الإثنين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢١
قبل سنوات أجرت الجامعة الإسلامية بالتعاون مع إدارة التعليم في المدينة المنورة دراسة ميدانية عن ظاهرة التنمر في المدارس شملت 1148 طالبا وطالبة، أشارت إلى أن نسبة انتشار الظاهرة كانت %43 من الذكور و%38 من الإناث. وهذه النتيجة غير مفاجئة وأكدتها نتائج TIMSS 2019. حيث إن نسبة التنمر في المملكة أعلى من النسبة العالمية. والتنمر هو قرار، وحماية الطالب من تأثيراته قرار، والقرار كما يقول العلماء يخضع للكثير من التأثير العاطفي والاجتماعي والمعرفي حتى يصدر، مما يدفع للتساؤل، هل يمكننا أن نغير قرار الطالب في مسألة التنمر وتوجيهه نحو اختيار الحوار والمنطق والسلوك المهذب في تعامله مع زملائه، ونبذ ما يدفعه للتصرف ضد مصلحته بشكل عام؟ الإجابة توجد لدى ما يسمى بعلم الاقتصاد السلوكي والذي بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD أنشئت له الكثير من المنظمات في التعليم وغيره، أكثر من 250 وحدة حول العالم للاستفادة منه في تغيير قرارات الناس دون أن يشعروا بأن في ذلك تعديا على حريتهم وحقهم في صنع قرارهم. فما علم الاقتصاد السلوكي؟ هو علم يجمع بين مبادئ علمي النفس والاقتصاد، يفهم من خلاله كيف يتخذ الناس قراراتهم وماهي المؤثرات التي يمكن استغلالها لجعلهم يختارون القرار الصائب الذي يصب في مصلحتهم ومصلحة المجتمع، وأيضا المنظمة التي يعملون فيها، على المدى البعيد. وضع العلماء لهذا العلم…
الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٨
في ليلة حفل ماجد المهندس، كان المسرح مكشوفا من اللجنة المنظمة على المطرب، وهو وضع غريب جدا لا يحدث في أي مكان في العالم، لكن مع ذلك فتاة واحدة بعباءة ساترة وواسعة وغير ملونة ونقاب، طارت كأنها باتمان واحتضنت ماجد. قد تكون خطتها وليدة اللحظة، وقد يكون أمرا مخططا له من قبل، لكن بلا شك الموقف صدم كثيرين، أهمهم من رأى أنها أساءت إلى الفتاة السعودية، وهم أعضاء قبيلة نحن مجتمع ملائكي، والذين وصل ظنهم بأنفسهم تبرئة مجتمعهم حتى مما حدث في مجتمع المدينة في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعمر رضي الله عنه. وبمناسبة عمر كانت فتيات من المدينة -ربما كن صحابيات، لكن قطعا هُن تابعيات، أُعجبن بفتى اسمه نصر بن الحجاج، ذكر ابن تيمية قصته، وأنه شاب وسيم، فتن نساء المدينة، فحلق رأسه فازداد وسامة، فنفاه عمر عن المدينة. إذا لم نؤمن أننا مجتمع بشري، وظللنا نواجه هذه التصرفات بالولولة، سنستمر في خداع أنفسنا، وتحميل الشباب -خاصة المراهقين- ما لا يطيقون. على كل حال، الأسوأ فيما يخص القيم، أن المحامين -وهم الطبقة المنوط بها العدالة- تحولوا تلك الليلة إلى قضاة، وحاكموا الفتاة وصنّفوا فعلها بجريمة تحرش، وقدموا مساعدة للقاضي بتجهيز حكم عامين سجنا، تقضيها ربما مراهقة على لحظة استفزتها مشاعر إعجاب. إن هذا قاس جدا، لا أعني…
الأربعاء ٠٩ مايو ٢٠١٨
في آخر حلقات حديث العرب، استضاف الدكتور سليمان الهتلان، المفكرَ المعروف عدنان إبراهيم. في الواقع، المقابلة كانت غنية جدا، وتستدعي التوقف عند كثير من النقاط حولها، وفي مقالي هذا لي توقّف صغير عند ملاحظة ذكرها الدكتور عدنان حول علاقة العلل بالأحكام في الشريعة الإسلامية. إذ قال، إذا وُجدت العلة وُجد الحكم، وإذا انعدمت العلة انعدم الحكم، وهو هنا يشير إلى قاعدة أصولية عظيمة هي «الحكم يدور مع السبب وجودا وعدما». على كل حال، هناك مسألة تم النقاش حولها باستخدام هذه القاعدة، وهل تطبق عليها أم لا؟ لذا، دعوني أقص عليكم قصتها. في 2005، عندما قامت مجموعة من الإرهابيين المحسوبين على المسلمين بالاعتداء على لندن، اشتعلت الكراهية ضد المسلمين، وبما أن الوحيد الذي يُعرف أنه مسلم بملابسه هن النساء، أفتى علماء بريطانيا -استنادا إلى هذه القاعدة- بجواز خلع الحجاب، لأن الآية الواردة في لباس المسلمات عللت الحكم بالأذى، قال تعالى: «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»، أي أن الحكم مرتبط بعلة، وهنا تنطبق عليه القاعدة الأصولية التي أشرنا إليها بالأعلى. حسنا، لو كان العكس، أي هي ستؤذى لو هي محجبة فما الحكم؟ في الواقع، كان العلماء شجعان، فأفتوا بجواز الخلع، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وبالطبع، قامت حملة ضدهم في العالم المسلم الذي لا يدرك أن روح المسلمة عند الله أهم من…
الأحد ٠٩ يوليو ٢٠١٧
في سيرة الإمام الزاهد أحمد بن حنبل -رحمه الله- أنه عاد إلى منزله جائعا فسألهم أن يأتوه بطعام، فقدموا له ما أعجبه، فسألهم من أين أتيتم به، فردت زوجته من بيت ابنك، فقفز مسرعا وذهب إلى حيث جاهد نفسه حتى استخرج ما في معدته، قالوا لأن ابنه -وكان فقيها- كان يرى جواز أخذ هدية السلطان وأحمد يرى حرمتها... إنه الإسلام ببساطة، كل شخص مسؤول عن اختيارات عقله، فلم يكره أحمد ابنه، ولا رفض أبوته، ولا حتى قال أحد لأحمد أنت تصعد المنابر تقول وولدك يفعل كذا وكذا..؟ لكننا لسنا في زمان الحنابلة العظماء، بل في زمان التقليد وتأجير العقول، ليس فقط لمن يحملون درجة الدكتوراه في الحديث مثل رقية المحارب، بل حتى من لا تتجاوز ثقافته الإسلامية كتاب رياض الصالحين، متجاهلين أن ابن تيمية -طيب الله ثراه- قال عن هذا التقليد، «إن التَّقليد بمنزلة أكل الميتة، فإذا استطاع أن يستخرج الدليل بنفسه فلا يحلّ له التقليد». وكل السعوديين مروا بـ12 سنة تعليم ديني ومع ذلك يعتقدون أنهم لا يحق لهم سؤال من يخطط حياتهم، وبوجه مصائرهم عن دليله أو مبرره في هذا الرأي، أو هل هناك خلاف فقهي كما هو في 90 في المئة من قضايانا. قبل أعوام عديدة كنا في مادة اسمها التربية العملية، حيث نزور المدارس ونمارس التدريس…
الأربعاء ١٨ يناير ٢٠١٧
قالت المرأة التي ذكر ستيف جوبز أن شعوره نحوها لا يوصف، وأن اللحظة التي خفق قلبه للمرة الأولى بالحب كانت لها، إن الفترة التي عاشاها معا "يوجد فيها غمامة سوداء تحيط بستيف تجعل معاشرته صعبة إلى حد ما". لا شك أن ذلك مؤلم، فلا أقسى من أن تكشف لك الأيام أن من قاسمك الحب تأذى من وجوده معك، على كل حال لم يقرأ ستيف رأي حبيبته الأولى أبدا، فرغم أنه شجع كل من كان حوله على الحديث لمؤلف سيرته والتر إسحاق، إلا أنه رفض قراءتها ولم يتدخل سوى بالجزء الخاص بصورته على الغلاف، كما يذكر الكتاب. هناك نساء كثر في حياة ستيف، فهناك أمه الكاثوليكية التي لم تنصع لتهديد والدها بالتبرؤ منها إذا أنجبت الطفل وتزوجت الشاب السوري عبدالفتاح والد ستيف، فتركته عند طبيب عرضه للتبني ورحلت. وهناك السيدة الرقيقة التي تبنته وغمرته بالحنان والرعاية رغم الفقر الذي كانت تجاهده هي وزوجها، مما جعل ستيف يرفض ما قاله أصدقاؤه عن كونه طفلا متبنى، ويشعر دائما بأنه منبوذ. وهناك أيضا السيدة الجميلة التي خفق قلبه لها وأصبحت زوجته ووصفت بأنها من أذكى النساء، إذ استطاعت أن تقنع والتر إسحاق، كاتب السير الشهير، بأن يكتب سيرة ستيف جوبز، بعد أن رفض ذلك بحجة أن ستيف لا يزال في بداية مشواره آنذاك. لكن…
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦
من استمع لخامنئي في خطابه الأخير، يعرف أن إيران أيقنت من انكشاف أوراقها ليس أمام العالم، ولكن أمام العالم العربي. بالنسبة للنظام الإيراني، غير مهم أن يعرف العالم حقيقته، لأنه يوقن أن أهدافه تتسق مع أهداف الغرب في تحطيم العالم العربي، وخلق حالة الفوضى في أرجائه. لكن الذي لا يعرف أنه مجرد أداة في نظره ويجب أن يستمر "لا يعرف"، هم العرب على الأقل حتى إنهاء مهمته الطائفية بنجاح. لذا، حاول خامنئي في خطابه الأخير وللمرة الأولى ادّعاء عدم سماحه أو قبوله هذا الاعتداء السافر على صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رغم وجود عشرات الفديوهات لهذا المتحرش بالأطفال وهو يجلس متكئا بينما أعراض الصحابة رضوان الله عليهم تنالها ألسنة قومه. لقد برر خامنئي وجود هذه اللغة المليئة بالكراهية والحقد والشتائم الموجهة لصحابة رسول الله -رضوان الله عليهم- بأنها من صناعة أميركا وبريطانيا لإقناع العرب الذين أدرك أنهم -وبفضل جثث الشعب السوري التي تتساقط كل لحظة على يد العراقيين واللبنانيين والأفغان المرتزقة من أتباع المذهب الصفوي- بدأت تلتفت رؤوسهم وللمرة الأولى بعد سنوات من الجهود الإعلامية والجاسوسية الإيرانية إلى حقيقة الخمينية وأتباعها. لقد كان أهم رد عربي على خطاب خامنئي هو خطاب عبدالله بن زايد في مبنى الأمم المتحدة، والذي بدا كصفعة حقيقية للنظام الإيراني الذي أكد وجود إجماع…
الأحد ٢١ أغسطس ٢٠١٦
"الحتة الوسطانية" التي أشار إليها زيدان اشتعلت غضبا عليه رغم أنه ليس إلا ما يظهر فوق السطح للعيان، وما يخفي العمق هو الأدهى والأمر، لكننا نحب الحديث عن الأمور السطحية ونتبادل معها لغة سطحية وننتهي وهي إلى نتائج سطحية. في بداية هذه السنة صدر حكم ضد شاعر فلسطيني من محكمة سعودية، بعدها قام بعض المثقفين العرب بحملة منظمة استهدفت رفع بيان يندد بالحكم ويشتكي السعودية إلى الأمم المتحدة في الوقت الذي كانت السعودية تخوض حربها في كل الجبهات ضد المؤامرة على الشعب السوري واليمني. في الحقيقة أن الموقعين 300 أحدهم هو معن الباري الذي كتب في موقع العربي الجديد ساخرا من هذه "اللمة " العربية ضد السعودية، وكيف أن هؤلاء المثقفين لم يسمع لهم حس في الإعدامات والسجن والسحل والتعذيب التي تطال المثقفين في بلادهم، ومع ذلك تجمعوا ضد السعودية. أضف أن السعودية التي لم يسبق لها قتل شاعر أو تعذيب مثقف كتب ضدها بيانا وسلم إلى الأمم المتحدة. نستطيع أن نقول إن العرب يحقدون علينا ويكرهوننا إلخ من قائمة التفسيرات التي لا ترقى لتكون مبررا جديرا بالنقاش، فعدد 300 مثقف لا يجب الاستهانة به، ولا يجب تجاهله، نحن بلد له مكانته في العالم كله في قلوب البسطاء، ويجب أن يحصل على مكانته اللائقة به في عقول أهل القلم والوعي،…
الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٢
هل حدث أن ارتد أحد في عهده صلى الله عليه وسلم؟ نعم حدث.. هل حدث أن تنصر أحد في صدر الإسلام؟ نعم وفي عهد عمر بن الخطاب أحد أزهى عصور الإسلام. لكن في معظم تلك الحوادث كانت هناك أسباب دنيوية خلفها، ولم تكن المسألة مسألة اقتناع، بل هرباً من حكم الإسلام الذي كان سيُقام عليهم نتيجة جرائم ارتكبوها. تماماً مثل مذيع تلك القناة التبشيرية الذي ظهر في مقطع "يوتيوبي" ومعه فتاة يقال إنها فتاة سعودية تنصرت، فهذا المذيع "حرامي" شهير سرق من بلاده كومة مال وهرب بها إلى أميركا، فوجد أن أفضل طريقة لحمايته هو ادعاء التنصر واللجوء إلى الكنيسة ورجالها!! عموماً، سواء كانت قصة الفتاة وما جرى لها حقيقة أم خدعة فنحن نلاحظ في الفترة الحالية كثيراً من الأفكار التي أصبح يعتنقها الشباب ويفجعوننا بها بين الحين والآخر عبر "تويتر" و"فيس بوك"، وفي رأيي الخاص أن ذلك مرده عدم التحصين بالتعليم في الدرجة الأولى، وبخاصة بعض المناهج التي لم يطرأ عليها تطوير سوى في الشكل الخارجي، ونزع مواد منها. ولو تفحصت هذه المناهج ستجد أن باب السحر والتمائم... إلخ هو المسيطر على التوحيد، وباب الزنى والمعاملات "التجارية خاصة" هو المسيطر على الفقه!! ولو تحدثت عن التطوير والارتقاء لاتهموك بالعمالة وكفروك وانتهى أمرك، فيصمت كثيرون لأجل هذا. أضف إلى ذلك…