السبت ٠١ سبتمبر ٢٠١٢
قريبي يشغل وظيفة حساسة في دائرة تعاني من قلة الموظفين، ما يعني أن غيابه عن العمل يعني غياب عشرة، لكنه اضطر لأخذ إجازة شهر توزعت بين ثلاثة أشهر، والسبب جواز «الشغالة». فقد استقدم لأول مرة في حياته «شغالة» وربما تكون الأخيرة، ولكن «الشغالة» التي وصلت بعد طول انتظار إلى مطار الخبر حيث يسكن وصلت من دون جواز. وتم العثور عليها وتسليمها له وفق عامل الصدفة، فقد وجدوا في المطار «شغالة» من دون جواز، وكفيلاً يبحث عن «شغالة». «الشغالة» توقفت في أول محطة لها في مدينة جدة، فقام موظف الجوازات بسحب جوازها على أن يسلمه لها في الخبر حين تصل. موظفو الخطوط أركبوها الطائرة من دون جواز، ثم اكتشفوا بعد رحيلها أن هناك جوازاً من دون «شغالة» فبعثوه بالبريد إلى جوازات الرياض، فوصل على ما يبدو إلى جوازات مدينة أخرى، وهؤلاء وصلهم جواز من دون «شغالة» فسجلوها هاربة، فدخلت التاريخ الرسمي للشغالات بمسمى هاربة. ولأن الشغالة تحتاج جوازاً كي تخضع للفحص والعلاج والتنقل كان لا بد من بدل فاقد. راجع قريبي جوازات المطار فقالوا يجب أن تسقط البلاغ من إدارة الوافدين، الذين قالوا له: لابد أن تسقطه من شؤون الاستقدام، ثم الجوازات، ثم اذهب للسفارة. في مسلسل البحث عن جواز «الشغالة» حدثت قصص طريفة وأليمة، منها أن الموظف الحكومي يقول له…
الخميس ٣٠ أغسطس ٢٠١٢
في إحدى المقابلات مع الدكتور فاروق الباز العالم المصري المتخصص في جيولوجيا الفضاء تحدث عن مشاركته مع الفريق الذي خطط لرحلة «أبولو 11» إلى القمر، ودوره في تحديد 16 موقعاً مناسباً للهبوط، من بين 4 آلاف موقع، ثم وصف كيف كان نيل آمسترونغ لم يكن يعرف ما سيقول بعد أن تطأ قدمه سطح القمر، لكنه فاجأ رفاقه والعالم بمدى دقة الكلمة وصدقيتها حين سمعوه يقول بصوت متهدج بمهابة اللحظة: «إنها خطوة صغيرة لرجل، ولكنها قفزة عملاقة للبشرية»، وقال عنها أوباما في مقابلة لـفريق «أبـولو 11»: «إن العالم كله لا يزال يستمد الإلهام من تلك اللحظة التي قمتم بها». بعد 40 عاماً من هذه اللحظة ودّع نيل آمسترونغ العالم، وأميركا تتحضر للوصول إلى المريخ المليء بالثلوج التي يمكن بعد زمن أن يتحول إلى ماء وقد تصدّره إليـنا بأغلى من سعر النفط. الـجماعة الـذين يـسـكنون وسـط الغـابات ومصبات الأنهار والبحيرات كل همهم البحث عن تأمين الماء والغذاء والوقود، بـينما نحن الـذين نعـيش وسـط الصـحـاري ومـوجـات الجفاف المتصاعدة والغبـار عـملـنا طـوال هذه الـ40 عاماً، لإثبات كذب أميركا وفبركتها لقصة وصول الإنسان إلى القمر، بمناكفات تنتشر اليوم في معظم المواقع الإلكترونية، وبمستويين من التحليل، الأول يقدّم أدلة علمية تقول إن العَلَم الذي زرعه آمسترونغ فوق سطح القمر كان «يهفهف» والقمر لا توجد به رياح،…
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
الجدل الذي طرحه مسلسل عمر قبل عرضه ليس أهم من الجدل الذي أحدثه، فمعارضوه لم يكن في أيديهم غير اعتراض واحد هشّ، يقول بعدم جواز تمثيل الصحابة، وقد أفادتنا هذه المعارضة بأن كشفت لنا أن شيخاً جليلاً مثل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي -رحمه الله- قد أجاز تمثيل الصحابة، وأكد إثر مشاهدته مسرحية طلابية في معسكر شبابي على أن تمثيل قصصهم ومآثرهم أقوى من كل المواعظ والخطب. لكن، ما الجديد الذي جاء به «مسلسل عمر» وما كنا نعرفه؟ الدكتور وليد سيف (كاتب العمل)، الذي غاص في التراث الإسلامي، لم يكن جديده قصصاً لا نعرفها، فكل ما شاهدناه درسناه في كتب الحديث والفقه والتاريخ الإسلامي، وسمعناه في الإذاعة وقرأناه في الكتب، لكن قدرة وليد سيف تجلت في خلق حوار درامي يكاد من لذته أن يعادل قطعة من مسرح شكسبيري، وقد تألقت لغته وحواراته ورسمه للشخصيات، حتى أصبحت متعة سمعية وفكرية تَمَكَّنَ المخرج حاتم علي من تحويلها متعة بصرية تضاهي متعة العرض السينمائي. ولقد تألق الممثلون، وبخاصة غسان مسعود في شخصية أبي بكر الصديق، الذي بدا وكأنه تشرَّب شخصية الصديق في حكمته ووقاره ولينه، حتى أنني تمنيت لو كان المسلسل اسمه أبو بكر الصديق. لن أتوقف عند دبلجة صوت عمر، التي أضعفت الشخصية، لأن المقالات الفنية أوفت في هذه النقطة، لأعود للحديث عن…
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
أخبار الصيف قاتمة وكل شيء عالق لا ينوي أن يمضي قدماً في طريق الحل، وقد لاحظت أن خيبة الصيف وضجره قد تسربت إلى نفوس الكثيرين، ولأنني أنوي أن أودعكم من أجل شهر إجازة فسأودعكم بواحدة من حكايات السفر والمطارات. منذ ثلاثة أعوام قضيت عطلة صيفية في لبنان جمعت خلالها كماً من الكتب، أحضرته معي إلى مكان إقامتي في دبي، وكان شهر رمضان قد بدأ. وبعد أن هبطنا من الطائرة لم أجد صندوق كتبي مع الحقائب التي جمعها لي العامل، بل وجدت بدلاً منه كرتوناً من الرطب فأعدته إلى موظف الخطوط السعودية شاكرة تعويضهم وأصررت على صندوق كتبي، فطلبوا مني أن أسجل بلاغاً في مكتب المفقودات بمواصفات كرتوني الذي يقارب حجمه حجم كرتون الرطب المهمل ففعلت وانتظرت أسبوعين، وكنت أتصل كل يوم بمكتب المفقودات وأسألهم: “هاه لقيتوا الصندوق؟ فأحصل على إجابة واحدة لا غير: لا”. بعد أن تأكدت من أن صندوقي “مفقود مفقود” كتبت مقالة بعنوان “ضاع الصندوق يا محمد” وهو عنوان أغنية مصرية شهيرة أرثي فيها صندوق كتبي وأتفجع عليه. من حسن حظي أن مدير الخطوط السعودية في دبي قرأ مقالي فأصر على أن يعد خطة تدخل سريعة لاستعادة الصندوق المفقود ليدرأ الفضيحة المعلنة، فطلب من الموظفين الاتصال بصاحب صندوق الرطب الذي ترك صندوقه حتى فسد، فالاحتمال الأكبر هو أن…
الإثنين ١٦ يوليو ٢٠١٢
يحرص بعض القراء على مراسلة الكاتب الذي يشاركهم صباحاتهم أو يطل عليهم في جريدة، يومياً، أو أسبوعياً. وقبل اختراع البريد الإلكتروني كان البريد يحمل رسائل قلة، وبسبب كلفتها فإنه يندر أن يتكلف أحد كتابة رسالة لكاتب إلا كي يبثه محبته وإعجابه - لأن حمل الكراهية في ذلك الوقت كان ثقيلاً - أو كي يستمتع بالاختلاف معه في أدب وفي براعة تحاول أن تنتصر على الكاتب أو تفحمه في غرور، لكن اليوم مع البريد الإلكتروني ليس هناك أسهل من أن يرسل قارئ لكاتب رسالة. فهي ضغطة زر تجعل الكلمات تطير بسرعة البرق إلى الجانب الآخر من الكاتب. ربما لهذا سهل على القارئ أن يقول كل شيء لكاتبه، حتى لو كان شيئاً لا يقال. بعض القراء يتحمس لطلب مساعدات أو حلول من الكاتب تجعله يشك في نفسه أو يشعره بأنه ولي أمره. قرأت مرة أن أحد الكتاب تسلّم رسالة من قارئ يطلب منه أن يساعده في شراء قطعة غيار لسيارته لم يجدها في بلاده. وأتذكر قارئة أرسلت تطلب مني أن أشتري لها كتاباً إذا ما سافرت للقاهرة، وعلى رغم أنني مرة أهديت قارئاً كتابين وليس كتاباً واحداً لأنه أقنعني أنه يقوم ببحث مهم، إلا أن هذه القارئة لم تقنعني، فالكتاب الذي طلبته هو رواية من الروايات الرومانسية التي تشبه المسلسلات التركية التي…
الإثنين ٠٩ يوليو ٢٠١٢
هذه العبارة ليست فحوى دعاء توجهت به إحدى نساء نجد، بل هي عبارة أطلقها إمام وخطيب مسجد سعودي في حسابه عبر “تويتر” مساء أمس الأول، مفسِّراً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة”، وقد فسر الخطيب أن الفرقة الناجية المقصودة التي ستدخل الجنة هي “أهل نجد”، ولا ندري كيف ينزل القرآن في مكة والمدينة وتذهب الجنة إلى نجد؟! لهذا سألتني قريبتي التي أنجبت حديثاً من زوجها النجدي طفلاً، هل سيدخل طفلي الجنة بينما أنا سأدخل النار لأني من المنطقة الغربية؟ وسألتها لماذا يتزايد عدد موزعي صكوك الجنة في بلادنا كل يوم؟!. أستشهد كثيراً بنكتة أبي راشد وأبي صالح النجدية أيضاً، فهي تقول كل ما يمكن أن يقال في هذا الشأن، فالنكت ليست سوى رسوم كاريكاتورية ترصد وقائع وأمراضاً ومبالغات معيشة تحدث كل يوم بيننا. النكتة تقول: إن أبا راشد وأبا صالح خرجا من المسجد بعد صلاة المغرب وأخذا يتجاذبان حديثاً بدآه بشكر الله على نعمة الإسلام التي أنعم الله بها على البلاد الإسلامية، لكن أبا راشد قال لأبي صالح: ليس كل بلد إسلامي بلداً إسلامياً، فالمسلمون في بلاد الروس وأوروبا وفي تركيا يشوب إسلامهم معتقدات شركية وليسوا كالمسلمين العرب. فقال له أبو راشد صدقت والله، لكنه عاد وقال: لكن…
الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢
الذين لاحقوا تغريدات الشباب والشابات السعوديين على “تويتر” طوال فترة عرض برنامجَي المواهب “عرب أيدول” و”عرب قات تالنت” لن يُصدَّق أنهم نفس الشباب الذين علقوا على حادثة “فتاة المناكير” مع رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. في الحادثة الأولى اجتهد الشباب والشابات السعوديون على “تويتر” في وضع “هاش تاق” خاص بالبرنامجَين يعلقون فيه على الأغاني والرقصات والمكياج والمجوهرات وصنع النكات على وجوه المشاركين ولجان التحكيم وثيابهم، حتى “ركبة” نجوى كرم حظيت بتعليق سعودي يتساءل: لمَ ليست سوداء مثل “ركب” السعوديات؟ أحد التويتريين في السعودية تمنى لو يستيقظ ذات صباح ويجد كارمن (الصوت المصري) في منزله تقول لأمه “صباح الخير يا خالتي”. ظهرت كل أنواع الطرافة والرغبات، العنيف منها والرئيف في “تويتر”، وخاصة أثناء فترة عرض برنامج “عرب أيدول” في البدء ثم “عرب قات تالنت” تالياً، حتى تكاد أن تظن أن هذا الشعب غارق في الحداثة والترف والفن والمنافسات المواهبية، ولا يشغله سواها، حتى جاءت حادثة “فتاة المناكير”، وهي فتاة لا يتجاوز عمرها عشرين عاماً كانت تتجول في مركز تجاري حين فوجئت برجل من هيئة الأمر بالمعروف يطلب منها الخروج من السوق، ثم سمعته يعلق على وضعها أصباغاً ملونة على أظافرها، فما كان منها إلا أن فتحت كاميرا جوالها الذكي (هكذا توصف الأجهزة وليس وصفي أنا) فصورت المشهد الذي دار…