الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢
المؤلف أشبه بالطباخ الذي يجمع مواد أولية ليصنع شيئاً مختلفاً ، فهو يجمع الأفكار من القراءة والملاحظة والتجارب ثم يُنضجها بالتفكير فيصوغها في عشرات الجمل فيتألف الكتاب ، والمُلاحظ أن أعداداً من الشباب يتقنون هذه المهارة . لكن للأسف قصرت الجهات المعنية بالثقافة والشباب في هذا الجانب بشكل حاد ، ويبدو أن ذلك طبيعي طالما أنهم مقصرون أصلاً في تنمية ثقافتهم وفكرهم ، وكذلك الإعلام الذي يُبالغ في إبراز مواهب غنائية ورياضية شابة ويتجاهل -غالباً -الشباب البارعون في الفكر والثقافة . من يزور بعض مكتبات الجامعات الغربية يجد قسماً خاصاً بكتب عميقة من تأليف الطلاب والطالبات ، وهذا يعكس اهتمام الجهات التعليمية بهذا النمط من الإنتاج الشبابي ، بل يبدأ الاهتمام بذلك منذ مراحل الدراسة الأولى ، و من الطبيعي أن يوجد في المكتبات العامة كتباً مميزة ألّفها أطفال وشباب في مختلف المجالات ، وفي المقابل نلحظ إهمال جامعاتنا المحلية ، حيث لا تكاد توجد جامعة تشجع ذلك أو تطبع ما يحاول بعض الطلاب والطالبات تأليفه بينما تصرف عشرات الآلاف في دعم نشاطات أخرى ذات تأثير محدود . كما أن الغالبية العظمى من رجال الأعمال لم يدعموا الشباب مالياً لطباعة كتبهم بل يرفضون الاستثمار المالي في ذلك ، ويبدو أنهم يجهلون أن الكتاب عبارة عن منتج كأي منتج استهلاكي آخر…
الإثنين ١٠ ديسمبر ٢٠١٢
كثيراً ما نسمع كلمة ( الوعي ) تتردد في نقاشاتنا دون أن نمسك بمعنى محدد لها . يقول فرويد :" إننا بصدد واقعة بدون أي مكافئ لها ، لا يمكن تفسيرها ولا وصفها ، وعلى الرغم من ذلك يعرف كل منا مباشرة ومن خلال التجربة ما هو المقصود حين يجري الحديث عن الوعي ". فهو من المفاهيم التي تُدرك وتُعرّف من خلال إحساس المرء بها ومعايشته إياها ولا يمكن الاتفاق التام على وصف واضح له . فمن معانيه انتباه الإنسان ومراقبته لأفكاره وسلوكياته وتقييمها وفق منظور محايد و موضوعي ، فكلما اهتم بذلك أكثر زادت درجة وعيه . يقول الدكتور مصطفى حجازي :" هنالك علاقة وثيقة بين الوعي والانتباه ، إذ يتمثل الانتباه في عملية التركيز على اليقظة الواعية مما يوفر حساسية متصاعدة لفئة من الخبرات التي تحتاج إلى معالجة تحليلية نقدية أكثر شمولاً وعمقاً ". وهو أشبه بكاميرا فيديو ترصد المحيط السلوكي كما أنه يعمل كمُوجِّه له ، فهو يتدخل حين يصبح هنالك اختلال في العادات السلوكية اليومية ، كالمشرف في المصنع يركز على مناطق الخلل ليقوم بتقويمها ، لذا فهو مرتبط دوماً بعمليات التفكير التحليلي النقدي الذي ينهض بالإنسان ويرتقي به ، وهنا تتدخل عدة عوامل في محيط الإنسان فتقوم بمحاولة التضليل أو التسطيح أو الإرباك وحين يركن…