الأربعاء ١١ مايو ٢٠١٦
في الوقت الذي تحرص فيه أغلب المدن الأوروبية على الاحتفاظ والاعتزاز بهويتها التاريخية، نجد كثيرا من المدن العربية والخليجية بالمقابل، تفخر بحداثة وتطور مُدنها و أبنيتها، بطمس ملامحها وهويتها العربية العريقة، واستبدالها بالطابع الأوروبي أو الأمريكي الحديث، فعلى سبيل المثال حين ترى صورة أو مقطعاً لمدينة مثل روما، ستلمس كمية اعتزاز شعبها بالهوية الرومانية، حيث تم استنساخ أبنيتها وعمارتها في كل مكان، فترى حجم الحرص على إبقاء روح روما التاريخية، من خلال عمليات الترميم والعناية التي تمنح لكل تفاصيل القلاع القديمة، والمنحوتات الأثرية، والأعمدة الرومانية وتيجانها، ناهيك عن إحياء المسارح والمدرجات، التي تعيد للأذهان تاريخ و عراقة العمارة الرومانية، فلا تتوقف على المكان بل تمتد للصور وعلى البطاقات والتحف التذكارية المطبوعة على كل شيء، وتنتشر في جميع المطارات والمحطات. وإن كان ذلك شأن الحضارة الرومانية، فالإسلام استطاع بما يملك من فكر أن ينتج حضارة إسلامية وهوية شخصية فنية متكاملة، في العمارة والفنون وتخطيط المدن، تميزت عن غيرها من الحضارات ، إذ يتصف الفن المعماري والعمراني الإسلامي باستيعابه لكل المدارس التي سبقته، ولنا في حضارة الأندلس مثال حي. ولأن المملكة تشرفت بتفرد في هويتها الإسلامية، حين حظيت أرضها باحتضان الحرمين الشريفين، وحظي أفرادها حكومة وشعباً بشرف خدمة حجاج بيته الحرام. أرى أنه لا يمكن أن نستمر أثناء عمليات التوسعة، أو التطوير…
الخميس ٠٥ مايو ٢٠١٦
حين أضرب عمال مصفاة «جرانجماوث» الأسكتلندية في عام 2013، بسبب عدم موافقتهم على إجراءات تخفيض الرواتب، أعلنت شركة «إنيوس» مالكة المصفاة عن إغلاقها على الرغم من ضخها 85 % من حاجة أسكتلندا، فاضطر عشرات الموظفين إلى الهجرة للخليج بحثاً عن وظائف، وحين ألقت الهزة الاقتصادية بظلالها حول العالم، وجد عدد كبير من موظفي البنوك والمصانع والشركات في أمريكا وأوروبا أنفسهم دون وظائف، فتوجه كثير منهم أيضاً إلى الخليج، لأنهم «يعاملون هنا معاملة خاصة». يؤكد هذا ما نشرته صحيفة «جلف بزنس» وهو أن الأجور في دول الخليج تعد الأعلى للوافدين، وعلى الرغم من أن متوسط الرواتب ارتفع بشكل عام للغربيين والآسيويين والعرب، إلا أن الفرق والتمييز يظلان دائماً قائمين على أساس جواز السفر، حيث يحصل الموظف الحامل لجنسية غربية، وبالتحديد الأمريكية على 29 % زيادةً في الراتب عن الآسيوي، و7 % أعلى من العربي. وحين زاد متوسط الأجور العام الماضي بنسبة 7 % عن العام 2014، أصبح متوسط راتب وظيفة مثل «مدير تنفيذي» في شركة متعددة الجنسيات 46.960 دولاراً شهرياً، أي ما يعادل 176.128 ريالاً سعودياً، بزيادة قدرها 4.88 % عن العام الذي قبله 2013، وهذه المعلومات أتت نتيجة مسح أُجري على أقسام التوظيف والموارد البشرية لعدة شركات متعددة الجنسيات في الخليج بصفة عامة. وبعد هبوط سعر النفط، تراجعت النسبة بشكل…
الأربعاء ١٣ أبريل ٢٠١٦
أقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الأربعاء الماضي، لقاءً تناول فيه الصورة النمطية للمرأة السعودية في الإعلام، ومدى صحتها على أرض الواقع في ثلاثة محاور. تحدثت عن الصورة الذهنية للمرأة السعودية في الإعلام الغربي والمحلي. وقُدمت مقترحات وتوصيات جوهرية لتطوير عملية تناول قضاياها بشكل هادف في وسائل الإعلام. المثير للاستغراب غياب الصحافيات والإعلاميات الرسميات في الصحف المحلية عن توثيق هذا الملتقى مع الأسف، مع أن الدعوة كانت عامة لجميع السيدات. ومن بعض ما طرح حقيقة أن الصورة الذهنية المسيئة للمرأة في الإعلام الغربي لن تتحسن، قبل أن تتحسن صورتها في الإعلام المحلي الذي رسّخ ثقافة الموروث الاجتماعي، وبنى لها صورة ضحلة جداً. ساهم الإعلام المقروء والمرئي من ناحية في زيادة عملية تسطيحها وتشويهها بشكل كبير حين حجّمها في نصوص درامية ركيكة حصرتها وحاصرتها في مشهد ممل ظل يُهدر منذ سنوات في مسلسلات وأفلام وبرامج غاب عنها الهدف والمعنى الرئيس في القصة وحتى الذائقة الفنية لتطل علينا المرأة كمسخ، بعيدة كل البُعد عن صورتها الحقيقية في الواقع، ربما لأن أغلب من يكتبون السيناريوهات والمخرجين والمنتجين يأخذون الأمر برمته كصفقة تجارية مربحة، لا يهم إن كانت تنقل واقعها المتعدد في مجتمعنا، بل المهم أن تنقل مفهوم وقناعة المخرج. لذلك كانت أغلب المشاهد تضعها في صورة منكسرة، منكفئه على نفسها، ضعيفة، مضطربة، فاقدة…
الأربعاء ٠٦ أبريل ٢٠١٦
حين تضع وزارة العمل نظام مبالغ التفاصيل والتحويلات في برنامج تأنيث المحلات لإرضاء شريحة معينة ليس لها دراية بقوانين العمل الدولية، فستنتهي أغلب الأعمال المتعلقة بها إلى التشتت بسبب تلك التعقيدات التي صُممت بطريقة سهلت لأصحاب العمل بالمخالفة. ولأن عملية المجاملة تلك فرضت على الوزارة أن تُحجم من سلطتها وأنظمتها وحدت لصنع كمية من المتناقضات في قالب رسمي على حساب المنطق والعقل. فكان من الطبيعي أن يستمر مسلسل التحايل والالتفاف على تلك الأنظمة «المتناقضة رسمياً» بشكل رسمي أيضاً. لأن مبدأ الاحتيال أساسه الخديعة، فلن تُترك تلك الأنظمة المخترقة دون استغلال، ليتحول قرار التأنيث برمته إلى مسرحية هزيلة يستغفل بها أصحاب العمل قرارات الوزارة بكل سهولة. كان يوم الخميس الماضي بالنسبة لي يوم الغضب. لأنني اخترت التسوق داخل (مجمع الظهران) في الخبر، مجبراً أخاك لا بطل. لأن به أكبر عدد من المحلات تحت سقف واحد. ولماذا «مجبرا»، لكمية المتناقضات والأمور المزعجة في ذلك المجمع التي ربما سأخصص لسردها مقالا آخر. توجهت إلى أحد المحلات التي كنت أعرف مسبقا بوجود مجموعة من الموظفات بداخله. وحين دخلت فوجئت بانتشار عمالة «عربية» بدلاً عنهن. بحثت بنظري إلى أن وجدت حاجزا في أقصى اليمين تقف خلفه موظفتان في مساحة ضيقة جدا جدا. وكأنهن معاقبات بجوار حاملين من فساتين السهرة التي تعد في نظام العمل (ملابس…
الأربعاء ٣٠ مارس ٢٠١٦
الأسرة هي حجر الأساس التي تُبنى بها قواعد المجتمعات، فمتى ما بنيت على قاعدة صلبة راسية، لن تهُزها التغيرات، ولن تقوضها الزوابع العابرة. هي المكان الذي يحتضن الفرد في كل مكان، فداخلها تُهيَّأ له البيئة، ليصبح إما عضواً فاعلاً في المجتمع يبني ويسهم في رخاء وتنمية بلاده، أو يتحول لعضو فاسد يقتل ويدمر إلى أن ينتهي بالبتر. فكلما زاد وعي وثقافة أفراد الأسرة بالنواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية زاد تقدمها، وبالتالي زاد تقدم وتحضر المجتمع الذي نعيش فيه. ربما لا أكون الأولى، ولا الأخيرة، التي تطرح مقترحاً ينص على ضرورة وجود وزارة متخصصة تعنى بشؤون الأسرة، التي هي أساس لحالة التقدم أو التخلف الفكري في كثير من الدول حولنا. فحين حظي النفط بوزارة تعنى بتكريره، وتصنيعه، كجزء من اقتصاد البلد، فمن الأولى أن يحظى أفراد الأسرة بوزارة تعنى بشؤونها؛ لأن الإنسان هو صانع الاقتصاد الحقيقي في المملكة، الذي يحتاج لكثير من الاهتمام، في هذا الزمن الذي يتطور سريعاً ويعج بتحديات، تتطلب تضافر الجهود لاستيعابها في وزارة (تعنى بشؤون الأسرة والمرأة والطفولة). تكون مهمتها تقديم الدعم والرعاية وفق استراتيجية حكومية، تتماشى مع الأهداف التنموية للمملكة، على أن تشمل الوزارة أقساماً متخصصة تشرف على شؤون (المرأة والأسرة والطفل). فعلى سبيل المثال يتولى (قسم شؤون الأسرة) إعداد وتنفيذ برامج لمحاربة آفات العصر التي أصبحت…
الخميس ٢٤ مارس ٢٠١٦
«شديد الظُّلم، متكبِّرٌ عاتٍ، يأكل حقوق الناس ويقهرهم». حين يتجسَّد الشر في هيئة إنسان، فأنت أمام طاغية مهمته الأساسية هي الوقوف في طريقك، واعتراض حياتك، فكلما تفاديته، أو اتخذت مساراً آخر لتتجاوزه، تجده أمامك يطاردك ليثبت بأنه الأقوى، فيستغل سلطته، ويستعين بنفوذ غيره ليستبد في أول فرصة يشمُّ فيها ذلك الخنوع البليد، الذي يفوح من قاع النفوس الضعيفة، التي اعتادت على أن تُسحق كرامتها لتطفو على سطح الحياة، وتعيش على حواف حياة الآخرين، فلا يجد الفرد منهم ضيراً من التقرُّب لأصحاب النفوذ تزلُّفاً، ولو عاش كجرذٍ مهانٍ تحت أقدامهم، ليحوِّل كل ما يشعر به من سخط فيما بعد إلى أفكار مجرمة، يزرعها بلؤم ماجن في رأس سيده، فتنتشر كالجرثومة، تلوث دماغه لتصنع لنا طاغية.. بظلٍ مريب. كان ذلك الصباح مختلفاً، ليس كمثله من الصباحات، التي كانت تمرُّ كل يوم على مستوصف صغير حين حلَّ عليهم مدير جديد فجأة كـ «المصيبة»، التي حين تأتي لا تصيب شخصاً واحداً فقط، بل تجرف معها كالسيل مئات الأبرياء، خاصة أن تعيينه كان بناء على تزكية من أحد الأقرباء، وليس استناداً إلى خبرة. وقف المدير الجديد «فهد» ينظر من نافذة مكتبه مبتهجاً في يومه الأول متظاهراً في نفس الوقت باحتساء قهوته أمام النافذة ليُخفي حقيقة مراقبته عملية دخول الموظفين. في تلك الأثناء وصلت حافلة صغيرة،…
الثلاثاء ٢٥ أغسطس ٢٠١٥
أن يسلب كيانك وتهمش وتوضع في صورة بشعة مغايرة لحقيقتك، لظلم يدعو لكثير من الضيق، وحين يصر من يجور عليك على المبالغة في ظلمه لثقته بأن مكانته الاجتماعية أو الأسرية أو الإدارية تمنعك حتى من فكرة الاقتصاص منه، لظلم أكبر إذا وقع على قلبك يكسره وربما يدميه لمدة من الزمن، خاصة حين يستنكر عليك من ظلمك شعورك بالحزن أو بالغضب. أمام بوابة المستشفى رأيته جالسا "أبو عبد المحسن" صاحب الخبرة الذي تعلمت منه وعملت معه لثلاث سنوات، قبل أن يضطر للتقاعد المبكر بسبب إصابته بمرض السكري بعد أن أمضى أكثر من 29 سنة في الخدمة. عرفته محبا للقراءة لا يكتفي بالمعلومة دون أن يبحث عن مصدرها ومرجعها، كان من النوع الذي لا يشتكي من ضغط العمل حتى أثناء مرضه، بل كان يبرر بأنه إذا لم يتحمل وعكة بسيطة، فكيف يلهم زملاءه من الجيل الجديد، حين رآني اعتلت وجهه ابتسامة عريضة، فسألته عن صحته وأحواله بعد التقاعد، فتغيرت على الفور ملامح وجهه، وأطلق تنهيدة أغرقت عينيه بالألم. جلس على المقعد الخشبي وطأطأ رأسه للحظة ثم رفعها محتفظا بابتسامته، قائلا "في الأسبوع الأول صُدمت بفتور أسرتي وكأنني ضيف ثقيل طرق بابهم في وقت غير مناسب، وفي الأسبوع الثاني تملكني شعور المتطفل الذي يتلصص على الآخرين من النافذة. حين أجلس معهم على طاولة…
الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥
«كانت درجة الحرارة 48 درجة مئوية حين جاء العامل لتركيب مولد المياه الجديد، بعد احتراق الحالي الذي أدى إلى انقطاع المياه عن المنزل، ولأنني كنت ضحية غش لعمالة في السابق, اضطررت إلى أن أقف معه فوق السطح لأشرف بنفسي على عملية التركيب». هكذا دهمتني "دانة" بحديثها دون مقدمات، ثم جرّت كرسيا وجلست عليه أمامي لأرى في عينيها ثقة مبيتة بأنني سأستمع إليها، شعرت بالاستياء لأن مزاجي ذلك الصباح لم يكن على ما يرام، ولكن لم أستطع أن أخذل تلك الثقة المختلطة بآثار دمع رأيته في مقلتيها بإعطائها ظهري، ما يزعجني في ذلك الدهم الأوقات الصعبة التي تأتي فيها، ومع ذلك أرتبك كثيرا من فكرة التملص منها، وأدخل في صراع مع نفسي يحدث من الجلبة ما يكفي لإيقاظ القطة الساكنة بالداخل، التي ما أن تستيقظ حتى تأبى أن تغادر دون أن تملأني بخربشة الآخرين. تنبأ حدسي بطقس عاصف ماطر فسحبت علبة المناديل الورقية من خلف الكمبيوتر بطريقة آلية ووضعتها على حافة المكتب، ثم استرسلت: "كانت ساعات الوقوف تحت الشمس كفيلة بنكء جرح قديم، ومع ذلك لم أتحمل منظر العامل يتصبب عرقا فشعرت بتأنيب الضمير ونزلت إلى المطبخ لأحضر له ما تبقى من مياه الشرب, فبدأت أشعر بالدوار والتعب, فهذه لم تكن أول مرة أشعر فيها بأنني الرجل الحقيقي لهذا المنزل, لدرجة…
الثلاثاء ١١ أغسطس ٢٠١٥
التربية هي الدرس الذي أخفق عدد لا يستهان به من الآباء في إكماله للنهاية دون تذمر أو كلل, فبعض الأسر تترك الأمر برمته على الأم أو تلقيه على العاملة مع الأسف, والبعض الآخر يتركه للشارع وهذا الأسوأ, وهناك من يجاهد لإكمال واجبه للنهاية إلى أن يشتد عود أبنائه, ولا يتركهم إلا بعد أن يتأكد أنهم يحكمون حزام الأمان بأنفسهم في كل مرة ينطلقون في تجربة أو مغامرة جديدة في مشوار الحياة. والتربية السليمة تنبت "شجرا من الأخلاق" إذا تساقطت أوراقها تبقى جذورها ثابتة في الأرض, ولكن لا تثمر إذا ألقيت بذورها بشكل عشوائي, بل بمشاركة مستمرة يتقاسمها الوالدان بذكاء وروية, ليعزز كل منهما دور الآخر أثناء مرحلة تأسيس المبادئ والأخلاقيات, التي من أهمها تعليم الأبناء أهمية تطوير الأخلاق ليصبح الفرد أكثر إنسانية, ويقترب ولو بجزء يسير من الأخلاق النموذجية لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام, على أن تشمل عملية التربية الجوانب الإيمانية والروحانية بعيدا عن التشدد, والحرص على التربية النفسية والاجتماعية, والتربية العلمية عمليا بقضاء وقت "غير قابل للتفريط" مع الأبناء ومتابعة دراستهم في جميع مراحلها للتأكد من استيعابهم الصحيح للمعلومات التي يلتقطونها من المدرسة وخارجها, والاستماع إلى أفكارهم وهواجسهم المتغيرة يوميا. وعادة ما تلاحظ أثر التربية الجيدة, في كل ما يعكسه الفرد من أخلاق وسلوك في الأماكن العامة, سواء كان…
الثلاثاء ٠٤ أغسطس ٢٠١٥
حين تصل إلى مرحلة معينة من حياتك، خاصة إذا كانت رحلتك شاقة ومضنية، لا تقتَصر رغبتك على العيش بسلام أو العمل على إرضاء نفسك فقط، بل يصبح لديك استعداد لتحمل مزيد من العناء للتخلص تماما من الأشياء التي تزعجك، والتي اعتدت ابتلاعها على مضض طوال الوقت حتى أصبحت تختزنها كل خلية في جسدك، وعند المساء تنبض وتنضح عليك بقيحها لتؤرق نومك. وفي النهار تشغِل جسدك، ترهقه، وتضغط عليه لتشتت تفكيرك، كي لا تباغتك لحظة تنفرد فيها بنفسك وتضطر إلى أن تسمع نبرة ذلك "الصوت" النابع من أعماقك، صوت الضمير حيا يرزق بين جنباتك يحدثك بوضوح، يعنفك، ويلح عليك بحقائق واضحة لا تحتمل الشك، وكعادتك اخترت أن تتعامى عنها فقط لتتفادى إحراج من أمامك، فتتحمل عذابات نفسك لنفسك وتقضم لسانك لتخرسه. أكثر ما يمكن أن يسبب لك القلق، حين تضطر إلى أن تتعامل مع "الكاذبين"، حيث تدهمك رائحة الكذب كالغاز المسيل للدموع، فيهيج مشاعرك، يؤلمك، يحبطك، يضعفك، ويحاصرك داخل نفسك إلى أن يجبرك على الاستسلام، لتبتلع انفعالاتك بصمت خوفا من أن تتعرض للإحراج من شدة وقاحتهم. هم عادة لا يخجلون ولا يتوقفون عند كذبة واحدة، بل يسترسلون و يصنعون منها حلقات ومسلسلات تمتد لسنوات وتحتل جزءا من حياتهم، فعلى سبيل المثال حين يستغل أحدهم وظيفته ويسيء استخدام صلاحياتها دون نزاهة بمحاباة…
الخميس ٣٠ يوليو ٢٠١٥
جذبت سيارة من طراز “بوجاتي” المئات من محبي السيارات في أوروبا لمشاهدتها عن قُرب بعد أن شاهدوا مقاطع فيديو وصورا للسيارة على مواقع الإنترنت، وبعد أن علموا بوجودها في العاصمة الفرنسية وجدوها واقفة في أحد الشوارع الباريسية الشهيرة، ليلتقطوا بجوار سيارة ال (9 ملايين و700 ألف ريال) بعض الصور والمصنوع هيكلها من مادة البورسالين، ويمتلكها ثري خليجي شحنها معه من بلده لتتحول إلى معلم سياحي مُتحرك، في نفس البلد كانت هناك سيارة ( فيراري 599 جي تي بي) مطلية بالذهب من تصميم شركة ألمانية تجوب شوارع مدينة كان الفرنسية، يمتلكها خليجي آخر أشد ثراءً من الأول جلبها معه أيضاً بغاية التسكع، أثار ذلك الأمر جنون ودهشة المجتمع الأوروبي، الذي بات يجزم بأن جميع سكان الخليج النفطي أثرياء بشكل فاحش لا يوصف، ولا يصدق من يرى ذلك أن يكون هناك أثر لفقير واحد في تلك البلدان، خاصة وهم يدفعون مبالغ طائلة من أجل شحن سيارات تستهلك كميات كبيرة من البنزين، ولا يترددون في دفع المزيد ببذخ من أجل وضعها ضمن قوالب ضخمة من الكروم كي لا تصاب بخدوش، فبالتالي اعتاد عدد من الغربيين الذين يعملون في الخليج بتصوير تلك السيارات في إجازاتهم ليعرضوها لنا حين عودتهم مستهزئين بحجم الثراء الفاحش الذي نرتع فيه، بينما هناك آخرون يراودهم الانتحار كل دقيقة خوفاً…
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
من السهل أن يقتنص الشرير الشخصية الضعيفة ويخضعها تحت سيطرته، ومن السهل أيضا أن يبرمجها على العنف والعدوان، حتى تتهاوى داخلها كل القيم الدينية والإنسانية، فلا تصبح لديها قيمة لأي محرم أو مقدس، بل تصبح شخصية مختلة رسميا لا تعرف سوى الحقد والكراهية، يعدم داخلها كل مظاهر للحياة الطبيعية، وهذه الشخصية الإرهابية يرمز لها هذه الأيام بالشخصية "الداعشية"، التي تعكس النفس الشاذة المصابة بمرض الإجرام البربري الذي حول صاحبها إلى مسخ يقتل الإنسان داخل جسده ويحتفل على جثته. وهؤلاء الأشخاص لا ينبتون من الأرض فجأة بل يعيشون بيننا، وتظهر لديهم علامات الجنوح في سن مبكرة عادة ما يقلل من أهميتها المحيطون بهم من آباء وأقارب، مطمئنين أنفسهم بأنهم حين يكبرون سيعقلون، ولكن ما حدث في الرياض كان عكس ذلك حين خرج علينا المجرمون الذين أطلقوا النار على الدوريات الأمنية ليودوا بحياة جنديين مخلصين من رجال هذا الوطن كانا يسهران على حمايتنا "نسأل الله أن يتقبلهما من الشهداء". في الشهر الماضي ردت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض دعوى لإدانة متهم بعد ورود تقرير طبي يتضمن إعفاءه من المسؤولية الجنائية عما قام به من جرائم مثل "اعتناق فكر ومنهج تنظيم القاعدة الإرهابي وتكفير الدولة والاعتداء على أحد رجال الأمن وإطلاق النار على عدد من الدوريات الأمنية ورجال الأمن في القنصلية الأمريكية والصينية…