الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
كنت أنوي الحديث عن اعتزال باربرا والترز وهي في الـ83 من عمرها حتى عثرت على مشهد أطار النوم من عينيّ والأفكار من رأسي، وأطاح فكرة والترز و60 امرأة مثلها. المشهد، يا سادة يا كرام، الذي صوّره طفل وعلّق عليه شاهد وناقد حكيم عارف بالأثر الذي يمكن أن يحدث نشره في قناة «يوتيوب» الشهيرة، مشهد تاريخي - اجتماعي - نفسي - ثقافي، وكل الدلالات ترتبط بمسيرة البشر. يصور المشهد طلبة يخرجون في آخر يوم امتحانات وهم في حال فرح وهياج، يصرخون: انتهت الدراسة، انتهت الدراسة! خرجوا مثل وحوش أطلقت من عقالها بعد حال تجويع وحبس! هذا المشهد لا تراه لو أن مساجين خرجوا من سجنهم. ففرح الطلبة بانقضاء العام الدراسي يفوق خروج سجين من سجنه، ولم يجدوا طريقة للتعبير عن فرحتهم أفضل من تمزيق الكتب ابتهاجاً، فترى الشارع غُطي بورق الكتب الممزقة في كل مكان، وصيحات الفرح تتعالى، لكنها فرت من عقالها، فصار بعض الطلبة يعترضون طريق السيارات ويضربون بالكتب على أبوابها! ربما يظن القارئ أننا أمام مراهقين، تُعرف مرحلتهم بتغيرات هرمونية تجعل العاقل منهم يجن أحياناً والهادئ يتنمر والصامت يصرخ، لكن، حتى هذه ليست صحيحة، إذ كانوا مجموعة ثوار منفلتين من أطفال المرحلة الابتدائية، أي ما نعرفه نحن بـ«سن الطفولة». ربما يقول قائل إن هذا حصاد البيت والتربية، لكن الميدان…
السبت ١٧ مايو ٢٠١٤
لم نصدق ما حدث، لكنه حدث وللأسف، فلربما نعتقد أنهم جهلة، فإذا بهم لصوص يريدون أن يسرقوا «الغلة» لا غير. لم نكن نفهم كيف لا يفهم هؤلاء أن عمر بن الخطاب الذي عيّن الشفاء بنت عبدالله محتسبة على السوق، أي في منصب وزيرة تجارة، لم يفهموا أنه من التطور الطبيعي والحضاري للبشرية بعد 1400 عام أن تشارك حفيدات الشفاء بنت عبدالله في مجلس الشورى، ويترافعن عن بنات جنسهن في القضاء، وأن يطبّبن، وأن يبعن في السوق، وفي عمل شريف يقيهن شر الحاجة، وأن يحصلن في ظل دولة عمرها قارب الـ100 عام على أنظمة تقيهن التحرش، وتحفظ حقوقهن طفلة وزوجة. اعتبروا كل نظام يُسنّ أو يطرح للدرس تحت قبة «الشورى» اعتداء على الأعراض، في منطق مقلوب لا يعقله إنسان، فهم مثلاً حاربوا النظام الذي أقرّه مجلس الشورى لحماية النساء من التحرش، بحجة أنه يشجع مفهوم الاختلاط، وهم بهذا ينكرون أن الاختلاط هو أصل الحياة العامة، ويريدون أن يقرّوا أن المرأة التي تختلط بالرجال سواء بعملها في المستشفى مثلاً، أم في الأماكن العامة... «حقها ما جاها»، أي تستحق أن يعترض طريقها من عنّ له ذلك، ويتحرش بها. وخير للمجتمع أن يشعر بالرعب، فترتعد نساؤه، ويقلق رجاله إن خرجن من المنزل، ولا تدري في أية شريعة جاءت هذه الأفكار، فحتى في شريعة الغاب…
السبت ١٠ مايو ٢٠١٤
«خطفتهن... وسأبيعهن في السوق وفق شرع الله». هذا ما قاله أبوبكر شيكاو زعيم «بوكو حرام» في شريط فيديو، بعد أن قامت جماعته بخطف 300 من طالبات المدارس في نيجيريا. أما المطالب التي تزعمها «بوكو حرام» بعد قتل المدنيين وخطف الفتيات وبيعهن - وفق شرع الله - فهي إقامة خلافة إسلامية! يكفي أن تستخدم هاتين الكلمتين «شرع الله» و«الإسلام» حتى تشق صفوف المسلمين، فهناك العاقل الذي يفكر في ما خلف هذه الجملة، وهناك الأعمى الذي يصدق كل ما تقوله هذه الجماعة، فطالما أنها تستخدم كلمة «إسلام» و«شرع الله» كجزء منها، فسيبقى محتاراً يفتش لها عن تبرير. أنا أعرف أن عقول «العوام» التي احتكر تربيتها شيوخ ودعاة أسرف بعضهم في تفسيرات شخصية نفسية واجتماعية، باتت اليوم عقولاً بلا حركة، منساقة وراءهم، تدافع عنهم باحثة عن تبريرات تطمئنهم حتى ولو كانت تخرق الشرع والإسلام والقيم الإنسانية التي تطورت وتهذبت وتحضرت. لكن ما الذي يمكن أن يحمي هذا الفعل في عقول العوام من الناس، وهي ترى جماعة في نيجيريا تطلق على نفسها «إسلامية»، تخطف طالبات مدرسة وتبيعهن مثل السبايا، وتقول وفق شرع الله؟ ربما يكون من السهل إدانة هذه الجماعة البعيدة عنّا جغرافياً، لكن الأمر يرتبك ويهتز حين نقترب أكثر من الخبر الذي أذاعته وكالة الأنباء السعودية عن القبض على جماعات إرهابية في بلادنا،…
الأربعاء ٠٧ مايو ٢٠١٤
كان هذا هو السبب الوحيد الذي وجده أحد الظرفاء حين سئل عن أسباب الطلاق قائلاً: «لأن هناك زواجاً هناك طلاق»! ربما أراد أن يقول إن الفراق هو نتيجة أو احتمال لعلاقة بين اثنين. لكن ما لا يعرفه صاحبنا هذا هو أن نسبة الطلاق المرتفعة هذه الأيام هي ظاهرة حضرية بامتياز، أي مرتبطة بالمدينة، والسبب أن هناك عدداً من المتغيرات التي تواجهها الأسر في المجتمعات الحضرية، إذ ترتفع نسبة التعليم وتنال المرأة نسبة وفيرة من الحقوق والمسؤوليات تكاد تعادل الرجل، مع مفاهيم ثقافية تختلف عن المفاهيم التقليدية التي تعلي من شأن الذكر وتقلل من شأن الأنثى. السعودية اليوم تواجه أزمة حقيقية في معدلات الطلاق والعنوسة مجتمعين، بمعنى أن هناك نساء يمتنعن عن الزواج أو يتعذر عليهن العثور على شريك يوافق معاييرهن الجديدة فتصبح فرص زواجهن أقل، أما النوع الآخر فهن اللاتي توفرت لديهن فرصة الزواج لكنهن رفضن الاستمرار في هذه العلاقة التي لم يجدن فيها الرضا الكافي فحدث الطلاق. المرأة غالباً هي التي تطلب الطلاق، أقول غالباً لأن الزوج يستطيع أن يملأ فراغ متطلباته ببدائل أخرى. أظهرت إحصاءات وزارة العدل لحالات الزواج والطلاق المسجلة في المحاكم السعودية خلال نصف العام الهجري الحالي تسجيل 4 حالات طلاق في مقابل كل 10 حالات زواج، إذ بلغت حالات الزواج 35.662 في مقابل 15.126 حالة…
الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤
كنت استيقظت هذا الصباح وأنا عازمة على تجنب الحديث عن بكتيريا التشدد والتزمّت التي تنشرها بعض الأخبار، ولو من باب الاستراحة والكتابة عن موضوع خفيف ظريف، لكنني للأسف وجدت نفسي امتلأت أسى وأنا أطالع خبرين، أحلاهما مر. فالأول يقول إن إمام وخطيب مسجد خالد بن سعود في الرياض، وهو أيضاً عضو في لجنة المناصحة التابعة لوزارة الداخلية - كما ذكرت الصحيفة - يحذّر في خطبته من السفر إلى بلاد الكفار، لأنه حرام، وأن من يموت فيها سيدخل النار. فالإسلام يدعو إلى الهجرة منها، فكيف نسافر إليها؟ يُذكر أن أعداد المسافرين من السعوديين السياح يبلغ ملايين كل عام، منهم من يقضي إجازته في لندن وفي إسبانيا وأستراليا وكوريا، مثلما يسافر المسؤولون والمشايخ إليها سائحين وفي مهمات عمل، وصورهم تملأ الصحف، ولا تنفك إعلانات المكاتب السياحية تعرض رحلات مخفضة لبقاع الدنيا تملأ الصحف، فما الداعي إلى هذا الكلام الذي تزايد منذ عامين تقريباً؟ إنه بكل اختصار هجوم ممنهج على برنامج الملك عبدالله للابتعاث، الذي ينتسب إليه 150 ألف مبتعث ومبتعثة، بعضهم ذهب مع عائلاته، وتزامنه برامج ابتعاث أخرى لقطاعات مثل النفط والهندسة، هذا غير المبتعثين على حسابهم الخاص، يدرسون الطب والهندسة والملاحة والطب التطبيقي وإدارة الأعمال والمحاسبة والقانون في جامعات متطورة، تقدم المنهج العلمي في أحدث تطبيقاته، ليس هذا فحسب، بل يتعاملون…
السبت ١٩ أبريل ٢٠١٤
انفتح حوار عظيم بين السعوديين بعد شيوع قرار صدر عن الشؤون الاجتماعية يغرّم الزوج الذي يضرب زوجته 50 ألف ريال، أي ما يعادل 10 آلاف دولار، وذكرني بذلك الحوار الذي شاع في مصر حينما أقرّ نظام «الخلع»، فراح بعض المصريين يغنون: «خلعوني خلعوني». وحتى الذي لن تفكر زوجته بخلعه سيتباكى على الدم المسفوح بعد القرار. معظم الذين شاركوا في الحوار حول «الغرامة» لم يرفع أحدهم يده على امرأة، لكن القرار أزعجه، فهو يحرك حقوقاً مدفونة في باطن لاوعيه، تحفظ له هذا الحق في ما لو فكر يوماً أن يستخدمه، لهذا شعر أن العصا - وإن لم يكن بحاجتها - سحبت من يده. الباطن أو «اللاوعي» حرّك الاعتراضات في «هاشتاق» اشتهر في «تويتر» باسم «ضرب الزوجة بـ50 ألفاً»، أطلق الرجال عبره النكات، واستخدمه بعض الضعفاء من باب الانتقام لكرامتهم المسلوبة. أما الذين ظنوا أن لديهم من الحيل ما يمكّنهم من أن يستعيدوا الغرامة من الزوجة في اليوم الثاني، فأصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد أن عرفوا أن الغرامة ستذهب للحكومة وليس للزوجة المضروبة، أي أنها أصبحت حقاً عاماً لا خاصاً، مثلها مثل غرامة قطع الإشارة، لهذا اقترح بعض الشباب أن يلجأ أصحاب النفوس الضاربة ممن تحدّثه نفسه بضرب زوجته أكثر من مرة، أن يقتلها فذلك أوفر له، ففي الشرع المرأة تحصل على…
الإثنين ٣١ مارس ٢٠١٤
حدثتني مرة الدكتورة مها المنيف منذ ما يزيد على الأعوام العشرة بحكاية لا تزال عالقة في رأسي وقعت معها أثناء دراستها وتدريبها في أحد المستشفيات الأميركية، وهي أن طفلاً وصل إلى طوارئ المستشفى الذي تتدرب فيه مع فريق كبير من الأطباء، وبعد الكشف عليه تبيّن أنه تعرض لضرب عنيف تسبب بكسور في الجمجمة واليد ودخل في غيبوبة. تقول الدكتورة مها إنها طلبت مقابلة الوالدين، فوجدت شاباً سعودياً يلبس قميصاً بلا أكمام، وبجانبه سيدة تلبس عباءة سوداء تغطيها من رأسها حتى أخمص قدميها تنتفض بشدة، ربما رعباً أو قلقاً، ولا تجيد أي كلمة إنكليزية، وهو ما صعّب تواصل الآخرين معها، فأخذتها إلى غرفة جانبية وسألتها عما حصل، فقالت إن زوجها تعاطى الكحول وأخذ الطفل من قدميه وضرب رأسه بالحائط مرات عدة ومن دون توقف، ربما كان السبب أنه تضايق من بكائه المزعج. الأم جاءت مع زوجها لأميركا ولا تجيد أي كلمة إنكليزية وليس لها قريب في أميركا، وفي مثل هذه الحالات تستدعى الشرطة ويقبض على الأب ويحال إلى المحكمة. وتبقى مشكلة الأم، فطفلها سيبقى في العناية المركزة وزوجها أودع السجن، فتبرعت الدكتورة مها باستضافتها في بيتها حتى يحضر أحد من أهلها من السعودية للعناية بها وانتظار المحكمة للزوج، الطفل أصيب بإعاقة دماغية، وعلى رغم هذا فإن جهات العمل التي ابتعثت الأب…
السبت ٢٩ مارس ٢٠١٤
كشف مقطع فيديو متداول قيام إحدى الجماعات الإرهابية في سورية بقتل مواطنين سعوديين باستخدام سلاحين ناريين. بلغ عمر أحدهما 21 عاماً والآخر 24 عاماً. فماذا يعرف هذان الشابان عن الحرب حتى يخرجا إليها، ومن الذي أوصلهما إلى هناك في وقت ينشغل الشباب في سنّهما بدروسهم والتطلع إلى مستقبل سعيد؟ في الخبر ما هو أسوأ من تورطهما بحثاً عن قضية يجاهدان فيها، فمن قتلهما جماعة من المتطرفين وجدوهما يقاتلان في صفوف جماعة إسلامية متطرفة أخرى. تذكر «الحياة» عدم تأكدها من صحة هذا الخبر بسبب عدم وصول الأخبار واضحة وموثوقة من مناطق النزاع، إلا أن خروج شابين آخرين في التلفزيون السعودي عائدين من مناطق الصراع في سورية، هما محمد العتيبي وسليمان الفيفي، يتحدثان عن تجربتهما، يؤكد أن شبابنا لا يزالون يفضلون الخروج إلى سورية على رغم كل المحاولات القانونية لمنعهم. هؤلاء الشباب في مطلع العشرينات غالباً - وكما ذكر الشابان - يجدون دائماً رجالاً مستعدين لتجنيدهم وترتيب أمر خروجهم. وصف الشابان العبث الذي يعيشه المقاتلون هناك، سواء بين فصائل ترفع شعارات إسلامية متطرفة تكفّر بعضها بعضاً، أو ضيق العيش والفوضى، أو استغلال هذه الفصائل حماسة الشباب السعودي، فهو قادم يفتش عن الشهادة لا غير، فلا يجد مكاناً أفضل سوى مقدمة الصفوف في مواجهة الرصاص. البرنامج الذي ظهر فيه الشابان السعوديان يبدأ بتلاوة…
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
أبشركم أن أوباما قرر أن ليس من مصلحته أن يدخل حرباً في سورية، وأن يترك «القاعدة» وأخواتها تحارب حزب الله في سورية حتى يقضي أحدهما على الآخر، وبدلاً من أن تحارب أميركا عدوين، وجدت أن من مصلحتها أن توفر طاقتها، وتقتصر على دعاء شهير لدينا يقول: «اللهم اجعل حيلهم بينهم»، أي اجعلهم يقتتلان بكل طاقتهما، ففي النهاية سينتصر واحد، لكن المنتصر سيخسر نصف قوته وشجاعته وحماقته، وربما تورثه الحرب حكمة أن ينشد السلامة في المواجهات الأخرى. ما يهمني ليس قرار أميركا الذكي، ولا قدرتها اللعب على حبلين، فهي مرة تدخل حرباً - كما في العراق - لتزرع ورد الديموقراطية ومرة - كما في سورية - تحمي مصلحتها الشخصية، وفي كلا الحالتين يموت الشعب. المهم من هذا كله أن هذه الحرب المفيدة لأميركا بين حزب الله و «القاعدة» ليست حرباً صامتة، بل تحتاج دعاية وأيديولوجيا تخدمها وتقنع شبابها وميليشياتها «أن قتلاها في الجنة وقتلى الطرف الآخر في النار». أما الاكتشاف المذهل الذي وصلتُ إليه أخيراً هو أن هذه الحرب هي بين السنة والشيعة، وفي كل بقعة عربية هناك إما أقلية شيعية أو عربية، وربما أدركتم خلال الأعوام الماضية وبعد أن شاهدتم مسلسل الثورات أن الحكام ليسوا هم من ظلموا وقهروا فقط، بل إن الشعوب العربية أشد ظلماً وقهراً، وإن كنتم تظنون…
الإثنين ١٠ مارس ٢٠١٤
نشرت جريدة «الشرق الأوسط» قصة «المراهق أيوب»، التي غدت مشهداً مألوفاً وحاضراً بقوة في الواقع العربي، الذي يتخبط بين شعارات المستقبل الواعدة بالحرية والعدالة والمساواة والرغبة في التخلص من الطغيان، وبين أبطال هذا المشهد وهم «داعش» و «النصرة» و «القاعدة»، الذين يقودون إلى الماضي، لكنهم استطاعوا أن يسيطروا على بعض الشبان بشعارات إسلامية براقة، فاختطفوا الأطفال والمراهقين والشبان من بين أيدي أهليهم. أكثر ما لفت نظري في هذه القصة التي نشرتها هانا لوسيندا سميث بعنوان: (من ليبيا إلى سورية... جيل من المراهقين تجندهم «داعش»)، هي عبارة «جيل المراهقين المتعطش للقتال». لاحظوا متعطش للقتال، بل ومعادٍ لشعارات الحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية، التي هي شعارات الحياة. الشبان صاروا يقدسون الموت لا للحياة. القصة تقول إن الأخ الأكبر محمد الليبي الذي قاتل مع الثوار لأجل سقوط القذافي صار أنموذجاً فاتناً لأخيه المراهق الصغير أيوب (15 سنة)، فراح يردد: «أريد أن أصبح مثلك وأن أقاتل»، فوقع بين يدي المنظّرين للجهاد، الذي يجمعون صغار السن ويستخرجون لهم أوراقاً ثبوتية وجوازات سفر وتذاكر طيران ويرسلونهم إلى سورية. محمد تلقى اتصالاً من والدته في كانون الأول (ديسمبر)، وتقول إن الصغير أيوب اتصل بها وهو يركب الطائرة، معلماً إياها أنه خرج للقتال في سورية. فركب أخوه محمد الطائرة في اليوم التالي ليفتش عنه في الحدود السورية - التركية…
الأربعاء ٠٥ مارس ٢٠١٤
الواعظ الذي ظهر في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة الذي اختتم أخيراً، لم يكن وحده، بل صاحبه فريق مكون من شرطي ومرافقين أحدهما تولى دور المذيع وقاطع «فرقة الباحة» التي كانت تؤدي عرضاً فولكلورياً يتلو شاعرها أهزوجة تراثية، دخل عليهم الواعظ ممثلاً دور ضيف مهذب أوقف الأهزوجة وهو يقول «لقد هيضني غناءكم»، هكذا حياهم تحية طربية. «يا سلام يا شيخ»، ثم سلّم عليهم ولم يأخذ المايكروفون بنفسه، بل أخذه المرافق المذيع وقدّم للجمهور الواعظ الفذ الذي جاء كي يلقي إليهم كلمة لم تكن ضمن البرنامج طبعاً، ولم تستطع هذه الكلمة أن تنتظر القوم حتى ينهوا فعاليتهم، فما هو هذا الكلام المهم الذي اضطر هذا الواعظ لقوله؟ أخذ الواعظ المايكروفون وقال إنه جاء ليدعو لهم، ودعا الله «أن يجعل كل امرأة في المكان أجمل زوجة في عيني زوجها، وأن يجعل كل رجل في المكان أجمل زوج في عيني زوجته»، ثم قال: «أوصيكم بصلة الرحم، فمن يمنع زوجته أن تزور والديها يعاقبه الله، ولا تضربوا زوجاتكم ضرباً عنيفاً فتكونوا من أشرار العرب، ومن ضرب زوجته اليوم عليه أن يحضر لها هدية، ويجب أن تعاملوهن معاملة الأسير، فالزوجة كما قال ابن القيم في مقام الأسير عند زوجها، ولا تضربوا أولادكم على الوجه» فلديه بحث نتائجه مرعبة عن أضرار ضرب الوجه. لم تتجاوز العظة هذه…
الثلاثاء ٠٤ مارس ٢٠١٤
زلزل خبر نعناع المدينة أمن السعوديين وطمأنينتهم، هم الذين اعتادوا شربه مع الشاي، وبعضهم زرعه في أحواض حديقته ليقطفه طازجاً. لكن خبراً طبياً يقول بأنه يحوي مادة مسرطنة أذاعته قناة «إم بي سي» جعل مواقع التواصل الاجتماعي تسارع ببثّه بين الناس، فانتشر مثل النار في الهشيم. هذا الخبر سمعنا من يكذِّبه، لكن التأكيد كان أقوى من النفي، وظل الخبران متزامنين- النفي والإثبات - لا نعلم من سيحسم طالما أن وزارة الصحة صامتة، بينما نعناع المدينة المعروف لدينا باسم «الحبق» يباع على الطرقات البرية، وفي الشوارع وداخل المدن، وبأسعار زهيدة. القصة ليست في اكتشاف أن النعناع القادم من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل، فغيره من المواد تباع على الطرقات، وفي عيادات الطب الشعبي، فماء زمزم مثلاً لا نعرف إن كان حقاً من بئر زمزم نفسها أم لا؟ وإن كان حقاً كذلك، فكيف يسمح لأشخاص المتاجرة به؟ وإن كان لا، فكيف سمحت المتاجرة به؟ ليست هذه المفاجأة التي زعزعت أمن الناس النفسي وتيسَّر لقنوات الإعلام نشرها، بل أيضاً ما سجله بعض الشباب في فيلم باسم «فوسفين»، وهو وثائقي صنع بمهارة، ويتحدث عن موت ثلاثة أطفال من عائلتين مختلفتين بسبب مبيد حشري استخدمه جار لهم، صادف وجوده في العمارة نفسها، وأدى لموت الأطفال، إذ دخلت رائحة المبيد من النوافذ وقتلتهم. هذه…