الأربعاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٥
كانت مديرة مكافحة العدوى في الشؤون الصحية في الحرس الوطني واضحة وصريحة وهي تجيب على الأسئلة الدقيقة التي وجهها الزميل يوسف الكهفي في الحوار الذي نشرته جريدة الشرق يوم 20-8-2015 فهي اعترفت في صراحة نادرة عند المسؤولين الصحيين بتفشي المرض في مستشفى الحرس الوطني بالرياض وأنه تحول إلى بؤرة لانتشار المرض وأن الإجراءات التي اتخذت من إغلاق للعيادات والطوارئ والعمليات كانت ضرورية للسيطرة على العدوى. وفي اليوم التالي للحوار أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً مفصلاً عن تفشي حالات المرض في السعودية وذكرت بالتفصيل التاريخ المرضي لـ 19 حالة يعتقد أنها أصيبت بالعدوى من ذات المستشفى وأصدرت توصيات محددة بضرورة التزام المستشفى بمعايير الوقاية الشخصية للعاملين الصحيين وكذلك توصيات بأهيمة تتبع المرضى المخالطين وفحصهم لوقف انتشار المرض. كذلك أوصى التقرير بضرورة تجنب سكان المملكة مخالطة الحيوانات وخصوصاً الإبل والامتناع عن تناول حليبها مباشرة دون تعقيم والامتناع عن شرب أبوالها أو أكل لحومها دون طبخ جيد. ما الجديد في الأمر؟ تبدو الصورة كأنها إعادة مطابقة تماماً لسيناريو انتشار المرض قبل ثلاثة أعوام وما صاحبه من قلق عالمي واستنفار انتهى بإزاحة الدكتور الربيعة عن كرسي وزارة الصحة في ذلك الوقت وتنصيب الوزير عادل فقيه بالنيابة، الذي بدأ أول يوم في وزارته بزيارة ميدانية لمستشفى الملك فهد بجدة التي كانت بؤرة لتفشي المرض في…
الأربعاء ٢٢ أبريل ٢٠١٥
ثمة شيء ما يتعلق بسن الأربعين، كأنه نقطة يفقد المرء فيها اتزانه لبعض الوقت، يدرك متأخراً أنه تجاوز مرحلة الصبا والشباب دون أن يشعر، أن القطار المزدحم بالأمنيات والأحلام قد أبطأ من سرعته وأن محطة الوصول قد اقتربت كثيراً. يدرك أن كلمة «المستقبل» لم تعد شيكاً مفتوحاً في وجه القادم من الأيام وأن ما لم يحققه أكثر بكثير مما حققه وأقل بكثير مما كان يحلم به. ذلك الرقم المميز تحديداً أصاب الشعراء والأدباء جميعاً بالصدمة، كلهم ارتطموا بحائط الأربعين الخشن الذي يعترض درب أحلامهم وجموحهم، كلهم خربشوا شيئاً من خواطرهم على أحجاره الصلبة، خربشات قلقة وساخطة أحياناً كثيرة، وهادئة ومتأملة أحياناً أقل. لكنهم جميعاً يُجمعون على الإحساس بالخديعة، بالدهشة والاستلاب، وكأن الشباب كان حقاً أبدياً لهم واستيقظوا فجأة ليجدوه قد فارقهم بلا عودة، فتجد فاروق جويدة يناجي أمه: الطفل يا أماه يسرع نحو درب الأربعين.. أتصدقين؟ ما أرخص الأعمار في سوق السنين!. وها هو غازي القصيبي يقف حائراً أمام بوابة الأربعين: وها أنا ذا أمام الأربعين يكاد يؤودني حمل السنين تمر الذكريات رؤى شريط تلون بالمباهج والشجون إذا ما غبت في طيف سعيد هفت عيني إلى طيف حزين أطالع في المودع من شبابي كما نظر الغريق إلى السفين وارتقب الخبء من الأماسي بذعر الطفل من غده الخؤون وليست مناجاة الأربعين…
الأربعاء ٠٧ يناير ٢٠١٥
للكاتب الساخر أحمد رجب كتاب جميل بعنوان «صور مقلوبة» يستعرض فيه صوراً ساخرة من الحياة اليومية لشخصيات هزلية بطريقة فائقة الإمتاع. إحدى تلك الشخصيات كانت شخصية موظف حكومي مفتون بالأنظمة والروتين يطلب منه مديره أن يؤمِّن متطلبات حفل غداء لضيف أجنبي قادم لزيارة المصلحة، يصر الموظف على إجراء مناقصة والإعلان عنها في الصحف لتوريد طعام الغداء، لكن وبعد ضغط من مديره يوافق على تأمين الطعام دون مناقصة لضيق الوقت، ويكاد يمر حفل الغداء بسلام لولا مفاجأة غير متوقعَّة حصلت بعد نهاية الحفل، إذ إن أطباق الكباب وصلت متأخرة بعد انصراف الضيف الذي اكتفى بتناول الملوخية والدجاج ولم يلاحظ تأخر الكباب، هنا يقترح أحد الموظفين (المتهاونين) أن يأكلوا هم الكباب الذي ساقه الله لهم، لكن صاحبنا الموظف الهمام يعترض بشدة ويحذرهم بأن هذا مال الحكومة وأن الكباب أصبح عهدة لا يمكن المساس بها، ويقوم بجردها ويقيس وزن أصابع الكفتة وطولها وحجم السلطات وحتى أوراق البقدونس المفروشة تحت أصابع الكفتة، ويكتب محضراً بالواقعة ويرفعه لمدير الشؤون المالية الذي يحوله لعهدة أحد الموظفين لحفظه كجزء من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها بأي شكل من الأشكال. ويتطور الحال بكيلو الكباب الثمين فالموظف المؤتمن عليه يطلب توفير ثلاجة لحفظه من التلف، وتتم الموافقة على الطلب حفاظاً على المال العام، ثم يرفع طلباً يشتكي…
الإثنين ٢٨ أبريل ٢٠١٤
يبدو أن فيروس كورونا في طريقه ليدخل التاريخ السعودي بطريقته الخاصة. فبغض النظر عن الزاوية الطبية التي لا تزال ساخنة بغياب المعلومات الكافية عن الفيروس، وغياب أي لقاح أو علاج له حتى الآن، وبغض النظر عن الإجراءات المتبعة للوقاية و العزل للمرضى. فهناك زاوية أخرى لا تقل إثارة عن الزاوية الطبية تتمثل في الجانب الاجتماعي وطريقة تفاعل السعوديين كأفراد ومجتمع مع الأحداث المصاحبة لظهور المرض. ربما هي المرة الأولى التي يتحول فيها حدث طبي إلى قضية اجتماعية ساخنة، زاد من حرارتها طريقة تعاطي إدارة الدكتور الربيعة مع الأزمة فزادتها تعقيداً واحتقاناً. سخط واحتجاج اجتماعي عارم ليس على غلاء الأسعار أو شح الوظائف أو لأن الراتب لا يكفي الحاجة. السخط كان مميزاً ونوعياً هذه المرة.. سخط يقول (المعلومة لا تكفي الحاجة).. و (من حقنا أن نعرف الحقيقة كاملة دون تجميل) بلغ السيل الزبى مع سياسة التكتيم والتطمين الباردة التي مارستها وزارة الصحة لسنوات، وتجاوزتها لتمارس التطنيش والتجاهل في حالات أخرى حتى وجدت نفسها دون أن تدرك أمام ثورة رأي عام صلبة لا تقبل أي تجاوب أو تفاعل يأتي حين يأتي قليلاً جداً ومتأخراً جداً. سيذكر التاريخ السعودي أن وزير الصحة الطبيب البارع تمت تنحيته ليحل محله مهندس لا علاقة له بالطب، في وسط المواجهة مع فيروس غامض لا يعرف العلم عنه…
السبت ١٥ فبراير ٢٠١٤
ماج موقع تويتر وهاج الأسبوع الماضي بوسم ظريف تحت عنوان «الذئبة البشرية»، ومصدر طرافة الموضوع أن تداول الوسم/المصطلح حُمل على طرفي نقيض، ففي حين أخذ مطلقو الوسم أمره بجدية شديدة ووضعوا تحته كثيراً من الأفكار التي تتعلق بالمرأة المتبرجة والمتحررة والتحذير من نياتها السيئة والفاسدة، إلى درجة أن وصفها أحدهم في تغريدة بقوله «الذئبة البشرية تنادي وترغب بقانون منع التحرش لأنه يكفل لها علاقات الحب وممارسة الرذيلة وتكره الهيئات لأنها تمنعها من الاستعراض الفاجر» في مقابل هذا الهجوم الضاري أخذت فئة أخرى الموضوع بسخرية لاذعة وقامت بابتكار نكت وطرائف على المصطلح توازي في تهكمها المصطلح القديم الذي كان يطلق على الشباب ويسميهم «الذئاب البشرية». فتجد تغريدة ساخرة عن الذئبة البشرية تشخصها بأنها «تحب تتعرف دون رغبة جادة في الزواج.. ناسية أن الدنيا دوارة وأن عندها إخوان وحيصير عندها أولاد» ويضيف آخر ساخراً كذلك «أنا شخصياً تعرضت لابتزاز من ذئبة بشرية أوهمتني بالحب ووعدتني بالزواج ولم يحل الموضوع إلا في أقسام الشرطة». هذه السخرية اللاذعة هنا والهجوم الضاري هناك يحملان دلالات تستحق التأمل وتعطينا مؤشراً على التحول المجتمعي الذي وصلنا إليه فيما يخص المرأة تحديداً. فلو تفحصنا مفردات الفئة التي هاجمت المرأة في هذا الوسم تجدها تضعه ضمن إطار حملة أوسع تربطه بقانون منع التحرش المنتظر، والاختلاط، وتأنيث المحلات، وقيادة السيارة.…
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
إذا كان مدير عام الخطوط السعودية خالد الملحم قد وجه خطاباً شديد اللهجة لنائبه للتحقيق فيما يقوم به موظفو الخدمات الأرضية من حجب للمقاعد وحرمان المسافرين من الحصول على حجوزات كما ذكرت صحيفة «الوطن» في عددها الصادر بتاريخ 31/ 12/ 2013، فإنني أود أن أهديه هذه القصة التي حدثت قبل أيام، ولا يزال أبطالها يفكون أمتعتهم بعد إتمامهم لرحلة السفر العجيبة. بطل قصتنا سافر للرياض لقضاء بعض أعماله وهو يخطط للبقاء فيها أكثر من أسبوع، لكن ولظروف عائلية استجدت قرر العودة مبكراً قبل موعده بأيام، بالطبع لم يكن لديه حجز للعودة من الرياض إلى جدة، ولم يستطع إيجاد أي مقعد شاغر عندما حاول ذلك عبر موقع الخطوط الإلكتروني وعبر الهاتف، كانت النتيجة دائما هي لا يوجد مقعد، سواء على درجة الضيافة أو الأفق أو الأولى. ولأن صاحبنا مضطر فعلاً للعودة فقد قرر أن يذهب بنفسه للمطار وأن يحاول أن يجد مقعداً عبر خدمة الانتظار حتى لو بقي لساعات إضافية في المطار. وبالفعل ذهب وفوجئ بالأعداد الكبيرة للمنتظرين وبعضهم قد أمضى الليل كله ينتظر رحلة شاغرة دون جدوى، أصيب بالإحباط لكنه لم ييأس، قام بتسجيل بياناته وجلس ينتظر الفرج، مرت الساعات بطيئة ولا أحد يتحرك ولا شيء مبشر حتى مال عليه أحدهم وقال له «هل تريد أن تسافر لجدة؟» ودون أن…