد منها له دور وتأثير كبير في بناء شخصية الطفل، وإكسابه قِيَماً تحميه من الانزلاق في الممارسات الخاطئة، التي قد تؤثر في سمعة الفرد والمجتمع والدولة. ولكن إذا غاب دور الأسرة وانعدم دور المجتمع في نشر الوعي، جُرِف الأبناء إلى مرافقة أصدقاء السوء، من غير إدراك الأُسر للمخاطر التي قد تواجه أبناءهم، فتتحول علاقات الصداقة الزائفة للأبناء، إلى نهاية مؤسفة. ذكر أحد الوالدين، أنهم سمحوا لابنهم بالسفر مع أصدقائه لأسابيع خارج الدولة، ليقضي وقتاً ممتعاً معهم، من غير التأكد من نوعية الأصدقاء، لتكون الطامة الكبرى مع رفاق السوء، الذين جروه إلى الطريق المدمّر، الذي حكم على مستقبله بالإعدام. قبل سفره، كانت الأسرة مطمئنة برحلة ابنهم، حتى بدأ الارتباك بعد عودته من السفر، بسبب تبدل سلوكه، والشحوب على وجهه، والثقل في الكلام. فقاموا بالتواصل مع الجهات المختصة، ليتأكدوا من الأعراض، فتبين لهم أنه يتعاطى المخدرات.…

شراكة البيت والمدرسة تكاملية

الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٨

ها نحن في بداية العام الدراسي الجديد بعد غفوة جميلة في دفء الصيف ومتعة الوقت مع الأطفال في أفضل المناطق السياحية الجميلة التي قام فيها أبناؤنا بتجديد الطاقات، ليبدأ اليوم مع لذة أكبر للإنجاز على مقاعد الدراسة بصعود درجة للأعلى فاتحين أيديهم ببسمة المتفائل لمستقبل أكثر جمالاً. ولكن كيف نستطيع أن نحافظ على استمرارية تفاؤل أبنائنا وزيادة الدوافع والحوافز لديهم نحو التعلم؟ سعي بعض أولياء الأمور إلى تذليل جميع المعوقات في بداية العام الدراسي بمصاحبة الأبناء الصغار إلى المدرسة في الأيام الأولى والتي كان لها أثر عميق وإيجابي على نفسية الأطفال الأصغر سناً، فهم يحتاجون إلى هذا القدر من الاهتمام من قبل الوالدين لأنه يزيد من ثقتهم بأنفسهم ويزيل الخوف من قلوبهم وعقولهم. فدخول الوالدين مع الأبناء داخل المدرسة ومرافقتهم في ساحتها وداخل الفصل الدراسي كفيل أن يطبع صوراً إيجابية دائمة في أذهان الأبناء، لأنها تشعرهم بحرص أولياء الأمور على أن ينالوا حظاً من التميز والتفوق في التعليم. يجب على أولياء الأمور الاجتهاد في غرس حقيقة أن أبناءهم قادرون على التفوق والتميز وباستطاعتهم أن يصبحوا ما يفكرون فيه ويسعون إليه. «أكدت دراسة حديثة أجرتها إحدى الجامعات الأميركية، أن دور الوالدين في المنزل له تأثير مباشر في التفوق الدراسي للطفل»، كما أن دور المعلم المتمكن يساعد في فتح مغاليق العلم لدى…

أصحاب العقول الكبيرة

الثلاثاء ١٤ أغسطس ٢٠١٨

«العقل في كيانه وذاته يمكن أن يحول النعيم إلى جحيم، والجحيم إلى نعيم» ميلتون. ولقد قسم علماء النفس العقول إلى ثلاثة أنواع، العقول العادية التي يصب تفكيرها في يومها فقط من غير التفكير في طرق تطوير الذات التي تساعد في التنمية والتطوير، والعقول الصغيرة التي تتحدث دائماً عن الناس بالتركيز على تفاصيل حياتهم وسلوكهم، والعقول الكبيرة التي تناقش دائماً الأفكار وتطور من نفسها بالعمل الجاد والمثابرة وتحرص على الاستفادة المستمرة من التجارب والمصائب لتحقيق راحة البال. صاحب العقل الكبير باستطاعته تحويل المحنة إلى منحة من خلال التجارب القديمة الفاشلة، وذلك بتطوير الذات نحو الأفضل حتى تتحقق راحة البال التي تعد من أجمل ما في هذه الحياة بعيداً كل البعد عن الهموم والمشكلات التي تؤثر سلبياً على العقل وترهق القلب. فراحة البال لها انعكاس إيجابي في جوانب مختلفة من الحياة، وعلى النقيض تماماً من الممكن أن يتم فقد الكثير في حال الحزن والتعاسة وعدم راحة البال. فنحن نحتاج إلى هذه الراحة لننتج ونبدع ونعمل بنشاط ونبني حياة تغمرها السعادة والنجاح. ولكن ما علاقة تطوير العقل براحة البال؟ كان هناك أب لديه طفلان صغار الولد 4 سنوات والفتاة 6 سنوات، ولكن قلبه كان متعلقاً كثيراً بالفتاة التي كانت قريبةً جداً منه فهي مصدر سعادته في هذه الحياة، ولكن مع مرور الأيام قدر…

التغيير للأفضل

الأربعاء ٠١ أغسطس ٢٠١٨

التقدم مستحيل بدون تغيير، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء - جورج برنارد شو. كثير من الناس لا يتقبلون التغيير لأنهم لا يريدون الخروج من منطقة الراحة خوفاً من التورط في الأمور التي لا يتقنونها، فيتسلل إليهم الخوف شيئاً فشيئاً، ومن ثم يبدؤون بالتفكير في جميع العقبات المحتملة التي قد تواجههم وتعيقهم من النجاح في الحياة. الخوف من التغيير يعد سمة من سمات بعض البشر، وتختلف حدتها من شخص لآخر. فالبعض يكون خوفه من التغيير كبيراً وغير قابل للسيطرة، وذلك ما يجعل البعض يستمر في وظيفة لسنواتٍ طويلة متوهماً بأنه لن يحقق النجاح في أي عمل آخر حتى وإن كان العمل الجديد سبباً في تحقيق أهدافه المرجوة للوصول إلى القمة. البعض الآخر تجده يخاف من الزواج لأنه سيجبر على تغيير البيئة التي اعتاد عليها والروتين اليومي مع الأصدقاء الذي يعده جزءًا لا يتجزأ من حياته. وآخر يحرم نفسه من الأطفال خوفاً من تغييرهم لتفاصيل حياته المميزة، فيقول «قررت وزوجتي أن يتم تأجيل فكرة الإنجاب لعامين، وكلما اقتربت المدة من الانتهاء أعاود التأجيل خوفا من تحمل مسؤولية جديدة وتغيير حياتهم، لكن بالطبع كلما رأيت الأطفال وهم ينادون ذويهم أحن للأطفال كثيراً». كثيرة هي الأمور التي تحتم على البعض التغيير في الجانب الشخصي أو العملي ولكنهم يتخوفون…

سلوك غير مسبوق في المدارس

الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٨

سمعنا وما زلنا نسمع الكثير من الحالات التي يستخدم فيها الطلاب الصغار الأقوى السلوك السلبي مع الطلاب الأضعف بسبب حاجتهم لإثبات الذات والحصول على الشهرة بين الطلاب من خلال البروز والظهور. ولكن السلوك السلبي الذي يتسبب في العبث بالممتلكات المدرسية العامة التي هي من حق الجميع أمر غير مسبوق في المجتمع المدرسي. أسئلة كثيرة تنهال على الأذهان، فما الذي يجعل الطلاب لا يتهاونون في إلحاق الضرر في المدرسة التي تعد البيت الثاني والسلّم الذي نصعد درجاته واحدة تلو الأخرى في كل فصل دراسي حتى نبلغ أعلى مراتب التفوق والنجاح، ومن هو المسؤول عن سلوك الطالب الحاد والهجومي، هل هي الأسرة أم المعلمون أم الأجهزة الإلكترونية؟ صحيح إنه ما بدر من بعض الطلاب الصغار من سلوك سلبي عبر إتلاف مرافق إحدى المدارس هو سلوك لا يغتفر ولكنه يجدر أولاً معرفة المسببات الأساسية الكامنة التي تسببت في هذه الاضطرابات السلوكية التي تعد دخيلة على المجتمع المدرسي كما صرحت وزارة التربية والتعليم، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقويم مثل هذا السلوك بتحديد الظروف والمواقف التي أدت إلى تلاطم مشاعر الطلاب كالأمواج العاتية التي تسببت في تدمير الممتلكات العامة. لا نستطيع أن نلقي بأصابع الاتهام على أحد فكلنا مسؤولون، لذا لنبطل مفعول سلوك الطالب السلبي، يجب معرفة نمط الطفل الدراسي الذي سيوضح ما يزعجه…

لنبطل مفعول ألغام التنمر

الثلاثاء ٠٨ مايو ٢٠١٨

لطالما سمِعنا عن تلاميذ يعانون من التنمر المدرسي في المراحل الإعدادية والثانوية والذي لم نكن نستبعده، ولكن الغريب وغير المتوقع أن يتعرض الأطفال لهذا التنمر السلبي في الكثير من المدارس منذ بداية الصف الأول، والذي إن دل على شيء فهو يدل على ضعف في الجانب التربوي الذي قد ينتج عنه إما المتنمِر أو المتنمّر عليه. للأسف أصبح موضوع التنمر في المدارس يثير قلق بعض الأسر، وذلك لزيادة شكاوى الأطفال الصغار أو بعض آثار التنمر على أجسادهم التي تتسبب من الضرب أو الركل. لذا علينا ألا نستهين بشكاوى الأطفال من المتنمرين بل أخذها على محمل الجد بالاستماع لما يقلق الطفل ومن ثم تقديم الحلول المناسبة لإيقاف التنمر حال حدوثه لأن هذا التنمر قد يكون له تبعات سيئة لفترة طويلة. التنمر له أضرار عديدة ليس على الجانب الجسدي فحسب بل على الجانب النفسي أيضاً والذي قد يترك أثراً سلبياً على المدى البعيد، فكثيرون ممن تعرّضوا للتنمر في مراحل عمرية مبكرة ما زالوا يعانون من اضطرابات عاطفية في كِبرهِم كضعف الشخصية وانعدام الثقة بالنفس. يقول أحد ضحايا التنمر لوالدته بنبرة حزن «أمي يستهزئ بي أحد الأولاد أمام الجميع في الصف ويقول إنني غبي وبطيء في الكتابة، يحرجني دائما أمام أصدقائي لم أعد أحب المدرسة». فترتبك الأم لأنها لا تعرف كيف تهّون عليه فهل…

نظام التطفيش الوظيفي

الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨

رجل أعمال تبلغ أمواله في البنوك ما يقارب 14 مليار دولار ويملك مجموعة من الفنادق في بعض الدول، كما أنه يملك بعض الاستثمارات العقارية في كل من الكويت وماليزيا ودبي وفرنسا وإيطاليا ولندن. هذا رجل أعمال ناجح يشهد له الجميع بالعدل والإنصاف في العمل. في يوم تم نقل هذا الرجل إلى أحد المستشفيات إثر إصابته بسكتة قلبية فبدأ يصارع المرض حتى وافته المنية. البعض يتوفى تاركاً وراءه مخزون من الذكرى الطيبة على المستوى الأخلاقي والإنساني والبعض الآخر يدون في صفحات الذاكرة مشاعر البؤس والظلم والقسوة. يا جامع المال في الدنيا لوارثِهِ، هل أنت بالمال بعد الموت تنتفعُ أبو العتاهية. الإنسان لن يأخذ أمواله معه ولا حتى منصبه الذي يغتر به بعد وفاته فلم هذا القدر من الغرور والظلم. كثير ما نسمع اليوم عن قصص لموظفين تم تهميشهم أو إحباطهم أو تطفيشهم في بعض المؤسسات بغرض تحقيق الأهداف الشخصية لبعض المديرين وذلك لرغبتهم بتعيين أكبر قدر من الموظفين المقربين الذين يتوافقون معهم في الاتجاهات والقيم فيشكلون بذلك فريقاً واحداً، تتكرر اجتماعاتهم المستمرة والسرية بهدف تلميع صورهم أمام الإدارة العليا حتى يحصلوا على التقدير والعلاوات التي لا يستحقونها. سألت إحداهن يوماً «لم رفضت الوظيفة في إحدى المؤسسات التي يحلم بها أي شخص واكتفيت بالعمل في جهة خدمية تصب توجهاتها مباشرةً في خدمة…

هل تغيرت القيم والقناعات؟

الثلاثاء ٢٧ فبراير ٢٠١٨

برزت في الآونة الأخيرة، ظاهرة غريبة في تقليد المشاهير، التي تتمثل في تزايد إقبال الصغار والكبار، ليس فقط في الملبس والمأكل، ولكن في شراء واستخدام المنتجات التي يتم ترويجها على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ولو كانت بعض المنتجات تنقصها المصداقية في القيمة والنوعية. هل تغيرت القيم والقناعات لدى المستهلك، أم أن لديه الرغبة الشديدة في الانتماء للمجموعة، حتى ولو استدعى الأمر أن يغرِق نفسه في الديون، التي يعجز عن الخروج منها، أم أن البعض تنقصه التوعية في ثقافة الاستهلاك الذكي؟. في مقال: «هذه الشهرة إلى أين؟»، ذكرتُ كيف يستخدم الكبار الأطفال كأداة للشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، التي غيرت اهتمامات الأطفال، من اللعب إلى الحفاظ على الشهرة الذي لم ينتج بكل تأكيد من فراغ، بل لحرص الأهالي على تحويل أطفالهم إلى سلعة ونسخ متكررة عن المشاهير، بغرض الحصول على مردود مادي، أو الشهرة من خلال الإعلانات، فلا عجب من انحدار المستوى الفكري والوعي لدى الفرد في بعض المجتمعات العربية، في ثقافة الاستهلاك. أخبرتني إحدى الفتيات، أن طبيب أمراض الجلدية، نبهها بضرورة تجنب اتباع خلطات المشاهير، التي يتم ترويجها في الإعلام الاجتماعي، لأن هذه الخلطات تنقصها وصفة طبيب مختص، فإحدى مرضاه تعرضت لتشوهات جلدية عميقة، بسبب استخدام بعض الخلطات الخاصة بعلاج البشرة، بأسعار خيالية في إحدى صفحات المروجين في…

المناصب والألقاب لا تدوم

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨

يصله خبر ترقية أحد زملائه فيتفاجأ من سرعة ترقيته ويردد في قرارة نفسه «ما شاء الله كم هو محظوظ بهذا المنصب الجديد الذي يدل على كفاحه واجتهاده، يبدو أن الله بالفعل راض عنه». ولكن هل هو بالفعل محظوظ على الترقية، أم تمكنه من الفرار والنجاة من الظلم؟ هكذا هم بعض البشر يحكمون على ظاهر الأمور بالرغم من أنهم يجهلون السرائر ووقائعها. فكم من موظف بمنصب مرموق يتجرع مرارة التقييم غير المنصف بالرغم من جهوده وإخلاصه في العمل، وكم موظف يتم تصيد أخطائه الصغيرة ليتوه في بحر الإحباط، وكم موظف يعمل على مشاريع لأول مرة فيشعر من خلالها بالفخر لإتمامها على أكمل وجه، ولكنه لم يحصل على التقدير والثناء بل الانتقادات اللاذعة، وآخر يقوم باجتهاد شخصي بإعداد مقترحات ودراسة تفصيلية لتنظيم مبادرات المؤسسة التي استنزفت منه الكثير من الجهد والوقت، ولكنها ذهبت أدراج الرياح. لنكن واقعيين قليلاً بحال هؤلاء الموظفين، الذين يعانون من بعض الرؤساء الذين لا يقدرون إخلاصهم وجهودهم المبذولة في العمل، ويحرمونهم من التشجيع والكلمة الطيبة التي أصبحت في بعض المؤسسات باهظة الثمن من الصعب إخراجها. وإن كانت نية التشجيع موجودة فلا بد من الحصول على الموافقة من خلال بعض الاجتماعات السرية. «دعِ المقادير تجري في أعنّتها ولا تنامنّ إلا خاليَ البالِ، ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يُغيّر الله…