الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠
يخطئ الذين يظنون أن صندوق النقد الدولي مؤسسة اقتصادية ومالية صرفة لا علاقة لها بالسياسة، فهذا الصندوق الذي نشأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية بزعم بناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقراراً وتفادياً للأزمات بإرشاد الدول لتطبيق سياسات اقتصادية سليمة، ما هو إلا الوجه الآخر للنظام السياسي الدولي الذي ابتدعته الدول الكبرى، وأمريكا على وجه الخصوص، وبدأت تطبيقه بعد تلك الحرب لتمرير استراتيجياتها ومخططاتها بعيدة المدى في بقية دول العالم لتحقيق النفوذ والهيمنة والسيطرة والتحكم. هذا الصندوق القائم في واشنطن وتتحكم فيه الآن أمريكا بشكل رئيسي، تعرض لكثير من الانتقادات من اقتصاديين مرموقين غير مسيسين التزموا الحياد والتجرد في آرائهم، فمن واقع التجارب والأمثلة لنصائح وتوصيات الصندوق اتضح في كثير من الحالات أن تطبيقها قد خلق مشاكل وأزمات في كثير من الدول، فقد زادت بعضها فقراً على فقر، مع مديونيات ضخمة تثقل كاهلها وتكون نتيجتها الاقتصادية والاجتماعية كارثية، تؤدي إلى الاضطرابات وتحويل تلك البلدان إلى دول فاشلة. إنه القاتل الاقتصادي للأمم كما أسماه «جون بيركنز» في كتابه «اعترافات قاتل اقتصادي» الذي يقول فيه: هناك طريقتان لاحتلال أو تفتيت أي بلد والسيطرة على ثرواته، احتلاله بالقوة أو بقتله اقتصادياً، والقاتل هو هذا الصندوق. نسوق هذا الكلام تعليقاً على تقرير الصندوق الأخير الذي حذرنا فيه بأن ثروات دول الخليج ستنفد خلال 15…
الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٠
تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر قيام الصين بناء وتجهيز مستشفى بألف سرير خلال بضعة أيام للتعامل مع ضحايا فايروس كورونا الذي اجتاحها كخبر مثير في سياق الإنجازات الاستثنائية التي تحرص الصين على مفاجأة العالم بها لتأكيد مكانتها وقوتها وقدرتها على إدهاش الآخرين، خصوصاً المنافسين الكبار، بينما تعاملت وسائل الإعلام ومواقع التواصل العربية مع الخبر على أنه معجزة خارقة، إلى حد تشكيك البعض في حقيقتها، وبالتأكيد لدى المشككين والمصدومين العرب ألف سبب وجيه لذلك. إن أي عربي لا يفكر أبداً ولا حتى يتخيل أن يأتي يوم يُنجز فيه مشروع في وطنه خلال أيام، هذا ضرب من المستحيل المؤكد. إن غاية ما يتمناه أن تكتمل المشاريع التي تبدأ في مواعيدها المعلنة رسمياً، بل إنه ومن خبرته الطويلة مستعد للتسامح مع الجهات المنفذة وانتظارها حتى ضعف المدة المحددة، وسوف يعتبر الأمر طبيعيا جداً، ولا مانع لديه من التعايش مع بعض التشوهات والعلل التي سينتهي بها المشروع، فذلك طبيعي جداً أيضاً بالمعايير العربية، إذ يمكن المطالبة بإصلاحها لاحقا كمشروع إضافي للمشروع الأساسي. وبما أن الحديث عن المستشفى الصيني، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد مررت قبل أيام قريبة بمشروع لمستشفى في إحدى مناطقنا بدأ إنشاؤه قبل 17 عاما تقريباً، ورغم ضرورته القصوى لأهل المنطقة إلا أنه لم يكتمل إلى الآن. وفي مدينة كبرى من مدننا…
الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٠
تتردد هذه العبارة كثيراً خلال هذه الفترة في وسائل التواصل مع كل صورة لطبيعة خلابة أو معلم أثري موغل في التأريخ، أو فعالية اجتماعية أو ثقافية أو ترفيهية، أو مشهد إنساني جميل. كثيرون يرفقون هذه العبارة إما لدهشة اعترتهم تشبه الصدمة بوجود تلك المناظر لدينا، أو كنوع من الدعاية المشوبة بالفرح عن أشياء لم يكن البعض يعتقد أو يصدق وجودها، وفي الحقيقة هي في كل الأحوال تعبير عفوي مشوب بالزهو والسعادة عن واقع جديد انبثق بسرعة، أو إعادة اكتشاف لجغرافيا وتأريخ وإنسان لم يتوقع أكثر المتفائلين حدوثها بهذه السرعة. المكان لم يتغير، لم تتغير الجيولوجيا، الطبيعة مثلما كانت منذ خلقها الله، لكن الإنسان تغير. الإنسان السعودي أتيح له إعادة اكتشاف نفسه الحقيقية المطمورة قرابة نصف قرن تحت طبقات كثيفة ثقيلة حجبت عنه الضوء والهواء ومنعته من رؤية جماليات الحياة وتضاريس الأرض وإبداع الخالق في أرضه، تلك الجماليات التي حرم من الاستمتاع بها كما يفعل البشر الطبيعيون في كل مكان، وعندما زالت الأغلال أصبح هذا الإنسان قادراً على رؤية الأشياء حوله، فخالها أشياء جديدة لأن بصره ارتد إليه وبصيرته أصبحت قادرة على تمييز ما حوله. هذه الكنوز الفريدة من الآثار التي يزخر بها الوطن في كل منطقة كانت مغيّبة ومسيجة بالتوجس الذي قد يصل حد تحريم الاقتراب منها. المناطق الطبيعية الاستثنائية…
الإثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٠
انتشر خلال الأسبوع الماضي مقطع لسمو أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر أثناء زيارته لإحدى المحافظات وهو يلوم بعض المسؤولين عندما طلبوا منه تدشين مشروع لم يكتمل لكن الأمير رفض ذلك، وطالبهم بإكمال المشروع أولاً، وأبدى استعداده للحضور مرة أخرى عند اكتماله لتدشينه، ليس بالضغط على زر وإنما بالوقوف الفعلي على المشروع والتأكد من انتهائه بالمواصفات المحددة التي تجعله يفي بالغرض من إنشائه. والحقيقة أن احتفاء المجتمع بذلك المقطع يعود إلى سبب مهم هو معاناتهم من ثقافة التدشين التي انتشرت في الماضي لمشاريع بعضها ناقص ومبتسر ومشوه بشكل واضح لا تخطئه العين، كان ذلك يتم بلا خجل أو خوف لدى المسؤولين الذين عبثوا بتلك المشاريع، بل بلغت بهم الجرأة إلى حد دعوة رؤسائهم أو حتى وزرائهم لتدشين تلك المشاريع في احتفاليات إعلامية صاخبة، وبشكل قبيح من الاستخفاف بالمجتمع وتحدٍ سافر لأنظمة المتابعة والمساءلة والرقابة التي لا يأبهون بها. التفتوا حولكم، في كل منطقة ومحافظة ومدينة، لتتبينوا كم هي المشاريع التي وضعت أحجار أساسها واستمرت الأحجار بلا مشاريع أو بأجزاء قليلة منها، وكم هي المشاريع التي أُعلنت لها مواصفات نموذجية في جودتها عند الإعلان عنها أو تدشين عملها لتكون حقيقتها لاحقا مشاريع عرجاء أو مشلولة عن العمل. إنها ثقافة رديئة أسسها الفساد الممنهج، فلا يدشن مشروعاً فاسداً إلا مسؤول فاسد، ملوث…
الثلاثاء ٢١ يناير ٢٠٢٠
جميل هذا الحراك الذي تقوم به وزارة الثقافة منذ إنشائها، وهي قد طرحت سابقاً رؤيتها وبرنامجها في احتفالية كبيرة، غاب عنها ـ للأسف ـ بعض المثقفين المهمين كما قرأنا عتبهم على الوزارة آنذاك، نقول إنه حراك جميل ومبشر لا سيما والوزارة تتعاطى مع الثقافة بمفهومها الواسع الشامل، ومن الخطوات الأخيرة المبهجة للوزارة تدشينها برنامج الابتعاث الثقافي في مجالات عديدة وفي جامعات عالمية مرموقة، وهي بذلك تؤسس لمستقبل ثقافي ركيزته الشباب الذين سيديرون المشهد. ولكن مع ابتهاجنا بهذا الحراك، إلا أنه يلزم التذكير بأننا لم نصل الى هذه المرحلة المشرقة إلا بعد حراك وعراك وإصرار ومثابرة وتصميم وتضحيات تحملها جيل المثقفين في المرحلة الماضية على مدى أكثر من أربعة عقود، الجيل الذي حمل على عاتقه مسؤولية التنوير وتحمل تبعات مؤلمة وأثمان باهظة وهو يواجه تيار الجمود والظلام الذي كان يملك القوة والسطوة، ويحظى بالدعم والشعبية الجارفة. إنه الجيل الذي شكّل الجسر الذي أوصلنا إلى ضفة النور، وجاهد من أجل نقلنا من الحصار الشرس إلى فضاء الانطلاق الفكري الحر. كتاب ونقاد وشعراء وروائيون ومثقفون كثُر صنعوا تلك المرحلة باعتبار ذلك واجبا أخلاقيا إنسانيا ومسؤولية وطنية لابد أن ينهض بها المثقف بغض النظر عن المتاعب الكبيرة التي تواجهه في مجتمع مختطف فكرياً، هؤلاء يعيش أكثرهم الآن حالة من الشعور بالجحود نتيجة تهميشهم ونسيانهم…
الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٠
هذا العنوان ليس لي، فهو عنوان كتاب عميق أنيق كامل الدسم الفكري لكنه سهل الهضم ولا يسبب تلبكاً لذهنية المتلقي كما هو حال كثير من الكتب التي تتناول القضايا الفكرية بأساليب متخمة بالتعقيد والفذلكة والغموض والتكلف والفوقية على القارئ، إنه عنوان كتاب لزميلنا الكاتب العكاظي المستشار أسامة سعد يماني، صدر مؤخراً وكان ضمن العناوين المهمة في معرض جدة للكتاب الشهر الماضي، ومثله مثل الكتب الجادة التي قد لا تحظى بإقبال كبير، إلا أنه جدير بالتنويه عنه لأهمية محتواه في هذه المرحلة بالذات، التي يعيش فيها مجتمعنا تحولات كبيرة، ويحاول الانعتاق من ترسبات ماضوية عطلته زمناً طويلا. من خلال 70 مقالا سبق للمستشار أسامة كتابتها ثم جمَعها لتصبح كتاباً في 240 صفحة، يتنقل بنا في قضايا ومواضيع وإشكالات الفكر والفلسفة والحياة والإنسان، مع تركيز خاص في كثير منها على الحالة السعودية، أي المجتمع السعودي وما تنازعته وسيطرت عليه من أفكار اتسمت بالأحادية والجمود والسلطوية ومصادرة التنوع وحظر التعددية الفكرية والحجر على حق الاختلاف في الرأي وطرح الرؤى المتجددة، إنها محاولة تشريح للواقع استخدم فيها الكاتب حصيلته المعرفية الثرية الناتجة عن بحث دؤوب وقراءات عميقة لتشخيص الأخطاء البنيوية التي عانى منها مجتمعنا، ثم محاولة استنتاج للكيفية والطرق والأساليب والوسائل التي يمكنها مساعدتنا على تجاوزها. إن كل موضوع من موضوعات الكتاب يمثل بحثاً…
السبت ١١ يناير ٢٠٢٠
الأهم من كون المملكة تقدم مساعداتها الإنسانية كدولة ملتزمة بمواثيق وأنظمة وقوانين المنظمات الدولية المعنية بمساعدات الشعوب، فإنها قبل ذلك تنطلق من تعليمات الدين الإسلامي الذي يمثل ميثاقها الإنساني، والأخلاقيات التي تأسست عليها والقيم التي تنطلق منها حكومة ومجتمعاً، وهي قيم راسخة في كل الظروف، لا تتأثر بعسر أو يسر، ولا بتقلبات وظروف تطرأ على إمكاناتها، إنه التزام ديني وإنساني يقع في مقدمة أولوياتها. لقد أفادتنا مؤخراً منصة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة (FTS) أن المملكة حصلت على المركز الخامس عالميا والأول عربيا في تقديم المساعدات الإنسانية، إذ بلغت المساعدات السعودية 1.2 مليار دولار تمثل 5.5% من المساعدات الإنسانية الدولية، كما تصدرت المانحين لليمن بمبلغ 1.2 مليار دولار تمثل 31.3% من إجمالي المساعدات المقدمة لليمن خلال 2019، هذه الحقائق تؤكد أن المشروع الإنساني للمملكة المتمثل في مساعدة الشعوب المحتاجة هو التزام ثابت لا علاقة له بمواقف أو توجهات سياسية لأي من الدول التي تتلقى المساعدات، فقد طبقت المملكة هذا المبدأ في دول كانت لها مواقف سياسية سلبية تجاه المملكة، وخلال أزمات سياسية حادة دفعت بعض الشعوب إلى التعبير عن مشاعر غير ودية تحت ضغط السلطات، وسوف تستمر المملكة في هذا النهج طالما هي ترفع شعار مملكة الإنسانية، وهو شعار عملي وليس نظرياً استعراضياً. المصدر: عكاظ
السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٩
كم أتمنى لو كان بعض السياسيين والإعلاميين العرب من حقبة خمسينات وستينات القرن الماضي أحياء كي يشاهدوا ما يحدث في العالم العربي عموماً ويقارنوا بين الدول التي انساقت لشعاراتهم الثورية الصاخبة، والدول التي قاومت محاولات تثويرها وتمزيق نسيجها المنسجم وتصدت لمحاولات اختراقها بالمؤامرات للإطاحة بأنظمتها ومؤسسات حكمها المستقرة، وبودي لو كان معهم أيضاً بعض شعراء ومثقفي ومفكري تلك الحقبة ومن لحق بهم في السبعينات والثمانينات لكي تكتمل منظومة الجوقة التي استهلكت كل الأوصاف السيئة في قاموس اللغة لتصم بها عرب الجزيرة والخليج، المملكة في المقام الأول ومعها بقية دول الخليج العربي. نتمنى لو كان الله أمد في أعمارهم لكي يشاهدوا ماذا صنع البدو الجهلة البدائيون المتخلفون، ساكنو الخيام وراكبو الجمال، الذين لا يستحقون ولا يحسنون استخدام ثروة النفط، ولن يتحضروا ويتطوروا مهما وهبهم الله من ثروات، كما كانوا يقولون. لا نريدهم أن يشاهدوا كل شيء وكل ما تحقق منذ ذلك الوقت إلى الآن فذلك يصعب حصره، فقط نريدهم أن يعرفوا أقل القليل مما حدث هذا العام وما سيحدث العام القادم في صحاري البدو، وسنختصر ذلك في ثلاثة أحداث لا أكثر. شركة أرامكو السعودية للنفط تعتلي عرش شركات العالم بقيمة تتجاوز تريلوني دولار متوجة أحد أقوى اقتصادات العالم، واستلام المملكة رئاسة مجموعة العشرين التي ستعقد العام القادم لديها بصفتها الدولة العربية…
الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، أي قبل انعقاد مؤتمر مستقبل الاستثمار في الرياض أو ما أطلق عليه «دافوس الصحراء» حشدت بعض وسائل منظومة الإعلام الغربي حملة سلبية تحث فيها كبار المستثمرين الأجانب على عدم المشاركة كتسجيل موقف ضدي على خلفية قضية الاعلامي جمال خاشقجي، رحمه الله، راهن البعض هناك على نجاح الحملة لكن ما حدث كان نجاحاً كبيراً للمؤتمر وفشلاً ذريعاً للمراهنين على فشله عندما شهد حضوراً دولياً كثيفاً استقطب أهم الإمبراطوريات الاقتصادية والاستثمارية، وتحول إلى تظاهرة عالمية فريدة من نوعها. الآن تعقد دورة جديدة من المؤتمر ستكون أكبر وأهم من الأولى لأكثر من سبب، فالمملكة خلال عام واحد منذ المؤتمر السابق حققت إنجازات مهمة في مجال استقطاب الاستثمار باستحداث أنظمة وقوانين جديدة تقدم تسهيلات يسيل لها لعاب المستثمرين، وبذلك قفزت إلى مركز متقدم في مجال التنافسية وتسهيل الأعمال وتهيئة البيئة الجاذبة. وخلال العام أيضاً أثبتت المملكة قوة ومتانة اقتصادها واستقراره عندما تجاوزت الهزات والتقلبات في سوق الطاقة العالمي، وكان أكبر نجاح لها تفوقها على ذاتها بعد حادثة مصافي أرامكو لترتفع موثوقيتها ومصداقيتها إلى درجة لم تبلغها دولة أخرى كصمام أمان لإمدادات دائمة ومأمونة لأسواق النفط، وإضافة إلى ذلك فإن المشاريع التنموية الجديدة الضخمة في مختلف الأصعدة جعلت كبار الصناديق والبنوك والشركات الاستثمارية حريصة على المشاركة فيها وهي…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
كان يوم أمس صاخبا في الإعلام الأمريكي بالدرجة الأولى ومعه بقية إعلام العالم، وبالطبع إعلامنا العربي، عندما أصبح أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش محور الحدث بعد إعلان واشنطن عن القيام بعملية خاطفة لتصفيته في أحد مخابئه، سبقها ما يشبه الإعلان الترويجي للرئيس ترمب بإشارته إلى أن أمرا كبيرا يحدث الآن، ليكون اليوم بعد ذلك هو يوم البغدادي وترمب وداعش ومسلسل رامبو الأمريكي. هل ثمة مفاجأة حقيقية في خبر مقتل البغدادي بعملية استخباراتية عسكرية كما يقال، وهل هناك تفسير لها ولتوقيتها؟ قبل البغدادي كان هناك الزرقاوي وأسامة بن لادن اللذان أعلن عن تصفيتهما بنفس طريقة البغدادي، عملية عسكرية مفاجئة في توقيت مختار، ثم يطوى الملف بكل ما فيه من غموض. المعلوم أن وسائل الرصد والتعقب الأمريكية تملأ السماء والأرض بدقة متناهية تستطيع كشف أدق التفاصيل، ومع ذلك كان البغدادي يتنقل من مكان إلى آخر ويقود تنظيماً استولى على قرابة نصف العراق وثلثي سوريا دون كشف مخابئه والأرتال التي تتحرك معه في تنقلاته. شيء لا يمكن استيعابه عندما يراد للعالم أن يصدق بأن قدرة البغدادي على التخفي أكبر من قدرة وسائل التجسس والرصد والكشف الأمريكية على رصده. وقد استمر زعيم التنظيم لسنوات يشرف على المجازر البربرية والمعارك والفتوحات مع وجود تحالف دولي لمواجهته دون أن يفلح في صيده. عجيبة هذه الكائنات التي…
الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠١٩
يبذل وزير التعليم نشاطاً كثيفاً لتوضيح رؤية الوزارة الجديدة وما تقوم به لإصلاح التعليم، فخلال فترة قصيرة وفي مدينة جدة فقط اجتمع مرتين بالإعلاميين والكتاب والمهتمين بمجال التعليم، وكانت المرة الأخيرة في استضافة صحيفة «عكاظ» التي نشرت يوم أمس ملخصاً لحوار ونقاش طويل مستفيض شاركت فيه مجموعة كبيرة من المدعوين، تحدث الوزير خلاله بصراحة وشفافية عن أبرز الخطوات لتطوير التعليم، خصوصاً التعليم العام. هذه الوزارة استمرت مثقلة بأخطاء تعليمية وتنظيمية وإدارية وفكرية استعصت على كل محاولات انتشالها منها، ومن أهم أسباب هذا المأزق هو الوصاية التي أشار لها الوزير في حواره العكاظي، والأوصياء معروفون للجميع ولم يعد الحديث عنهم محظوراً ولا الإشارة اليهم ممنوعة كما كان في السابق، وقد تمكنت هذه الوصاية من تعطيل التطوير والتحديث لتبقى الوزارة رهينة الصقور الذين يديرونها من داخلها وخارجها وفق فكرهم الرافض بشراسة لأي تدخل إصلاحي. من الأشياء الجميلة والشجاعة التي قالها الوزير في حواره أن التعليم سيبقى مؤسسة رسمية في عهدة الدولة ولا وصاية لأحد عليه، وأن الوزارة أمام جيل سيحاسبها على أي تقصير ولن يقبل أنصاف الحلول، وفي ذلك إشارة غير مباشرة إلى أن التعليم كان عملياً في عهدة خط فكري يعمد الى إخراجها من السياق العام لتوجهات وخطط واستراتيجيات الدولة، وذلك ما جعل بعض الوزراء الذين حاولوا اقتحام الخطوط الحمراء للأوصياء…
الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠١٩
هذه العبارة الموجزة كانت رد الأمير البليغ خالد الفيصل على سؤال في المؤتمر الإعلامي لانتهاء أعمال موسم الحج عن ما يشاع من وجود خلاف سعودي إماراتي، وهي الشائعة التي بدأت منذ فترة بعض الجهات محاولة نشرها وتكريسها على خلفية الأزمة اليمنية ووجود التحالف العربي الذي تشكل السعودية والإمارات جناحيه الرئيسيين وقوته الأساسية، وازدادت وتيرتها بعد الأحداث الأخيرة في عدن، وعندما نقول إنها مجرد شائعة فذلك يعود إلى جملة من الحقائق وليس الفرضيات أو الاحتمالات والتوقعات والأمنيات. رغم بديهية استحالة تطابق سياسة أي دولتين بشكل كامل في كل شيء، إلا أن دولتين مثل السعودية والإمارات يستحيل أن تختلفا حيال القضايا الكبرى والمخاطر الوجودية والملفات التي تعنيهما بنفس الأهمية، فهما بالإضافة إلى حتميات التأريخ والجغرافيا تشتركان في مواجهة تهديدات ليست موجهة لهما فقط وإنما لمنطقة الخليج والكيان العربي بأكمله، لذلك كان التنسيق الكبير بينهما والتفاهم العميق مستمراً، وتجلى ذلك في الملف اليمني منذ لحظة إطلاق التحالف العربي مروراً بكل محطات الأزمة اليمنية. الأطراف التي يهدد مصالحها هذا التنسيق الذي يصل حد التكامل هي التي تمارس التشويش على هذه العلاقة، وقد تمكنت للأسف من اختراق بعض المكونات السياسية اليمنية داخل وخارج الكيان الشرعي لتسويق وجود خلاف سعودي إماراتي، وكانت أحداث عدن فرصة ظنوها ثمينة لترسيخ هذه الشائعة، لكن تم إجهاضها بشكل عملي من…