الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥
المروءة هي أحد الآداب الأخلاقية، التي يحملها الإنسان بالفطرة، وسمة من سمات النفس الزكية، التي كثيراً ما تصاحبها النخوة كصفة أساسية من الصفات، التي تتزين بها جوانب الإنسان، خاصة الرجولة. وللمروءة عدة شروط تنقسم إلى قسمين «شروط المروءة في النفس، وشروط المروءة في الغير»، ودعونا نتوقف قليلاً على شرط واحد من شروط المروءة في الغير، وهو شرط «المعاونة، والمؤازرة»، يعني الإسعاف بالجاه، والإسعاف في النوائب، وهذا أقل المروءة. منذ أربع سنوات، وفي ساعة الذروة من الصباح الباكر، وقت خروج الموظفين، والطلاب إلى أعمالهم، ومدارسهم، توقفت سيارة بشكل فجائي على الطريق السريع الحيوي، الذي يصل مدينة الخبر بالظهران، لتصطدم تباعاً تسع سيارات، الواحدة تلو الأخرى، في ارتطام دوَّى صوته مثل طلقات، ليتوقف بعدها السير على الطريق بأكمله. سادت لحظة جمود، وصمت، ثم تعالت أصوات الأطفال في عدد من السيارات، كنت من ضمنهم في السيارة السادسة مع ولدي. حين استوعب الجميع الأمر، خرج من كل سيارة سائقها ليطمئن على مَنْ خلفه، ومَنْ أمامه، ذُعر ابني، وأخذ يبكي من هول الصدمة مثل أي طفل، ومثل أي أم أيضاً تمالكت نفسي، وأخذت أتفحصه، وأُطمئنه حتى شتَّت هدوئي عدد من الضباع، التفوا حول السيارة، يتنقل الواحد منهم تلو الآخر من النوافذ كمَنْ يبحث عن فريسة ليلتقطها. لم أشعر بألم الصدمة على قدر ما شعرت بألم…
الأربعاء ٠٤ فبراير ٢٠١٥
صناعة التغيير في نمط الإنسان وعاداته حتى لو كانت بالية تقابل دائماً بكثير من المقاومة والرفض، وفي أحيان يصعب تحقيقها إن لم تكن مدروسة بحكمة، ولكن الوصول إليها أمر ليس بالمستحيل، حين يحاول الفرد صناعة (التغيير) في مجتمع أو دولة بمفرده من الطبيعي أن يتكبد سنواتٍ طويلة من الانتظار كفيلة بإحباط العزائم والهمم، لذلك آن الأوان ليعمل الجميع بشكل تكاملي لتحقيق الرؤية الاستراتيجية للمغفور له والدنا عبدالله بن عبدالعزيز- رحمة الله عليه، التي تهدف إلى تحويل مجتمع المملكة إلى مجتمع معرفي وأن تكون بـ (منتجاتها وخدماتها) معياراً عالمياً للجودة والإتقان بحلول العام 2020. وحقيقة فإن إلغاء 12 جهازا حكوميا، وإنشاء جهازين جديدين بالمقابل، ودمج التعليم وإعادة تشكيل مجلس الوزراء وتحديث الحكومة ومفاصل الدولة وضخ دماء جديدة شملت11 مواطنا وشخصيات شابة، دفعة واحدة في 34 قرارا ليس بالأمر الهين أبداً، بل هو تطبيق فعلي يؤكد أن صناعة التغيير برفع الجودة هو نفس المسار والرؤية التي بدأها والدنا عبدالله -رحمه الله-، ويُكملها الآن قائدنا سلمان بعون الله. هذه القوة التي استهلت بها المملكة العهد الجديد، تأخذني إلى وقفة وقراءة في تقرير فاحت منه رائحة القلق نُشر في موقع (المصالح الأمريكية) بعنوان الدول السبع العظمى التي من شأنها أن تهز العالم، وجاء ترتيبها كالآتي، (أمريكا – ألمانيا- الصين-اليابان- روسيا- الهند- السعودية)، ورد في…
الأربعاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٤
كان المساء ساحراً بكل ما للكلمة من معنى، فكيف لا يكون والقمر يختال جسوراً في طريقه، ليتوسط سماءه المخملية، يملأها نوراً وسحراً وسكونا، باعثاً هالاتٍ من جماله لتُضيء الأرض برومانسية تضفي عليها شيئاً من الجاذبية وكثيرا من الجنون، يتهادى متغنجا ويتسلل في لحظات وراء الغيوم، في ثوانٍ يبددها على استحياء ليعود يناجيك بدراً، في دلالٍ يعصف بفكرك حُسنه والفتون. لا تملك في اتساعه في عينك سوى أن تردد سبحان من قال له كن فيكون. يا إلهي كم أسرني ذلك البهاء والنور، وأنساني أزمة السائق الذي تأخر في الوصول، شغلني القمر مكتملا، ليغمرني بضوئه في سكون، تمنيت في تلك اللحظة أن يلقي إلي بحبلٍ ليسحبني على حافته أقرأ من دواوينه، وأضيف وصفي والشعور، تملكتني رغبة عارمة لرسم الحياة في نفسي، وأشياء التمعت بها ومنها العيون، اجتاحتني كمية من المشاعر والأفكار، تكفي لملء مسافات طويلة من السطور، وقفت أمام بوابة المجمع مترددة بين فكرة الخروج لمواجهته والدخول، وكان القمر مُكتملا يُذكرني بسرٍ قديم، أوحي إلي بكثيرٍ من الجنون. ظللت واقفة أنقشُ أفكاراً تناثرت من محبرةٍ ضائعة، وجدتها تلك الليلة في شجنٍ بين وجدي والضلوع، تساءلت في نفسي جازمة، لا يُمكن أن يُترك هذا الجمال يُهدر في غفلة الناس دون أن يصول بفتنتِه ويجول، ولابد أن يُلقي بشيٍء من سحره في نفوس المحبين.…
الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤
هذا ما حدث عندما رفع عريس الطرحة عن وجه عروسه حين رآها لأول مرة، في بداية حفل زفافهما ليصدمها بعبارة: «لستِ أنتِ الفتاة التي أريد، لستِ أنتِ من في مُخيلتي، أنا آسف. أنتِ طالق» على الرغم من حكايات الإحباط، وقصص الغدر والخيانة، إلا أنني ما زلت أعتقد أن الحب نعمة من نعم الله، وحالة ذاتية سامية تُهذِّب نفس صاحبها، ما إن تولد داخل قلبه وتسكن وجدانه، حتى تفتح طاقة من المشاعر داخله.. يتعرف من خلالها على متطلباته العاطفية، فإن كان بذرة ذلك الحب فطرية وسليمة، سمت الروح لترسم لنفسها قوانين في فن تهذيب المشاعر والتحكم فيها أمام الاحتياج والرغبة، وتوجد لها مساحة أخرى من الاحترام والتقدير وكثيراً من التسامح والعطاء غير المشروط، فالحب على الرغم من اختلاف الآراء نحوه سيظل أجمل التجارب التي نحتفظ بجميع تفاعلاتها داخل أنفُسنا. حين يفكر «أغلب» الشباب في الزواج، لا يكون لديه صورة كافية عن «شخصية ومنطِق» الفتاة التي يرغب الارتباط بها، بل مواصفات شكلية لعروسٍ رسمها في خياله، فتجده مثلاً يضع عيون زبيدة ثروت، على أنف نجلاء فتحي، ويرسم تحتها شفاه صوفيا لورين، ويضع على رأسها شعر كيم كارداشيان، ثم ينقل الرسمة على قوام مارلين مونرو، ويا سلام.. لو كان لديها صوت حنون كصوت شيرين! ومع ذلك تُستنفَر نساء الأسرة في عمليات بحث دقيقة…
الأربعاء ٠١ أكتوبر ٢٠١٤
أصبح تحليل الدم لا يكفي للفحص الطبي قبل الزواج، لأنه لا يكشف عن ملامح الشخصية المضطربة، التي تخفي جنونها بين طبقات الملابس الأنيقة، فقط المواقف تُخرجها على حقيقتها، لذا بات الفحص النفسي ضرورياً جداً في زمن كثر فيه الطلاق واستخدام الأطفال كأداة للانتقام، فمن باب الأمانة وقبل أن يختم الطبيب على الكشف بـ«صالح للزواج»، أن يكون هناك فحص آخر يختبر فيه الطبيب كل فرد «من الجنسين»، ويخضعه لاختبار سلوكي لقياس إمكانياته العقلية في تحمل المسؤولية والصبر على المتطلبات الرئيسية للزواج، لأن الضرر الذي أحدثه بعض المضطربين في الحالات السابقة لا يمكن إصلاحه، بل أغلبه انتهى بالقتل! ومن هنا كيف نصنف الأب العشرينِي، الذي عنف طفلاً لم يتجاوز الـ14 شهراً في الرياض حتى فارق الحياة، وما حجم الخطأ الذي قد يكون ارتكبه ذلك العصفور، ليستحق الموت!؟ وإذا كان بعضهم يعتقد بأن الأب حديث السن، فماذا نطلق على الأب الذي يبلغ 49 سنة وسلخ رأس ابنه؟! وكيف نصنف الأب الذي قلل من شأن تعنيف زوجته لأبنائه، لتموت ابنته الصغيرة بسبب قطعة من البسكويت؟! ما آلمني حقاً، التصريحات السقيمة التي أطلقتها الشؤون الاجتماعية في منطقة صبيا، للتقليل من حجم جريمة ذاك الذي سلخ رأس ولده ذي الـ 8 سنوات وسكب عليها مادة كاوية «كرولكس وفلاش»، حيث نشرت الشؤون الاجتماعية في جيزان بأنهم يبذلون…
الأربعاء ٠٤ يونيو ٢٠١٤
على الرغم من غياب المدارس الرسمية التي تعلم الفنون بأنواعها لسنوات طويلة في بلدنا، إلا أن المخلوق الجميل «الإنسان» استطاع أن يصنع لها وجودا وهوية رغم تجاهل وتهميش كثيرين لأهميتها في حياتنا، ومع ذلك تزخر بلدي بعدد كبير من النجوم التي لم تُمنح الفرصة والمساحة الكافية لتسطع ويراها الجميع مثل نجم الكرة الذي مُنح نصيب الأسد من التشجيع. افتتح الأسبوع الماضي المعرض الفني لاود آرت (الفن الصاخب) في قاعة تراث الصحراء بالخبر الذي سيستمر إلى 7 يونيو، بالتعاون مع عدد من الشركات المنظمة مثل شركة (ان تي أي) المحلية ونقاط وروابي وآخرين، امتلأت أروقة المعرض بأعمال 37 فنانا وفنانة من داخل وخارج المملكة لتحتار أيهم أقرب في تعبيره عن (الصدمة الحضارية) التي كانت شعار المعرض هذه السنة. ولن تكفي مساحة المقال لإلقاء شيء من الضوء على جمال المتحف في الطابق الأرضي، ولنصعد للطابق العلوي مباشرة حيث تستقبلك فوق درجات السلم لوحات لوجوه تدفعك إلى التبسم للفنانة نورة كريم، التي أطلقت مشروع «دمنا خفيف»، لتقول لمن يعتقد أن العرب يرتدون تكشيرة دائمة على وجوههم، بأن العربي ليس إنسانا جاداً أو عبوساً، بل يتمتع بخفة ظل لا تقلل من قيمته ولا تلغي طموحاته. وفي منتصف القاعة يلفت نظرك عمل هيثم الدهام المثير للجدل (السماء تمطر رجالا) حيث يتدلى أكثر من (عِقال) في…
الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠١٤
هل فكرت في حياة شاب بلغ من العمر 34 سنة ومازال يأخذ مصروفه من والده، هل شعرت مرةً بإحساسه حين تُمرر له والدته مبلغاً من المال كانت قد طلبته من والده المسن لنفسها، لتضعه له في محفظته في الخفاء، لأنها تعلم جيداً بأنه يخجل ولن يتجرأ أن يطلب من والده، بل سيلوم نفسه في كل مرة يجد تلك النقود لأنه يشعر بأنه عالة عليهم، في الوقت الذي كان يتمنى أن يعينهم ويساعدهم، هل فكرت يوماً كيف يقضي ذلك الشاب العاطل حياته وبماذا يحلم، وهل يرى نفسه في مستقبل قريب مع زوجة وأطفال، أم الاكتئاب طمس الأمنيات والأحلام وقتلها حتى في أحلامه لأنه عاطل، هل جرّب المسؤول ذُل انتظار الوظيفة التي تعد المصدر الأساس لدخل ثلاثة أرباع السكان هنا!، إذن كيف يتوقع أن تكون نفسية رجل تخرج منذ خمس سنوات فني أشعة مازال ينتظر قرار التعيين!! ومن أين يعتقد تُدبر مساعدة طبيب الأسنان أمورها لكي تُعيل أبناءها وتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية؟! لا تختلف قضية خريجي الدبلوم الصحي عن خريجي الكليات المتوسطة كثيراً، بل القضيتان وجهان لمعاناة واحدة تسبب بها مسؤول سابق، في نظام تعليمي سابق ليعاني منها جيل كامل، كان يمشي الفرد منهم في أمان الله في سنوات دراسته، وحين وصلوا لنقطة ما بعد التخرج سقط الواحد تلو الآخر في بئر…
الأربعاء ٠٩ أبريل ٢٠١٤
في الخمس سنوات الأخيرة، كثفت كثير من الشركات والوزارات والقطاعات جهوداً منقطعة النظير لزرع ثقافة «المواطنة والنزاهة» كأحد أهم مبادئ قيم العمل، فتجد كثيراً من المديرين والرؤساء يكررونها مراراً وتكراراً على الموظفين والعاملين في أغلب القطاعات ويصرون على إقحامها بأي شكل من الأشكال في اجتماعاتهم ونشاطاتهم بمناسبة ودون مناسبة، وبسهولة يمكن أن يلاحظ أي شخص أن «المواطنة والنزاهة» تلك التي يفرضها الرئيس أو صاحب العمل لا يطبقها أغلبهم على نفسه لأنه «أكبر من ذلك» وفي نفس الوقت «ولي النعمة» الذي سيصرف الأجر في نهاية الشهر، فكيف يتجرأ الفرد على مجرد التفكير في أن تلك القيم تنطبق عليه!! في الوقت الذي تمنح فيه وزارة الصحة الممارسين الصحيين غير السعوديين بدلاً يقدر بـ 60% من راتبهم الأساسي لأنهم يعملون في الطوارئ مثلاً، تمنعه عن آخرين يعملون معهم في نفس القسم فقط لأنهم سعوديون! وفي الوقت الذي يموت ويصاب فيه عدد لا يستهان به من الأطباء والممرضىين والفنيين بعدوى الكورونا تستمر الوزارة في زرع «روح المواطنة» لفئة محدودة جداً حين صرفت لهم بدل العدوى، وحجبتها عن البقية، ربما تكون أرواح تلك الفئة أثمن من غيرها ونحن لا نعلم، ولكن لا أدري كم من روح يجب أن يقدم أبناء هذا المجتمع قبل أن تعترف الوزارة بأن هذا حق للجميع، وكم من الإصابات ينبغي أن…
الأربعاء ٢٦ مارس ٢٠١٤
كان الطقس جميلاً في الخارج صباح ذلك اليوم فسحبت كوب القهوة من على مكتبي وقررت أن أتناوله في الهواء الطلق قبل أن أنهمك في جدول الأعمال اليومي، فلا يوجد أجمل من لذة تناول القهوة بمفردي على مقعد فارغ في الهواء الطلق لأنتعش بمداعبة نسمات الهواء الباردة لوجهي، هذه الطقوس الصغيرة كفيلة بأن تبهجني وتبعث شيئاً من الرضا داخل نفسي، تركت عينيَّ تسرح بعيداً فشد انتباهي مجموعة من العصافير تحاول قضم قطعة من الخبز، كانت السماء شبه غائمة ترسل بأشعتها تارة وتختفي خلف الغيوم تارة أخرى وكأنها طفلة صغيرة تلهو معي بشقاوة، أخدت الرشفة الثانية وقبل أن أبتلعها وجدتها تقف أمامي، وقد انتفخت جفونها وأنفها، فتغير الجو الذي كنت أُخرجه منذ قليل، ألقت بنفسها على المقعد بجواري تبكي وتنتحب بصوت مؤلم وتفرك عينيها بطريقة عصبية، تركتها تخرج ما في صدرها، وحاولت إنهاء كوب القهوة سريعا قبل أن يتغير طعم مذاقه في فمي، ناولتها منديلا بعد أن أحزنني وجهها الملطخ بالكحل الذي سال على وجنتيها وتركته بلا مبالاة، ولأنني أعرف جيداً حين تصل المرأة لهذه المرحلة فمعناه أن الألم أكبر من أن تفكر بمن سيراها، وهي في تلك الحالة المزرية، ربتُ علي يدها فرفعت رأسها ونظرت إلى عينيَّ مباشرة، فسألتها: (هو)؟، أومأت برأسها، ودخلت في موجة بُكاء أخرى. كانت سماء كاليفورنيا تُمطر…
الأربعاء ١٩ مارس ٢٠١٤
كأنه لم يكن يكفي أن يعيش أربعة أطفال دون أم، معتقدين بأنها ماتت منذ أن كانوا صغاراً كما قيل لهم، لتنشأ ثلاث فتيات وأخوهن الوحيد محرومين من متعة دفن رؤوسهم في أحضانها، ويتربوا في منزل سُلبت منه جميع متع الحياة الطبيعية ووسائل الترفيه، وفقدت فيه مشاعر الحب والحنان الذي يحتاج له أي طفل أثناء فترة نموه، فلم يعرفوا سوى كثير من القسوة والحرمان التي فرضها عليهم شخص كان من المفترض أن يكون سنداً لهم فبعد أن طلّق والدتهم، حرمهم من رؤيتها منذ أكثر من 11 سنة، ولم يكن ذلك كافياً بل حرم الفتيات من حق التعليم بعد أن منعهن من الذهاب إلى المدرسة، وحُرمن أيضاً من العيش مع أخيهن الوحيد الذي طُرد من المنزل وأبعد عنهن منذ تسع سنوات، حيث لم يسلم هو الآخر من التعذيب والضرب بالسلاسل الحديدية والمفكات، فظل الصبي مشرداً في الطرقات ينام تحت الكباري تارة وفي المساجد تارة أخرى، وأثناء زياراته السرية لأخواته كان يتعذب كثيراً من أحوالهن حين يرى آثار الضرب، وفي كل مرة يكتشف الأب زيارته كان ينهال عليهن بالتعذيب، وحين حاول الأخ إبلاغ حقوق الإنسان، علم الأب وزاد من تعذيبه للفتيات، وعندما ضاقت الأنفس البريئة لم تجد سوى سطح المنزل كمتنفس وحيد للترفيه، ليأتي الجار ويشي بهن، ولا ندري كيف كانت صيغة تلك…
الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤
أرست الموروثات الاجتماعية والثقافة السائدة صورة نمطية وضحلة عن المرأة العربية، ساهم الإعلام في عملية تسطيحها وتشويهها بشكل كبير، حين حصرها في نصوص درامية ركيكة في مشهد ممل ظل يُهدر منذ سنوات في مسلسلات وأفلام لا يقال عنها سوى تجارة رخيصة وسريعة المكسب، غاب فيها المضمون والمعنى الرئيسي في القصة، لتطل علينا المرأة كمسخ بعيد عن صورتها الحقيقية، ربما لأن أغلب من يكتبون السيناريوهات رجال يأخذون الأمر كصفقة تجارية لا يهم إن كانت تنقل شخصية أو ملامح النساء، بل نقلت مفهوم وقناعة المخرج والمنتج، لذلك كانت أغلب مشاهدها تغرق في بحر من الدموع والنحيب والبكاء والكآبة، والصراخ المستمر. منذ مدة والحملات تتوالى ضد سياسة الإعلام الغربي، الذي حول آدمية المرأة هناك إلى سلعة حين استغل جسدها بشكل مبالغ في وسائل الإعلام والإعلانات وعرضها كبضاعة ووسيلة لرفع نسبة الربح وللترويج لمنتج أو آلة جديدة، شنت تلك الحملات عدة هجمات قوية ومبادرات توعوية وصلت إلى البيت والشارع بهدف الضغط على وسائل الإعلام وشركات الإعلانات للكف من استغلال المرأة وتسليعها، وإذا كان الإعلام الغربي كان قد استغلها في النصف الآخر من الكرة الأرضية، فالإعلام العربي ليس بريئا من استغلالها أيضاً بالطريقة الشرقية، ولم تقتصر المسألة على الدراما والمسلسلات، بل تم إظهارها بشكل سطحي وساذج في برامج مقلدة بنسخة عربية تعتمد على مساجلات وعبارات…
الأربعاء ٢٦ فبراير ٢٠١٤
لن تجد كثيراً من الناس يختلفون على أهمية وضرورة تطبيق القوانين في المجتمع، ولكن ستجد كثيرين يعترضون على كيفية تنفيذها بصرامة على أفراد دون آخرين، لذا يتحتم على أي مسؤول قبل أن يعتمد أي نظام أو قرار أن يتأكد من أن يشمل تنفيذه جميع شرائح المجتمع، غنياً كان الإنسان أوفقيراً، لأن هذا هو العدل، وفي نفس الوقت أن تُوضع مساحة للرحمة، فالموظف المكلف بالتطبيق قبل أي شيء إنسان، أي عليه أن يتعامل مع الآخرين أثناء تطبيقه للنظام «بإنسانية» وإذا كانت الأنظمة المكتوبة لم تشر بين فقراتها بأي شيء عن الإنسانية وبسبب ذلك لا يستطيع الموظف المكلف مثلاً تطبيق أمر غير منصوص، فهذا بحد ذاته سبب كاف لتحديث وإعادة صياغة الأنظمة وتعميمها بنسخة مطورة توجه بشكل مباشر التعامل مع الآخرين بإنسانية، فليس من الإنسانية على سبيل المثال، أن يطلب منك رجل المرور الترجل من السيارة بعد أن تجاوزت الإشارة أمامه دون أن تتوقف، ليحرر لك مخالفة قطع الإشارة، وحين يكتشف بأنك لا تحمل رخصة القيادة وتستعجله لأن زوجتك التي في السيارة .. لا يعطيك مجالاً ليفهم بل ليحرر لك مخالفة أخرى، فتضطر لعمل مخالفة ثالثة بالفرار من أمامه لأن زوجتك في حالة وضع لا تتحمل الانتظار، لذا بات من المهم أن لا نجعل الأنظمة تسلبنا إنسانيتنا، بل تمنحنا مساحة مرنة لتقدير…