الإثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠١٣
أهل الشرق الأوسط عاطفيون وحماسيون. يحبون الانتصارات لا التسويات. الفوز بالضربة القاضية لا بالنقاط. لكن الأوضاع الإقليمية والدولية شديدة التعقيد. ولا تتيح الانتصارات الكاسحة والإسراع في بناء عليها. لهذا لا بد من التمهل في القراءة فنحن لا نزال في بداية الطريق. كنا صغاراً حين انتهت المغامرة الأميركية في فيتنام بهزيمة محققة. أنزلت القوات الأميركية آخر أعلامها وانسحبت. قيل الكثير يومها عن الهزيمة المذلة والإمبراطورية التي انكفأت إلى العزلة لتلعق جراحها. وها نحن نقرأ منذ سنوات عن ازدياد التبادل التجاري بين البلدين. وعن تشوق فيتنام لاستقبال الاستثمارات الأميركية والسياح. وعن ابتهاجها بزيارات القطع البحرية الأميركية لتذكير الصين بضرورة ضبط شهواتها للهيمنة على جيرانها. لم تحقق إيران الانتصار الذي حققته فيتنام. استهدفت الأميركي في بيروت. استهدفته أيضاً في العراق. وربما في ساحات أخرى. لكنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع الآلة العسكرية الأميركية التي قدمت لها من دون قصد هديتين ذهبيتين في العراق وأفغانستان. نجحت إيران في جمع الأوراق في الإقليم. ذكرت دائماً بقدرتها على التأثير في الموضوعين الأبرز فيه: أمن النفط وأمن إسرائيل. جاءت بحسن روحاني لاستغلال الفرصة التي تشكلها خيارات أوباما وكان اتفاق جنيف. كان ما تسميه «انتصاراً». حتى ولو اعتبر ما حدث انتصاراً فان من السابق لأوانه تشبيه نتائج الاتفاق بنتائج زيارة ريتشارد نيكسون لماو تسي تونغ. إننا نسكن…
الإثنين ١٤ أكتوبر ٢٠١٣
قال المسؤول الروسي للزائر: «روسيا ليست مغرمة بالنظام السوري. روسيا تدافع عن أمنها ومصالحها واستقرار الشرق الأوسط. المسألة أبعد من تسهيلات بحرية وبيع أسلحة أو مناكفة الأميركيين. سورية ليست بعيدة عنا وإذا سقطت في أيدي الجهاديين ستنتقل هذه الموجة إلى محطة أخرى. لا الشرق الأوسط يحتمل قيام وضع ليبي في سورية ولا نحن نحتمل. لهذا لم نسمح أن تتكرر في مجلس الأمن «الخديعة الغربية» التي حصلت في الموضوع الليبي. حسابات الصين ليست بعيدة عن حساباتنا أيضاً». استنتج الزائر أن «الخيط الإسلامي» حيوي لفهم موقف روسيا في سورية. حيّر موقف موسكو من زاروها محاولين إقناعها بتغيير موقفها. لم تتجاوب مع النصائح ولم تستوقفها الإغراءات. لعبة السلاح الكيماوي أكدت صلابة الموقف الروسي. قلبت مسار الصراع. نجحت موسكو في تقديم ملف الترسانة الكيماوية السورية على ملف الأزمة نفسها. عزفت على وتر يعني إسرائيل وأميركا وبدت إدارة أوباما راغبة في الانعتاق من الالتزامات والتهديدات فانخرطت في لعبة الرئيس الوافد من الـ «كي جي بي». ويقول كثيرون إن موسكو تعرف تماماً من استخدم الكيماوي. لكنها لو سلمت بمسؤولية النظام لكان عليها الموافقة على قرار دولي يجيز ضرب دمشق أو يفسح المجال لضربها. لهذا كان لافروف شديد الوضوح مع وليد المعلم: «الضربة آتية ولتفاديها سلموا الأسلحة الكيماوية». ولم يكن أمام سورية غير الموافقة. بعد مناورة الكيماوي…
الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠١٣
كان الأربعاء يوماً طويلاً دامياً. كل مُحب لمصر كان يتمنى أن تتفاداه. لكن كل متابع عن قرب للتطورات كان يشعر أن هذا اليوم يقترب. إغلاق الأبواب نهائياً يُغري بخلعها. كان من الصعب على الحكم الحالي التسليم بتعايش سلطتين على أرض مصر واحدة تقيم في القصر وأخرى في رابعة العدوية. كان من الصعب عليه القبول بمشهد يوحي بالتنازع بين «شرعيتين». شكل استمرار الاعتصام استنزافاً يومياً لهيبة الحكم خصوصاً بعد التفويض الواسع الذي بحث عنه وفاز به. في المقابل لم يكن من السهل على جماعة «الإخوان» اعتبار عهد مرسي مجرد صفحة قديمة طويت. بدت الهزيمة أكبر من قدرتها على الاحتمال. تصرفت بمزيج من المرارة والغضب. تصرفت كأن مرسي سقط بفعل إقدام دبابة على اقتحام القصر. لم تحاول فهم أن مرسي سقط تحت وطأة شبه ثورة وشبه انقلاب. رفضت الالتفات إلى الملايين التي تدفقت لإعطاء التفويض. لم تشاهد في ذلك اليوم إلا صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي. لم تلتفت الجماعة إلى أن قرار فض الاعتصام متضمن عملياً في قرار التفويض. تصرفت بمنطق الإصرار على كسر إرادة من فوض ومن فوض أي ملايين المتظاهرين والمؤسسة العسكرية. تعاطت مع الوساطات الداخلية والخارجية بمنطق الحد الأقصى. لا تقبل أقل من عودة مرسي أي لا تقبل أقل من هزيمة كاملة لخصومها. إنه سلوك المجروح الذي يستولي…