فاطمة الأحبابي
فاطمة الأحبابي
كاتبة وباحثة إماراتية

تعثُّرٌ بالآخر

الأربعاء ١٩ أبريل ٢٠٢٣

خاص لـ هات بوست: يُدرك الإنسان في تمرحل عاطفته أن تعاظم الدهشة في مهد العلاقة نذير مهلكة لإمكان استمرارها، ذلك أن ما يبدأُ مُشتعلًا إنما هو حريقٌ يُحرِقُ ويحترق، وكلّ ما يحترق سرعان ما يترمّد. وأنه لطالما كانت الانطباعات الأولى فاسدة، لأنها تُماثل بدائيّة الإدراك الإنساني، وأي بدائيّة هي تلك التي تقترن بانطباعات المحبّة في مهدها. خطيئتنا أننا نقبض الأكفّ التي تمتد إلينا ونحن نشهقُ فجيعتنا، إن أقبح ما قد يُقدِم عليه إنسانٌ ما ويجورُ فيه على نفسه، الجَوْر الموجب للندامة، هو أن يتعثّر بآخر يدفنُ روحه معه، ويعتقد أن دفن روحه في ذلك الآخر إنّما هو خَلاصه ونجاته، وأنها هذه هي المحبّة التي ينجو بها الإنسان. ونحنُ لا ندرك ذلك إلَّا حينما نختنق من دفن أرواحنا؛ الأمر الذي يتطلب منا بعض المسير، لأننا لم نتحصّل دراية التجريب بعد. لكن أرواحنا التي استماتت لتحفظ ديمومتنا في هذا الوجود تنقاد إلى سُنّة بقائها فتنفُر نفرتها التي تقاوم دفنها، غَيْرَ أنّ هذه النَّفرة التي نعتقد أنها يقظتنا؛ تورّثنا فجيعة أرواحنا المفجوعة، ويا للإنسان الذي يكابدُ وصوله إلى كَمَدهِ ثمّ يُكابدُ فِراره منه. كثيرة هي دوافع الإنسان التي تجعله يتعثّر بآخر، ذلك أن تعالق الإنسان بالآخر إنما هو محاولة يائسة في البحث عن نعيم الإنسان في الإنسان، لكن الشقاء الذي يكون كل حصيلته…

النِسْويَّة.. التفكيرُ في النِساء

الأحد ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٢

أفهمُ النِسْويَّة في تجريدها الدلالي في كونها التفكير في النِساء؛ وهذا أوضح ما يمُكن تحديده من هذا المفهوم، وما عدا دلالة مستوى التجريد التي حددتها يكون تأويلاً؛ إذ إن كل ما يتجاوز التجريد يكون في غير الجوهر. والتفكيرُ في النِساء ضرورة لأنه فعلٌ يقُصى منذ تاريخ بعيد، ولدواعٍ كثيرة عرفت الجماعات البشريَّة المهُيمِنةَ تبريرات تنحيتها وإقصائها لها. لكنها عرفت أيضًا أنماطاً عدَّة لقَِلْقَلَة هذا الإقصاء السائد، وكانت هذه الأنماط في جوهرها فعل تفكير في النِساء أيْ نِسْويَّة. وهذا يعني أن النِسْويَّة تسعى إلى إعادة النظر في ماهيَّة النساء، أيْ من هي المرأة؟ لأَّنَّ النوع الاجتماعي/ الجندر الآخر المهَُيمِن -الرجل-، هو من حدَّد التصوُّر الوضعيّ للمرأة الأسبق، وبرغم أن النوعين الاجتماعيين يندرجان تحت نوع وجوديّ واحد هو الإنسان؛ ما يجعل من الممكن أن يضع كلّ نوعٍ اجتماعي تصوّراته عن النوع الآخر انطلاقًا من كونه ينتمي معه في النوع الوجوديّ نفسه؛ فإنه لا يمُكن أن يكون لبعض التصوُّرات اعتبارها حينما تلُغي الماهيّة والأحقيَّة الحقيقيَّة للآخر والتي عادةً ما تكون منطلقةً من وعي "الأنا بالأنا"، ومن وعي "الهِيَ بالهِيَ"، ومن وعي "الهُوَ بالهُوَ". ومن الضروري في هذا السياق أن أشير إلى أن النِسْويَّة لا تزال تشيع ثقافيًّا بدلالات سلبيَّة -على الأقل في مجتمعاتنا العربيَّة-، لكن الدلالة السلبيَّة التي تحاول الجماعة المهيمنة في الثقافة…