السبت ٢٩ أكتوبر ٢٠١٦
بعد أن يتم تحرير الصورة المرئية للحضارة العربية الإسلامية من مرآة الغرب يتم تحرير الغرب من مرآة ذاته، والقضاء على أسطورة الثقافة العالمية، لبيان أن الحضارة الغربية حضارة تاريخية نشأت فى زمان ومكان معينين، ولشعوب بعينها لها أصولها فى الحضارتين اليونانية الرومانية، وفى الثقافتين اليهودية والمسيحية، ثم تفاعل هذان المصدران مع البيئة الأوروبية نفسها وثقافاتها المحلية وأساطيرها الشعبية ودياناتها الوثنية. وقد صمت الغرب عن مصادره الشرقية من أجل الإيحاء بأسطورة «المعجزة اليونانية» التي ورثتها المعجزة الأوروبية، بالخلق العبقري الأصيل على غير منوال. وحضارة الغرب صبت فيها حضارات العالم القديم والوسيط كلها، من الصين والهند وفارس وحضارات ما بين النهرين ومصر القديمة، ثم كانت الحضارة الإسلامية أحد مكوناتها في مطلع عصورها الحديثة. وقد تم فصل الغرب العلم عن تاريخه حتى يظل العلم إبداعاً أوروبياً خالصاً. وأوحى بأنه يتميز بالعقل والعقلانية، والعلم والعلمية، والإنسان والإنسانية. الغرب وحده هو الذي اكتشف الإنسان والتاريخ. فتربت عنصرية دفينة في أعماق الوعي الأوروبي ظهرت في النظريات العرقية في القرن التاسع عشر، وفي المركزية الأوروبية منذ العصور الحديثة، وما سمي بالكشوف الجغرافية. فأوروبا مركز العالم، وغيرها ما وراء البحار. أوروبا هي «المتروبول» وغيرها «الكومنولث». أوروبا هي الذات وغيرها هو الموضوع، كما هو الحال في الاستشراق. ثم تتحول هذه الثنائية من الواقع إلى القيمة. فتصبح أوروبا على حق،…
السبت ٠٢ مارس ٢٠١٣
نشأ علم الطبيعة عند القدماء من هذه المستويات الستة (الأول: السماء والشمس والقمر والنجوم والكواكب والرياح والسحاب والطير. والثاني: الأرض والجبال والأحجار والتراب والطين والنار والدخان والحديد والذهب والفضة أي علم المعادن. والثالث: الماء والأنهار والينابيع والعيون والبحار. والرابع: الزرع والأشجار والنبات والوديان والمراعي والحدائق والثمرات والأزهار. والخامس: الحيوان والحشرات. والسادس: جسم الإنسان وحاجاته المادية). وفصّلوها في علم الفلك والأنواء والمعادن والنبات والحيوان والنفس وعلاقتها بالبدن وهو ما يسمى علم الإنسان. وهي ليست فقط مستويات في الطبيعة بل هي أيضاً مستويات في القيمة. كل مستوى تالٍ أعلى قيمة من المستوى السابق في تصور تراتبي للطبيعة بين الأعلى والأدنى. فالطبيعة واعية. ومستوياتها الستة، درجات في الوعي حتى نصل إلى الوعي الإنساني الشامل للوعي الطبيعي بمستوياته السابقة. كان المجتمع الإسلامي القديم مجتمعاً منتصراً مؤسساً للعلوم. لذلك برزت علوم الطبيعة في علم التوحيد بعنوان «دقيق الكلام»، وفي علوم الحكمة بعنوان «الطبيعيات»، وفي أصول الفقه بعدة عناوين «المصالح المرسلة»، و«المنافع والمضار». فالطبيعة ليست شيئاً مادياً بل قيمة معنوية. والسؤال للمعاصرين: لماذا لم يستمر هذا العلم الطبيعي القديم في حياتنا المعاصرة وعند أجيالنا الحديثة؟ لماذا اعتمدنا في علومنا الطبيعية على الوافد الغربي وتركنا الطبيعة لدينا موضوعاً للإهمال، وجعلناها مكاناً لإلقاء مخلفات المنازل والمصانع فلوثنا الأرض والمياه والهواء بل وبدن الإنسان حتى أصيب بالأمراض الناتجة عن…