عقال عائض القرني!

الأربعاء ١١ أبريل ٢٠١٢

بعد مقالته الأخيرة في «الشرق»، قبل أمس، هل نتوقع أن تُنشر صور الشيخ عائض القرني بالعقال؟ وهل نشاهده على التلفزيون وقد لبس العقال رسمياً؟ لطالما تساءلت – مثلما تساءل الشيخ عائض – عن أسباب تمييز «مطاوعتنا» لأنفسهم بعدم لبس العقال. ولم أسمع قط أن أياً من «شيوخ العلم» في بلاد الخليج العربي قد أفتى – أو ألمح – بحرمة لبس العقال. غير أني بعد قراءة مقال أخي العزيز الدكتور عائض القرني، «فصل المقال في حكم لبس العقال»، تذكرت أن بعضنا يجاري أحياناً فكرة سائدة وإن لم يقتنع تماماً بوجاهتها وذلك خوفاً من ردة فعل تفقده «جماهيريته» خصوصاً بين الشباب المتحمس. لكن لبس العقال أو عدم لبسه – كما كتب الشيخ عائض – تبقى من المسائل «الشكلية» التي يفترض ألا نتوقف عندها كثيراً. ومع ذلك فإن ثمة سؤالا لابد من طرحه: إن كان بعض «مشايخنا» الكرام مضطرين لمجاراة الصورة النمطية السائدة التي لا يلبس فيها «المطوع» عقالاً فماذا نقول عن القضايا الاجتماعية الشائكة التي قد يُجارى فيها السائد والتقليدي؟ كثير من قضايانا الاجتماعية والفكرية تحتاج إلى مبادرات جريئة من دعاة أفاضل لهم تأثيرهم الكبير على الشباب وعلى قطاعات واسعة من أبناء المجتمع. وهنا التحدي. إننا نظلم أنفسنا – كمجتمع – حينما نختزل الإنسان من حولنا في الصورة النمطية التي تشكلت حول…

لا ربيع في «الربيع»!

الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢

لأننا عطشى فإننا نفرح و ننتشي بأي قطرة مطر. وعندما ينهكنا العطش يلتبس علينا السراب بالماء! لكن الحقيقة تبقى أن الربيع العربي الغائب هو ربيع التفكير الحر، ربيع العقل لا العواطف. وبعيداً عن جدالاتنا حول ما حدث من تغيير مهول في الشارع العربي على مدى سنة، ونحن ندرك أن كثيرا من إفرازاته هي من نتاج ما زرعته الأنظمة السابقة، تبقى أحداث الشارع العربي اليوم شاهد على أزمة العرب الحقيقة: غياب العقل! هذه الحروب والفتن المنتشرة على مد البصر في خارطتنا العربية تعكس عمق الأزمة الحقيقة في ثقافتنا. فلا إنسانية الإنسان تحترم ولا قيم الدين تراعى ولا ظروف العصر وتحدياته تؤخذ في الحسبان. والأسوأ أن الكل يبرر اليوم مواقفه وأفعاله تارة بالدين وأخرى بالتاريخ. خطيب جامع في مصر يقسم من على المنبر أن الله، جل جلاله، قد أوصى خيراً بأحد المرشحين للرئاسة في مصر. وهذه الروح «العدائية» المنتشرة بين أطياف المجتمع الواحد تعكس عمق «العداوة» المتجذرة بين أصحاب الرأي المختلف. مناخ مخيف من التوتر وضبابية الرؤية ينذر بما قد يكون أسوأ. ويبقى السؤال: من أسس لهذا المشهد العربي المخيف؟ أليست هي أجهزة القمع في الأنظمة المخلوعة؟ الجديد اليوم هو أن الجهل الكبير المنتشر في منطقتنا كان كثيره مدفوناً بفعل القبضة الأمنية الصارمة لكنه اليوم ظاهر على السطح. وحينما يكون الجهل سيد…

5 نجوم بخدمة «أبو نجمتين»!

الإثنين ٠٩ أبريل ٢٠١٢

في الخليج، تدخل أحياناً مقهى أو مطعما أو «بهو» فندق من فئة الخمسة نجوم لتفاجأ أن مستوى الخدمة هناك لا يليق حتى بفئة النجمتين! فنادق كلف بناؤها و تجهيزاتها مئات الملايين، جميلة أنيقة في مداخلها و أثاثها و نوافيرها و مسابحها لكنها فقيرة في مستوى خدماتها. و الإدارة ليست وحدها المشكلة لكن طريقة اختيار العاملين فيها تكون غالباً هي المشكلة. البحث عن العمالة الرخيصة و السرعة في توظيف تلك العمالة قادت إلى هذا المستوى المتدني في نوعية العاملين في أغلب الفنادق و المطاعم الغالية في مدن الخليج. يخبرني مستثمر شاب في قطاع الفنادق في دبي أن غالبية العمالة في قطاع الفنادق في الخليج تأتي بخبرة فندقية متواضعة في بلدانها. بعض العاملين في فنادقنا لم يدخل طول حياته فندقاً من فئة الخمسة نجوم ثم يُوظف في فندق خمسة نجوم في دبي أو الدوحة أو جدة. كثيرهم يمشون بين الطاولات في المطاعم أو في ردهات الفنادق و عيونهم في السقف لا في الناس فتضطر للصراخ منادياً عسى أن يلتفت لطلبك واحد من عشرات العاملين الذين لا تعرف بأي لغة تتفاهم معهم فتلجأ أحياناً للغة الإشارة لعلك تظفر بأي انتباه! ما ذا لو اشترطت الجهات المعنية بالسياحة في بلداننا دورات تدريبية عملية في الخدمات الفندقية المتقدمة على العمالة الوافدة قبل أن تبدأ العمل؟…

وزير بلا بشت؟!

الأحد ٠٨ أبريل ٢٠١٢

في الأسابيع القليلة الماضية شاهدت صوراً في الصحافة لوزراء الزراعة والنقل والتعليم العالي، في جولات عمل، بلا بشت! معقولة؟ مسؤول سعودي في صورة من دون مشلح؟ لم أكد أصدق. أم إننا أمام «تحوُّل» إداري في ثقافة جعلت من هذا البشت رفيقاً لحركة المسؤول حتى لو خرج من مكتبه لسيارته؟ أفهم أن يلتزم المسؤول الكبير بلبس البشت في المناسبات الرسمية أو الاجتماعية ولكن أن يجرجر بشته في كل جولة عمل يقوم بها فتلك مسألة لم أفهمها. بل أكاد أشك أن بعض المسؤولين لا يفك بشته من فوق كتفه حتى وهو على الغداء مع عائلته. أو لعله ينام في مشلحه! ولهذا كانت دهشتي كبيرة لرؤية صور لمعالي الوزراء من دون مشالح. عرفت أستاذاً جامعياً عين مستشاراً في مؤسسة حكومية فصار نادراً أن تراه يمشي بلا بشت؛ مرة ملفوفاً على ذراعه وغالباً معلقاً على كتفه. قلت له يوماً ساخراً: لم يبق إلا أن تلبس البشت في قاعة المحاضرات. ورد معانداً: لو كان بيدي لفعلت! وذات يوم دعاني مسؤول كبير في جلسة عتب على بعض ما كتبت وعند مكتبه كان مدير مراسمه يركض وجلاً مستغرباً معاتباً: ما يصير يا دكتور: أين البشت؟ ثم فاجأني وقدأحضر ثلاثة مشالح كي أرتدي أنسبها مقاساً قبل الدخول على مديره. وغضب الرجل أنني رفضت «بشته» وكانت حجتي أن لقائي…

«أعزب»؟ مواطن درجة ثانية!

السبت ٠٧ أبريل ٢٠١٢

حينما أصدر أمير الرياض قراره بالسماح للعزاب بدخول الأسواق التي كانت محتكرة على العائلات جاء من يسأل: من يحمي العوائل من أذى العزاب؟ وإن طالب بعضنا بفتح دور السينما في مدننا كوسيلة مهمة في الترفيه والتثقيف قفز من يكرر السؤال: كيف نأمن من أذى المتطفلين والمزعجين؟ أما «أم القضايا» فهي قيادة المرأة للسيارة: كيف نضمن سلامة وأمن المرأة في الشوارع أو إن تعطلت سيارتها؟ ومع تقديري الصادق لمثل هذه الأسئلة، وفيها وجاهة وأهمية، فإن هذه الأسئلة تطرح سؤالاً مهماً بين سطورها: أين الأجهزة الأمنية من هذه المخاوف؟ تلك أسئلة تخفي أيضاً بين سطورها فكرة خطيرة ألا وهي أن المجتمع في نظرته وتعامله مع المرأة قد أصبح متخلفاً متوحشاً إلى درجة أن المرأة لا تأمن على نفسها إن قادها أي ظرف لتمشي وحيدة في الشارع العام. بل تحول العزاب -في نظرة المجتمع- إلى قطعان من الذئاب اللاهثة وراء أي امرأة في الأسواق والأماكن العامة. من أسس لهذه النظرة؟ ولنفترض أن هذه المحاذير تجاه المرأة حقيقية، أين دور المؤسسات الأمنية في حماية الناس -رجالاً ونساءً- من الأذى (بكل أشكاله) في الأسواق والشوارع والأماكن العامة؟ وإن لم يرتدع الشباب -من تلقاء أنفسهم- عن أذى الغير هل نكتفي بالقول: شباب قليل أدب؟ ألا توجد أنظمة وقوانين تردع «قلة الأدب» التي قد تؤذي المجتمع؟ لا…

نجوم السماء!

الجمعة ٠٦ أبريل ٢٠١٢

في المدينة الصاخبة بأضوائها وحركتها التي قليلاً ما تهدأ تعرف كم كنت محظوظاً في طفولتك التي تفاعلت أيامها مع نجوم السماء.من جرَّب تأمل السماء في الليالي المظلمة يتمنَّى -وقد صار ابن المدينة الجميلة- لو تنطفئ الأنوار كلياً لساعات كي يرفع رأسه فوق بحثاً غن نجوم السماء، تلك التي نشأ طفلاً يعدُّها نجماً نجماً ويعرف معظمها بالاسم والاتجاه. متى آخر مرة نظرت فيها للسماء وتأمَّلت في نجومها وبعض شهبها؟ أحنُّ أحياناً لليالي الطفولة في جبال السراة حينما كانت العلاقة بالطبيعة إنسانية خالصة نرفع عبرها رؤوسنا نحو السماء كأننا نكلِّم نجومها ونتابع حركتها. كبرنا وكبرت قرانا. هرب ظلام الليل من ليالينا. ولم نعد ننظر للسماء بحثاً عن قمرها ونجومها إلا نادراً. بل إن كسوف القمر -الذي كان مستحيلاً أن يفوتنا أيام طفولتنا- يحدث وينتهي وقد لا نعرف عنه إلا بعد رحيله بأيام. قبل مدة، هربت بسيارتي ليلاً من المدينة إلى الصحراء. بحثت عن الظلام الدامس وبالكاد وجدته. أطفأت أنوار سيارتي وأغلقت هاتفي وتأمَّلت قليلاً نجوم المساء. كأنني ألتقي بأصدقاء طفولتي من بعد طول فراق. يا الله، كيف كانت تلك النجوم مثل رفاق الطفولة وقد كنا نراها -نتبعها- كل مساء؟ أطلت النظر في السماء وحاولت أن أتعرف على نجومها من جديد لكنني أضعت الاتجاهات ونسيت الأسماء. كيف سرقتنا السنون من أنفسنا وكيف تطوي…

سينما في السعودية؟

الخميس ٠٥ أبريل ٢٠١٢

أبشركم أن السعوديين في حبهم للسينما لا يختلفون عن بقية شعوب الأرض. بل إن بعض مهرجانات السينما العربية تبشر أن المبدعين السينمائيين الشباب في السعودية هم من أبرز نجوم صناعة السينما الصاعدة في المنطقة. أمس نشرت «الشرق» -نقلاً عن «ذا ناشونال» الإماراتية- أن ربع مليون سعودي يزورون دور السينما في الإمارات سنوياً. ومن مشاهداتي، أظن أن الرقم يفوق ربع المليون كثيراً. ففي مواسم زيارات السعوديين للإمارات ترى حضوراً سعودياً كاسحاً في دور السينما. ولم أشاهد منظراً مخلاً بالأدب في صفوف السعوديين الزائرين لدور السينما. والإجراءات الأمنية الصارمة لن تسمح أصلاً بمضايقة العوائل لا في السينما ولا خارجها. أما الخوف من محتوى الأفلام على عقول الناس كما يعلل بعض ممارسي الوصاية على عقول الناس فما الفرق بين ما يعرض في السينما وما يعرض على شاشات التلفزيون في البيوت وغرف النوم؟ بل إن أغلب الأفلام التي تعرض في دور السينما تبث لاحقاً عبر شاشات التلفزيون. في البحرين أيضاً رأيت طوابير السعوديين أمام دور السينما. ولو قدر لدور السينما أن تفتح أبوابها في المدن السعودية لرأينا الآلاف المؤلفة من العوائل السعودية تذهب لمشاهدة أحدث الأفلام وأشهرها. أعرف أنه سيقفز من يسأل: من أنت حتى تفرض على الناس زيارة السينما؟ وأجيب: والله العلي العظيم أنني لا أفرض على أحد أن يزور السينما ولا أملك…

«المنار»: دجل الإعلام!

الأربعاء ٠٤ أبريل ٢٠١٢

شاهدت قبل البارحة نشرة الأخبار على قناة المنار التابعة لـ «حزب الله» لأشاهد الدجل الإعلامي كما لم أشاهده من قبل. فرئيس الاستخبارات الإسرائيلية – حسب المنار – يعد صمود بشار الأسد هزيمة لإسرائيل. والكويت والإمارات وسلطنة عمان ومعها البحرين تتبرأ – سراً – من سياسات السعودية وقطر الرامية إلى إسقاط بشار. لم أفهم كيف أن صمود بشار وقتله لعشرات الآلاف من السوريين ودكه للمدن السورية بدبابات الجيش السوري هي هزيمة لإسرائيل! لقد ملت الشعوب العربية – في غالبها – من هيمنة أنظمة عسكرية قمعية كل حراكات المجتمع باسم المقاومة و مواجهة الاحتلال. يا أخي ذبحتونا بـ«المقاومة» التي لم تطلق معها رصاصة واحدة ضد المحتل. في سوريا، لا يقل الاحتلال الأسدي قبحاً وعنفاً عن مثيله الإسرائيلي. فاحتلال آل الأسد سرق كل مقومات وقدرات بلد عريق مثل سوريا على أصعدة الاقتصاد والإبداع والإنتاج. وشرد عشرات الآلاف من الشباب السوري بأساليبه القمعية و تخلف اقتصاده وقبضته الأمنية على كل شاردة وواردة. فكيف تشعر إسرائيل بالهزيمة إن بقي على سدة الحكم في دمشق من يُبقي سوريا في قائمة البلاد المتراجعة سياسياً واقتصادياً؟ لقد حكمتنا الديكتاتوريات العربية (حكومات و أحزاب) باسم المقاومة ومحاربة المحتل ومع الوقت اكتشفنا أن هذا المحتل الذي تلعنه بعض الأنظمة العربية علناً إنما تتآمر معه سراً. يعلنون الحرب ضده في النهار…

ديكتاتورية الكبيسي

الثلاثاء ٠٣ أبريل ٢٠١٢

لم أستغرب «بدائية» الدكتور أحمد الكبيسي في تعامله مع سيدة اتصلت به عبر برنامجه على قناة دبي (وأُخر متشابهات) لتبدي وجهة نظر مختلفة و إذا به يصب عليها نيران غضبه ويقاطعها بصراخه المعهود وينهي مكالمتها قبل أن تكمل سؤالها. ثم انفعل مرة أخرى مع متصل آخر ليدعو الله أن يحشره – المتصل – مع معاوية. هل من أخلاق «الداعية» أن يشتم على الهواء و يصرخ في وجه كل من يختلف معه و لا يعطي فرصة لسائله أن يكمل سؤاله؟ أنا لم أستغرب ديكتاتورية الكبيسي في التعامُل مع من يختلف معه. قبل سنتين وأثناء تسجيلي لبرنامج «المنتدى» على تلفزيون دبي، سجَّلنا حلقة عن المرأة والتنمية في العالم العربي. كان الكبيسي أحد ضيوف الحلقة مع الأكاديمية التونسية الدكتورة نائلة السيليني. لم يُعجب الكبيسي أن تتجرأ الدكتورة على الاختلاف علناً معه. بعد تسجيل الحلقة اتصل بي مراراً لإقناعي بعدم بثِّها. ولم يترك وسيلة للضغط على إدارة القناة لإلغاء الحلقة. وبعد نقاشات طويلة مع المسؤولين في مؤسسة دبي للإعلام تقرَّر أن يُترك الحكمُ لمفتي دبي الشيخ أحمد الحداد الذي شاهد الحلقة و أوصى ببثِّها. لم أصدق حينها أن الكبيسي حاول استغلال نفوذه لممارسة الإقصاء ضد الرأي المختلف معه. الكبيسي ينتمي لعقلية لم تستوعب بعد أن زمن الوصاية على الفكر و الرأي قد ولَّى. لقد…

حكّم عقلك!

الإثنين ٠٢ أبريل ٢٠١٢

لا أحب الأحكام الجاهزة على الأفكار أو الأفراد. وكثيراً ما أحذِّر من استعارة الأحكام والآراء الجاهزة في القضايا والأفكار والناس. احكم بعقلك أنت لا بعقل غيرك. لا تترك الآخرين «يستغفلونك» وهم ينوبون عنك في التفكير والحكم على الأفكار والأشياء من حولك. كثيراً ما نلتقي شباباً يتعامل مع القضايا حوله بنتيجة قاطعة لا يريدك أن تناقشه فيها. وحينما تأخذ وتعطي معه قليلاً تكتشف أنه قد حكم على مسألة النقاش نقلاً عن حكم غيره. الأفكار – مثل الناس – تبدو من بعيد مختلفة عما هي عليه من قريب. وحينما تحكم على الناس عن بعد ستكتشف لاحقاً أن في حكمك ظلم أو قصور. تعرَّف على الناس جيداً قبل أن تختزلهم في حكم مستعجل أو جاء وليداً لانطباع تنقصه الدقة. وكذلك الأفكار والآراء. ألتقي أحياناً بشباب رائع لكنه لا يلبث أن يخبرني همساً: اسمح لي كنت أظن فيك السوء. وكثيراً ما أنصح: ابحث أولاً في رأيك. اقرأ. اسأل. حاور. ناقش. ثم استنتج حكمك بنفسك. يؤسفني أن أقابل كثيراً شباباً سقطوا في أحكامهم – على الأفكار والناس – ضحايا لجدالات غابت عنها أخلاق الحوار والاختلاف. ثم وصل بهم الحال أن حكموا على أفكار كبرى وفق عقلية «الأبيض» و«الأسود». وتاهوا في الخلاصات القاطعة. فهذا علماني وذاك أصولي. وهذا إرهابي وذاك تغريبي. وتلك المسألة «حلال» وما خالفها…

احتفالية الكتاب في أبو ظبي

الأحد ٠١ أبريل ٢٠١٢

للسنة الثالثة، أحضر معرض أبو ظبي للكتاب، الذي بات يشكل اليوم حدثاً ثقافياً مهماً في الإمارات. كأنك في حفل بهيج يحتفي أصحابه بالثقافة والكتاب. أعجبت جداً بطريقة التنظيم وبأناقة المكان ونظافته. ولفت انتباهي هذا الحضور الكثيف للعوائل الإماراتية والعربية، وحرصها على شراء الكتاب وحضور ندوات وفعاليات المعرض. في ركن توقيع الكتاب بدار كتّاب للنشر، جلس راشد النعيمي، وزير خارجية الإمارات الأسبق، للتوقيع على كتابيه، زايد: من مدينة العين إلى رئاسة الاتحاد، وشاهندة، رواية قديمة أعادت نشرها دار كتّاب. وبعد أن غادر المكان بدقائق جلَست في ذات الركن كاتبة إماراتية شابة، كلثم صالح، للتوقيع على إصدارها الأول: صنع في الجميرا. وخلال هذين التوقيعين، اصطف عشرات من الشباب الإماراتي للتوقيع على نسخهم والتصوير مع المؤلفين. وما بين «شاهندة» و«صنع في الجميرا» عقود من التحولات الثقافية المهمة في الإمارات والخليج أفرزت اليوم جيلاً يشكل احتفاءه بالكتاب بشرى خير للثقافة في منطقتنا. وفي زاوية أخرى من المعرض، في ركن دار مدارك للنشر، كان الكاتب السعودي محمد الرطيان يوقع لمعجبيه من الشباب وهم كثر على إصداراته، القديم منها والجديد. من قال إن شبابنا لا يقرأ؟ وفي ركن الساقي، كان ثمة «طابور» طويل من القراء، أغلبهم شباب، ينتظر فرصته للسلام على الزميل عبدالباري عطوان، الذي كان يوقع لهم على كتابه «وطن من كلمات». ومع الصديق سلطان…

سعوديو دبي!

السبت ٣١ مارس ٢٠١٢

بعض التقارير قالت إن أكثر من 700 ألف سائح سعودي دخلوا الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية. في الطريق، بين دبي و أبو ظبي، ترى عشرات السيارات السعودية تتنقل بين المدينتين. دبي نجحت في استقطاب العائلة السعودية القادمة للإجازة القصيرة. وحتى أولئك الذين اضطروا للقدوم إلى دبي للظروف السياحية المستحيلة في سوريا ولبنان ومصر قد يجدون في دبي ضالتهم السياحية خاصة في ظل الخدمات السياحية التي توفرها دبي اليوم من سكن أقل كلفة وأمن وخدمات وأسواق. وهنا مفهوم مختلف لصناعة السياحة. فلم يعد صحيحاً أن السائح السعودي يسافر فقط للأماكن ذات المناظر الطبيعية الخلابة بقدر ما يقصد المدن التي توفر الخدمات الجيدة والأسعار المعقولة والأمن الأكيد. والسائح السعودي – في الغالب – لا ينتظر خدمات من فئة الخمسة نجوم بقدر ما يبحث عن الحد الأدنى من تلك الخدمات. فأينما تذهب اليوم في دبي، فندق خمسة نجوم أو شقق فندقية من فئة الأربعة نجوم، في ديرة أم في بر دبي، تجد العوائل السعودية. إنها رغبة التغيير – تغيير المكان والانتقال ولو قصيراً لوجهة جديدة – التي تدفع العائلة أن تسافر لمكان جديد ولو لأيام. ولهذا لم أستغرب وبعض الزملاء في الرياض يخبروني أن الرياض نفسها صارت تستقطب زواراً من خارجها يأتون للسياحة خلال إجازات المدارس. ما الذي يمنع أن تصبح السياحة صناعة…